حال إفلاس الشركات.. كيف حدد القانون التعاملات مع المستثمرين والتعويضات؟

الجمعة، 24 أبريل 2020 06:00 م
حال إفلاس الشركات.. كيف حدد القانون التعاملات مع المستثمرين والتعويضات؟

تدفع تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي إلى تساؤلات عدة حول احتمالية إفلاس عدد من المنشآت والشركات المتضررة من آثار وباء كورونا المدمرة على مستوى العالم.

وتساقطت خلال الشهرين الماضيين تريليونات الدولارات من سوق المال بسبب انتشار فيروس كورونا، بينما الواقع يشير إلى أن هذه مجرد بداية ما لم تتدخل حكومات العالم.

download (2)

 

وفي ظل تلك التداعيات تظهر إشكالية قانونية في غاية الخطورة، متمثلة فى تأثير كورونا على حالة الإفلاس وهو الأمر الذى وقعت فيه عدد من الشركات العالمية مثل شركة الطيران فيرجن أستراليا التى أعلنت عن توقفها عن الدفع – إفلاسها - بعد يوم واحد من تقديم المؤسس الملياردير، ريتشارد برانسون، نداء أخيراً لدعم الحكومة لثاني أكبر شركة طيران في البلاد، لتصبح الناقلة أحدث ضحايا قطاع الطيران الذي دمرته جائحة فيروس كورونا.

إشهار الإفلاس 

فى البداية - إذا أردنا تعريف الإفلاس بكلمات بسيطة فهو انتقال التاجر المدين من حالة اليسر إلى حالة إعسار، ويترتب على ذلك تصفية أموال المدين لصالح الدائنين، ويشترط لإشهار إفلاس التاجر أن يتوقف عن سداد ديونه مهما كان سبب التوقف، غير أن ما يعنينا هنا هو توقف التاجر عن سداد ديونه بسبب التأثير السلبي لجانحة كورونا على أعماله التجارية، وهو ما يقتضي التفرقة بين أمرين لبيان ما إذا كان توقف التاجر توقفاً مادياً مؤقتاً لسبب طارئ، أو إذا ما كان عدم السداد مرجعه إلى المشاكل المالية التي أدت إلى اضطراب الوضع الاقتصادي للتاجر المدين.

ويعني ذلك أن توقف التاجر عن سداد ديونه والتزاماته بسبب وباء كورونا ليس سبباً في حد ذاته لإشهار الإفلاس، لأن هذا التأثير الطارئ قد لا يصل لدرجة تعجز التاجر عن استعادة مركزه المالى فى وقت مناسب بعد انتهاء الجانحة، وبمعنى أدق فإن توقف أعمال التاجر بسبب تفشي وباء كورونا لا يعنى انهيار ائتمان التاجر.

download (3)

 محكمة النقض

وومن الملاحظ، أن أحكام القضاء المصرى تواترت على اعتبار حالة التوقف عن الدفع من الحالات المزدوجة التي تمثل مسألة واقع من ناحية ومسألة قانون من ناحية أخرى حيث سبق أن قضت محكمة النقض المصرية بجلسة 18/5/1961 فى الطعن رقم 180 لسنة 26 قضائية بأن محكمة الموضوع لها أن تسجل فى حدود سلطتها الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع، إلا أن التكييف القانوني لهذه الوقائع تخضع لرقابة محكمة النقض باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس، ومن حق محكمة النقض أن تراقب جميع عناصره.

القانون في صف المستثمر 

إن التاجر الذي يتم طلب شهر إفلاسه أو طلب إعادة هيكلة تجارته بسبب تأثر أعماله بجانحة كورونا فإن له أن يدفع برفض الطلب لكون التوقف عن الدفع هو توقف طارئ ومؤقت لن يؤثر على ائتمانه، وهو في هذه الحالة يناقش طلب الإفلاس من ناحية الواقع، كما أن له أن يدفع بأن التوقف عن الدفع ـ كشرط من الشروط القانونية لطلب الإفلاس أو إعادة الهيكلة ـ لم يتحقق قانوناً لأن التوقف لم يكن بسبب اضطراب أعمال التاجر المالية ودخوله في ضائقة مستحكمة بما ينتفي معه وجود خطر على دائنيه. 

download

 سوق المال

ومثال ذلك، المنشآت السياحية والفندقية التي توقفت عن سداد مقابل البضائع التي يتم توريدها لها بسبب توقف القطاع السياحي كأثر من آثار تفشي وباء كورونا، فمن الصعب في ظروف انتشار الوباء أن يتم طلب شهر إفلاس المنشأة السياحية ـ بوصفها شخصاً معنوياً تجارياً ـ  لتوقفها عن دفع ديونها، لأن الوضع الظاهر أن التوقف حدث بسبب اجني خارج عن إرادة هذه المنشأة وبسبب تعرضها لأثر سلبى ناتج عن وباء كورونا، ولكن إذا ثبت وجود اضطراب مالى مستحكم من قبل نشأة جانحة كورونا وامتداد آثارها للمنشأة، فإنه يمكن في هذه الحالة الحكم بإفلاس المنشأة لثبوت تزعزع الثقة فى ائتمانها المالى.

شروط الإفلاس 

يشترط لدخول التاجر في حالة الإفلاس أن يكون الديون التي توقف عن دفعها هي ديون ذات طبيعة تجارية وأن تكون خالية من النزاع الجدى، ولهذا يجدر ملاحظة أنه إذا صدر حكم بالتعويض بسبب أعمال غير مشروعة مارسها التاجر أو أحد تابعيه بما يخالف القرارات والقوانين المرتبطة بجانحة كورونا، فإن قيمة المبلغ المحكوم به تعتبر من الديون ذات الطبيعة التجارية التى يمكنها أن تؤدى إلى دخول التاجر في حالة الإفلاس إذا امتنع عن سدادها دون مقتضى. 

 

1440x810_cmsv2_056df641-af16-54e3-88ea-6eba1aca4a19-4439788

 شركات الطيران

ومثال ذلك أن تخالف إحدى شركات النقل التعليمات الصحية الخاصة بمنع انتشار وباء كورونا بما يترتب عليه إصابة المسافرين بالعدوى، وهو ما يؤدي لقيام مسئولية شركة النقل عن تعويض هؤلاء المسافرين، فإذا امتنعت الشركة عن دفع التعويضات المحكوم بها فإنها تقع تحت طائلة الوصف القانون لشرط التوقف عن الدفاع بما يبيح طلب شهر إفلاسها. 

هذا وتجدر الإشارة إلى أن التوقف عن سداد ديون الهيئات العامة مثل الضرائب ورسوم التأمينات والغرامات الجنائية المحكوم بها على التاجر لا يؤدي إلى شهر إفلاسه، مما يعني أن الغرامات التي يتم الحكم بها جنائياُ على التاجر الذي يخالف القوانين واللوائح المتعلقة بوباء كورونا لا تجيز طلب شهر إفلاسه إذا امتنع عن سدادها طالما أن التاجر غير متوقف عن سداد التزاماته الأخرى ذات الطبيعة التجارية.

وبالتالي فإن نظرية الظروف الطارئة ونظرية القوة القاهرة ليسا بمعزل عن دعاوى الإفلاس إذا ما تزامنت حالة الاضطراب المالي مع وقت انتشار وباء كورونا و ظهور تأثيره على الأنشطة الاقتصادية، ففي كل الأحوال تعتبر جانحة كورونا من قبيل الأسباب الأجنبية التي يترتب عليها وقف أداء الالتزامات التعاقدية، بما في ذلك العقود ذات الطبيعة التجارية التي يمكن رفع دعوى الإفلاس بناء على التزامات الناشئة عنها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق