"الخلاص من السمعة السيئة".. كشف حساب من "المجلس الأعلى" عن الإعلام في 2019

الأربعاء، 08 يناير 2020 01:23 م
"الخلاص من السمعة السيئة".. كشف حساب من "المجلس الأعلى" عن الإعلام في 2019
المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
طلال رسلان

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تقريرا سنويا يكشف فيه تقييمه لأداء الإعلام وأدواته في العام الماضي 2019. 

قال تقرير المجلس إن الإعلام المصري يمر حاليًا بمرحلة انتقالية بين حالة الفوضى التي ضربت أدواته ومؤسساته منذ 2011 وحتى 2017 وبين مرحلة الاحترافية التي يحاول الوصول إليها رغم العقبات التي تعترض طريقه ، خاصة وأن الإعلام المصري يمتلك تاريخًا طويلًا يمتد لأكثر من 140 عامًا ومؤسسات إعلامية ضخمة عريقة وبيئة تشريعية حديثة تلافت العيوب التي فتحت الطريق للسلطة ولجماعات المصالح والضغط التحكم في الإعلام لسنوات طويلة.

ورغم كل هذا فالإعلام يعمل وسط معادلات تمثل الواقع:- مؤسسات عريقة تملك أصولًا مالية ضخمة وتعاني من عجز في التشغيل وسداد المرتبات .أجيال من كبار الكتّاب والإعلاميين يملكون الاحترافية والمهنية الرفيعة، وصحف ووسائل إعلام تفتقر لأدنى درجات الاحترافية .. ومحتوى لا يليق بالإعلام المصري وقدرته .مقالات لكبار الكتّاب والمفكرين تملأ الصحف القومية والحزبية والخاصة ويناقشون بحرية واسعة الكثير مما كان يٌعتبر من المحظورات .. وتعددية في صور الملكية وما تخلقه من مناخ رحب للحرية والاختلاف.

إلا أن سمعة سيئة تطارد الإعلام وتصفه بأنه صاحب الصوت الواحد .وهذه الازدواجية التي تحيط بالإعلام المصري يصعب تفسيرها بمعزل عن المراحل التاريخية التي مر بها، قبل 1952 كان الإعلام حرًا وكان الإعلاميون ضيوفًا دائمين على المحاكم والنيابات تطاردهم أحكام الحبس وفي الستينيات والسبعينيات كان الإعلام موجهًا وكان الصحفيون يطالبون بإلغاء الحبس الاحتياطي ، وفي أوائل الثمانينيات سمحت الدولة بالصحف وبالشاشات الخاصة وسط غابة تشريعية بينما لم تكن هناك حقوقًا محددة للقّراء أو للمشاهدين ، وفي أعقاب 2011 وفي إطار دعاوى غير صحيحة حول الربيع العربي ضربت الفوضى السوق الإعلامي ، اختلت الهياكل المالية للمؤسسات بسبب ضعف الإعلانات ومنافسة الإعلام الإلكتروني ودخل الكثير من الإعلاميين الجدد للعمل بهذه المؤسسات بلا خبرات أو معايير أو مهارات وسط غياب للقوانين واللوائح المهنية .

وفي عام 2017 استجابت الدولة لمطالب الجماعة الإعلامية والصحفية وتخلت عن سيطرتها على وسائل الإعلام تنفيذًا للاستحقاق الدستوري وأنشأت الكيانات الإعلامية التي يديرها الإعلاميون بأنفسهم .أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قواعد محددة وواضحة وشفافة لتنظيم العمل المهني الإعلامي تمثلت في معايير وأكواد مهنية ملزِمة تحمي حقوق المشاهدين والقّراء وتحمي المصالح العامة للمجتمع، كما تحمي أيضًا حقوق الإعلاميين وتصون الرأي الآخر وترتقي بما يتم بثه ونشره حول المرأة والأطفال وأصحاب القدرات الخاصة، وهي قواعد تتطابق مع ما تعمل به الدول المتقدمة التي تتمتع بالإعلام الحر المستقل.الواقع يؤكد أن الدولة سعت إلى تحرير الإعلام منذ 2017 وأصبح مستقلًا عن السلطة التنفيذية ولكن ظلّت الظروف الاقتصادية تَحول دون الاستقلال التام ، حيث  لا تزال ميزانية الدولة تقدم العون المادي للمؤسسات لسداد المرتبات، كما أن الإعلام الخاص رغم دوره الجوهري لايزال بشكل أو بآخر متأثرًا بمصالح مُلاكه ومدافعًا عنها، لذا يرى المجلس أن الاثنين معًا الإعلام العام والخاص يعانيان من قصور مالي يَحول دون الاستقلالية الكاملة وإن كانت لا تعيق الحرية المهنية.

ورغم الحرية التي أصبح يتمتع بها الإعلام المصري إلا أن غياب الاحترافية جعله غير قادرًا على التعبير عن التحديات الكبيرة التي تواجه الدولة المصرية أو التعبير عن حجم الإنجازات غير المسبوقة ، وانعكس ذلك الوضع على تزايد حدة الانتقادات سواء من جانب قيادات الدولة أو خبراء الإعلام أو الرأي العام .استعاد الإعلام مؤخرًا جزءًا من مصداقيته كنتيجة طبيعية لتفاعله مع المعلومات التي تبثها المواقع الإلكترونية الموثقة والصفحات التابعة للجهات المختصة بالحدث ونشر تفاصيله وأبعاده ورغم هذه الإيجابيات فلا يزال الإعلام في انتظار صدور قانون حرية تداول المعلومات والذي أعده المجلس في عامه الأول وأرسله إلى مجلس النواب.

تراجعت المخالفات الإعلامية بدرجة ملحوظة وبنسب كبيرة وخاصة الجرائم الإعلامية للعام الثاني على التوالي كنتيجة طبيعية لتطبيق لائحة المعايير والأكواد الصادرة عن المجلس ولقيام المجلس بالإعلان عن وسائله لمواجهة المخالفات بعقوبات واضحة ومعلنة ، انخفضت المخالفات بنسبة تصل إلى 30 % بشكل إجمالي لـ17 نوعًا من المخالفات وفي مقدمتها الأخبار الكاذبة والسب والقذف والحض على التمييز واختراق الخصوصية.يقابل الانخفاض في حجم المخالفات بالوسائل الإعلامية المختلفة تزايدًا ضخمًا في معدلات الشائعات والأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى عددٍ من وسائل الإعلام الدولية الموجهة لمخاطبة الرأي العام المصري وفي مقدمتها BBC وتركزت في فبركة صور وفيديوهات واختلاق وتزوير وقائع وبث أخبار كاذبة والتحريض على العنف ، ويتم بث الشائعات بشكل ممنهج ومتواصل بهدف تضليل الرأي العام المصري، يتم ذلك رغم القواعد الصارمة التي تعمل بها مؤسسات إعلامية عريقة BBC ومنصات عالمية "فيسبوك ويوتيوب وتويتر" حيث يتم استخدام معايير مزدوجة فيما يخص مصر حيث لا يتم اتّباع قواعد بث الأخبار .تمثل الأزمات المالية وقلة الاحترافية وحرب الشائعات أهم مشاكل تَحِد من التفاعل الطبيعي بين الإعلام والرأي العام .

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق