قدرة المصريين على المواجهة والتحدي ما بين الإعجاب الكويتي وضخ استثمارات جديدة

السبت، 26 أكتوبر 2019 08:00 م
قدرة المصريين على المواجهة والتحدي ما بين الإعجاب الكويتي وضخ استثمارات جديدة

- زيارة الوفد الكويتى إلى مصر ركزت على الجانب الاقتصادى والاستثمارى وزيادة حجم التبادل التجارى

 

«نهوض مصر تقوية لنا جميعا فى مواجهة كل هذه الأمور والتحديات التى تواجهنا».. كانت هذه رسالة قوية وواضحة وصريحة من القيادة الكويتية، التى تؤكد دوما اعتزازها بالدور الذى تقوم به مصر فى المنطقة، ولم يكن هذا شعار يرفعه المسئولون الكويتيون، بل عقيدة لديهم لم تتغير. خلال لقاء صحفى محدود مع الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، النائب الثانى لرئيس الوزراء وزير خارجية الكويت، الاثنين الماضى، توجهت إليه بسؤال حول توقعاتهم لمستقبل المنطقة المضطرب فى ظل التهديد بحروب وتقلبات وصراعات، وإمكانية أن يكون للكويت دور فى الحل، خاصة فى ظل علاقاتها مع أطراف كثيرة من المثيرة للمشاكل خاصة تركيا وإيران، فجاء رد الوزير ليؤكد هذه العقيدة الراسخة فى وجدانهم تجاه مصر، فالرجل اختصر إجابته فى جملة وحيدة، وهى «أننا نستند جميعا للدور المصرى فى مواجهة كل التحديات».
 
وبدأ بعدها فى الاسترسال بقوله إن مصر تترأس الآن الاتحاد الأفريقى، واستضافت قبل عدة أشهر القمة العربية الأوروبية، وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسى فى قمة العشرين وقمة الدول السبع الكبار، ويشارك فى القمة الأفريقية الروسية، كل هذه الأمور وغيرها تؤكد النشاط الإيجابى للدور المصرى، مؤكدا أن «التصعيد والتحديات ستستمر فى المنطقة، لكن كلما كنا أقوياء فى مشاوراتنا، وفى ظل وجود الدور المصرى، فإن هذا يعطينا ضمانة أكبر فى تحقيق الاستقرار فى المنطقة».
 
وضرب الوزير الكويتى مثالا على ما يقوله بالإشارة إلى أنه خلال العدوان التركى على سوريا دعت مصر لعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب، من أجل اتخاذ موقف عربى موحد لحماية سيادة دولة عربية، لأن الهدف المصرى الذى تتفق معه الكويت، هو الحفاظ على البلدان العربية وسيادتها واستقرارها.
 
لمصر فى قلب الكويت مكانة خاصة، يؤكدها دوما أميرها الشيخ صباح الأحمد، ومن خلفه يرددها كل الكويتيين سواء كانوا مسئولين أو مواطنين، فخلال زيارات متعددة للكويت، رأيت حالة من العشق لمصر، ففى كل جلسة لا يخلو الحديث عن مصر وما قدمته ولا تزال تقدمه للعرب، وفى مقدمتهم الكويت، وربما يكون ذلك هو الأمر الذى دفع  رئيس الوزراء الكويتى الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء الكويتى، الذى ترأس وفدا كويتيا رفيع المستوى إلى القاهرة الأسبوع الماضى، للتأكيد خلال لقائه مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وقوف بلاده إلى جانب مصر فى كل الإجراءات التى تتخذها فى سبيل حماية أمنها واستقرارها، مُثمنا دور مصر الرائد خلال رئاستها حاليا للاتحاد الأفريقى، فى تعزيز الأمن والاستقرار بالقارة الأفريقية، وتعزيز التجارة البينية بين بلدانها، ومشيدا أيضا بالإصلاحات التى نجحت مصر فى تحقيقها فى مجال الاقتصاد، فى ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، بما يؤكد سعى مصر إلى النهوض بالأوضاع الاقتصادية، وتهيئة المناخ لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية.
 
ما قاله رئيس وزراء الكويت، أكده أيضا وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، بقوله: «نؤيد وندعم كل الإجراءات التى تقوم بها مصر لحماية أمنها وحماية مواطنيها والمنشآت، وندرك خطورة المخططات التى تحاك ضد أشقائنا فى مصر، وقدرتهم على المواجهة، مثلما حققوا انتصارات فى الأمن والاقتصاد، وندعم أن تستمر هذه المسيرة نحو مزيد من الأمن والتقدم فى الاقتصاد الذى شهد طفرة كبيرة ليس وفقا لتقييم الكويت، وإنما بتقييم من الجهات الدولية التى أكدت وجود طفرة غير مسبوقة فى الأداء المالى والاقتصادى لمصر، خاصة خلال الخمس سنوات الماضية».
 
ربما تكون إشارة الوزير الكويتى إلى المخططات التى تحاك ضد مصر هى المرة الأولى التى يتحدث بها مسئول عربى، ففى السابق كنا نسمع عبارات الدعم والتأييد، لكن أن يخرج مسئول بدرجة وزير خارجية الكويت ويقول إن لديهم علما بهذه المخططات، فمعنى ذلك أن الأمر جد خطير، وإلا ما قالها وزير خارجية الكويت الذى يتحدث كما بقية المسئولين الكويتيين، بميزان حساس، وهو ما يؤكد لنا جميعا كمصريين أن الحديث عن المخططات الخارجية لضرب استقرار مصر وأمنها لم يكن دربا من دروب الخيال، وإنما هى معلومات موثقة ولدى كثيرون تفاصيل خاصة بها.
 
بالعودة إلى زيارة الوفد الكويتى إلى مصر، فهو من أكبر الوفود التى أوفدتها الكويت إلى مصر، وركز فى الأساس على الجانب الاقتصادى والتجارى والاستثمارى، وهنا لنا وقفة، فالكويت من الدول التى لها استثمارات كثيرة فى الخارج، وتحتل مصر مكانة مميزة، لكن أن تختار الكويت هذا التوقيت لتوفد وفدا كبيرا مثل التى زار القاهرة الأسبوع الماضى برئاسة رئيس الوزراء وضم وزراء ومسئولين اقتصاديين، يؤكد أن هناك تقديرا لحجم الجهود التى بذلتها الدولة طيلة السنوات الخمس الماضية، لتتحول مصر من «شبه الدولة» إلى الدولة مكتملة الأركان.
 
وكان لافتا أن كل المسئولين الكويتيين يتحدثون عن نجاح مصر فى تطبيق نموذج الإصلاح الاقتصادى، وكما قال وزير الخارجية فإن  «هذه الإجراءات أعطتنا تقييما أكبر لشعب مصر على تفهمه وتحمله لهذه الخطوات ولكل المصاعب وصولا لهذه النتيجة الإيجابية التى تعبر عنه الملاءة المالية المصرية، فكل هذه الأمور ستعطى دفعة قوية جدا لمزيد من الاستثمارات الكويتية فى مصر»، مع الإشارة إلى الاهتمام الكويتى بالقرار المصرى بإنشاء صندوق سيادى، خاصة أن الكويت لديها صندوق سيادى لديه الخبرة لدراسة كل الفرص الموجودة فى الاستثمار بين الجانبين فى مشروعات مشتركة، وهناك تفاهم على الاستفادة من هذه الفرصة.
 
الإشادة والتقدير الكويتى هنا موجه لاثنين، أولاً: القيادة السياسية التى أخذت على نفسها عاتق خوض غمار الإصلاح رغم التحذيرات السابقة بأن دخول «عش الدبابير» سيستتبعه الكثير من المتاعب، لكن القيادة رأت أن المتاعب ستفضى إلى موت تام إذا لم تتحرك الدولة الآن لإصلاح ما أفسده السابقون، ومن هنا جاء القرار.
 
ثانياً: الإشادة والتقدير لمن تحملوا القرار رغم كل حملات التحريض الخارجية، وبعض من الداخل أيضا، والمعنى هنا هو المواطن المصرى الذى أصبح «أيقونة» فى التحمل وأيضا مواجهة الأخطار ووعيه بها.
 
هذه الأيقونة هى التى تدفع الدول حاليا للتسابق نحو مصر والعمل على ضخ الكثير من الاستثمارات، خاصة أن قدرة المصريين على العمل والتحمل أيضا ترافقت معها أن الدولة لم تقف عند قرارات الإصلاح الاقتصادى، بل تبعتها بتغير فى المنظومة التشريعية التى بثت روح الطمأنينة لدى المستثمرين الأجانب وفى القلب منهم الأشقاء العرب.
 
هذا ما لمسناه من تصريحات المسئولين الكويتيين، ويكفى هنا الإشارة إلى ما قاله على محمد الغانم، رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة الكويتية، رئيس الوفد التجارى، حينما تناول رؤية القطاع الخاص الكويتى للإصلاحات التشريعية والاقتصادية التى تقوم بها الحكومة المصرية، خاصة قانون الاستثمار الجديد، وقوله إن ما حدث له الكثير من الآثار الإيجابية والتى ستؤدى إلى دفع التعاون بين البلدين، واستقطاب استثمارات القطاع الخاص، وزيادة حجم التبادل التجارى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق