فضيحة "اتصالات مصر".. مستندات تكشف الصفقة الحرام بين شبكات المحمول وشركات الإعلانات (4)

الأربعاء، 18 سبتمبر 2019 02:00 م
فضيحة "اتصالات مصر".. مستندات تكشف الصفقة الحرام بين شبكات المحمول وشركات الإعلانات (4)
اتصالات مصر
طلال رسلان

بعد يوم عمل شاق فى مجال بيع إكسسوارات السيارات، ارتمى حمدى عثمان فى أحضان سريره ليتخلص من عناء وقفة طيلة النهار وجزء من الليل على قدميه ليعوض بها خسائر معرضه فى منطقة التوفيقية بوسط البلد على إثر ضربة قوية ألمت به قبل 5 سنوات عندما توقفت حركة البيع تماما قبل أن تعود الحياة إلى مجاريها ويسدد جزءا من ديونه ويبدأ من جديد.
 
لم يعتد حمدى إغلاق هاتفه المحمول أو وضعه على الصامت، فربما يتصل به زبون يخرج من ورائه بـ«مصلحة» تساعده فى سد النفقات، رنين الهاتف قلب الغرفة رأسا على عقب، لكن رب الأسرة المكونة من 3 بنات غارق فى نومه من شدة التعب، لكن الهاتف لم يتركه حتى تحسس بيده على المنضدة بجواره والتقط الهاتف مذعورا.. ثم دار هذا الحوار:

- أيوة يا فندم المهندس حمدى عثمان؟

= أيوة معاكى، اتفضلى، إزاى أقدر أخدمك؟
 
- أنا آسفة على الإزعاج بس عندى فرصة ليك لا تعوض.
 
= خير؟
 
- إحنا شركة السفير للتمويل العقارى بنعرض عليك شقة فى منطقة المعادى بتطل على كورنيش المعادى جنب حضرتك.
 
= شقة؟! جنبى؟! المعادى؟! هو حضرتك جبتى رقم تليفونى منين واسمى ومكان سكنى؟!
 
صمت مطبق عم المكالمة قبل أن يقطعه اعتذار من الموظفة التى أرادت الانسحاب فورا، لكن حمدى لم يتركها، أعاد عليها السؤال بنبرة أكثر غلظة، حتى اضطرت إلى رمى ما فى جعبتها قائلة: «من شركة المحمول يا فندم، باعتذر جدا» وأغلقت الخط.
 
لم يستطع حمدى الملقب فى منطقة التوفيقية وفى مجاله، بالمهندس، فالرجل واحد من المشهودين لهم بالأمانة فى بيع إكسسوارات السيارات، الرجوع من جديد فتسريب بياناته بهذه الطريقة أطار النوم من عينيه، حتى دخل على أحد الجروبات لأقرانه من أصحاب المعارض فى وسط البلد، ويحكى الموقف بتفاصيله كاملة ويتبعه بسؤال: «هو حد حصل معاه الموقف ده قبل كدة؟».
 
الإجابة عن سؤال المهندس حمدى كانت صادمة، أغلب من فى الجروب تكرر معه الموقف نفسه بتفاصيله تقريبا، ولكن مع تغيير أماكن بيع الشقق، من المعادى إلى الدقى وشارع السودان وآخرين فى المقطم والتجمع وانتهاء بـ6 أكتوبر والشيخ زايد، حتى إن أحدهم اتصل بشركة شبكة المحمول الخاصة به ورفع شكاوى لمسئوليها، ولكن لا حياة لمن تنادى، بالطبع لن ترد الشركة بالاعتراف بتسريب البيانات.
 
لم يكن موقف حمدى وأقرانه من تجار التوفيقية جديدا على مسامع أغلب المصريين، فقد ملأ اسم «شركة إبادة الحشرات الشهيرة» صناديق رسائل الهواتف المحمولة مع أغلب الطبقات، عروضها انهالت على المستخدمين، واتصالاتها وصلت فى الغالب إلى كل بيت، حتى أصبحت الأزمة على مشاع مواقع التواصل الاجتماعى، وصل الحد إلى التهكم والسخرية وإنتاج الكوميكس على انتهاك الشركة المذكورة للخصوصية والحصول على بيانات شخصية، وصولا إلى إعلان جهاز حماية المستهلك بلاغا للنيابة ضد شركة إبادة الحشرات بسبب مخالفات والتى كانت بعيدة عن الكارثة الكبرى وهى تسريب البيانات، وتم الإجراء والتحقيقات بشأن رخصة الشركة، غير أن المتهم الأكبر فى هذه القضية بالأساس تُرك حرا بلا شىء وهى شركات الاتصالات التى سربت البيانات، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لن يفرق ذلك كثيرا من دون إذن مسبق من المستخدمين، وفى انتهاك صارخ للحرية الشخصية والقانون من قبل ذلك.
 
وأكد الدكتور السيد عزوز، نائب رئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، أن التراخيص الصادرة لكافة شركات الاتصالات تتضمن بند يفيد بالتزامها المحافظة على سرية بيانات عملائها وعدم تسريبها.
 
القضية تحولت من حالات رفض فردي من ممارسات شركات المحمول، إلى بلاغ تقدم للنائب العام بناء على ما نشر في «موقع صوت الأمة» يطالب بالتحقيق في واقعة تسريب البيانات التي ارتكبتها شركة اتصالات مصر.
 
البلاغ اعتبر ان الواقعة تعد تهديد للأمن القومي المصري، كما فند مواد القانون التي نصت على تجريم تسريب بيانات العملاء، حيث تنص المادة 57 من الدستور بأن للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون.
 
كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها ، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفى، وينظم القانون ذلك قانون حماية البيانات الشخصية،  إلى أن حماية البيانات الشخصية للمواطنين معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما فى حكمها، والممكن تجميعه وتحليله باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية وخاصة المادة (34): إذا وقعت أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بغرض الاخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومى للبلاد أو بمركزها الاقتصادى أو منع أو عرقلتها وطبقا للمادة (35): يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنية ولا تزيد عن 100 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مسئول عن الإدارة الفعلية لأى شخص اعتبارى، إذا تعرض الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الإليكترونى أو النظام المعلوماتى المخصص للكيان الذى يديره، لأى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، ولم يبلغ بذلك الجهات المختصة وقت علمه بالجريمة.
 
فى يونيو 2018 انفجرت أزمة تسريب بيانات المستخدمين من شركات الاتصالات داخل مجلس النواب، خلال اجتماع لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، احتدمت المناقشة بعد عدد كبير من طلبات الإحاطة تعقيبا على تساؤلات النيابية حول صحة خروج قواعد بيانات مستخدمى شركات الاتصالات وبيعها لشركات تستفاد بها فى التسويق والدعاية والعقوبات فى هذا الصدد. 
 
 فيما أقر حسام عبدالمولى، ممثل الجهاز القومى للاتصالات، بأن الشركات مسئولة عن حماية سرية عملائها، لكننا نتعامل فى النهاية مع بشر، وصادفت 3 قضايا فى هذا الصدد، وعوقب الموظفون الذين قاموا بتسريب بعض المعلومات قضائيا، حيث تعرضوا للسجن.
 
وفى يوليو 2019 وافقت لجنة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، نهائيا على مشروع قانون حماية البيانات الشخصية.
 
وينص قانون حماية البيانات الشخصية بأنها المتعلقة بشخص طبيعى محدد أو يمكن تحديده بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الربط بينها وبين بيانات أخرى، كالاسم أو الصوت أو الصورة أو رقم تعريفى أو محدد للهوية عبر الإنترنت، أو أى بيانات تحدد الهوية النفسية أو الصحية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية.
 
كما عرف المشروع، البيانات الحساسة، بأنها المتعلقة بالصحة النفسية أو العقلية أو البدنية أو الجينية، أو البيانات المالية أو الدينية أو الآراء السياسية أو الحالة الأمنية وبيانات الأطفال.
 
وتضمن مشروع القانون، عقوبة بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل حائز أو متحكم أو معالج امتنع دون مقتضى من القانون عن تمكين الشخص المعنى بالبيانات من ممارسة حقوقه المنصوص عليها بمواد القانون، كما نص على ذات العقوبة لكل من جمع بيانات شخصية دون توافر الشروط المنصوص عليها فى مواد القانون.
 
ونص مشروع القانون أيضا، على عقوبة بالحبس وغرامة لا تقل عن 300 ألف جنيه ولا تجاوز 3 ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من خالف أحكام حركة البيانات الشخصية والحدود المنصوص عليها فى القانون.
 
كما نص المشروع، على عقوبة بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام التسويق الإلكترونى المنصوص عليه فى القانون.
 
وحظر المشروع، إجراء عمليات نقل أو مشاركة البيانات الشخصية التى تم جمعها أو تجهيزها للمعالجة إلى دولة أجنبية إلا بتوفير مستوى من الحماية لا يقل عن المنصوص عليها فى القانون وبترخيص.
 
وتضمن المشروع، عقوبة بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز مليونى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل متحكم أو معالج عالج أو أتاح أو تداول بيانات شخصية بأى وسيلة فى غير الأحوال غير المصرح بها قانونا أو بدون موافقة الشخص المعنى بالبيانات.
 
ووفقا لمشروع القانون، تنشأ هيئة عامة اقتصادية تكون مركزا لحماية البيانات، تضع السياسات والخطط الاستراتيجية والبرامج اللازمة لحماية البيانات الشخصية ومعالجتها، ووضع إطار إرشادى لمدونات سلوك حماية البيانات، إعداد وإصدار تقرير سنوى عن حالة حماية البيانات الشخصية داخل مصر.
 
من جانبه، قال وليد عبدالمقصود خبير أمن المعلومات، إن عملية تبادل البيانات الشخصية للمستخدمين كانت ظاهرة واسعة بين الشركات التى تحاول الاستفادة قدر الإمكان فيما بينها، لكن بعد تحديد القانون وتغليظ العقوبة انحصر الأمر على ما يسمى بشركات الوساطة، وهذه الشركات تحصل على البيانات الشخصية لعملاء شركات الاتصالات ومن ثم تصنيفها إلى شرائح حسب القدرة المادية والقدرة الشرائية، بمعنى تصنيف المستخدم أو العميل على حسب مبالغ الفواتير من يدفع 100 جنيه شريحة أولى، ومن يدفع 10 آلاف شريحة أخرى وهكذا، ثم تبدأ بيع الأرشيف للشركات المعلنة والتسويق العقارى وغيرها.
 
وأضاف عبدالمقصود، فى تصريح خاص لـ«صوت الأمة»، أن شركة تطوير عقارى مثلا لديها مشروع محدد بقسط شهرى مقابل شراء وحدة سكنية 10 آلاف جنيه فتطلب قاعدة بيانات لمستخدمين يدفعون فواتير شهرية بالقيمة نفسها لأن لديهم قدرة سداد الأقساط، وتبدأ فى إرسال رسائل SMS ومكالمات عن المشروع.
 
وتابع: الشركات الآن تتجه إلى دفع أموال للشركات الوسيطة التى حصلت على البيانات الشخصية للمستخدمين بالمخالفة للقانون من شركات الاتصالات، للاستفادة منها فى تسويق منتجاتها على أوسع نطاق.
 
وتقدم المحامى، أيمن محفوظ عبد المجيد ببلاغ إلى النائب العام، ضد شركة اتصالات مصر.. وجاء فى البلاغ: طالعنا مقالا فى صوت الأمة لأحد الصحفيين فى موقع «صوت الأمة» يشكو من تسريب للمعلومات هاتف زوجته ومعلومات الرقم القومى لها، وأشار إلى أن هناك شركات للدعاية تبعث برسائل دعائية وذلك بتسريب تلك المعلومات من شركات الاتصالات، وحيث تنص المادة 57 من الدستور بأن للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التى يبينها القانون.
 
كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفى، وينظم القانون ذلك قانون حماية البيانات الشخصية،  إلى أن حماية البيانات الشخصية للمواطنين معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما فى حكمها، والممكن تجميعه وتحليله باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية، وخاصة المادة (34): إذا وقعت أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومى للبلاد أو بمركزها الاقتصادى أو منع أو عرقلتها وطبقا للمادة (35): يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مسئول عن الإدارة الفعلية لأى شخص اعتبارى، إذا تعرض الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الإليكترونى أو النظام المعلوماتى المخصص للكيان الذى يديره، لأى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، ولم يبلغ بذلك الجهات المختصة وقت علمه بالجريمة.
 
 وطبقا للمادة (41) من ذات القانون يعفى من العقوبات، المقررة للجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، كل من بادر من الجناة أو الشركاء إلى إبلاغ السلطات القضائية أو السلطات العامة بما يعلمه عنها قبل البدء فى تنفيذ الجريمة وقبل كشفها،  لذلك نلتمس من سيادتكم التكرم بالتحقيق الموسع نحو تسريب بيانات المواطنين من شركات الاتصالات للدعاية وحرصا على الأمن القومى المصرى.
 
مستند

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق