عندما يشطح المؤلف:«مشاهير وشهداء في الجنة.. أهل يناير يتكلمون»

الجمعة، 17 يناير 2020 02:28 م
عندما يشطح المؤلف:«مشاهير وشهداء في الجنة.. أهل يناير يتكلمون»
عنتر عبداللطيف

جملة من الشطحات حفل بها كتاب "مشاهير وشهداء في الجنة.. أهل يناير يتكلمون"، للكاتب الصحفى محمد زيان ، والذى يعده مؤلفه" فانتازيا سياسية لحوارات خيالية وتدور أحداثها في الجنة بين شخصيات سياسية  مصرية، وعربية، شاركت وعاصرت، أحداث يناير 2011.، والسؤال الذى ربما يطرحه البعض هو كيف منح المؤلف لنفسه حق دخول الجنة لهذا أو لذاك؟ وكيف تطرق فى كتابه المثير إلى حوار أجراه علماني مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؟

تخيل مؤلف الكتاب أن هذه الشخصيات التقت فى الجنة  ليدور بينها حوارات كاشفة لما وقع من أحداث خلال هذه الفترة من تاريخ مصر وهى الأحداث التى استغلتها جماعة الإخوان الإرهابية فى القفز على الحكم قبل أن يطيح بهم الشعب فى ثورة 30 يونيو.

يعرض الكتاب من خلال الحوارات التي جرت بين كل شخصية وآخرى سلسلة من المواقف السياسية والاجتماعية التي ساهمت في هذا التحول والتغيير الذي هب على المنطقة ،ومنها مصر ، في إطار من النقد والتشريح لكل المفاهيم التي أعقبت عملية التغيير هذه وما أدى اليها من مقدمات وعوامل مساعدة ، فضلاً عن تقديم وصف الشخصيات المشاوكةً في هذا النص من زاوية نقدية يطرحها كل طرف عندما يلتقي الثاني. يبدأ "زيان" كتابه الصادم بقوله:" رفع الستار مع انطلاق الموسيقى تعبيراً عن الفرح والابتهاج ... الطوابير تنطظم تارة للدخول ووتدافع تارة آخرى .. ثرثرات وأحاديث غير مفهومة .. اكل يتمتم .. ارتفعت الستارة لأعلى مع دخول الأبطال .. الكل يرتدي ملابس بيضاء من كملابس الجنة ، الورود تملأ المكان ، الروح والريحان ، في جنات النعيم..
 
202001110127102710
 

يتابع :"تتعالى أصوات الموسيقى والأبواق تنطلق لتعلن أنهم قد فازةوا بالدخول الى الجنة .. الفردوس للنعيم ، تسابق الداخلون وتدافعت الصفوف الى اللحاق والفوز بمقعد صدق وأعلى درجات عليين .. مشهد يشبه المارثون بعد أن خرجوا من الأجداث كأنهم جراد منتشر وتوزعوا في جنبات الفردوس ، الى القصور والحور / يقصدون الأنهار من لبن وعسل وخمر مصفى لذة للشاربين ، يتسابق الداخلون الى الجنة الى نهر الكوثر وانهار الماء الآسن والخمر المصفى .. فيه لذة للشاربين ، هكذا بعد أن رفع الستار عن مسرحية الشهداء .. وبدأ المتفرجون يأخذون مقاعدهم في صمت ، انطفأت الأنوار وبدأ الجميع يشاهدون .

وفى فصل بعنوان " طره ومأمور السجن" يقول المؤلف " طره مسجل خطر جرائم نفس ، صدر ضده ٣٠ حكم إعدام  في قتل شخصيات عامة وسياسيين ومسئولين بالدولة ، يرتكب جرائم السرقة بالاكراه وتحت تهديد السلاح والقتل ، هرب من السجن في احداث الفوضى والانفلات الأمني التي عمت البلاد وأربكت العباد فترة طويلة ، وذهب الى الميدان في احداث الثورة وكان يطلق الرصاص على الشرطة حتى إصابته طلقة  ، غادر على اثرها الحياة ولقي حتفه ".فجاة وجد " طره نفسه داخل الجنة ، تحيط بها الكرم المرصعة بعناقيد العنب تتدلى منها في منظر بهيج  بألوان متنوعة وكأنها تلبس من كل لون قرط الزهور من كل الألوان ، أشجار الفاكهة من كل نوع ، الحيوانات من كل زوجين ، فيها مالا عين رأت ولا إذن سمعت ولا خطر ببال بشر .

بينما يسير " طره " في احد شوارع الجنة ،إذ فاجأته حوريتان من الحور العين .. تقدمتا خطوة باتجاهه .. ظل يحملق فيهما واحمر وجهه من كثرة جمالهما ، طفق يتحدث بلهجة متسارعة ويفرك وجهه ، امتدت يد الحوريتان اليه وقالت له إحداهن كلام بدأت بالسلام عليه ، واخذتاه في رحلة الى شارع جميل من شوارع الفردوس الأعظم ".

بدأت الحورية بمصافحة " طره " واحتضنته وقبلته قبلات حارة وقالت له : أهلاً بك في الجنة

رد " طره " بلهفة وعجب واشتياق للحديث معها : أهلاً بكي .. أنا اسمي " علاء بيه "

الحورية : أهلاً بحضرتك يا علاء بيه

" طره " : أنتم الحور العين التي وعدنا الله بها في الحياة الدنيا

الحورية : فعلاً .. احنا الحور العين

طره : أنتم طبعاً ساكنين هنا في الجنة على طول لا تنزلوا الارض

الحورية ضحكت هي والأخرى ونظرتا الى جسديهما الجميل العاري وكيف يتدلى ثدييهماكما لو كانت لمبات منيرة  او رمان ، وقالت له : انظر الى اجسادنا العارية ، ماذا لو نزلنا الى الارض ؟ أو كنّا معكم في الحياة الدنيا ؟؟ أليست هذه مشكلة ؟؟ هل كنت ستدخل الجنة لو كنّا في الارض ؟؟

في فصل تحت عنوان " من انتم" ؟ يستعرض الكاتب حوار تخيلى بين الزعيم الليبى الراحل معمر القذافي مواصلا شطحاته فيقول :" وصل العقيد معمرالقذافي الى جنة عدن بعد أن مات قتيلاً في أحداث الثورة على يد من كانوا يطلقون على أنفسهم ثوار ليبيا وقتذاك في الحياة الدنيا ، جاء الرجل راكباً توكتوك ويرتدي ملابس من سندس خضر واستبرق ويحلى العقيد بأساور من فضة وسقاه وبه شراباً طهوراً .

في الجنة قاعة كبيرة يجلس فيها كل صباح الملوك والرؤساء ، يتناولون الطعام ، ويتحدثون عن الأحداث التي سبقت عملية قتلهم في الدنيا ، ومنذ أن الله كتب لهم الشهادة ودخل ا بهم الى جنة الخلد وملك لا يفنى .

يتابع الكاتب:" القدافي يدخل قاعة الرؤساء والملوك في جنة عدن ، يجد الرؤساء جالسين على طرابيزه كبيرة تمتد الى مالا عين رأت في الدنيا ، وعليها أنواع تفوق الخيال من لحم الطير التي وعد الله بها المتقين في القرآن ، يحتسون الخمر والعسل والحور العين تنتشر من حواليهم تملأ ارجاء المكان ، أجسادهن مثل البلور الصافي ، الرؤساء والملوك يحملقون عندما يدخل عليهم العقيد يخبط الباب لابساً عباءته المعهودة ومعه عدد من الحوريات تشبه الى حد كبير عدد الحراس من النساء اللاتي كن يحرسنه في الحياة الدنيا ، عندما دخل القذافي لقت الانظار وبخاصة الرئيس مبارك الذي لطالما كان العقيد قريباً منه في الدنيا وكان يستشيره في كل شيء ، حتى عندما اندلعت الثورة كانا على تواصل مستمر الى ان انقطعت الاتصالات بهروب العقيد واختبائه ، فور دخوله لمعت عيناه وراح يطلقهما في المكان يتفحصه ليعرف من من الرؤساء والملوك جالس .أطلق العقيد كلمته الشهيرة : من أنتم ؟".

68376-محمد-زيان
محمد زيان
 

وفى فصل "المزور ومدير البنك" يقول المؤلف :"التقيا في الجنة عند نهر الكوثر ، لقاء العمالقة في النصب عندما كانوا أحياء في الدنيا ، الدنيا كلها كانت تحت أقدامهم من كثرة الثراء والعلاقات والنعيم الذي فاق الخيال ، الجنة بالنسبة لهم ليست بالجديد في مظاهر الترف والنعيم ، فقد سافروا حول العالم يتمتعون بالطبيعة في غابات بولونيا بباريس ، وطبيعة زيورخ الساحرة بسويسرا ، وأنهار الماء الصغيرة التي تشبه أنهار الجنة في مدينة أمستردام الهولندية ، والحور العين ليست بالجديذة عليهم فقد ذاقوا أطعم النساء في حي الأحمر بأمستردام أيضاً .

يتابع "زيدان" :" المزور  يقف عند حوض الكوثر وقد شاهد صديقه ورفيق رحلة الثراء في الدنيا ، مدير البنك الشهير الذي شاركه في صفقات سوداء كثيرة دخل الجنة ، مستغرباً ينظر ذات اليمين وذات الشمال ، اقترب منه مدير البنك رويداً رويداً وراح يفتح ذراعيه ويأخذه بالأحضان ويبعد عن حضره الحوريات اللاتي يرافقنه داخل الجنة ، استغرب المزور الشهير وعاد لمصافحة مدير البنك واحتضانه ، وهما يتسابقان للقول " والله زمان ... منذ الشهادة في أحداث الثورة ولم نلتقيا .... ياااه .... يالها من وحشة "!

في الدنيا كان مزوراً كبيراً .. شقيق فنانه شهيرة ذائعة الصيت من أقصى الأرض إلى أقصاها ، وكان موتها في حادث اليم حين سقطت من شرفة منزلها بدولة أجنبية ، كان شقيقها مشهوراً بالتزوير ، الأختام والعملات وجوازات السفر ورخص المرور وكارنيهات الهيئات القضائية والشرطية والسيادية ، ولدرجة البراعة في التزنير كان يضعب على المتخصصين في الدنيا كشف تزييفه .

كان المزور يستطيع تقليد أختام وزارة المالية ، يجلس في المقهى الفاخر في السبعينيات ويخرج من جيبه القلم ويرسم عليه ورقة فئة الخمس جنيهات ويضعها في الطبق ، فيأتي الجرسون يأخذها على أنها الحساب ويصعب اكتشافها ، برع في التزييف وتقليد الأختام لدرجة كان على صلة بمسئولين في وزارة المالية يعرف منهم أن هناك صفقة أوراق بنكنوت قادمة من انجلترا ، يبدأفي رحلته لكتابة مراسلات بأسم الوزارة الم الجهات البريطانية ويتبادل معهم المراسلات حتى يصل موعد تسليم الكمية من أوراق البنكنوت على ميناء العين السخنة ويذهب لاستلامه ، يطبعه ويبيع لمديري البنوك من أصدقائه الكمية بنصف الثمن ، مثلاً يبيع الخمسة ملايين باثنين ونصف ، وذلك بعد طبعها في مطبعته .... الفلوس سليمة لأنها مطبوعة على ورق بنكنوت استلمه المزور في طرود قادمة من انجلترا.

وفى فصل بعنوان "ميدان الموسيقى":"يقول المؤلف:" في ميدان الموسيقى يجلس الجميع ، حيث يستمتعون بالحو الجميل والمنظار الطبيعية الخلابة والموسيقى ، فهناك في زاوية من زوايا الميدان الفسيح يعزف مقطوعات من الموسيقى الغربية التي تطرب الاذان ، هو عازف ماهر مختار بعناية من المسئولين عن ادارة الجنة بالداخل ، تعليمات الهية بان يكون الجميع في قمة الاستمتاع مع تقديم الخمور للجالسين الذين يستمتعون بالموسيقى والحوريات المنتشرة في أرجاء الميدان تكون رهن إشارة السكان اجدد في الجنة - كل السكان - ولكن للشهداء منزلة خاصة - تتوافد على الميدان أعداد كبيرة الجميع يتسابقون على الوصول لهذا الميدان الفسيح الممتلىء بوسائل الراحة والمتعة الحسية والجنسية ، الموسيقى كانت محرمة عليهم في الدنيا ، وبعد الموت ودخولهم الجنة أصبحت حلال لهم ، لِيَد أصبح كل شيء لهم حلال في الميدان الذي يبدو مربعاً به عدد من الطرابيزاتفي المنتصف على جانبيه تخصص طباخون من الجنة لعمل الأكلات المفضلة للمتوافدين ، الجميع جالسون ، أعداد كبيرة تتوافد عليه بين الحين والآخر ، هناك حيث الزهور تحيط بهم من كل مكان ، يجلس الفائزون بالجنة إمامهم أطباق كثيرة من أشهى الأكلات ، لحم طير مما يشتهون في الدنيا الان يوضع أمامهم بلا تعب او انفاق اية اموال ، تتدلى الفواكه والثمرات والزروع هم فيها فاكهين ، يحيط بهم من كل الجوانب الروح والريحان في جنة النعيم ، الأطفال يلعبون لعبة البوكيمون تتجمع السيدات بالتليفونات المحمولة والكاميرات يقمن بتصويرهم ، حالة من المرح الممزوجة بالبهجة تعم كل ارجاء الميدان ، رجل يحتضن حورية من حوريات الجنة عارية تماماً يفوح من جسدها عطر آخذا ترقص معه داخل الميدان رقصة salsa الشهيرة ، عشرات من سكان الجنة تجمعوا في طوَّق حولهم يشاهدون الرقص الممتزج بالجنس وقبلات حارة - حلال لسكان الجنة - كانت هذه المشاهد محرمة عليهم في الدنيا - الجميع يشاهد الحورية ذات الشعر الأصفر اللامع مثل قرص الشمس وعيناها الخضراويتينمثل لون زروع الجنة ، كلمات " ماشاء الله " تتردد من الإعداد الكبيرة المتفرجة والتي تستمتع بالموسيقى الغربية .

يتابع "زيان" :"يسير رئيس الحزب " حمادة فضايح "- كما كانوا يلقبونه في الدنيا نظراً لكثرة فضائحه - وقعت عيناه على فتاة حسناء ترتدي اليمني چيب وتسير داخل الجنة بمفردها ، قوامها رشيق يتمايل مع نسمات الجنة وعودها يشبه عود الريحان الفخور بنفسه ، هو وأصدقائه يسيرون ، تتقدم الحسناء وكلما اقتربت حملق فيها أكثر فأكثر ، يفرك عينيه مرة واحدة وعينيه تغرس في صدرتا المتدلي مثل الكمثرى ،يدقق النظر ثم يعاود النظر في ذهول بعد أن أصبح هو والحسناء وجهاً لوجه، الذهول سيد الموقف ، سرح بخياله فبادلته الكلام بقولها : أهلاً أهلاً أهلاً يا حماده بيه!

فى فصل مثير وصادم بعنوان " فى البيت الكبير" يقل " زيان":" وقف المفكر العلماني بعد دخوله الجنة يتأمل ما كان ينقده في الدنيا مما ورد في كتب الحديث والتراث عن الفردوس ، وما جاء من آيات في القران الكريم تقدم للجنة وصفاً من حيث الاشجار والقاكهة والحور العين ولحم الطير والأبا ، وقف يتفحص ويستعيد شريط العلم والدين الذي لطالما كان يقول عنهما انهما لا يلتقيان ولو في نقطة رفيعة جداً ، وقف ينظر وأخرج من جيبه النوتة التي لا تفارقه وراح يسجل بعض الملاحظات ، استرجع شريطاً ممتداً من عمله بالكتابة التي جرت عليه الويل والثبور وعظائم الأمور في الحياة الدنيا قبل قتله على يد الجماعات الارهابية في الميدان حين نزل يعلن تأييده للاطاحة بحكم المرشد ، راح يسرح بخياله في حلقاته النليفزيوينة والبرامج التي قدمها ينتقد التراث ويطالب بتنقيته وهجومه على الاحاديث التي كان يقول عنها انها موضوعة او غير موافقة للعصر ، ظل يتأمل ويعود بذاكرته ويردد في تمتمات " تلك هي الجنة التي عرضت نفسي للشتائم و التكفير ومحاولات القتل حينما انتقدت ما أوردته كتب التراث والأحاديث الموضوعة حولها ، لقدكنت انتقد كل صغيرة و كبيرة وها أنا قد استشهدت في الثورة وكنت اتحمل أنا وأسرتي تهديدات بالتصفية الجسدية بمجرد الاقتراب منها ، انني لن اسكت ولابد اليوم ان أذهب إلى القصر الكبير ، لابد أن ألتقي الرسول واتحدث معه وجهاً لوجه كي اوضح له اني كنت على حق في الدنيا ولم يكن كل قصدي الهجوم او سبه او التعدي على الذات الالهية ، انا لم اكن ملحداً ، بل كنت أؤمن بالله وبرسوله ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وكانت لي رؤية في نقد التراث الذي يسيء للاسلام ، وهو ما كنت اطالب بتنقيته وتطويره في الدنيا".

ذهب المفكر العلماني - وهو يتمتم كثيراً وكلماته متسارعة - الى مقر اقامة الرسول في الجنة "، حيث يسكن في قصراً منيفاً لا تستطييع العين أن ترى له نهاية ، قصر ممتد من طرف العين الى حيث لا ينتهي معه الطرف الاخر ، تحيط به الاشجار النادره من كل جانب ، امامه مساحة فناء كبيرة مزروعه باشجار فاكهة قصيرة وورود لم تراها العين في الدنيا ، الاضاءات من النور الالهي حيث اشعة الضوء تخرج من كل مكان ، نور ينبعث من داخل القصر قال اهل الجنة وحراس القصر انه نور النبي ، لا ينتهي البال ولا العين من تصور جمال القصر حيث السرد لايقدم وصفاً كاملاً لقصر الرسول ولا عظمة التدبير الالهي الذي أمعن خدام الجنة وعمالها لي بناء هذا القصر الذي يعجز التصوير الفني والسينمائي عن تخيله أن شرحه، يتجاوز في جماله قصور فرساي وفان سان التي يضربون بها المثل في باريس من كثرة الابداع والجمال الفني في بنايته .  .

الفواكه تتدلى من على أسوار القصر ألواناً مختلفة تشيه اللمبات البلورية اللامعة تجذب الانظار وتبهرها ، الاشجار من انواع لم تراها العين في الدنيا ، بوابة القصر لا تستطيع العين أن تملكها من كبر حجمها ، على الباب يقف الخدام والحراس ملابسهم بيضاء ، القصر لا يمكن أن تكون العين في الدنيا قد شاهدت مثله

وقف المفكر أمام قصر الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة ... القصر الذي تمر من أمامه عدة أنهار ، لفت نظر المفكر نهر اللبن والعسل المصفى الذي ورد ذكره في القرآن تقطع القصر وتدخل اليه حيث تمر على سكانه أمام قصور صغيرة بالداخل يشربوا منها دون تعب ، ولأنه قصر أشرف وخير خلق الله فقد جعل الله له كل سبل الراحة والسعادة من حيث التكنولوجيا المساعدة من كاميرات وأبواب اليكترونية وسيارات بدون قائد تنقل الضيوف من الصديقين والشهداء والانبياء الذين يزورن النبي في قصره الى الداخل حيث المسافة طويلة لا يستطيع الزائر ان يقطعها سيراً على الاقدام حتى يصل ، فضلاً عن رجال المرور الذين يحملون الاشارات لتوجيه الداخلين بعلامات لليمين واليسار طبقاً للطريق وهم من الملائكة الذين يقومون على خدمة التبي وقصره ومن معه .

دخل المفكر من باب القصر بعد أن خضع لعمليات تعارف وتفتيش وكتب بياناته وراح رجال امن القصر يرسلون اشارات للداخل ليعطون خبر ان شهيداً قد وصل ويريد مقابلة الرسول ( صاحب القصر الكبير ) ، وبالفعل بدأت علامات السماح له بالدخول ونقلته السيارات الى حيث مقر اقامة النبي بالجنة .

" خرج الرسول للقاء المفكر ويخرج من وجهه نور الهي ترافقه حوريات الجنة ، الصحابة متجمعون بالداخل ، يجلس أبو بكر وعمر وعثمان ، ويعلو صوت ابن الخطاب وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز والزبير بن العوام وخالد عبد الوليد وعبد الرحمن بن الزبير بن العوام , العشرة المبشرون بالجنة يعيشون كل منهم في قصر ... موجودون الان مع الرسول في قصره ، فقد كان هناك لقاء طلب النبي من المفكر أن يحضره معهم ، ولما دخل وجدهم يشربون من خمر الجنة ... جميعهم ... خدم الجنة يطوفون عليهم بين الحين والاخر كلما جفت الاوعية التي أمامهم يخرجون الى ساحة القصر ويملأون من الأنهار ... قريبة جداً منهم فلا يتعبون ولا يملون من كثرة التخديم على صحابة الرسول ، قدمه اليهم وأخبرهم جميعا أنه مفكر كان في القرن العشرين في الدنيا بمصر كان معروفا بنقد التراث الاسلامي والسنة وسير الصحابة والصحيحين . .

ولما جلس مد الرسول يده الى وعاء الخمر وملأ للمقكر ودعاه للشرب بقوله " اشرب من خمر الجنة الذي طالما انتقدتها وكنت تنفي أن تكون هناك أنهار من خمر مصفى لذة للشاربين ، من قبل في الدنيا كنت تنقد السنة وتردها وتنكرها إنكاراً شديدا ، وكنت تكيل لها الاتهامات وتقول انها ملفقة.

المفكر : يارسول الله ، لست أنا أول من نقد السنة وما جاء فيها فأول من أنكر الأحاديث هو "أبو الخويصرة التميمي " الدي طالبك بالعدل وقال لك " اعدل يا محمد فانك لم تعدل " ، وكان هذا في وجودك يا رسول الله وأنت تعلم هذا جيداً ، ورغم أنني لم أنكرها فان لي ملاحظات كانت على الكثير منها ، خاصة ما جاء في البخاري .

" هنا هم البخاري أن يرد على المفكر ولكن الرسول نهاه عن الحديث ، وأخبره بأنه في منزل سيد الخلق وسيد أهل الجنة والرد له رغم ان الجميع يعرف في الدنيا اان المفكرقدم عشرات الحلقات التليفزيونية والكتب يهاجم فيها البخاري وما ورد في صحيحه . !

عاود المفكر القول : يارسول الله ، هذا الكلام لم أكن مبتدعه ، بل نقله الشافعي في كتابه " جماع العلم " حين قال " باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأقوال كلها " .

رد الرسول : انا لم انكر الاجتهاد مع النص ، الإسلام دين العقل ، وضروري في كل عصر ان يخرج مفكرون مثلك ينتقدون السيرة ليؤكدوا الحقائق الواردة فيها ، ويساهموا في استقرار صحيح الدين على أيدي علماء العصر

المفكر : يارسول الله ، السنة ، هل يعقل أننا في الدنيا كنا نترك المسلم فريسة لأحاديث تناقض بعضها كما ورد في البخاري ، وهل نصدق روايته أنك حاولت الانتحار لما انقطع الوحي ، وأنك سقيت والد السيدة خديجة خمراً ليوافق على زواجك منها ، وأنك تزوجتها لتسد أزمتك المالية ، وهل كنا نترك المسلم يقتنع بأن الماعز أكلت رقيقة كان بها نص قراني نزل عليكيا رسول الله  ، وأن قرداً نكح قردة فأقاموا عليه الحد ، وأنك يانبي الرحمة قلت "جعل رزقي تحت رمحي "، وأيضاً " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله "؟

هل كنا نسكت على أحاديث وروايات تخالف العقل والمنطق وتطعن في صحيح الدين وتشوه صورة الإسلام ؟ أم نجدد ونطور ؟، هل كان مطلوب منا كمفكرين أن نسير وراء كتاب البخاري التي تتهمك بالزواج من السيدة عائشة وهي بنت تسع سنوات ، ويصورك للناس على انك نبي شهواني تحب النساء ؟

ثم كيف نأخذ من البخاري وبينك وبينه مائتي سنة ؟ ومن احاديثه ما دخل عليه الكذب والتدليس ؟

رد الرسول : أما عن رواية الانتحار فان البخاري كتب " هم "- بفتح الهاءوالميم- ولم أكن قد كلفت بعد ، ولم تكن الرسالة قد نزلت علئ بعد ، ومن لذة الوحي كما قال الشراح لجيلك فقد هممت بذلك ولم افعل ، ولكننقدك يا أيها المفكر قد تجتوز حد النقد الى الطعن والتشكيك ؟ كما في احاديث عذاب القبر والبعث والحساب وطعنت في وجود الجنة والنار وقلت انها حسية وزمعاشة وقطعت بالنفي لوجود حساب وثواب وجنة ونار .  .

رد المفكر بسرعة " هذا الكلام كان غير علمي وغير مقبول لمفكر يبحث في التاريخ مثلي ويخضع كل معطياته للتجريب والواقعية ، ولم أكن اتخيل أن حياة أبدية من هذا النوع يمكن ان تكون بعد الموت ، فكنت أؤمن أن المطلق فقط هو الموت ، ولو كان أحد مات وبعث وشاهد وعاد ليقول لنا لكنت كتبت هذا للناس ".

قال الرسول : لكن القرآن لم يترك شاردة ولا واردة إلا وأخبر بها ، وايمانك كان ضعيفاً ولم يرد في القران الكثير وشرحته السنة التي كنت تقف لها بالمرصاد وتطعن فيها ولوانك فكرت بشكل ايجابي لوصلت للحقيقة .

المفكر : أنا كنت أبحث في التراث وأفتش في التاريخ ، وأقارب ما وردرفيه على العلم والواقع ، ولما كانت المسائل العلمية تخضع للتجريب ، والظواهر الطبيعية تحكمها نسب ومعادلات ، وكانت حركة الأكوان والمجرات والعوالم والسحب لها درجات ونسب في المتابعة ومخرجات تحكمها مثل المعادلات الكيميائية ، فكان من المستحيل أن نمر مرور الكرام على ما ورد في كتب التراث بألا ننقده ، ومن هنا جاءت كتاباتي وأبحاثي التي استبعدت ونقحت اكثر من نصف التراث الديني .

الرسول : لكنك طعنت في السنة النبوية ، وأنكرتها ، وشككت في سيرة ابن اسحاق وقلت انها كتبت بعد وفاة الرسول ب ١٣٠ سنة ودخل عليها الكذب والتدليس؟

المفكر العلماني  : هوكتبها بأمر من الخليفةالعباسي ابو جعفر المنصور وهو من بني هاشم وكانت بما يحملهالنقد المتجرد كلها محاباة وعدم تجرد في السرد وتسيء للرسول ، وجاء ابن هشام من بعده نقحها

الرسول : هذا القول رد عليه علماء كثيرون ، وقالوا ان المعول فيما روى ابن اسحاق على النظر في أسانيده ،ثم مقارنة متون ما صح منها  وقارب الصحيح بمرويات السنة ،وهذا الكلام كان يخضع لأصول الحديث والإسناد ونقد الروايات .

تابع الرسول في كلامه للمفكر العلماني الشهير: وأقول لك أيضاً يا أيها المفكر العظيم : لقد طعنت في الدنيا انت ومتحدثين كثيرون في صحيح البخاري أيضاً ،ومعروف ان البخاري صاحب الكتاب الأدق وقد ولد في سنة ١٩٤ هجرية بعد موت ابن اسحاق ب٤٣٠ سنة ما يقارب نصف قرن لان ابن اسحاق مات ١٥١ هجرية ، والبخاري الطعن فيه غير مقبول لأنه كتب بأسانيد صحيحة تسد الفجوة الزمنية بيني وبين ابن اسحاق ،وبالتالي فمردود على طعنك بان بيني وبين البخاري زمن طويل وأنه لم يكتب عني وبالتالي فأحاديثه ليست محل طعن لانها كما قلت لك بنيت على أسانيد صحيحة..

المفكر: يارسول الله ،النقد والطعن منهج العلماء ليتبينوا الحقائق ، ثم أننا لم نعش في عصر النبوة ، ومن الطبيعي ان تكون لدينا تساؤلات ونقاش وحلقات وطعون مقبولة ، وكان من غير الطبيعي ما تعرضنا له في الدنيا من تكفير واستحلال للدم ومحاولات قتل مبنية على الاحاديث الوارة التي قدمها ونقلهغا هؤلاء عنك  .

الرسول : أنا لم أقل أحاديثا تحرض على قتل اصحاب الراي والفكر وتهدر كرامة الانسان وتحرض على سفك دمه كما تقول ، والسنة كبيرة والمرويات عني موجودة لا تجد حديثا واحدا في هذا الشأن .

المفكر : يا رسول الله ، ماذا عن حديث | أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا " ، وحديث " جئتكم بالذبح | ، وحديث " جعل رزقي تحت رمحي " ، وغيرها من احايث اراقة الدمائ التي استخدها من جاءوا بعدك لارهاب الناس وقتلهم ؟

يا رسول الله ، إن هذه الأحاديث أدت في الدنيا الى قتل وتدمير وتشريد شعوب ، وسفكت دماء بأسمك تحت هذه الروايات ، دمرت أمم بكاملها ، هذا ماحدث في القرنين العشرين والحادي والعشرين ، حدث في العراق وليبيا وسوريا واليمن ومصر ـ وكثير من البلدان الاوروبية ايضا ، انتشرت الجكماعات الارهابية مثل داعش والنصرة وجيش الاسلام وغيرها تقتل وتسفك الدماء استنادا الى هذه الاحاديث !

الرسول : بالعقل أقول لك | ان القران العظيم قال " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " "  لكم دينكم ولي دين" " لا اكراه في الدين " " وفي السماء رزقكم وما توعدون " ، كيف يقول القران هذا وأخالف انا بالنص ما جاء في الوحي ؟ عليك اعمال عقلك هنا والتدقيق بالبحث فيمن له المصلحة في دس هذه الاحاديث !

المفكر : هذا ما كنا نطالب به في الدنيا من قياس الحديث على القران ، فان وافقه نأخذ به وان خالفه نستبعده من حياتنا وتعاملاتنا ، هذا هو المقصود بتطوير الخطاب الديني الذي لطالما دعوت له وتنقية التراث مما يسيء للاسلام وللرسول .

يتابع المفكر : على سبيل المثال ، كيف للناس الذين يرون العلوم ويرون الطائرات والصواريخ والأقمار الصناعية في القاتل لعشرين والحادي والعشرين وقتذاك ان يصدقوا انك ركبت البراق وذهبت من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى في لمح البصر ؟

الرسول : ياسيدي ،ان الأنبياء ليسوا كبقية البشر ،لديهم من الصفات والأفعال ما خصهم بها الله لكي يقنعوا من بعثوا فيهم برسالتهم ، ومن ثم فعملية الأسراء والمعراج التي تشكك فيها وكيلت لها الطعون في كتاباتك تدخل في باب خوارق العادات ،والمعجزات .

الا تصدق ان ابو الأنبياء ابراهيم أوقف الله له ناصية النار وهي الحرق لتصبح عليه برداً وسلاما ؟ الم يوقف الله خاصية المياه وهي السيولة لنبيه موسى وجعلها صلبة ليعير هو ومن معه ؟ ألا تؤمن بان نبي الله عيسى كان يحي الموتى ،ويبرأ الأكمه والأبرص باذن الله ،ويخلق من الطين كهيئة الطير بأذن الله فيصير طيراً باذن الله ؟، هكذا الاسراء بي من مكة والأتراح بي من خوارق العادات خصيصة الأنبياء ، أجراها الله معي فانا نبيه وبعثت الى قرم يحتاجون تثبيت إيمانهم .

المفكر : يارسول الله ان العلم يقول ان الاجسام التي تصعد لأعلى عند هذه السرعة تحترق ،لان العود يولد ناراً بسبب احتكاك البدن بالهواء ،فكيف صعدت إذن وكيف تغلبت على الجاذبية الأرضية ؟

الرسول : خوارق العادات في معجزات الأنبياء وسنن تشبه السنن العادية بالنظر لفاعل الخلق جل وعلا ،بمعنى اكثر وضوحاً : هل يقدر الله على فعل هذا مع بشر من خلقه ؟ ثم هل يفعل معتنقي من أنبيائه ؟إذن لماذا تنكر على خالق الخلق ان يسري بي من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ؟ هو الذي هلق الكون بمجراته واكوانه وكل كواكبه ومكوناته، وهو ضابط الجاذبية ومهندس حركة الكون عل يستعصي عليه ان يقول للشيء كن فيكون ؟

قال المفكر: يا رسول الله ، هل يعقل أن يروى عنك حديث الذبابة والامر بغمسه اذا سقط في الطعام اوالشراب ؟

رد الرسول :حديث الذباب من الوحي ، والنبي أمي في أمة أمية لا تعرف خواص الذباب ، جاء في الحديث أن في أحد جناحيه داء وفي الااخر دواء ، وهذا وحي من الله لأنالرسول لا ينطق عن الهوى وانما يوحى اليه من الله ، والله تبارك وتعالى يقول في سورة الملك الاية ( 14 ) " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " ، فإذا كما استخدمت عقلك يا أيها المفكر لوصلت . وإذا كنت تتكلم عن العلم في الدنيا فإن الذباب ينزل بميل فيسقط جناحه في الشراب ، وكل الطائرات – ماعداالهليكوبتر – تنزل بميل ، فاذا نزل الذباب مال بالجناح فاذا غمسته في الشراب كان جناحه الثاني وما فيه شفاء علاجا لما اىصاب الطعام او الشراب من داء ، وهذا ما بلغته بوحي من ربي وليس من عندي . كذلك في حديث النخل والتلقيح

عاد المفكر يسال الرسول : يا رسول الله حديث زواجك من السيدة عائشة وهي بنت تسع سنوات كان غير مقبولا في الدنيا وكان محل انتقادمن المفكرين والباحثين ؟

رد الرسول : كل الصحابة كانويتزوجون في هذا السن ، لما1االهجوم علىالرسول ؟ ثم إن البنات كلها كانت تتزوج في شبه الجزيرة العربية في ذاك الوقت في تلك السن ، بالاضافة الى ان العلماء في عصرك ووقتك قارنةا بين العر والوقت الذين يعيشون فيه ولم يدركوا او يعترفوا بفارق الزمن والوقت والعصر الذي كنت أعيش فيه ولم يكن سن التاسعة للبنات صغيرا ، حتى انك لو سأبلت أمك في أي عام تزوجت لقالت لك ما يقارب التاسعة والعاشرة والحادية عشرة وما بعدها !

تابع الرسول : إقرأ التاريخ ، هل عائشة وحدها هي التي تزوجت فيهذا السن أم كل البنات كن يتزوجن فيه ؟ كان عليك أن تبحث في الوقت والزمن والطبيعة السكانية وعادات الزواج عند العرب قبل الاسلام وفور مجيئه . قال المفكر للرسول : يا رسول الله مهمتي كانت البححث والقباس بما يوافق العقل ، وما كان يخالفه كان يثير الجدل بطبيعته.

عاد المفكر مع رسوال الله تالى القصر الكبير والتقى الصحابة والعشرة الذين بشروا بالجنة والائمة ودار حوار طويل حول التجديد والتطوير وتغيير الخطاب الذي كان يدعوا اليه المفكر العلماني في الدنيا ، يتحاورون وهم ينعمون بخمر وعسل الجنة وما كان محرم عليهم في الدنيا .

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق