إمارة الإرهاب تفتح سلخانة التعذيب أمام العمال الأجانب

السبت، 21 مارس 2020 06:00 م
إمارة الإرهاب تفتح سلخانة التعذيب أمام العمال الأجانب
انتهاكات قطر
محمود على

الخارجية الأمريكية توجه أقوى لطمة على وجه «تنظيم الحمدين» بتقرير يفضح انتهاكات قطر
 
حكومة الدوحة لم تتخذ الإجراءات الكافية لوقف الانتهاكات بحق العاملين فيها
 
شهادة جديدة بأن قطر لم تصبح فقط إمارة الإرهاب، بل أكبر مستنقع للتعذيب والاضطهاد فى العالم.. هذا ما أكده تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، الذى فضح انتهاكات النظام القطرى ضد العمالة الأجنبية، فى أقوى ضربة توجهها واشنطن لتنظيم الحمدين، الذى سعى لسنوات طويلة للتقرب من النظام الأمريكى، والتعاقد مع شركات علاقات عامة أمريكية لتحقيق هذا التقارب.
 
تقرير الخارجية الأمريكية، الذى صدر الأسبوع الماضى، أكد أن حكومة قطر لم تتخذ الإجراءات الكافية لوقف الانتهاكات بحق العاملين فيها، مشيرا إلى وفاة بعض العاملين فى قطر نتيجة ظروف العمل القاسية، مشيرا إلى أن العاملين الأجانب فى قطر يقطنون معسكرات ضيقة وقذرة وخطيرة، موضحة أن العاملين فى الدوحة يواجهون إجراءات قانونية حرمتهم من الإنصاف، والسلطات القطرية فشلت فى توفير الحماية للعاملين فيها.
 
ويعمل نحو 30 ألف عامل أجنبى فى قطر، على وجه التحديد فى مشاريع تشرف عليها الهيئة المسئولة عن تخطيط وتقديم البنية التحتية لكأس العالم، تقول تقارير حقوقية إن العمالة الأجنبية تعانى من مأساة حقيقية، حيث يبدو أنها لم تر حلا حتى الآن، ويفترض أن العمالة الأجنبية فى قطر التى تعمل فى مشاريع البنية التحتية لكأس العالم، تعمل ضمن قواعد أكثر صرامة لحمايتهم من خلال تطبيق معايير رعاية العمال فى عام 2014، حيث تغطى هذه المعايير، التى يتم تضمينها فى العقود الممنوحة للشركات العاملة فى مواقع كأس العالم، قضايا تشمل التوظيف الأخلاقى، ودفع الرواتب فى الوقت المناسب، وحظر تام للعمل القسرى، وفى حين أن هذه المعايير كان من المفترض أن تؤدى إلى تحسينات حقيقية، إلا أن احترامها فى قطر كان دائما محل شك، ففى أغسطس 2018، على سبيل المثال، أقر منظمو كأس العالم فى قطر بأن المقاولين الذين يعملون فى أحد الملاعب لعام 2022 قد انتهكوا حظرا لساعات العمل فى الصيف، حيث يحظر العمل فى الهواء الطلق فى بعض الأحيان عندما تشكل درجات الحرارة المرتفعة فى الصيف، والتى تشكل خطرا بالغا على صحة العمال.
 
«فضائح قطر فى ملف العمالة الأجنبية»، كان ومازال محور حديث واهتمام الصحافة العالمية، التى لا تخلو تغطيتها اليومية من تناول الأوضاع المأساوية لعمال كأس العالم فى قطر، حيث نشرت جريدة الإندبندنت البريطانية تقريرا بعنوان «كأس العالم 2022: العمال فى قطر ليسوا عمال إنهم عبيد ويقومون ببناء الأضرحة وليس الملاعب»، وهو ما يؤكد حجم المأساة التى يعيشها آلاف الأجانب فى الدوحة، وكلها تعتمد على تقارير رسمية تكشف حجم الانتهاكات، منها التقرير القاسى الذى أصدره الاتحاد الدولى لنقابات العمال  ITUC، ووصف خلاله قطر بأنها «دولة بلا ضمير»، وتضمن التقرير شهادات من العمال أنفسهم عن الفظائع التى تعرضوا لها فى قطر، ويقول أحد العمال: «ذهبت إلى الموقع فى صباح أحد الأيام، وكانت هناك دماء فى كل مكان، لا أعرف ما الذى حدث، لكن تمت تغطيتها دون أى تقارير.. عندما أبلغت عن هذا، قيل لى إذا لم توقف عن الشكوى سيتم صرفك».
 
ووفقا لتقارير دولية فإن الانتهاكات التى تمت ملاحظتها فى معاملة العمالة الأجنبية فى قطر، فإن أغلب العمال يعيشون فى «سكن غير صالح ومكتظ»، بالإضافة إلى أن أرباب العمل يصادرون جوازات سفر العمال الخاصة بالعمال، فضلا عن ذلك فإن الأغلبية من العمال مهددون بسبب الشكوى من ظروف العمل، كما أن غيرهم يضطرون إلى دفع ما يصل إلى 4300 دولار لموظفى التوظيف فى وطنهم الأم للحصول على وظيفة فى قطر، مع عدم دفع البعض للأجور.
 
تقرير ITUC يقدر عدد العاملين المهاجرين الذين قد يموتون فى قطر قبل نهائيات كأس العالم  4000 عامل، وهو تقدير يعتمد على اتجاهات الوفيات التى أبلغت عنها سابقا السفارات داخل البلاد.
 
ووفقا لوزارة الخارجية الأمريكية فى تقريرها السنوى حول ظاهرة الاتجار بالبشر لعام 2018، على مدار السنوات الخمس الماضية، فإن قطر هى بلد المقصد للرجال والنساء الذين يتعرضون للعمل القسرى، وبدرجة أقل بكثير، الاستغلال الجسدى القسرى، حيث يهاجر رجال ونساء من نيبال والهند وباكستان وبنجلاديش والفلبين وإندونيسيا وسريلانكا والسودان وكينيا ونيجيريا وأوغندا ودول أخرى طوعا إلى قطر كعمال وعاملين فى المنازل، وغالبا ما يدفعون رسوما غير قانونية باهظة إلى عديمى الضمير من مقاولين العمال فى البلدان المرسلة للعمالة، وبالتالى زيادة تعرضهم للديون عبودية.  ويواجه بعض العمال فى قطر شروطا تشير إلى العبودية غير الطوعية، بما فى ذلك القيود المفروضة على الحركة، وحجز المدفوعات، ومصادرة جوازات السفر، والاحتفاظ بتصاريح الخروج، والتهديدات بالترحيل أو سوء المعامل، ومن بين العمال الأجانب، فإن الخادمات المنزليات معرضات بشكل خاص للاتجار، ولا تتم حمايتهن بموجب قوانين العمل القطرية، وقد تتعرض بعض النساء اللائى يهاجرن لأغراض مشروعة فيما بعد إلى الدعارة القسرية. 
 
وتؤكد التقارير الدولية أن العاملات المنزليات هن الفئة الأكثر ضعفا من العمال الأجانب فى الخليج. يعمل أكثر من 174 ألف عاملة منزلية فى قطر، تتولى الغالبية العظمى من النساء، غالبا من جنوب آسيا، رعاية الأطفال والطهو والتنظيف، بينما يوجد أيضا بعض الرجال الذين يعملون فى وظائف مثل السائقين والبستانيين.
 
من جهة أخرى فشلت قطر فى التحقيق فى الوفيات المفاجئة لمئات من العمال المهاجرين، كما التقارير الدولية التى تحدثت عن موت المئات من العمال فى الدولة المضيفة لكأس العالم كل عام، وتشير السلطات القطرية إلى أن معظم الوفيات ترجع إلى النوبات القلبية أو «الأسباب الطبيعية»، وأن كثيرا من المتوفين من الشباب الذين يموتون أثناء نومهم - وهى ظاهرة يطلق عليها محليا «متلازمة الموت المفاجئ».
 
وأشارت التقارير إلى أن مئات الآلاف من العمال يتعرضون لمستويات قاتلة من الإجهاد الحرارى، ويعملون فى درجات حرارة تصل إلى 45 درجة مئوية لمدة تصل إلى 10 ساعات فى اليوم، حيث تضع درجات الحرارة المرتفعة ضغطا كبيرا على نظام القلب والأوعية الدموية، ويقول أخصائيو أمراض القلب إن هناك صلة مباشرة بين الإجهاد الحرارى والأعداد الكبيرة من العمال الشباب الذين يموتون فى أشهر الصيف، فى معظم الحالات، لا يتم إجراء عمليات تشريح على أجساد العمال المهاجرين، حيث يقال إن وفاتهم ترجع إلى أسباب قلبية أو طبيعية.
 
وقال جانيش جورونج، عضو فى أكاديمية أبحاث السياسة، وهى مركز أبحاث حكومى فى نيبال، إن شهادات الوفاة هى شكلية إلى حد كبير، ويتم إصدارها لتلبية متطلبات شركات الطيران التى تنقل الجثث إلى الوطن الأم. وأضاف: «لأنه مجرد إجراء شكلى، يميل الأطباء إلى إصدار شهادات بناء على ما يقال لهم. فى معظم الحالات، لا يكلفون عناء فحص الجثث، أو حتى إجراء تشريح ما بعد الوفاة. حالات التشريح نادرة للغاية، لأنها تتطلب الوقت والمال، لماذا يهتمون بقضاء الوقت والمال على الموتى؟». 
 
 وقال نيك ماك جيهان، مدير شركة مشاريع فاير أند سكوير، وهى منظمة تُجرى أبحاثا عن العمال المهاجرين فى الخليج، إن النتائج تكشف عن عدم الاهتمام برفاهية العمال. «إن قانون التشريح هو دليل آخر على القيمة المختلفة المرتبطة بحياة العمال المهاجرين ذوى الأجور المنخفضة، إذا كان المئات من مواطنى الخليج أو الغربيين يموتون كل عام فى ظروف غير مفسرة، فستكون هناك ضجة، وسيتم دفع أموال من أجل التحقيق فى هذه القضية».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق