ابن تيمية.. كبيرهم الذي علمهم الإرهاب

السبت، 25 مايو 2019 02:00 م
ابن تيمية.. كبيرهم الذي علمهم الإرهاب
ابن تيمية
رضا عوض

القضاة الأربعة الشافعى والمالكى والحنفى والحنبلى حكموا عليه بأنه ضال يجب التحذير منه.. يوصف بأنه من أبرز المنظرين لمدرسة التكفير التى كانت لها اليد الطولى فى تكفير الفرق والمذاهب الإسلامية

كان أول من أطلق لفظ «الطائفة الممتنعة» وهو ما استندت عليه الجماعات الإرهابية
 
كبيرهم الذى علمهم الإرهاب ...هذا هو الانطباع الأول الذى يأتيك بمجرد قراءة الفتاوى الشاذة التى أطلقها ابن تيمية، والذى يعد «إمام المكفراتية» بلا منازع .. فهو تقى الدين أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام النميرى الحرانى الشهير باسم ابن تيمية، والذى تتلمذ على كتاباته وفتاواه كل أئمة الكفر بدءا من حسن البنا مرورا بسيد قطب ومحمد بن عبدالوهاب وصولا لباقى التيارت الدينية التى احترفت القتل والنهب باسم الدين زاعمين أنها فتاوى «لشيخ الاسلام»، على الرغم من مخالفة كل هذه الفتاوى لصحيح الدين، حتى أن هناك من حذر منها ونبه لخطورتها على العامة. 
 
وُلد ابن تيمية سنة 661 هـ 1263م فى مدينة حران للفقيه الحنبلى عبدالحليم ابن تيمية ونشأ نشأته الأولى فى مدينة حران، بعد بلوغه سن السابعة، هاجرت عائلته منها إلى مدينة دمشق بسبب إغارة التتار عليها، وبعد وصول الأسرة إلى هناك بدأ والده عبدالحليم ابن تيمية بالتدريس فى الجامع الأموى وفى «دار الحديث السكرية»، وأثناء نشأته فى دمشق اتجه لطلب العلم فى مختلف العلوم، منها التفسير والحديث والفقه، وقد شرع فى التأليف والتدريس فى سن السابعة عشر، وبعد وفاة والده بفترة أخذ مكانه فى التدريس فى «دار الحديث السكرية»، بالإضافة إلى أنه كان لديه درس لتفسير القرآن الكريم فى الجامع الأموى ودرس «بالمدرسة الحنبلية» فى دمشق.
 
واجه ابن تيمية السجن والاعتقال عدة مرات، كانت أولها عام 1294 حيث اعتقله نائب السلطنة فى دمشق لمدة قليلة بتهمة تحريض العامة، وسبب ذلك أن ابن تيمية قام على أحد النصارى الذى بلغه عنه أنه شتم النبى محمد «ص»، وفى 1306م تم سجنه فى القاهرة مع أخويه «شرف الدين عبدالله» و«زين الدين عبدالرحمن» مدة ثمانية عشر شهرا بسبب مسألة العرش ومسألة الكلام ومسألة النزول، كما تم سجنه لعدة أيام بسبب شكوى من الصوفية، لأنه تكلم فى القائلين بوحدة الوجود وهم ابن عربى وابن سبعين والقونوى والحلاج، حيث تم سجنه ثمانية أشهر فى مدينة الإسكندرية، وخرج منها بعد عودة السلطان الناصر محمد بن قلاوون للحكم، تم سجنه مرة أخرى لمدة 6 أشهر بسبب «مسألة الحلف بالطلاق وسجن فى 1326 حتى وفاته 1328 ، بسبب مسألة «زيارة القبور وشد الرحال لها»، وبالإضافة إلى ذلك، فقد تعرض للهجوم بسبب عقيدته التى صرح بها فى الفتوى الحموية فى 1299 والعقيدة الواسطية فى 1306 التى أثبت فيهما الصفات السمعية التى جاءت فى الكتاب والسنة مثل اليد والوجه والعين والنزول والاستواء والفوقية، مع نفى الكيفية عنها.
ظهر أثر ابن تيمية فى أماكن مختلفة من العالم الإسلامى فقد ظهر فى الجزيرة العربية فى حركة محمد بن عبدالوهاب، وظهر أثره فى مصر والشام فى محمد رشيد رضا من خلال الأبحاث التى تم نشرها فى «مجلة المنار»، كما ظهر تأثيره فى المغرب العربى فى الربع الثانى من القرن العشرين عند عبدالحميد بن باديس، وفى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وانتقل تأثيره إلى مراكش على أيدى الطلبة المغاربة الذين درسوا فى الأزهر، وهناك من يقول إن تأثيره فى مراكش أقدم حينما ظهر تأييد السلطانين محمد بن عبدالله وسليمان بن محمد لحركة محمد بن عبدالوهاب، وأنه ظهر فى موجة ثانية فى أوائل القرن العشرين على يد كل من القاضى محمد بن العربى العلوى وعلال الفاسى، كما وصلت آراؤه لشبه القارة الهندية فى القرن الثامن الهجرى بعد قدوم بعض تلاميذه إليها، منهم «عبدالعزيز الأردبيلى» و«علم الدين سليمان بن أحمد الملتانى» واختفى أثره فيها إلى القرن الحادى عشر الهجرى، حتى ظهرت «الأسرة الدهلوية» ومنها ولى الله الدهلوى وابنه عبدالعزيز الدهلوى وإسماعيل بن عبدالغنى الدهلوى الذين كانوا كلهم متأثرين بابن تيمية، ويبرز استدلال السلفية الجهادية بكتب وفتاوى ابن تيمية فى عدة مواقف، كما يظهر تأثر رموز هذا التيار به مثل محمد عبدالسلام فرج وأسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوى.
وضع ابن تيمية بذرة القتل عندما افتى بأن «أى طائفة» يعنى مجموعة «ذات شوكة»، أى قوة، ومنعة امتنعت عن تطبيق شعيرة من شعائر الله وجب قتالها، وهو ما وضع بذرة وحجة للقتال، وهى القاعدة التى طبقها بعد ذلك حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عمليا حينما أنشأ تلك الجماعة وأقام الجهاز الخاص استعدادا للقتال والمواجهة لإيجاد النظام الذى يريده حين قال فى رسائله: نريد نظاما يتحقق فيه قول الله تعالى « وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوْكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ أَنْ يُصِيْبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوْبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيْرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ»، ثم جاء من بعده محمد عبدالسلام فرج فى كتابه «الفريضة الغائبة» ليضع التنظير الواضح لهذه الفكرة ويحكم على الحكام وحكوماتهم وأنظمتهم بأنهم مرتدون كافرون، لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله وبدلوا شريعته بقوانين وضعية، ومن ثم فقد وجب الجهاد ضدهم وإقامة الدولة الإسلاميه لأجل تحكيم الشريعة الإسلامية .
اتهم البعض ابن تيمية بأنه سار على نهج بعض الجماعات الخارجة عن الحنابلة، وهم ممن يسمون بـ«حشوية الحنابلة»، هم الأعراب المتأثرون بأحبار اليهود والمسيحيين الذين أظهروا الإسلام فى عهد الخلفاء الراشدين حيث كانت البداية تحريمه زيارة القبور والتوسل بالرسول والأولياء، ورفضه الشفاعة بالنبى، وإنكاره المذاهب الأربعة فى الفقه، وسار على نهجه تلميذه، ابن القيم الجوزية، ومن بعده إمام الوهابية، محمد بن عبدالوهاب، واتفقوا حول فكرة التجسيم، وهى من الإسرائيليات الموضوعة (أن الله قد خلق الإنسان على صورته) وعلى هيئته وعلى صفاته، وأن لله صفات خلقه، ويصعد إلى السماء العُلا ويهبط إلى الأرض، ويبسط ويطوى الكون بيديه، كما يصافح خلق الله بهما، وكان ابن تيمية ينزل من على المنبر ويقول لتلاميذه: إن الله ينزل كما أنزل، ويهبط كما أهبط، ويمشى كما أمشى، ونقابله ونصافحه فى الأسواق كما أمشى وأصافحكم، ولم يقف الأمر عند هذا فقط، بل تم اتهامه بفكرة «التجسيم» بالضلال والكفر، واعتبروهم «مُعطِّلة» أو «جهمية»، وهم الذين يُعطلون صفات الله.
وقال عنه الشيخ عبدالله الغصن فى كتابه «دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام»، أن ابن تيمية حمل لواء المذهب الكرامي، نصيرا ومؤيدا حيث ذكر ذلك أحدهم بقوله: (لم تمت الكرامية.. لقد عاشت الكرامية بعد موت مؤسسها... ثم احتضنها عالم سلفى متأخر، وهو تقى الدين بن تيمية).
ويرى البعض أن ابن تيمية لم يكن فقيها بل كان مجرد مردد لفتاوى وأعمال الحنابلة القدماء، لم يقل خلافهم سوى فى مسائل معدودة وفى أضيق الحدود، وقال بقتل المرتد وسحر النبى والشروط العمرية واليقين بخبر الواحد وبمرسل الصحابى، بل قال بجواز التوسل وكفر المتوسلين معا..الشىء ونقيضه، بل كان كثير التعميم وسريع الحكم على العموم، وبفضل هذا المنهج تم تأسيس أول وأشهر الحركات المتطرفة فى العالم الحديث وهى «الحركة الوهابي».
قام ابن تيمية بتأليف كتاب «الفتاوى الحموية» بعد أن أرسل بعض أهل مدينة حماة من الشام استفتاءً له يسألونه فيه عن تحقيق العلماء فى الصفات التى وصف الله بها نفسه فى الآية (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) سورة طه: وفى الآية ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ) وما أشبههما، وعن تحقيق الحديث النبوى « إِنَّ قُلُوبَ بَنِى آدَمَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» وقول الرسول: «يضع الجبار قدمه فى النار»، وسألوه عما يقول العلماء فى ذلك، وما يذهب إليه أهل السنة من العلماء فى باب صفات الله؛ فأجاب ابن تيمية عن هذه الأسئلة بتفصيل وتوضيح كبير (عُرف هذا الجواب باسم «العقيدة الحموية الكبرى»، فى رسالة تقع فى 50 صفحة، ويقع ضمن «مجموعة الرسائل الكبرى»).
وكان ابن تيمية هو أول من أطلق لفظ «الطائفة الممتنعة» وهى «أى طائفة انتسبت إلى الإسلام وامتنعت عن بعض شرائعه الظاهرة المتواترة» ، وهو ما أورده فى كتابه الشهير « الفتاوى الكبرى» ، حيث استند اليها الإرهابيون فى ارتكاب جرائمهم بحق الجنود والموظفين الحكوميين باعتبارهم يندرجون ضمن «الطائفة الممتنعة»، وأعوانها الذين يتوجب قتالهم «وإن صلوا وصاموا»، حتى يكون الدين كله لله، وتستند الجماعات الإسلامية المتشددة غالبا إلى فتاوى ابن تيمية فى تبرير عملياتها الإرهابية، بما فيها تلك التى تطال المدنيين الأبرياء، ويكون ضحاياها مسلمين أيضا.
ويقول ابن تيمية «أجمع علماء الأمة على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله، فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضة أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التى لا عذر لأحد فى جحودها وتركها والتى يكفر الجاحد لوجوبها فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها.
كما يستشهد المنظرون لقتال «الطائفة الممتنعة» بالعديد من الآيات القرآنية والروايات المنسوبة للنبى محمد، يقولون إنها توجب الجهاد ضد هذه الفئة من الناس الذين يصفونهم بـ «المرتدين»، و«الجاحدين»، و«الخوارج»، و«المعطلين لشرع الله»، وبالاستناد إليها ذهب العديد من فقهاء المسلمين للتأصيل لمصطلح «الطائفة الممتنعة»، لتشمل الدول والحكومات الإسلامية التى ارتضت الاحتكام للدساتير والقوانين الوضعية من دون الله، ويدخل فى هذا الحكم قيادات تلك الدول وأجهزتها الأمنية والعسكرية والمدنية ومن يتعاون معها أو ناصرها.
وفى كتابه «دقائق التفسير»: يقول ابن تيمية « فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم»، واستغلت الجماعات الإرهابية هذه الفتاوى الفقهية فى التسويغ لجرائمها واستباحة دماء الأبرياء، حيث يبرز اسمه بوصفه واحدا من أبرز المنظرين لمدرسة التكفير التى كانت لها اليد الطولى فى تكفير الفرق والمذاهب الإسلامية، بل عُرف بوصفه إمام هذه الجماعة المتطرفة، التى بدورها عملت على نشر أفكاره ومؤلفاته بشكل واسع فى العالم الإسلامي.
ومع مرور الوقت بدأت انحرافات ابن تيمية فى الكثير من المسائل، وبدأ يواجه الكثير من اعتراضات علماء الإسلام المعاصرين له الذين وجهوا سهام نقدهم لأفكاره ونهجه التكفيري، ومنهم الإمام الحافظ تقى الدين على ابن عبدالكافى السبكى الذى قال عن ابن تيمية فى كتابه «الدرة المضيئة» بأنه خرج عن الاتباع إلى الابتداع، وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع.  كما حذر منه الإمام ابن حجر الهيتمى فى كتابه الفتاوى الحديثية فقال: «اياك أن تصغى إلى ما فى كتب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وغيرهما ممن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله، وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود وتعدوا الرسوم وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم وليسوا كذلك».
المعروف أن ابن تيمية استُتيب مرات عديدة لكى يرجع عن آرائه الشاذة والمتطرفة، وكان يسجن ويستتاب، فيرجع عن رأيه حتى يخرج من السجن، فإذا خرج عاد مرة أخرى إلى شذوذه الفكرى ، حتى حبس بفتوى من القضاة الأربعة أحدهم شافعى والآخر مالكي، والآخر حنفى والآخر حنبلي، وحكموا عليه بأنه ضال يجب التحذير منه ، كما أصدر الملك محمد بن قلاوون منشورًا ليُقرأ على المنابر فى مصر وفى الشام للتحذير من ابن تيمية ومن أتباعه. وكان الإمام الذهبى وهو من معاصرى ابن تيمية قد مدحه فى أول الأمر ثم لما انكشف له حاله حذر من كلامه، فقال ناصحا لابن تيمية: : «يا خيبة من اتبعك فإنه مُعَرَّضٌ للزندقة والانحلال ولاسيما إذا كان قليل العلم والدين لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه وفى الباطن عدو لك بحاله وقلبه».
الغريب أن كتب ابن تيمية ومؤلفاته كانت قد تُركت لفترة طويلة حتى ظهر محمد بن عبدالوهاب فى الجزيرة العربية فأظهر أقوال وآراء ابن تيمية من جديد، واعتمدها مرجعية له لتكفير الناس حتى يستطيع محاربتهم للسيطرة على جزيرة العرب فأوقع الكثير من المذابح منها مذبحة حجيج الشام واليمن والحجيج الإيرانيين، وكان يعتبر أن كل من يخالف دعوته فهو كافر يجب قتاله، أو يدخل فى دعوته، وكان محمد ابن عبدالوهاب يقوم بهدم مقامات الصحابة وأمهات المؤمنين – مثلما تفعل داعش اليوم- بدعوى أنها شرك استنادًا على فتاوى لابن تيمية. وتبنت الوهابية طباعة كتب ابن تيمية والاهتمام بها بشكل كبير لدرجة أننا نجد مثلًا كتاب «مجموع الفتاوى» لابن تيمية الذى يحتوى على مايزيد على 30 مجلدًا بأبخس الأثمان. واعتمد منهج ابن تيمية فى فتاواه والذى انتهجه محمد بن عبدالوهاب من بعده التوسع فى التكفير وإدخاله بعض الخلافيات الفقهية فى باب «الشركيات»، وبذلك أحالوا هذه المسائل الفقهية المختلف عليها وأدخلوها ضمن مسائل العقيدة الكبرى، ولم تكن قبل عصر ابن تيمية كذلك، فقد كان قبل عصره تناقش مسائل التبرك والتوسل والاستغاثة مثلا من ضمن المسائل الفقهية الفرعية المختلف عليها.
ولعل من أخطر فتاوى ابن تيمية تلك التى يعتمد عليها تنظيم «داعش» الإرهابى فى اعتدائهم على البلاد الفتوى المعروفة باسم :«فتوى ماردين»، والتى شجع فيها ابن تيمية على محاربة المدينة وأهلها، وقسم البلاد إلى «دار إسلام» و«دار كفر»، وأعطى بذلك للمتطرفين فتوى تبيح لهم شن الحرب على أى مدينة وفرض أحكام الشريعة الإسلامية بفهمهم المتطرف، حتى داخل الدول التى يدين أهلها بالإسلام، وقد كانت هذه الفتوى محل جدال طويل بين الفقهاء المسلمين حتى عصرنا الحالى، وقد اجتمع مؤخرًا نخبة من علماء الإسلام الثقات من مختلف الأقطار فى مدينة «ماردين: بجنوب شرق تركيا»، لإبطال فتوى ابن تيمية.
ولابن تيمية أيضا فتوى خطيرة تدعى فتوى «التترس»، وتنص هذه الفتوى على أن ما يسمونه بـ«المجاهد» الذى ينوى استهداف من يصفونهم بـ «الكفّار»، ووجد فى طريقه أو بينهم المسلمين، فإنه يجوز له قتل هؤلاء المسلمين من أجل الوصول إلى هدفه، وقد استند تنظيم القاعدة على هذه الفتوى فى تبرير قتل العراقيّين بأعداد هائلة من خلال تفجير السيّارات المفخّخة والعبوات الناسفة. وقد أطلق  428 فتوى تجيز قتل المسلم لأخيه تحت عنوان «يٌستتاب أو يٌقتل»، ناهيك عن فتاوى تكفير كثيرة، مع ربط التكفير بموقف فقهى يقضى بقتل المخالف، ويعتبر ابن تيمية النموذج الأمثل لدى الإسلاميين، بل حتى فى عصور خلت حيث أطلقوا عليه لقب «شيخ الإسلام»، ولعل أغربها «الرجل البالغ إذا امتنع من صلاة واحدة من الصلوات الخمس أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل». 
ابن تيمية كاذب 
بعض العلماء قاموا بفحص كتاب ابن تيمية «مجموع الفتاوى» والذى حوى مئات الادعاءات الكاذبة تحت مسمى إجماع المسلمين واتفاق العلماء دون دليل أو تحرى الصدق فيما يقوله على الرغم من أن هناك علماء آخرين كابن حزم الأندلسى نفى وجود ما يسمى بالإجماع أصلاً أو إمكانية تحققه فى أى عصر، ومشهور عن ابن حنبل قوله «من ادعى الإجماع فهو كاذب».
فقد استخدم ابن تيمية كلمة «باتفاق المسلمين» 303 مرات و«باتفاق العلماء» 195 مرة و«بإجماع المسلمين» 102 مرة، «اتفق المسلمون» 61 ، «اتفق العلماء» 51 ، «أجمع المسلمون» 38 ، «اتفق الصحابة» 14 ، «باتفاق الفقهاء» 13 ، «اتفق السلف»11 ، «اتفق الفقهاء» 10 ، «اتفق أهل السنة» 7 ، «باتفاق الصحابة» 6 ، «أجمع أهل العلم» 6 ، «بإجماع العلماء» 5 ، «بإجماع السلف» 4 ، «أجمع العلماء» 4 
وذكر كل من «باتفاق السلف»، «باتفاق أهل السنة» و «باتفاق أهل الإيمان» 3 ، «أجمع الفقهاء» و «إجماع الفقهاء» مرتين ، و «أجمع السلف» ، «أجمع أهل السنة» ، «أجمع الصحابة» ، «بإجماع الصحابة، «فلا خلاف بين الأمة» مرة واحدة.
الأزهر وابن تيمية 
من جانه حسم الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، فى لقاء سابق الجدل الدائر حول تدريس مؤلفات ابن تيمية بجامعات ومدارس الأزهر، مؤكدا أن الأزهر لا يُدرس كتب ابن تيمية نهائيا ولا يستخدمه كمصدر تعليم والمطلع على جميع مناهج كليات الشرعية وأصول الدين وغيرها من الكليات الأزهرية يجد ذلك، ويتم دراسته كحالة دراسية فقط ولكن لا يتم تدريسه كمصدر لتلقى العلم الشرعي.
وأوضح الدكتور على جمعة، أن ابن تيمية هو فرد وسط الكثير من أفراد العلماء وليس له القداسة التى يدعيها أنصار داعش وكأنه إمام الأمة الوحيدة، مفيدا بأن مصادر التعليم الشرعى بالأزهر هى الأئمة الأربعة ومذاهب الأشاعرة والماتريدية والجماعة الصوفية، بينما ابن تيمية نتج منه أخطاء عميقة اتبعها كل مفتون وأتى بالكثير من العجائب والغرائب وتمسك به الناس تمسك غريب وبذلت فيها الأموال خاصة فى عصرنا الحديث، مشيرا إلى أنه لم يكن له شيخ يُربيه، لذا «ضل وأضل»، منوها إلى أن ابن تيمية قد خطى جهة الضلال الخطوة الأولى فقط، فكان يمكن إرجاعه إلى الهُدى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق