تساؤلات حائرة حول السهام الطائشة ضد الدولة المصرية.. سر التوقيت والمسئولية

الأحد، 29 سبتمبر 2019 09:00 ص
تساؤلات حائرة حول السهام الطائشة ضد الدولة المصرية.. سر التوقيت والمسئولية
محمد على
محمد الشرقاوى

ا كثرت عليك السهام فاصمد، فأنت لديك درع وشعب»، من ينكر أن هناك حملة مسعورة ومخططات تستهدف الدولة المصرية، أعمى، بل أضل سبيلا، بل زادت حدتها مؤخرًا، فما بين تدليس ممنهج للرأى العام وإثارة ملفات متشابكة خارجيا. 
 
الأمر هنا ليس أكثر من إثارة تساؤلات، عل لها من إجابة لدى أحد ما، بداية من الظهور المفاجىء للمقاول الهارب محمد على، والذى تصدر للهجوم على الدولة ومؤسساتها، فى خطاب غير متزن، يعتمد على التشهير والتضليل. 
 
الشاب صاحب السيجارة- كما اعتاد الظهور- دخل مجال المقاولات عام 2002، واشتهر بين أقرانه بقربه من دوائر صنع القرار فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، لدرجة أن هناك إشاعة/ معلومة يتداولها البعض، تقول إنه كان صديقا لنجل الرئيس الأسبق علاء مبارك.
 
لم تقف المعلومات المتداولة حول المقاول الهارب عند هذا الحد، بل أشيع مشاركته فى مشروعات لرجال النظام السابق، وتحديدا مشروعات تتبع رجل الأعمال الراحل حسين سالم، ويقال أيضا إن «على» أسس منتجعات مبارك وحاشيته فى شرم الشيخ. 
 
كل ذلك ليس كافيا للإجابة عن سبب ظهور المقاول صاحب الجنسية الإسبانية، والتى كان يحملها حسين سالم، فى التوقيت الحالى، وحصوله على الدعم من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، التى ارتأت فيه أيقونة لإشعال ثورة مزعومة عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
 
فيديوهات المقاول كانت وراءه جماعة الإخوان الإرهابية، ما أثار حفيظة أحد أيقونات ثورة يناير الشبابية، وائل غنيم، والذى ذاع صيته مع تأسيسه لصفحة كلنا خالد سعيد.
ظهر وائل غنيم، فى فيديوهاته- حليق الرأس، عارى النصف العلوى من جسده، مروجا اسم محمد مرسى وزوجته وابنه عبد الله، فى محاولة للفت الانتباه وخطب ود جماعة الإخوان، وفى نفس الوقت مهاجما المقاول الهارب.
 
محمد على ووائل غنيم بينهما صراع قديم حديث، لكنهما فى الوقت الحالى باتا يخدمان معسكرا واحدا، أحدهما كان أحد رجال نظام مبارك القديم- باعتبار صدق فرضية أنه مقاول حسين سالم ومنتجعات النظام- والثانى كان أحد أيقونات ثورة يناير 2011.
المعركة بين الطرفين تكررت منذ 8 سنوات، لكنها الآن تخدم مصلحة جماعة الإخوان الإرهابية، رغم أن كلا من الطرفين يبتعد مكانيا عن أحضان الجماعة، أحدهما فى أسبانيا والثانى فى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها تحاول الاستفادة منهما قدر المستطاع. وحتى هذه اللحظة لم يتضح سبب ظهور الشخصين فى نفس التوقيت، لكن الواضح أن جماعة الإخوان نجحت فى ركوب «التريند»، وسخرت لجانها للاستفادة من كليهما. 
 
المتتبع لطبيعة الخطاب الذى ينتهجه محمد على، يرى أنه خطاب تحريضى، ورغم أنه قائم على السباب، فإنه يحمل بين طياته عبارات تثير حفيظة المتلقى، عكس وائل غنيم الذى تبنى خطابا يائسا، يعمل على بث الإحباط بين العامة، وكلاهما يعمل على إثارة الرأى العام. 
 
الملاحظ أيضا أن ظهور المقاول بدا مدروسا ومخططا، رغم اتسامه بالعشوائية المفرطة، إلا أنه يحمل معلومات- مستهكلة- وليس بجديدة فيما يخص القصور الرئاسية، على العكس من وائل غنيم، الذى بدا حتى اللحظة متخبطا دون هدف، ففى فيديوهاته بدا نادما عما حدث، فى 2011، غير أن أصدقاءه كأسماء محفوظ وغيرها حاول تبرير ذلك، بعدم اتزانه نفسيا. 
 
بعيدا عن كل هذا الصخب، طفحت أزمة غاز البحر المتوسط على الساحة، حول وجود تعقيدات فى المشهد، والحديث عن وجود ضغط من الجانب التركى، للجلوس إلى مائدة الحوار، للتشاور حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وتوزيع الغاز فى المتوسط. 
 
الاتفاقية عقدتها مصر وقبرص، للاستفادة من المصادر الطبيعية فى المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين فى شرق البحر المتوسط، وكشفت عن تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الطرفين، على أساس خط المنتصف، الذى تكون كل نقطة على طول امتداده متساوية الأبعاد من أقرب نقطة على خطوط الأساس لكل من الطرفين. وبما أن الاتفاقية المبرمة عام 2013 تأسست على قواعد ومبادئ القانون الدولى، وتحديدا اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، والتى تنص على: إيداع ونشر وتسجيل الاتفاقيات الدولية لدى الأمين العام للأمم المتحدة، وفقا للمادة 102 من ميثاق المنظمة لا يعدم أى احتجاجات قانونية من الدول ذات المصلحة أو الصلة، أن تركيا لم تقبل بالأمر، بدعوى أن التواجد المصرى يهدد مياهها الإقليمية. 
 
تركيا التى اجتاحت شمال جزيرة قبرص فى 1974، وأعلنت ما يسمى «جمهورية شمال قبرص التركية»، ولم تعترف أى دولة فى العالم بهذه الجمهورية المرتبطة ماليا وسياسيا بأنقرة، تخطط منذ تفعيل الاتفاقية فى الأعوام الثلاثة الماضية، للتنقيب عن النفط والغاز بالمنطقة، بما يخالف الحدود المدرجة فى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين قبرص ومصر، مدعيا أنها لا تحمل أى صفة قانونية، وهو ما لم تقبله الدولة المصرية. 
 
القضية تشهد هدوءًا حذرا منذ فترة، بعدما وصلت حد التناوش العسكرى فى بحر المتوسط، غير أنها طغت إلى السطح فى التوقيت الحالى بالتزامن مع التظاهرات. 
 
ليثير ذلك تساؤلا مهما، هل لتركيا علاقة بالهجمة الشرسة التى تتعرض لها الدولة المصرية؟، لكن هناك تدوينة على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، لصحفية تركية مقربة من نظام رجب طيب أردوغان، تقول: «إن الرئيس السيسى لو أراد أن تتوقف المظاهرات عليه الجلوس للحوار حول غاز المتوسط»، ورغم أنها حذفت بعد دقيقتين فإن مستشار أردوغان أعاد نشرها.
 
يبدو أن الأمر ممنهج، ففى أحد فيديوهات المقاول محمد على، تحدث أيضا عن ملف الغاز الطبيعى فى المتوسط، بكلام غير منمق، قائلا: «الشعب المصرى مثلا عاوز يبيع أو يشارك دولة فى حقل غاز، عاوز يجيب دولة تستثمر فى حقل غاز... إلخ».
 
هل غاز المتوسط وراء كل ذلك؟، الأمر غير مفهوم، لكن رد الدولة المصرية واضح، فهى لن تسمح بأى تجاوزات قرب حقول الغاز أو المياه الإقليمية المصرية، فأى تصرف لتركيا هناك هو انتهاك، وفقا للقانون الدولى، واعتراف الاتحاد الأوروبى، واجتماع لدول شرق المتوسط، اتفقوا على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، يكون مقره القاهرة. تدوينة أخرى لصفحة الحرية والعدالة، ذراع جماعة الإخوان الإرهابية، قالت: «عاجل.. الرئيس أردوغان يهنئ الشعب المصرى بثورته المباركة ويدعوهم للثبات فى الميادين حتى تتحقق أمانيهم وفى المقدمة سلطة مدنية تحقق أحلام وتطلعات الشعب المصرى العظيم»، إلا أنها حذفتها بعد مرور يومين وأكثر، وقالت إنها مفبركة. 
 
كل تلك الملفات المتشابكة، طفحت إلى السطح فى وقت واحد، إضافة لأزمة سد النهضة وعودتها للساحة مرة أخرى، حيث رفضت إثيوبيا الاقتراح المصرى بشأن آلية ملء سد النهضة، وانتهت الاجتماعات التى عُقدت مؤخرا بين مصر وإثيوبيا والسودان.
 
ووفقا لمذكرة أصدرتها وزارة الخارجية المصرية، رفضت إثيوبيا دون نقاش، المقترح المصرى المتعلق بتشغيل السد وقامت بدورها بتقديم مقترح بديل وصفته مصر بأنه ينحاز بقوة لإثيوبيا ومجحف بشدة بمصالح دول المصب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق