دهاليز صناعة الدواء.. الدولة تبني والشركات تحتكر

السبت، 03 أغسطس 2019 05:00 م
دهاليز صناعة الدواء.. الدولة تبني والشركات تحتكر
صناعه الدواء
هبة جعفر

على عوف: تجارة أدوية «بير السلم» تبلغ 8 مليارات جنيه بما يمثل 20 % من سوق الدواء

صبرى الطويلة: سياسة تسعير فاشلة وعمالة زائدة بشركات قطاع الأعمال تجاوزت 25 ألف موظف يتقاضون مليارا و750 ألف جنيه سنويا 

«برلمانى»: ضرورة مواجهة الأدوية المغشوشة بتغليظ عقوبة الإتجار فيها بالحبس 10 سنوات ومليون جنيه غرامة
 
 
صناعة الدواء من أخطر وأهم الصناعات فى أى دولة من دول العالم، فهى بمثابة صمام الأمان القومى، ومؤشر ارتفاع مبيعات الدواء والعمل على تصنيعه وتصديره دليل على استقرار الوضع الاقتصادى للدولة، فكلما ارتفعت قيمة صادرات الدولة من الدواء، ارتفع اقتصادها وحصدت الكثير من العملة الصعبة التى تساهم بشكل مباشر فى زيادة الاستثمارات، ويقدر حجم تجارة الدواء فى مصر ما بين 60 و 70 مليار جنيه سنويا، وذلك وفق الإحصاءات الرسمية، وبالرغم من ذلك تواجه تجارة الأدوية فى مصر العديد من الأزمات، منها استيراد المادة الفعالة من الخارج، إضافة إلى بعض التعقيدات الإدارية وانتشار مافيا احتكار صناعة الدواء، وهو ما يعرضه هذا التحقيق مع عدد من الخبراء للوصول إلى حل للنهوض بصناعة الدواء فى مصر .
 
 
سوق ضخم 
سوق الدواء المصرى كبير للغاية، وتقدر حجم استثماراته هذا العام بــ 60 مليار جنيه، ويقوم على 133 شركة خاصة، و11 شركة عامة، 22 شركة أجنبية، و1200 شركة تول، وهى الشركات التى تمتلك مصانع وتصنع لشركات أخرى، ولكنه يعانى من العديد من الأزمات. 
وهو ما كشفته بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن تراجع حجم الإنفاق على الصحة إلى 5 % من إجمالى الإنفاق العام للدولة خلال عام 2016 - 2017، مقابل 5.2 % نسبة الإنفاق خلال العام السابق عليه.
وقدر «الإحصاء» حجم الإنفاق على الصحة بنحو 48.9 مليار جنيه من إجمالى 974.8 مليار جنيه خلال عام 2016 - 2017، بينما كان حجم الإنفاق عليها يُقدر بنحو 44.9 مليار جنيه من إجمالى 864.6 مليار جنيه خلال عام 2015 - 2016، ما يعنى أن الإنفاق الحكومى على الصحة بالموازنة العامة للدولة، يمثل أقل من 35 %، وهناك ما يقرب من 65 % من الإنفاق العام على الصحة من «المواطن».
فيما أظهرت أحدث تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن تكلفة استيراد مصر من الأدوية ومستحضرات الصيدلة، قد سجلت ارتفاعا ملحوظًا إلى حدود 447.2 مليون دولار أى ما يقارب النصف مليار دولار خلال أول شهرين من عام 2019، مقابل 368.5 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2018. 
وأشارت البيانات إلى أن حركة استيراد الأدوية من الخارج، سجلت زيادة قدرها 78.7 مليون دولار خلال عام فقط، نتيجة النقص الشديد فى بعض أصناف الدواء وحاجة مصر لسد العجز فى الكميات المتوافرة بالسوق المحلية، ما دفعها لزيادة حركة الاستيراد.
ولفت التقرير، إلى زيادة واردات مصر من أدوية وأجهزة للطب والجراحة إلى 150 مليون دولار مطلع عام 2019، مقابل 142 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق عليه، بزيادة جاوزت 7 ملايين دولار خلال عام فقط .
وبلغ حجم الإنفاق السنوى للأسرة، وفقا لأبحاث الإنفاق والاستهلاك مبلغ 5095 جنيها على الرعاية الصحية بنسبة 9.9 % من إجمالى إنفاقها، حيث بلغ الإنفاق فى الحضر على الأدوية والأجهزة الطبية نسبة 58.0 % فى حين بلغت فى الريف 53.1 %، وعلى خدمات المستشفيات فى الحضر بلغت 15.6 %، أما الريف فبلغت 16.2 % .
وكشفت بيانات «الجهاز»، عن دخول مصر أدوية تخسيس بقيمة 7.4 مليون دولار خلال الـ 11 شهرا الأولى من العام الماضى، الفترة من يناير ونوفمبر 2018، والتى تستوردها عدد من الشركات الخاصة.
أزمات ومشاكل 
ويواجه قطاع صناعة الدواء العديد من المشاكل التى تعرقل القيام بدوره فى دعم الصناعة الوطنية، والتى فسرها الدكتور صبرى الطويلة، عضو النقابة العامة للصيادلة سابقا ورئيس لجنة الحق فى الدواء، بأن شركات قطاع الأعمال العام للأدوية عانت على مدار سنوات طويلة من أزمات طاحنة عصفت بها، رغم أن هذا القطاع كان يحتوى على مجموعة من الشركات العملاقة التى تتصدر قاطرة الدواء فى الشرق الأوسط والعمق الأفريقى.
وأضاف أن عدد شركات القطاع الاستثمارى بلغ 127 شركة من أصل 154 تابعة لأفراد أو مستثمرين بواقع 12 ألفا و500 منتج دواء من أصل 14ألفا و250 صنفا، أما الشركات متعددة الجنسية، فيبلغ عددها 16 شركة بواقع إنتاج حوالى 1250 صنف دواء، أما الشركة القابضة «شركات قطاع الأعمال» وهى 11 شركة منها النصر وسيد والنيل وغيرها من الشركات، وتنتج 1500 منتج دوائى منها 800 صنف، يقل أسعارها عن 5 جنيهات، علما بأن حجم صناعة الدواء فى مصر تقدر بـ 60 مليار جنيه.
وأضاف أن الكارثة الكبرى فى أن الشركات الاستثمارية تأخذ من السوق المصرية 24 % من قيمة صناعة الدواء، أما قطاع الأعمال فنصيبه 4,8 %، فى حين يصل نصيب الشركات متعددة الجنسية لـ70 % من حجم صناعة الدواء، رغم قلة عدد الأدوية التى تنتجها، فضلا عن أن صناعة الأدوية الخاصة بهذه الشركات يتم تصنيعها فى مصر بنفس القدر الذى يتم فيه صناعة الدواء المحلى، وبنفس المادة الخام، ومع ذلك فإن سعرها مضاعف، لذا فإن هناك بعض العوائق التى حالت بين هذا القطاع وتطويره وتسببت فى انحدار مستواه، وأهمها سياسة التسعير الفاشلة داخل شركات قطاع الأعمال.
واستكمل الطويلة، أن شركات قطاع الأعمال هى عبارة عن 11 شركة منها 8 شركات إنتاج، والتى تستورد الأشكال الدوائية، مشيرا إلى أن كيان قطاع الأعمال وشركاته نجحت فى تغطية أكثر من 74 % من حجم السوق الدوائى المصرى المتداول خلال فترة السبعينيات والثمانينيات، لكن اليوم وبسبب تدنى أوضاع شركات الأدوية للقطاع العام، وصل حجم التجارة من 85 % إلى 4,8 %.
 وكشف الطويلة، أن عدد العاملين بشركات قطاع الأعمال يتجاوز الـ 25 ألف موظف يتقاضون نحو مليار و750 ألف جنيه سنويا، لا نحتاج منهم سوى لـ8000 فقط، بما يعنى أن هناك أكثر من 60 % عمالة زائدة، هذا بخلاف أن قطاع الأعمال منذ 30 سنة مضت لم يتم تحريك سعر الأدوية، وكأن هذا حق يراد به باطل للحفاظ على قطاع عريض من المجتمع، مقابل زيادة أكثر من مرة للشركات الأخرى لزيادة هوامش الربح لها، مما ترتب عليه احتكار قطاعات بعينها من الصناعات ذات التقنيات الحديثة، ما كبّد شركات قطاع الأعمال خسائر تجاوزت الـ 250 مليون جنيه سنويا، نتيجة سوء التخطيط، وعدم سداد وزارة الصحة مديونياتها التى تخطت الـ 2 مليار جنيه، والتمييز لحساب بعض الشركات الموزعة على حساب الشركة المصرية، ما أهدر جزءا كبيرا من حقها، ومع عدم اختيار قيادات وكفاءات، ما تسبب فى تحقيق خسائر تقدر بحوالى 40 مليون جنيه سنويا.
وعن تطوير شركات قطاع الأعمال العام قال الطويلة، إننا بحاجة إلى إعادة صياغة قوانين الاستثمار والتسعير والترخيص لمنتجات شركات قطاع الأعمال، من خلال إنشاء الهيئة المصرية للدواء لعلاج أزمات التسعير ومشاكل الصناعة، على أن يرأسها صيدلى، وتكون تابعة لرئاسة الجمهورية على غرار منظمة «الصحة والغذاء الأمريكية»، ومع جدولة ديون الوزارة فى غضون عام على الأقل وتخصص للملفات الحيوية، وعلى سبيل المثال إنتاج المواد الخام بدلا من استيرادها، حيث يتجاوز حجم الاستيراد 50 مليار جنيه مواد خام ومواد مغذية ومواد مكملة ومستلزمات وبلاستيك، كما نستورد 800 ألف طن مادة خام لصناعة المضاد الحيوى فقط، وضرورة تطوير البنية التحتية لهذه الشركات من خطوط الإنتاج ومدها ببعض التقنيات الحديثة التى تتميز بها أو النانو تكنولوجى، وإعادة تدريب الكوادر الإدارية بقطاع الأعمال بشكل يضمن الشفافية والتجريم والعقاب والثواب.
الهيئة العليا 
من جانبه أكد محمد الشيخ، عضو نقابة الصيادلة، ضرورة الإسراع بتشكيل الهيئة العليا للدواء بحيث يكون هناك توحيد فى المواصفات العالمية، ويكون السعر موحدا عالميا، ولا يترك الأمر للشركات والكيانات الاحتكارية.
وأضاف أنه لابد من النظر إلى العمق الأفريقى والبدء فى تصدير الدواء لدول أفريقيا، خاصة بعد نجاح تجربة دواء «فيرس سى»، التى نالت التجربة استحسان العالم، والتوجه نحو الدول التى تعتمد على استيراد الدواء وليس تصنيعه، وتفتقر لوجود هذه الصناعة، كما فى دول أفريقيا، ما يساهم فى فتح أسواق جديدة، فضلا عن ضرورة إنقاذ شركات قطاع الأعمال وتطويرها، وإعادة الهيكلة الإدارية للشركات، وتحسين نظم المعلومات، وتطوير العمالة البشرية، والاستفادة بالطاقة الإنتاجية لديها.
وأشار الشيخ إلى أن مشاكل شركات قطاع الأعمال تراكمية عبر السنوات السابقة، وحلها يحتاج إلى وقت طويل، مع إعداد خطط وبرامج تسويقية وفتح أسواق جديدة خارجية ومواكبة لنظم الإنتاج الحديثة لرفع صادرات مصر من الدواء للخارج ما يزيد من حجم الصادرات، مؤكدا أن صناعة الدواء المصرية تحتاج إلى تحقيق مكاسب لتضمن استمرارها، وضرورة فصل ملف الدواء عن وزارة الصحة، لأن مشاكل الدواء لا تنتهى إلا بإنشاء الهيئة العليا للدواء بقيادة شبابية متخصصة على غرار جميع دول العالم، على أن تكون تلك الهيئة تابعة لمجلس الوزراء، ولها الاستقلالية التامة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بالقطاع وتنظيمه.
كما دعا إلى ضرورة سن قوانين واضحة ورقابة صارمة، فضلا عن ارتفاع أسعار الدواء المستمر الذى جعل المنظومة أشبه بالعمل التجارى، الذى يهدف إلى الربح دون النظر لمعاناة الشعب، وعلى الرغم من رفع أسعار الأدوية للمرة الثالثة على التوالى، فإن نسبتها انخفضت فى السوق المحلية إلى 4.8 % فقط، بعدما كانت تسيطر على أكثر من 80 % من الإنتاج.
 وأكد أن أحد أهم أسباب انهيار سوق الدواء، هو كارثة تسعير الدواء، حيث تقوم لجنة التسعير بوزارة الصحة بالسماح بزيادة أسعار أدوية الشركات الأجنبية، فى حين أن شركات قطاع الأعمال تتراوح أغلب أسعارها بين 5 و 8 جنيهات، وتتكبد خسائر تصل إلى 150مليون جنيه، بسبب زيادة التكلفة وقلة الأسعار.
تغليظ العقوبة مع انتشار الأدوية المغشوشة فى السوق المصرية 
من أسباب انهيار صناعة الدواء، انتشار الأدوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية ومصانع بئر السلم، وأن أغلب الأدوية المستوردة بشكل قانونى مرتفعة السعر أو البديل الأسهل البحث عنها فى الصيدليات وأماكن تبيع الأدوية المهربة، وفى النهاية دواء مغشوش غير مرخص منتشر فى مصر وله أسواق ثابتة ومتنقلة.
فيما طالب النائب البرلمانى أيمن أبو العلا، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، بتغليظ العقوبات لتصل إلى الحبس 10 سنوات ومليون جنيه غرامة كعقوبة الاتجار فى الأدوية المغشوشة مع تفعيل «الباركود» وتطبيق نظام التتبع الثلاثى ووجود أبلكيشن لمعرفة وتحديد خريطة الإنتاج ما يسهل من ضبط ومعرفة الأدوية المغشوشة، خاصة بعدما أصبحت التجارة الرابحة الثانية بعد أرباح المخدرات، مشددا على الضرورة الملحة لمعاقبة كل الأطراف التى تشارك فى هذه الجريمة، خاصة أن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت منصات لعرض الأدوية المغشوشة.
بير السلم 
ومن جانبه قال على عوف، رئيس غرفة صناعة الأدوية، إن ارتفاع سعر الدواء وزيادة النواقص مع توافر البعض منها فى السوق السوداء، وراء انتشار أدوية مصانع بير السلم، والتى بلغ حجم تجارتها بالسوق المصرية نحو 8 مليارات جنيه سنويا، وأصبح الدواء المغشوش يحتل نسبة الـ 20 % فى سوق الدواء المقدر قيمته بنحو 40 مليار جنيه سنويا قابلة للزيادة أكثر، ما سيؤدى إلى انتشار الدواء المغشوش بنسبة كبيرة سواء للأدوية الغالية أو ما دونها من خلال طباعة علب مشابهة للمنتج الأصلى وصولا للنشرة الداخلية.
وأضاف عوف، فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، أن صناعة الدواء المصرى، كانت متواجدة على مدار الأعوام السابقة فى أفريقيا، إلا أنها تراجعت الآن بشكل كبير، وحلت محلها شركات أخرى، مطالبا بضرورة وضع خطة ممنهجة لعودة صناعة وتصدير الدواء مرة ثانية فى القارة السمراء كنقطة بداية جيدة، موضحا أن توغل الدواء المصرى فى أفريقيا يتمثل فى محورين أساسين هما، محور اقتصادى لجلب العملة الصعبة، وآخر سياسى لتقوية التعاون بين مصر وأفريقيا.
وأشار إلى أنه لا توجد سياسة واضحة لقطاع الدواء فى مصر، ما يعود بالسلب على المواطن والمستثمر سواء كان محليا أو أجنبيا، مطالبا بضرورة وضع سياسة ثابتة وخطة واضحة لوزارة الصحة لا تتغير بتغير الوزير، والإسراع فى إصدار «شهادة التداول» فى السوق المحلية للتوغل داخل الأسواق الأفريقية، لافتا إلى أنه لا توجد استثمارات كافية لإنشاء مصانع قادرة على تصنيع أدوية «السرطانات» كاملة فى مصر، نظرا لارتفاع تكلفتها، فالمصنع الواحد يكلف تأسيسه نصف مليار جنيه، ما يؤكد على ضرورة الشراكة العالمية والمستثمرين معا مع دول مصنعة للمواد الخام لفتح السوق فى مصر.
أرباح المخدرات
ومن جانبه أوضح الصيدلى هانى سامح، والمهتم بصناعة الدواء، أن الصناعة فى مصر، تعتمد بشكل أساسى على التعبئة من خلال استيراد المادة الخام وإضافة بعد المكونات عليها من خلال المصانع سواء المصرية أو الأجنبية أو الخاصة، وهو أمر لابد من تغييره حتى نستطيع النهوض بالصناعة من خلال تغيير ثقافة المواطن بأن الدواء المستورد أكثر فاعلية من المحلى، مما يستلزم العمل على تشجيع المنتج المحلى أولا.
وأوضح سامح، أنه يوجد حوالى 200 مصنع، يمكنها صناعة أجود الأنواع الدوائية، مؤكدا أن الأزمة الحقيقية تكمن فى أباطرة الاحتكار ضد الصناعة، ومنها نظام القوميات، والذى يقول إن المادة الفعالة تعود لـ12 شركة فى مصر من أصل 3000 شركة، ومنها شركة لها حق الاستيراد، وهذا النظام يدمر الصناعة المصرية، كما أن المادة الفعالة لا تختلف من منتج لآخر، ومنها على سبيل المثال دواء  «أماريل» لعلاج السكر، فالدواء المصرى المصنع تحت الرقابة بمبلغ 60 جنيها وهناك أنواع من هذا المستحضر ومستورد من تركيا، يتم بيعها بالصيدليات بقيمة 500 جنيه، الأمر الذى يوثر على المنتج المصرى، ويحد من كفاءته وبيعه، فتكلفة كيلو المادة الخام لإنتاج هذا المستحضر تبلغ 300 دولار، ينتج مليون قرص يعنى مائة ألف عبوة، وبالتالى تكلفة العينة الواحدة 30 قرشا ورغم ذلك يتم بيعها بـ60 جنيها للمحلى و500 المهرب أو ما يسمى المستورد على حد قوله. 
وكشف هانى عن أن أباطرة الاحتكار تمارس دورا كبيرا فى تدمير الصناعة من خلال ما يسمى بتاجر الشنطة ودوره فى جمع المنتجات والأدوية المستوردة ووضعها على قائمة الأدوية فى الصيدليات الكبرى رغم أن سعره بعد الاستيراد 10جنيهات، ويتم بيعه بمبلغ 500جنيه .
وضرب الصيدلي، مثالا آخر على ارتفاع أرباح صناعة الأدوية، التى تفوق أرباح تجارة المخدرات والسلاح، فالشركات تدفع رشاوى للأطباء عبارة عن رحلات لفرنسا ودول شرق آسيا لمساعدتهم فى ترويج الدواء تحت مسميات أخرى لإخفاء الأرباح، ونجد مثلا إنتاج دواء أخر لمرض القلب المفتوح «بلفيكس» ومسعر للشركة الأجنبية بـ 300 جنيه، والشركات المصرية الكبرى بـ60 جنيه والشركات العاملة على الهامش 8 جنيهات، ورغم تدنى مبلغ البيع فقد عرضت ترخيصها للمستحضر للبيع بقيمة 3 ملايين جنيه، وتكلفة تصنيع المستحضر جنيه واحد فقط، وتحقق أرباحا خيالية .
واختتم هانى حديثه قائلا: أن الدولة تعمل بشكل كبير فى الآونة الأخيرة على خدمة صناعة الدواء، وهناك انتفاضة كبيرة ضد مافيا الدواء، وصدرت أحكام رادعة ضدها، ومنها حكم احتكار الدواء بصدور إدانة جنائية، ففى قضية صمامات القلب، تم تقديم تصالح فى القضية مقابل دفع 6 مليارات جنيه، وكذلك أحكام ضد سلاسل الصيدليات الكبرى، مشددا على أن الدولة تعمل بكل قوتها للسيطرة على سوق صناعة الدواء، ورفع غرامات الاحتكار التى وصلت إلى 500 مليون جنيه بعد أن كان 10 ملايين جنيه فى العهد السابق.
كارثة التلاعب 
ومن جانبه قال محمود فواد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، أنه حذر كثيرا من التلاعب فى أسعار الدواء واستغلال بعض الشركات لاختلاف التسعير مشددا على ضرورة تدخل جهاز حماية المستهلك لحماية المواطنين، خاصة أن أرباح هذه الصناعة فى مصر، تفوق تجارة السلاح والمخدرات فعليا، مستشهدا بأن سعر كيلو المادة الفعالة لدواء من أدوية الضغط لا يتجاوز 100 دولار، ويُصنع منه 10000 قرص، تركيز 100، أى أن تكلفة القرص الواحد تركيز 100 هو 4 قروش، والعلبة 4 أقراص 19 قرشا، لكنها تباع بـ80 جنيها.
وأضاف أن قانون هيئة الدواء مع تطبيق قانون التأمين الصحى، سيقضى على ظاهرة نقص الأدوية وبيعها من خلال منافذ أخرى غير الصيدليات، وتحريم تجارة الأدوية المهربة وغير المسجلة التى انتشرت منذ سنوات، مطالبا بتغيير اسم المجلس الأعلى للدواء إلى هيئة الدواء العليا التى سيكون لها شخصيتها الاعتبارية وميزانيتها المستقلة، مطالبا بضرورة تمثيل النقابات الطبية، وتعميم منظومة الشراء الموحد، خاصة أن العالم كله يتجه إلى هذه الطريقة، توفيرا للأموال والوقت والحد من الفساد ورفع الأسعار، وتحكم بعض الشركات الخاصة فى المريض.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة