سنة 2008

الخميس، 30 مايو 2019 11:10 م
سنة 2008

-(تدخل الحمام برجلك اليمين أو الشمال أو حتى برجليك الاتنين مش هو ده المهم، الإسلام دين عميق )
 
كانت تلك جملة الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله في إحدى كورسات البرمجة اللغوية العصبية التي حضرتها.. 
 
قالها بخفة دمه المعهودة، متحدثاً عن مدى عمق مفاهيم الإسلام وجمالها .. داخل قاعة للمؤتمرات إمتلأت بالمئات من الشباب.. فانقلب المكان فجأة رأساً على عقب فور نطقه بها.. وانقسم الحاضرين لفئتين بعدما فزع  شاب من مكانه، مهاجماً الدكتور رحمه الله واسكنه فسيح جناته في حدة أنه هكذا (يستهزيء بالدين) 
 
ساد الهرج والمرج بين الجميع.. وانطلق ( تلاميذ الدكتور) يربتون على كتف المعركة التي اشتعلت والتي انسحب على إثرها هو نفسه من المكان بأكمله فور إشتعالها.. (وذهبت أدراج الريح روح المكان ) ..
 
فادتني البرمجة اللغوية العصبية على مستواي الشخصي، لكني لم أستسيغ تدريسها علمياً  أو هكذا وجهة نظري، أما عن دخول  الحمام.. وهل باليمني ام اليسرى فلقد وقفت حائرة وسط المعركة، متذكرة حديث عمتي لأبي عندما بدأت في حضور دروس الدين.. وحدثها الشيخ أن الحمام فيه (بسم الله الرحمن الرحيم).. فأخذت توصي أبي أن يدخله  برجله الشمال ويخرج منه باليمين..
تذكرتني وانا الطفلة ذات الخيال الواسع جدا،
كنت أتخيل هذا المكان المرعب جداااا والذي يقبع  داخل منزلنا واضطر للأسف لدخوله ملبية نداء الطبيعة عدة مرات.. (إنها بالتأكيد كارثة وحلت علىّ).. 
 
مكان مليء بكائنات مرعبة (ستهاجمني فجأة) إن أخطأت ودخلت برجلي اليمني لا قدر الله.. تساءلت وقتها (هاتهاجمني من اي جهة يا ترى!!).. خفت من( الحمام)، وبدأت اجعل أمي تصحو معي لتراقب ظهري إن أوليته  لتلك الكائنات المرعبة خاصة  في ظلمة الليل (اللي أكيد وقت النشاط الأكبر بتاعهم منطقيا) وطبقاً لفيلم رعب وحيد رأيته في منزل جارتنا التي أحضرت الفيديو حديثاً.. 
 
كبرت وتساءلت بنفس الخيال:
 
-هل وقت النبي عليه الصلاة وأفضل السلام كان فيه حمام سيراميكا كليوباترا فاخر زي ده أصلا عشان ندخله باليمين أو الشمال.. وكيف يعد خلاء ويرتاده بهذا المعدل كل من في المنزل  !! 
 
*
 
(الصلاة كده غلط انتوا فوق في الرووف ومش واخدين بالكم ان الإمام وراكم) 
 
جاءت لي، اختارتني من بين ثلاثين سيدة أو أكثر، لتحدثني بالجملة السابقة.. الإمام أقام الصلاة.. والنساء بالفعل يصطففن والمكان (من ساسه لراسه) مزدحم عن آخره.. والفُرش في الأصل فرشها عمال المسجد.. ولكنها - تلك المرأة - تثق يقينا أنها على صواب وأنهن بما فيهم أنا (لن تُقبل صلاتنا) 
 
انضمت لها أخرى قائلة من الخلف (هما غلط، إحنا صح).. بدأت الصلاة بالفعل.. إلتفتّ لها (ارجوكِ، بلاش جدال).. وبالفعل صلينا في نفس المكان.. 
 
ذهبت لمنزلي وانا استخير ربي، هل كنت (فركشت) جمع السيدات وأخذت موقف المرأة المصرة تلك بيقين أم أن حفاظي على (جمعنا) أولى!! 
 
في اليوم التالي.. لم أرى السيدة المصرة بيقين.. ولكن جلست بجانبي أخرى في نفس ذات المكان سألتها فأجابتني:
-سألنا الإمام والمكان ده صح الصلاة فيه، الإمام بيقف أدام بعيد.. 
 
حمدت ربي أنه الهمني الصواب، قبل الركعة الخامسة جاءت نفس (المرأة المصرة) بيقين قائلة :
 
-برضه بتصلوا غلط!! 
 
ابتسمت للسيدة التي تجاورني وابتسمت لي في صمت.. 
 
*
 
اتذكر دعواتي وانا اهرول لمسجد (الباشا) ب(المحلة الكبرى) وانا في صفي الثاني الإعدادي بمفردي بعد إتمام طعام الإفطار بسرعة.. ابي لم يكن في البلدة بأكملها وأمي تحب صلاة المنزل وانا اعشق تلك الحالة، التي حببني فيها الله داخل جامع، اجتمع فيه عدد كبير من الناس يذكرون الله ..
 
كانت الصلاة (خفيفة) لا تتجاوز الساعة مما يسمح لي باللحاق بمسلسلي المفضل.. 
كانوا يغلقون الانوار تماما داخل المسجد  في وقت الدعاء.. 
في البداية كنت اتلفت يمينا ويسارا مندهشة من سبب غلق الأنوار، ثم ذات مرة انفجرت في البكاء فشعرت براحة لم أشعر بها فيما سبق أبدا.. 
شعرت ان (ربنا قريب اوي) وإن هذا القلب الذي أشعر فيه بما يشبه الوخز، فيه جمال ومتعة من نوع غريب  لا مثيل له، كأنه غُسل وتبدل لي مكانه بقلب جديد .. 
 
ومن وقتها صرت ابحث عن (هذا الشعور) ..
عن روح الجماعة والتفافها.. 
عن صدق سيدنا هارون وهو ينبيء سيدنا موسى عند رجوعه أنه ترك بني قومه يشركون لأنه خاف كما حدثنا الله تعالى في القرآن الكريم  (إني خشيت أن تقول "فرْقت" بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي) 
 
وجدت روح رمضان في كل ( جامع) ، فيه ( روح ) تبحث عن الله.. في (لم شمل الجماعة)  ..

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق