رغم عدائية التصريحات.. الأسباب الكاملة لتجنب واشنطن وطهران الحرب المباشرة

الجمعة، 10 يناير 2020 02:00 ص
رغم عدائية التصريحات.. الأسباب الكاملة لتجنب واشنطن وطهران الحرب المباشرة
ترامب

بعد ساعات من مقتل قاسم سليمانى، قاد فليق القدس والذى يعد أحد أبرز القيادات العسكرية الإيرانية بل إنه يعد الرجل الثانى بعد على خامنئى المرشد الإيرانى، بعد استهداف الطائرات الأمريكية له هو وعدد من قيادات الحشد الشعبى العراقى قرب مطار بغداد، خرجت العديد من الأصوات التى تؤكد أن الحرب العالمية الثالثة قادمة، وأن الرد الإيرانى سيكون قويا قد يصل إلى استهداف القواعد العسكرية الأمريكية فى المنطقة، والمتواجدة فى دول خليجية عديدة، وآخرون أكدوا أن إيران ستتأخر فى الرد على الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تبحث طريقة رادعة وموجعة للرد على ما تعتبرها طهران العدو الأول لها.
 
 
الرد الإيرانى جاء بعد 5 أيام فقط من قتل واشنطن قاسم سليمانى، وكان الرد محدودا وليس كبيرا، دفع كثيرًا من المحللين يؤكدون أن الضربة التى وجهتها إيران للقواعد العسكرية الأمريكية بالعراق كان متفقًا عليها بين طهران وواشنطن، وأن هناك اتفاقًا مسبقًا بعدم التصعيد، خاصة مع التأكيدات الأمريكية بعدم إصابة أى جندى أمريكى فى القواعد الأمريكية التى استهدفها الحرس الثورى الإيرانى، ثم تأكيد الأخير أنه لا يسعى لحرب، وإعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى تغريدة أن كل شىء على ما يرام.
 
بكل بساطة، كلا الطرفين الإيرانى والأمريكى لا يريد أى تصعيد ضد الأخر، فالولايات المتحدة الأمريكية كانت تريد من استهداف قاسم سليمانى رسالة بعينها وجهتها لإيران بأن جميع رجالها مرصودون من قبل الإدارة الأمريكية، ولكى تضع حدًا للتحريض الإيرانى للمليشيات الشيعية فى العراق لاستهداف المنشآت الأمريكية وبالتحديد السفارة الأمريكية فى بغداد، ولكن لا تسعى واشنطن لأى حرب ضد إيران، خاصة أن دونالد ترامب يعلم أن تكلفة تلك الحرب ستكون باهظة على الولايات المتحدة الأمريكية رغم تفوقها العسكرى الضخم على طهران.
 
 
على الجانب الأخر، تعلم إيران أنها لن تستطيع أن تدخل فى مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتتيقن أيضًا أن حلفاء واشنطن وعلى رأسهم إسرائيل سيكونون فى مقدمة تلك المواجهة، وأن كل من روسيا والصين لن يشاركا معها فى أى حرب مع أمريكا، فأقصى ما يمكن أن يقدمانه أو الدعوة للتهدئة أو شجب الممارسات الأمريكية، لذلك نلاحظ أن أغلب الممارسات العدائية التى كانت تمارسها إيران ضد واشنطن أو حلفائها كانت تتم عبر وكلاء لها فى المنطقة وعلى رأسهما الحوثيين فى اليمن وحزب الله فى لبنان.
 
الضربة الإيرانية الأخيرة التى استهدفت قواعد أمريكية سعت طهران لتضخيمها والتأكيد على أن 80 جنديا أمريكيا لقوا مصرعهم جراء هذه الضربة، والهدف من ذلك معروف وهو تهدئة الشارع الإيرانى الغاضب من مقتل أحد أبرز قياداته العسكرية، والتى اعتبرها إهانة كبرى للدولة الإيرانية التى سعت لتكوين صورة لنفسيها أنها أصبحت أشبه بدولة كبرى تمثل تهديدًا كبيرا و"بعبع" للقوى الأكبر فى العالم، إلا أن رد الفعل الأمريكى يؤكد أن تأثير تلك الضربة محدودًا وإن لم يكن منعدمًا.
 
 
القدرات العسكرية الإيرانية مهما خرج الحرس الثورى ليضخم منها لن تستطيع مقاومة السلاح الأمريكى والقواعد الأمريكية المنتشرة فى منطقة الخليج، فرغم إعلان قيادات عسكرية إيرانية أنها تستطيع مواجهة عدوها الأول – واشنطن – فإنها لا تعدو مجرد تهديدات فقط تسعى من خلالها إيران إثبات الوجود ولكن هى حريصة على ألا تصل هذه التهديدات إلى واقع لأن تكلفة الحرب ستكون كبيرة للغاية على طهران وببساطة يمكن للطائرات والقواعد الأمريكية وصواريخها أن تقضى على إيران بشكل كبير.
 
الخلاصة، أن الطرفين لا يسعيان للحرب، ويعلمان أن تكلفتها ستعود بالسلب عليهما حتى إن انتصرت واشنطن، فتفكى التكلفة الاقتصادية، وإن كان كل منهما يسعى لإظهار نفسه أنه استطاع أن ينتصر فى المنطقة، وتبقى العراق هى الساحة التى يتنافس عليها الدولتان لإثبات الوجود، والشعب العراقى هو الخاسر الوحيد من هذا التصعيد.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق