يوسف أيوب يكتب: متى يتخلص العرب من فيروس الخيانة القطرية؟

السبت، 19 أكتوبر 2019 12:00 م
يوسف أيوب يكتب: متى يتخلص العرب من فيروس الخيانة القطرية؟
تميم بن حمد

أي هوان وأي ذل ذلك الذى ارتضاه القطريون لأنفسهم بأن يكونوا عبيدا بأموالهم لحاكم مجنون مثل أردوغان؟!

على كل الدول العربية أن تعى خطورة الموقف القطرى وأن استمرار الدوحة فى المنظومة العربية ليس إلا إشارة على الموت البطىء

قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب السبت الماضى، كنت على يقين بأن قطر لن تبرح مقعد الخيانة الذى اختارته لنفسها قبل عدة سنوات، لأنه المقعد الوحيد الذى يليق بها وبمن يحكمونها، فهم فئة اعتادوا ممارسة الخيانة فيما بينهم، ويمارسونها اليوم مع جيرانهم وأشقائهم العرب.

قبل أن ترسل قطر مندوبها إلى الاجتماع الوزارى العربى بالقاهرة، كانت قد أعلنتها صراحة، أنها تقف فى صف تركيا، وتدعم وتبارك عدوانها العسكرى وغزوها لأراض سورية، فى موقف كان متوقعا، لأن الدوحة- خلال العامين الماضيين- تحولت إلى محافظة تركية، بعدما سمح تنظيم «الحمدين» للأتراك بإنشاء قاعدة عسكرية على الأراضى القطرية، لتكون بمثابة الحامية لتنظيم الحمدين وأميرهم تميم بن حمد، الذى يخشى من أن يلقى مصير والده وأجداده بالانقلاب عليه، فلم يجد أمامه سوى تركيا لتكون الضامنة لأمنه، وفى مقابل هذا الضمان سلم تميم كل أوراقه إلى رئيس تركيا رجب طيب أردوغان، الذى أحسن استغلال هذه الأوراق، وتعامل مع قطر على أنها محافظة جديدة تضاف إلى المحافظات التركية، ويتم حكمها وفقًا للقوانين التركية.
 
من يتابع الأداء القطرى طيلة السنوات الماضية، وارتماء الدوحة فى أحضان ديكتاتور تركيا سيجد أننا أمام خيانة جديدة، شبيهة بما قرأناه فى كتب التاريخ، فالأمر لم يقتصر فقط على تسليم مفاتيح قطر لأردوغان، بل امتد لتسليم كل الأوراق، وتحولت الإمارة إلى دمية فى يد أردوغان يحركها كيفما شاء، ولن يكون الموقف القطرى المخزى الداعم للغزو التركى، هو الموقف الأخير، لأن الدوحة التى أدمنت الركوع تحت الأقدام من الصعب أن تتخلى عن هذه العادة السيئة المقيتة.
 
أي هوان وأي ذل ذلك الذى ارتضاه القطريون لأنفسهم بأن يكونوا عبيدا بأموالهم لحاكم مجنون مثل أردوغان، كل همه أن يسيطر على المنطقة بأكملها، حتى وإن كان على جثث ملايين الضحايا؟! فقد كان يمكن لقطر أن تكون سويسرا الشرق الأوسط، بما تملكه من ثروة بترولية هائلة، لكنها أبت الا أن تكون خنجرا فى خصر العرب، وتابعة لديكتاتور تركى لا هم له إلا القضاء على العرب لتكون له السيطرة على المنطقة والأقاليم.
 
هذه ليست المرة الأولى التى تطعن قطر العرب بخنجرها المسموم، فالتاريخ الحديث ملىء بوقائع الغدر والخيانة القطرية للقضايا العربية، سواء من خلال التدخلات غير الشرعية فى شئون دول المنطقة الداخلية من خلال دعم وتمويل جماعات معارضة ميليشيات مسلحة، وجماعات الإسلام السياسى، فى سبيل إحداث توترات فى هذه الدول، كما يحدث الآن فى دول مختلفة على رأسها ليبيا وسوريا، أو من خلال تبنيها لمنهج جماعة الإخوان الإرهابية وتوجهاتها العدائية ضد مصر ودول المنطقة.
 
السؤال الآن، لماذا يصمت العرب على هذه الخيانة؟! ألم يحن الوقت ليدرك العرب أن بينهم خائنا يجب اجتثاثه على الفور؟ فممثلو إمارة قطر فى الاجتماعات العربية تحولوا إلى جواسيس لدول أخرى، مثل تركيا وإسرائيل وغيرهما من الدول التى اختارت قطر لتكون أداتها لاختراق الإجماع والمجتمعات العربية، ولماذا لم تقم الدول العربية- على الأقل المتضررة من الخيانات القطرية المتكررة- بطلب طردها من المنظومة العربية المشتركة، فهذا الطلب أصبح مطلبا شعبيا، ليس فى مصر فقط، إنما فى غالبية الدول العربية التى ترى كيف تستخدم قطر أموالها فى الإضرار بمصالح وأمن هذه الشعوب.
 
الواقع يؤكد أن قطر فقدت- رسميا- شروط الاستمرار فى عضوية جامعة الدول العربية، فمن خلال مطالعة ميثاق الجامعة، سنجد أن قطر لم تعد دولة مستقلة، كما اشترطت المادة الأولى من الميثاق، التى تقول « تتألف جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة الموقعة على هذا الميثاق»، بل أصبحت دولة خاضعة لاحتلال عسكرى من جانب القواعد العسكرية التى يملى قياداتها أوامرهم على القابعين فى الديوان الأميرى بالدوحة، فسواء كان تميم أو غيره ليسوا إلا دمية للقواعد العسكرية الموجودة فى قطر، وآخرها القاعدة العسكرية التركية التى منحت لمجنون تركيا الكثير من الصلاحيات والسلطات على القرار القطرى.
 
كما أن قطر خالفت المادة الثانية من الميثاق التى تقول إن «الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة فى شئون البلاد العربية ومصالحها»، فالدوحة لم تعد عامل استقرار وتعاون بين الدول العربية، بل أصبحت مثل الفيروس الذى يريد القضاء على الدول العربية.
 
مبررات وأسباب طرد قطر من المنظومة العربية كثيرة، لكن الأمر يحتاج إلى قرار شجاع، أولاً لتحصين العرب من هذا الداء المسمى بداء الخيانة القطرية، وأيضا لكى تستعيد جامعة الدول العربية مكانتها ووضعها، فالخلافات التى أوجدتها الدوحة بين الدول العربية تركت تأثيرا كبيرا على العمل العربى المشترك، وفى القلب منه عمل وأداء الجامعة العربية.
 
نعلم أن هناك دولاً سيكون موقفها أقرب للمانعة والوقوف ضد أى قرار ضد قطر، لكن الأمر يجب أن يتجاوز هذه الممانعة، لأن الوضع الراهن لا يقبل سياسة مسك العصا من المنتصف، إما أن يكون هناك وعى وإدراك بحقيقة وخطورة الموقف الذى تعيشه الأمة العربية، وإذا لم نكن قادرين فلنجمع ملفاتنا ونغلق هذا الكيان الذى أصابه الوهن بسبب هذه الممانعة المقيتة التى أحدثت حالة من الفرقة بين العرب بدلا من السعى نحو التوحيد والتعاون.
 
على كل الدول العربية أن تعى خطورة الموقف القطرى، وأن استمرار الدوحة فى المنظومة العربية ليس إلا إشارة على الموت البطىء لهذه المنظومة كما حدث فى منظومة مجلس التعاون الخليجى الذى تراجع أداؤها بسبب قطر، فهل نريد القتل البطىء لمنظومتنا؟ أم نحييها مرة أخرى؟
 
هذا ليس وقت الحياد وإحياء الوساطات، بل وقت القرارات الفعلية، لأن العرب سئموا من كثرة الوعود والأحاديث البراقة التى لم تأت بجديد، لقد سئم العرب «حياد سلطنة عمان» ووقوفها فى موقف المتفرج الذى لا يقدر على فعل شىء، كما سئموا المواقف الجزائرية والتونسية والسودانية وغيرها التى لا لون لها، وغيرها من المواقف التى لا وقت لها، لأن الوقت حان ليقول العرب كلمتهم، إما تنظيف منظومتهم من هذا العبث والمرض المسمى «الخيانة القطرية»، أو نغلق الباب ونقول للتعاون العربى: «مع السلامة».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق