البرلمان يفتح النار على «الزيادة السكانية»

الإثنين، 17 يونيو 2019 07:00 م
البرلمان يفتح النار على «الزيادة السكانية»
البرلمان

 

«أخطر من الإرهاب».. من هذا المنطلق بدأت أجهزة الدولة المصرية النظر إلى مشكلة الزيادة السكانية المرتفعة التي تشهدها البلاد كونها تمثل خطرا داهما على مقدرات الوطن، وتنعكس آثارها السلبية على كافة مناحي الحياة سواء السياسية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، كما أنها أحد أبرز العوامل وراء ارتفاع معدلات الجريمة، والبطالة، وغيرها من الأزمات التي يواجهها المجتمع.

في الآونة الأخيرة بدأت أجهزة الدولة، التكاتف من أجل مواجهة شبح الزيادة السكانية، وبذلت وزارة الصحة والسكان إجراءات مكثفة لخفض معدلات الزيادة السكانية، أحد أكبر العقبات في طريق تنمية موارد الدولة، وتحقيق جهودها في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعي، الأمر الذي دفع نواب البرلمان للحديث عن تلك القضية الاستراتيجية، محذرين في الوقت نفسه من مغبة الاستمرار في هذا الوضع لأنه «لن يكون هناك أمل أو تحسن للواقع».

كما حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي، مرارًا وتكرارًا من أضرار الزيادة السكانية في ظل قلة موارد الخزينة العامة للدولة وزيادة العباء التى تتحملها الدولة في ملفات الدعم وغيرها اللازمة للإصلاح الاقتصاد ى الشامل، وهو ما شغل بالتابعية نقاشات أعضاء مجلس النواب، الذى بادر البعض منهم بإطلاق مبادرات لتحديد النسل بينما سارع البعض الخرب لتوعية بمخاطر الزيادة السكانية.
 
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء، حول تقديرات عدد السكان فى مصر، تعتبر محافظة القاهرة أكبر محافظات الجمهورية من حيث عدد السكان بـ 9.810 مليون نسمة، يليها محافظة الجيزة بنحو 8.930 مليون نسمة، وارتفع عدد السكان في مصر بنححو 25.2 مليون نسمة خلال 12 عاما، حيث سجل 72.8 مليون نسمة عام 2006 مرتفعا إلى 76.1 مليون نسمة فى بداية عام 2009، فيما بلغ 96.3 مليون نسمة بداية عام 2018، و98 مليون نسمة بنهايتها فى 11 ديسمبر.
 
وأظهرت بيانات جهاز الإحصاء والواردة بكتيب "مصر فى أرقام" لعام 2018، أن متوسط الزيادة السنوية فى عدد سكان مصر تتراوح من 2- 4 مليون نسمة، وهو ما يشير إلى وصول عدد السكان إلى 100 مليون نسمة قبل نهاية العام الحالى. وبحسب تقارير دولية صادرة عن شعبة السكان فى إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، متوقع وصول عدد سكان مصر إلى 153.8 مليون نسمة عام 2050، مرتفعا إلى 208.3 مليون نسمة بحلول عام 2100.
 
وطبقا لتلك التقارير، تعانى مصر من انفجار سكانى، يرجع السبب فيه –بحسب الأمم المتحدة- إلى ما يسمى بالتحول الديموجرافى والذى يقصد به معدلات المواليد والوفيات، حيث تسجل معدلات الوفيات فى مصر نسب أدنى من القيمة المعتادة للمجتمعات التقليدية والبالغة من 40- 50 فى الألف، حيث يظل معدل المواليد أعلى من 50 فى الألف، كما أن الفارق بين معدلات الوفيات والمواليد، أدى لتزايد إجمالى السكان بمتوسط سنوى بلغ 2.5%، فى حين بدأت أعداد المواليد بنهاية القرن العشرين ترتفع بشكل تدريجى، حتى وصلت الآن إلى 2.5 مليون مولود جديد سنويا.
 
ووفقاً لتقديرات شعبة السكان فى إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، سيصل عدد المواليد إلى ذروته فى الفترة من 2040 - 2045 ليصل إلى حوالى 2.7 مليون، وسيظل أعلى من 2.5 مليون حتى عام 2080.
 
وفي هذا الصدد يسعى البرلمان المصري، إلى وضع تشريعات كحلول عاجلة لحماية المجتمع من مخاطر الإنفجار السكاني الذي يشهده حاليا، وتعمل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب على متابعة هذا الملف خطوة بخطوة مع الجهات القائمة على تنفيذ خطة الحكومة للحد من تلك المشكلة، حسبما أوضح الدكتور عبد الهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، مشددا على أن الزيادة السكانية لاتقل خطورة عن الإرهاب لأنه يقلل من نصيب الفرد من الناتج القومى.

وأشار وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، إلى أن اللجنة كان لها السبق فى فتح الملف وذلك من خلال عقد جلسة حوار مجتمعى ودعوة كل الاطراف المعنية بالمشكلة والاستماع لرؤيتها ووجهة نظرها وأفكارها بشأن حل هذه الأزمة ومواجهة الزيادة السكانية وتحويلها لطاقة إنتاجية حتى لا تكون عبء على المجتمع، لافتا أن اللجنة ستعقد جلسة حوار مجتمعى أخر خلال الساعات المقبلة من أجل الوقوف على الأسباب الحقيقة للمشكلة ووضع حلول جذرية للتعامل معها.

وفى نفس السياق لفت النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن اللجنة ستعقد جلسة حوار مجتمعى، لمناقشة ملف الزيادة السكانية وذلك من خلال الاطلاع على ما تم تنفيذه من استراتيجية مصر 2030 والعقبات التى من شانها قد تعوق تنفيذ الاستراتيجية وكيفية إزالتها.

وأوضح وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن اللجنة انتهت من مناقشة مشروع قانون المجلس القومى للسكان الجديد، وأول هدف للقانون الجديد هو أن يصبح المجلس مستقل ونقل تبعيته من تحت وزارة الصحة، مشيرا إلى انه لم يكن ذو فاعلية أو جدوى ولم يكن له نتائج ملموسة على أرض الواقع خلال تلك الفترة، مشيدا بتعيين مقرر جديد للمجلس من شأنه متابعة تنفيذ استراتيجية مصر 2030 بهذا الشأن، موضحا أن الاجتماع المرتقب سيلقى الضوء على ما تم تنفيذه من الاستراتيجية والعقبات التى تواجه تنفيذها وذلك من خلال الاستماع لخبراء اقتصاد وعلوم سياسية من جامعة القاهرة، وممثلين عن القومى للسكان، وممثلين عن صندوق المجلس القومى للسكان بالأمم المتحدة، ويأتى هذا اللقاء فى إطار الوقوف على تنفيذ الاستراتيجية وإضافة بعض المقترحات والأفكار عليها والوقوف على آلية تنفيذها وإزالة كل ما يعوق عملية التنفيذ للوصول للهدف المنشود.

وتقدم النائب محمد العقاد بطلب مناقشة عامة حول سياسة الحكومة ورؤيتها وخطتها للتعامل مع أزمة الزيادة السكانية، وذلك لما تشكله من خطورة على الاقتصاد المصرى لأنها تلتهم النمو وتقلل من نصيب الفرد فى الناتج القومى، مطالبا بعقد عدد من جلسات حوار مجتمعى ودعوة كافة الأطراف المعنية بالملف من جهات ومؤسسات وهيئات ومتخصصين فى المجال وكافة الوزارات المعنية بالأمر على أن يتم طرح مجموعة من الأفكار ويتم وضع رؤية بناء على هذا الطرح والخروج بإستراتيجية تهدف للتعامل مع هذه الأزمة التى تشكل خطرا على المجتمع.

وأشار «العقاد»، إلى  أن هذه الأزمة تتطلب تضافر كافة الجهود، بالإضافة للتوعية، خاصة وأن المواطن هو المحور الأساسى فى حل هذه المشكلة، ولهذا لابد من العمل فى كافة الاتجاهات سواء من خلال وسائل الإعلام لنشر التوعية او فى المدارس والجامعات لزيادة وعى الشباب، بالإضافة لمراكز الشباب والنوادى، والأزهر والكنيسة، مؤكدا أن الحل يتطلب تضافر كافة الجهود لكل مؤسسات الدولة وأن الزيادة السكانية ليست مشكلة جهة بعنها ولكنها مشكلة مجتمع بأكلمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق