المتحف الزراعى حائر بين «الآثار» و«الزراعة»

السبت، 01 فبراير 2020 09:23 م
المتحف الزراعى حائر بين «الآثار» و«الزراعة»
المتحف الزراعى
مرفت رياض

 

التحقيق فى اختفاء 6 قطع أثرية من المتحف.. والبكتيريا والفطريات تصيب المحنطات 
 

يعد المتحف الزراعى بالدقى، أول متحف زراعى فى العالم جرى إنشاؤه عام 1930 فى عهد الملك فؤاد الأول لتوثيق ذاكرة مصر وحضارتها الزراعية منذ الحضارة الفرعونية مرورا بالحضارة الرومانية، وانتهاء بالعصر الحديث، ليضم آلاف المعروضات والمقتنيات التى تتحدث عن تاريخ الزراعة فى مصر منذ الحضارة الفرعونية.

 
مساحة المتحف تزيد على 30 فدانا، أى حوالى 175 ألف متر، ويضم داخله ثمانية متاحف، وهى متحف الزراعة فى العهد اليونانى، متحف المجموعات النباتية، متحف المقتنيات التراثية، متحف القطن، متحف المجموعات العلمية ، متحف الزراعة المصرية القديمة، ومتحف البهو السورى، متحف الصداقة المصرية الصينية، بالإضافة لقاعة السينما الملكية، والمكتبة الثقافية والتى تحوى كتاب وصف مصر، بالإضافة للنباتات النادرة التى انقرض بعضها مثل نبات (البرساء) الذى كان مقدساً عند الفراعنة، وأشكال الحياة الريفية عبر التاريخ، علاوة على العديد من الحيوانات المحنطة منذ عهد الفراعنة.
 
 تعرض المتحف للإهمال على فترات طويلة إلى أن أصبح فى حاجة إلى عملية ترميم واسعة له، وهى العملية التى بدأت فى نوفمبر عام 2017، بإشراف كامل من القوات المسلحة، حيث تم غلقه نهائيا أمام الجمهور عدا المبنى الإدارى فقط لحين الانتهاء من عملية الترميم، وكان من المفترض افتتاحه يناير عام 2018 ، إلا أن عمليات  الترميم لاتزال سارية حتى الآن، لتشمل 7 مبان أثرية داخله، وتطوير المسطحات الخضراء وتركيب كاميرات مراقبة، بتكلفة تقدر بـ 22 مليون جنيه.
 
وفى أحد تصريحات المهندس محمد فوزى مدير المتحف الزراعى سابقا، قال: إن عملية الترميم تتم بصفة دورية وفقا لما تحدده وزارة الآثار التى تشرف عليه من الناحية الفنية لاحتوائه على مقتنيات أثرية.
 
 من جانبه قال الدكتور عبدالحميد كفافى، «مدير عام التخطيط والمتابعة لترميم الآثار بقطاع المشروعات بوزارة السياحة والآثار، إن مسئولى وزارة الزراعة يتعاونون معهم بشكل محدود للغاية، بل إن بعض المسئولين بوزارة الزراعة يتعمدون عرقلة عمليات متابعة المقتنيات الأثرية داخل المتحف الزراعى، مطالبا مسئولى وزارة الزراعة بالتعاون مع الآثار بشكل أكبر مما هى عليه الآن، سواء فى ترميم الآثار الموجودة بالسبعة متاحف داخل المتحف الزراعى أو تسجيل بقية القطع الأثرية غير المسجلة حتى الآن بدفاتر وزارة الآثار، حيث إن وزارة الزراعة أصدرت قراراتها بتسجيل وجرد المقتنيات الأثرية بالمتاحف عام 2015 فقط، وعمل سجلات حيازة من قبل وزارة الآثار، ولا يوجد إشراف فنى على الترميم من وزارة الآثار. 
 
وأكد «كفافى» أن وزارة الزراعة تسببت فى تأجيل عمل اللجان من وزارة الآثار عدة مرات، كما قامت بعرقلة عمل المتخصصين من الآثار بشكل مستمر، إذ لابد من حفظ وترميم هذه الآثار والمقتنيات بطرق علمية سليمة وحفظها فى لفائف وعرضها بشكل سليم حتى لا تتعرض للتلف مرة أخرى وهو ما يتطلب التعاون بين الوزارتين، لافتاً إلى أنه أثناء مروره مع لجنة مشكلة من وزارة الآثار داخل متحف آثار العصر اليونانى الرومانى بالمتحف الزراعى فوجئوا بمقتنيات أثرية تعود للعصر الفرعونى والرومانى وعصور أخرى عبارة عن مومياوات محنطة بجميع العصور موجودة بمخزن المتحف وفى حالة يرثى لها وبها إصابات- حسب تعبيره-  عبارة عن بكتيريا وفطريات تؤدى لتحلل هذه الحيوانات، وأن دور وزارة الآثار هنا يكمن فى ترميم هذه لمقتنيات الأثرية وإزالة هذه البكتيريا والفطريات سواء بالمقتنيات المعروضة للجمهور أو الموجودة بالمخازن نظرا لخطورتها على الجمهور والعاملين بهذه المتاحف، وأرسلوا بيولوجيا لعمل تعقيم للمخزن يتم على عدة مرات وإزالة هذه البكتيريا وترميم الأجزاء المتحللة، إلا أنه فوجئ بعد فترة أن هذه المقتنيات تمت إزالتها من المخزن بالكامل دون الرجوع للوزارة، ستقوم الوزارة بعمل لجنة دائمة من الوزارة بالمعالجة والتعقيم وليس التخلص من هذه الحيوانات والمقتنيات لأنها تمثل ثروة، وللأسف هناك الكثير من المقتنيات الأثرية بمخازن المتاحف بالمتحف الزراعى غير مسجلة بوزارة الآثار، حيث حاول مسئولو «الآثار» تسجيلها فى الدفاتر، إلا أن مسئولى «الزراعة» يرفضون تقديم المساعدة .
 
ونوه «كفافى» إلى أنه لاحظ أثناء تواجده للقيام بعمله مع لجنة من وزارة الآثار بالمتحف، بأن هناك نجفة نحاسية أثرية كبيرة بمتحف آثار العصر الحديث قد اختفت، وبسؤالهم عنها لم يتم الرد عليهم، مضيفا أنه للأسف عند وجود مخالفة شوهدت رؤيا العين من قبل لجان الآثار لا يستطيعون الإبلاغ عنها فى حينها لأنهم يكونون متواجدين لإجراء مهمة أخرى، وعند اتخاذ خطوات رسمية تفاجأ اللجنة بقيام المسئولين بالمتحف الذى به المخالفات بالتخلص من جسم الجريمة وإخفائها تماما، وعند السؤال عنها يدعون أنهم أرسلوها لمكان آخر، وفى حال إذا كانت غير مسجلة لا تستطيع لجنة الآثار القيام  باتخاذ إى إجراء حيال هذه المخالفات. وواصل « كفافى» حديثه قائلا: ما يؤكد صدق كلامى اختفاء 6 قطع أثرية من  متحف الزراعة المصرية القديمة أحد متاحف المتحف الزراعى، وهى عبارة عن أحجار كريمة مدرجة تحت بند قوارض عبارة عن «ضفدعة» و5 «قنافذ» اختفت من فاترينة العرض عقب الانتهاء من أعمال الترميم قبل الافتتاح المقرر للمتحف أوائل عام 2018، وهو ما استدعى إجراء تحقيق بمعرفة نيابة الأموال العامة بشمال الجيزة فى اختفاء هذه القطع، والعجيب فى الأمر أنه أثناء معاينة النيابة تبين عدم وجود أى آثار لتحطيم زجاج بالفتارين، وأن المتحف مغلق بطريقة طبيعية، فطلبت النيابة من وزارة الآثار تقديم تقرير واف عن اختفاء القطع وتقرير بتفريغ كاميرات المراقبة لمعرفة سبب ذلك، ولا نعلم نتيجة التحقيقات إلى أين وصلت.
 
ويوضح «كفافى» أن ما تم من ترميمات للمتحف هى ترميمات خارجية فقط، أى دهانات للشكل الخارجى للمتحف الزراعى، لكن الترميمات الداخلية للمتحف لم تحدث، ولا بد من الاستعانة بوزارة الآثار فى أى أعمال خاصة بالمتحف ككل، وهو ما لم يحدث من وزارة الزراعة.
 
وطالب «كفافى» بأن يكون هناك مهندسون متخصصون من وزارة الآثار أثناء عمل هذه الدهانات للمتحف، كما يحتاج إعادة عرض للمقتنيات وترميم الآثار المعروضة وتغيير الفتارين، وهو أمر لا بد له من التعاون بين الوزارتين لإتمامه بشكل سريع، مضيفا أنه لا ينبغى على وزارة الآثار أن توفر خامات الترميم للمقتنيات، لأن المقتنيات فى حيازة وزارة أخرى، وعليها توفير هذه الخامات حفاظا على مقتنياتها، مؤكدا عدم القدرة على البدء فى الترميم لمقتنيات المتحف إلا بعد انتهاء التسجيل، مشيرا إلى أن اللجنة المشكلة من وزارة الآثار مكثت 5 سنوات لتسجيل 5000 قطعة أثرية بمتحف  الآثار المصرية القديمة، فى حين أننا نسجل 20000 قطعة فى متاحف ومخازن أثرية فى ستة أشهر! مؤكدا ضرورة عمليات التعقيم من الكائنات الحية الدقيقة التى أصابت هذه الكائنات، أما المعادن سواء قطع حديد أو برونز أو نحاس، أصاب بعضها التلف لوجود طبقات الصدأ عليها، بالإضافة للأدوات الخشبية التى فقدت بعض الأجزاء منها، وقطع النسيج الموجودة بمخزن المتحف اليونانى الرومانى، وجدت فى حالة تخزين سيئة بمخازن المتحف ويجب معاملتها وخروجها بطريقة آمنة من المخازن لعمل إجراءات الترميم اللازمة بعد تسجيلها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق