من سفراء النوايا الحسنة لتكريم نخنوخ..

«التضامن» تفشل في مواجهة جمعيات السبوبة والتكريمات الوهمية

الأحد، 28 يوليو 2019 11:00 ص
«التضامن» تفشل في مواجهة جمعيات السبوبة والتكريمات الوهمية
أشرف أمين

- نجوم وفنانون وقعوا ضحية للتكريمات الوهمية من جمعيات تدعى الصفة الدولية
 
ألقاب كثيرة يتم توزيعها على كل من هب ودب دون رقيب أو حسيب، جمعيات تستغل تسجيلها فى وزارة التضامن لتقوم بتوزيع مسميات وألقاب ومناصب غريبة، من «سفير للمروءة»، و«وزير للنوايا الحسنة»، و«مفوض دولى» وغير ذلك من الصفات الدولية، التى لا تعلم من وهبها لهؤلاء الذين لا يفقهون معناها، الغريب فى الأمر هو الصمت الذى تنتهجه الجهات المسئولة عن هذه الجمعيات سواء وزارة التضامن أو غيرها.
 
مؤخرا فوجئ الجميع بإحدى الجمعيات الأهلية تمنح صبرى نخنوخ وهو أحد عتاة البلطجة والإجرام، درع الشهامة والمروءة تقديرا لدوره البناء فى خدمة المجتمع، وعند تداول شهادة التكريم على مواقع التواصل أصيب المجتمع بخيبة أمل، فكيف لجمعية تابعة لوزارة التضامن أن تمنح تكريما لبلطجى؟! ومن يحاسب هذه الكيانات العشوائية على ما تفعله بحق المجتمع؟ سؤال جعلنا نبحث عن جمعيات شبيهة لتلك التى تكرم البلطجية.
 
ذهبنا إلى إحدى البنايات بمنطقة مدينة نصر تستخدم كمقر كجمعية تطلق على نفسها مسمى «الحياة»، وحينما دخلنا إلى الدور الرابع سألنا السكرتارية عن مدير الجمعية، فقالت إنه غير موجود، وبالنظر إلى مقر الجمعية وجدنا أنه عبارة عن شقة 3 حجرات وصالة تحتوى على أثاث متواضع ومعلق على الحوائط عدد من الشهادات للمراكز العالمية المترجمة للفرنسية والإنجليزية لبعض الكيانات الوهمية.
 
من مدينة نصر إلى الفيس بوك، حيث توجد صفحة إعلانية توهم ضحاياها بقدرتها على جعلهم دبلوماسيين أو سفراء معتمدين من جامعة الدول العربية، وتقوم بعرض شهادات وأختام بشعار الجامعة، وحينما اتصلت بهم وتم تحديد موعد والتقيت أحد العاملين فى هذه الجمعية، وعرض على خطة العمل، وقال إن المؤسسة تتبع دول حوض النيل وأنها تمنح لقب مفوض لدول حوض النيل تابع لجامعة الدول العربية والإفريقية، وحينما سألته عن التكلفة قال إن الشهادة تكلف الشخص الواحد 3 آلاف دولار، وسيتم منحها بعد أسبوع أو عشرة أيام، موضحا أن جامعة الدول العربية تعتمد هذه المناصب، وعرض علينا بعض الشعارات لهذا الكيان والتى حصلت على نسخة منها بحجة إنى أريد أن أعرضها على بعض الزملاء.
 
اتصلت بأحد الزملاء يعمل فى أحد المناصب الدبلوماسية، لأستوضح منه حقيقة هذه الكيانات التى تمنحك لقب سفير أو وزير، وحينما واجهته بالأمر ضحك، وقال إنه تصادف فى إحدى المرات بشخص عرفه على أنه عضو بالبرلمان الدولى الأمريكى فى مصر، وأظهر «كارنيه» بهذه الصفة، وحينما أعلمه بوظيفته كدبلوماسى لم يتغير موقفه، فهو مقتنع بهذا المنصب، علما بأنه لا وجود لأى كيان يحمل مسمى البرلمان الدولى الأمريكى. 
 
بعد فترة من البحث استغرقت أكثر من شهر اتصل بى أحد الأشخاص وقال إنه يعرف أحد السفراء الدوليين فى مصر، من الممكن أن يعطينى لقب سفير فى البرلمان العربى، فوافقت على عرضه، وبالفعل تواصلت مع هذا الشخص، وعلمت أنه مستشار دولى ومفوض للبرلمان العربى فى مصر، وطلبت مقابلته لأننى أريد أن أحصل على لقب سفير ومستعد لدفع الأتعاب، وذهبت فى الموعد الذى حدده وكان ذلك فى مكان عام، وسألته عن منصبه فأظهر لى أحد المستندات التى تشير أنه سفير ومفوض للبرلمان العربى فى مصر، وقمت بالتقاط صورة من المستند ورغم صغر سنه التى لم تتجاوز الخامسة والعشرين، إلا أنه أظهر لى «كارنيه» يحمل لقب سفير للبرلمان العربى، وعددا من الشهادات العلمية والتكريمات.
 
الحقيقة أن فوضى الألقاب والتكريمات انتشرت حتى بين نجوم الفن، حيث شهدت قاعة الاحتفالات والمؤتمرات بجامعة الأزهر، حفلًا نظّمه أحد المراكز يطلق عليه «السلام الدولى لحقوق الإنسان»، قام خلاله بتوزيع الألقاب الدبلوماسية على عدد من نجوم الفن والإعلام، ومنح الضيوف شهادات تفيد تعيينهم سفراء للسلام والنوايا الحسنة، ومن أبرز الشخصيات الفنية التى حصلت على اللقب الفنانة رجاء الجداوى، وحنان شوقى ومادلين طبر، وفاديه عبدالغنى، وأحمد ماهر، وتبين فيما بعد أنّ التكريم وهمى، بعدما أعلنت جامعة الأزهر أنها لا تعلم شيئًا عن الموضوع، كما لا توجد لديها معلومات عن حقيقة المركز أو الألقاب الممنوحة، ولا معايير الاختيار.
 
وفى الوقت ذاته، جرت احتفالية مماثلة منحت لقب سفير النوايا الحسنة للنجوم، محمد ثروت، وعفاف شعيب، وفردوس عبدالحميد، عبر مؤسسة التضامن المصرى العربى، ويبدو أنّ الأمم المتحدة ملّت من توضيح أن هذه الألقاب غير معترف بها عالميًّا فالتزمت الصمت.
 
وكانت هناك واقعة شهيرة تعرضت لها المطربة شيرين عبدالوهاب، التى سمحت لمنظمة ادعت أنها دولية تقوم بدخول حفل رسمى بحضور مسئولين مصريين ، لتقوم بتنصيبها سفيرة النوايا الحسنة لجهود مكافحة الفقر والجوع، وتسليمها الحقيبة الدبلوماسية، ووثيقة التنصيب، ثم اتضح بعد ذلك إن  المنظمة المزعومة ليست ذات صفة، وأصدر مكتب الأمم المتحدة فى القاهرة بيانًا رسميًّا لتبرئة المنظمة العالمية من موجة النصب باسمها على النجوم.
 
الباحث طارق بركات، قال، إنه لا بد من تحرى الدقة فى الشهادات المستخرجة والألقاب، التى تمنح من قبل هذه الجمعيات، لأن هناك فوضى ألقاب وشهادات، وأضاف: يجب أن تخضع هذه الأماكن للرقابة من قبل الجهات المعنية لأن هذا يؤثر على سمعة مصر، وتجب مراجعة الشهادات التى تأتى من الخارج فيوجد أشخاص يسافرون بالخارج وبعد أسبوعين يعودون بالشهادات العلمية، سواء الحصول على ماجستير أو دكتوراة، لافتا إلى إن هذا النوع من النصب باسم المؤسسات والجمعيات وفوضى التكريمات، يقع جزء من المسئولية فيه على وزارة التضامن.
 
 وأشار إلى توافر القوانين التى من المفروض أن تحارب هذه الكيانات العشوائية أو إغلاقها، ومنها من يقوم بتوزيع الألقاب الدبلوماسية وغيرها من الألقاب الغريبة، سواء الدبلوماسية والدولية، وهناك مكاتب مهمتها الرقابة على هذه الجمعيات، لكن هناك تواطؤ متعمد من قبل هذه الجهات.
 
 الدكتور محمد التابعى أستاذ علم الاجتماع، قال إن هذه الظاهرة الوهمية تحدث فى الكثير من مراكز البحوث الوهمية والجمعيات والتى انتشرت بشكل عشوائى، وتستغل الرخصة الخاصة بها فى إصدار شهادات ومناصب للغير دون وجه حق، موضحا أن البعض يستغل اسم جامعات كبرى وعريقة مثل جامعة عين شمس وجامعة القاهرة، ويتم ذلك من خلال تزوير شهادات علمية ودورات تدريبية باسم هذه الجامعات العريقة وتقوم بالنصب على الكثير واستغلال المسميات وإصدار شهادات، موضحا أن هذه الأمور تحتاج إلى قدر كبير من الرقابة من الجهات الأمنية.
 
وقال محمد شاهين مدير إحدى الجمعيات، إن هناك دكاكين عشوائية  تسمى نفسها جمعيات وتقوم بعمل أكاديميات للأسف حسب قوله تساندها بعض الجامعات الرسمية تحت مسمى الماجستير المهنى، والذى يعد من أحدث وسائل النصب الجديدة، مشيرا إلى أن بعض الكليات تساعد على اعتماد هذه الشهادات الوهمية من اجل الحصول على نسبة من الأموال، وفجر «شاهين» مفاجأة أن بعض حاملى هذه الشهادات يظهرون فى وسائل الإعلام المختلفة ويقابلون المسئولين بوصفه خبيرا فى أحد العلوم، ويحلل ويرصد، وبذلك يشكل الجهل وعى الجمهور والرأى العام.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة