السفاح والخائن..

أردوغان القاتل أغرق تركيا في وحل الديون والفساد والقمع

السبت، 19 أكتوبر 2019 10:00 م
أردوغان القاتل أغرق تركيا في وحل الديون والفساد والقمع
رجب طيب أردوغان

 
- ربع مليون سجين فى تركيا من بينهم 75 ألف معتقل سياسى

- أنقرة الثانية فى العالم بعد الصين من حيث عدد المعتقلين
 
تحتاج ممارسات تركيا فى السنوات الماضية، وبالأخص منذ سيطرة جماعات الإسلام السياسى على الحكم، إلى الكثير من المجلدات لشرح ماهيتها وأهدافها الداخلية كانت أو الخارجية، فمن دولة تطبق القانون بجدية، ملتزمة تجاه دول الجوار والعالم باحترام التقاليد والأعراف والمواثيق الدولية فى التعامل مع الخارج، إلى دولة بات النظام السياسى فيها تحكمه اعتبارات أخرى أيديولوجية يعتمد خطابها على استغلال الدين فى الملف السياسى، فبات من الطبيعى أن تُشوه شخصيات رافضة لهذا الحكم بوصفها عدوة للإسلام، وأصبح مألوفا أن تُشيطن دولا أخرى لاختلافها فى الرؤى مع نظام هذا الحكم، ووصل بها الحال أن تفضل إقامة صداقات وعلاقات وطيدة بجماعات متطرفة من أن تحافظ على علاقتها بالدول المحيطة لحدودها، لتختم تركيا أردوغان كل هذه الممارسات غير المتزنة، بعدوانها على شمال سوريا فى إطار خططها لإحياء دور الجماعات المسلحة التخريبى بما فيها  تنظيم داعش فى المنطقة.
 
وجاء العدوان التركى على شمال سوريا، الذى يمهد له أردوغان منذ فترة، بحجة إقامة منطقة آمنة للاجئين السوريين، ليكشف بوضوح أهداف أردوغان الخارجية والداخلية البعيدة كل البعد عن ادعاءاته الواهية التى يروج لها، كالحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، واستخدام تركيا دائما لمصطلحات مثل العدالة والحقوق والرأى الآخر فى أحاديث مسئوليها، لم يعد خافيا على أحد ما تقترفه من جرائم فى حق شعبها تريد أن تبعد الأنظار منها الدولى والداخلى عنها، فالحقيقة الواضحة للعيان أن من أسباب هذا الغزو هو محاولة إشغال الرأى العام الداخلى عما تشهده تركيا من وضع محلى لا يبدو أنها مرت بمثله من قبل، فبخلاف الانهيار الاقتصادى وانخفاض قيمة العملة وهروب المستثمرين، نلاحظ ما تمر به البلاد من تكميم للأفواه وفصل للموظفين واعتقال للمعارضين، فضلا عن ذلك تستخدم الإدارة التركية المساجد للترويج العدائى ضد للمعارضة من جهة وتشويههم من جهة أخرى.
 
ولم تكتف تركيا ونظامها السياسى بأن تكون راعية للتطرف فى المنطقة، وملاذا أمنا لكل الهاربين من أحكام جنائية فى دولهم، بل أصبحت منصة رئيسية للتدخل فى الشئون الداخلية لجميع الدول المجاورة، منتهجة منذ صعود حزب العدالة والتنمية الحاكم ذى التوجه المتشدد على رأس السلطة سياسة فتح المجال لكل الأبواق ذات الأفكار والأيديولوجية المتطرفة المتعارضة مع الأنظمة العربية الحاكمة من باب مزاعم دفاعها عن حرية الرأى والتعبير، فى الوقت الذى تستخدم فيه كل أساليب التضييق على حرية الرأى والتعبير داخل تركيا، وهو ما دفع المنظمات الحقوقية والإقليمية إلى التنديد بحملات قمع الأمن التركى ضد المعارضة بشكل دائم.

الاعتقالات وتكميم أفواه المعارضة التركية 
 
وفق أرقام المنظمات الحقوقية الرسمية، فإن النظام التركى حوّل البلد الذى يحكمه بالحديد والنار لمعتقل كبير، يتواجد فيه ما يزيد على ربع مليون سجين، من بينهم 75 ألف معتقل سياسى بين مدنيين وعسكريين، ما جعل أنقرة تحتل المرتبة الثانية فى العالم، بعد الصين من حيث عدد المعتقلين، وبات من المألوف أن تسمع يوميا حملات تطهير فى كل مؤسسات تركيا دفعت المراقبين إلى وصفها بـ«الانقلاب» الممارس من قبل الحكومة ضد كل من تخول له نفسه أنه أمام دولة ديمقراطية له الحق فيها فى الاعتراض أو الحديث عن سياسة القائمين على نظام الحكم.
 
فى المعتقلات أيضا تقع جرائم يندى لها الجبين، حالات وفاة يومية بين المسجونين نتيجة لظروف صعبة، أو بسبب التعذيب أو المرض جراء الأوضاع الصحية السيئة داخل السجون التركية، فيما كشفت بعض الصحف التركية المتخصصة فى الشأن المحلى عن أرقام المعتقلين الذى يقبعون خلف القضبان بدون محاكمة، فوفقا لأرقام المنظمات الحقوقية، فإن ما يقرب من 77 ألف تركى يسكنون المعتقلات وينتظرون استكمال محاكمتهم، جرى توقيفهم عقب محاولة الانقلاب الفاشلة بتهمة المشاركة المباشرة والانتماء إلى جماعة فتح الله جولن، التى باتت مصنفة بحكم القانون التركى «منظمة إرهابية».
 
فى يونيو الماضى تناولت منظمة «صحفيون بلا حدود» حملات القمع الدورية للسلطات التركية للمعارضة فى السنوات الماضية، وقالت إن السجون التركية فى السنوات الماضية وبالأخص عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، اكتظت بالمعتقلين، وبات من الطبيعى فى بلد يقع فى أواخر جدول حرية الإعلام فى العالم، أن يشهد انتهاكات بحق الصحفيين، فتركيا التى تعتبر أحد أكبر 5 سجون للصحفيين بالعالم يقبع داخل معتقلاتها 319  صحفيا منذ 2016 كما صدرت مذكرات اعتقال بحق 142 صحفيا آخرين مشردين خارج البلاد، فى حين حوكم 840 صحفيا بشكل قضائى خلال عام 2017 المنصرم على خلفية تقارير صحفية أصدروها أو شاركوا فى إعدادها، طبقا لما أوردته مؤسسة الصحفيين الأتراك.
 
تربع تركيا فى صدارة الدول القامعة لشعوبها لم يأت من فراغ، حيث يوجد بداخلها 389 سجنا ومركز توقيف، ولم تكتف بذلك بل وضعت الحكومة التركية ضمن خططها حتى عام 2023 مشروعا لبناء 228 سجنا جديدا تتسع  لـ 137 ألف مسجون جديد، وهو ما يؤشر على أن خطط الحزب الحاكم مستمرة فى حملات الاعتقالات والقمع التى تجوب محافظات تركيا، الأمر الذى أغضب بشكل واسع المعارضة ودفعهم إلى تقديم مقترحات تطالب الحكومة بالعمل على إصدار قانون للعفو وتقليل الاعتقالات السياسية من أجل استثمار هذه الأموال فى بناء مستشفيات ومدارس بدلا من بناء سجون.
 
كما أن السجون المكتظة باتت تكلف الحكومة ملايين الليرات، بخلاف ذلك ولدت مشاكل من هذا التكدس كانتشار الأمراض، وسوء الخدمات الأساسية،  فبحسب آخر تقرير للجنة حقوق الإنسان فى البرلمان التركى، يوجد فى جميع المعتقلات التركية 297 طبيبا فقط، أى طبيب واحد لقرابة كل 900 موقوف، ما دفع حزب الشعب الجمهورى أكبر أحزاب المعارضة التركية للتعليق قائلا على لسان متحدثه: «إن السجون التى صممت لاستقبال 20 شخصا، يوضع بداخلها 45 سجينا اليوم، ما يدفع البعض إلى النوم على الأرض، وآخرون يصابون بأمراض تنفسية جراء الاختناق والحل عند حكومة أردوغان هو مجرد مواصلة بناء المزيد من السجون».
 
أردوغان يقصف أقلام تركيا الحرة 
 
تمتلئ السجون بالصحفيين، وسط صمت دولى مخز لا يتخطى بيانات المنظمات الحقوقية المنددة، ما دفع السلطات التركية إلى شن مزيد من التضييق على الصحافة، حيث أغلقت الحكومة أكثر من 189 وسيلة إعلامية، تحت مزاعم ارتباطها بمحاولة الانقلاب فى 2016، منها: 5 وكالات أنباء، 62 جريدة، 19 مجلة، 14 راديو، 29 قناة تليفزيونية، 29 دارًا للنشر تابعة لحركة الخدمة، فضلا عن كثير من القنوات والإذاعات الكردية واليسارية والعلوية المستقلة، هذا بخلاف حجب127  ألف موقع إلكترونى، و94  ألف مدونة على شبكة الإنترنت منها موقع ويكيبيديا الموسوعى، الأمر الذى جعل تركيا تحتل المرتبة 157 من أصل 180 دولة، فى تقارير مؤسسة «مراسلون بلا حدود» بشأن حرية الصحافة، مقدرة ذات المنظمة  أن نحو 90 % من تغطية الصحف التركية أصبحت موالية للحكومة.
 
واعتمدت السلطات التركية فى تحركاتها لتخويف الصحافة، على حذف المقالات المعارضة من الإنترنت، ففى عام 2018 حذفت السلطات التركية ما لا يقل عن 3000 مقال، بسبب انتقادها للرئيس أو لتهم فضفاضة أخرى، فيما صدرت 6 أوامر فى عام 2017 بحظر البث، فضلا عن إغلاق 3 منابر إعلامية بموجب مراسيم حكومية.
 
فصل الموظفين فى تركيا
 
بالتزامن مع هذه الحملات القمعية السابقة، تم فصل ما لا يقل عن 150  ألف موظف من العمل الحكومى بشكل تعسفى، كما صادرت السلطات 3000  من الجامعات والمدارس الخاصة ومساكن الطلاب، وأكثر من ألف شركة، ما دفع منظمة العفو الدولية إلى إصدار تقارير عديدة تدين فيها ما تشهده تركيا من عمليات فصل غير قابلة للرجوع، مشيرة إلى عدم وجود حلول فعالة للموظفين المفصولين من القطاع العام، مستغلة الحكومة التركية قانون الطوارئ فى البلاد خلال الفترة التى أعقبت الانقلاب لاتخاذ قرارات لم يكن بمقدورها تفعيلها لو لم يتم إلغاء العمل بالقانون المطبق فى تركيا.
 
الاقتصاد التركى نحو الانهيار 
 
وبالتزامن مع حملات القمع غير المتوقفة، بالإضافة إلى وصول علاقات تركيا الخارجية مع أغلب الدول المجاورة والكبرى إلى مرحلة شديدة التوتر، يعانى الاقتصاد التركى من أزمات كبرى، بداية من فقدان البلاد جميع مقومات جذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذى أدى إلى تجاوز الدين الخارجى لتركيا خلال العام الجارى ليصل إلى حاجز الـ 600 مليار دولار، فيما كشفت تقارير اقتصادية دولية كبرى عن انسحاب استثمارات أجنبية تقدر بـ 5.2مليار دولار خلال أبريل الماضى، فيما خرج نحو 4 آلاف مليونير من السوق التركية خلال العام الماضى.
 
وأدى العدوان التركى على شمال سوريا، إلى مزيد من تدهور قيمة العملة المحلية «الليرة» التى كانت عاملا فى العام الماضى إلى أن تشهد تركيا أكبر فترة ركود فى تاريخها الحديث، ففى أعقاب العدوان تراجعت الليرة بنسبة 3 % بعد أن حذر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، من فرض عقوبات «قوية» على الاقتصاد التركى إذ قضت أنقرة على الأكراد فى شمال شرق سوريا، لتستمر العملة فى الانهيار والتى كانت بدأته العام الماضى، حيث انخفضت ما لا يقل عن 40 % من قيمتها جراء توتر العلاقات التركية الأمريكية، ما أدى فى النهاية إلى تراجع مؤشرات اقتصادية كالعقارات والسياحة والقوة الشرائية، فيما قفزت نسب التضخم إلى أرقام قياسية. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق