كورونا يحرم آلاف الأباء من تنفيذ حكم رؤية أطفالهم

الأربعاء، 29 أبريل 2020 11:00 ص
كورونا يحرم آلاف الأباء من تنفيذ حكم رؤية أطفالهم
أطفال- أرشيفية

مأساة حقيقة يعيشها آألاف الأباء ممن حرموا من رؤية أبنائهم طبقا لقانون الرؤية، وتنفيذا لعدد من الأحكام القضائية بالرؤية داخل النوادي أو مراكز الشباب، بعد أن أغلقت كل هذه المنشأت أبوابها تنفيذا لقرار رئيس الوزراء بإغلاقها ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمكافحة فيروس كورونا.
 
إذ واكب تلك الإجراءات امتناع الأمهات الحاضنات عن تنفيذ أحكام الرؤية خوفا على أنفسهن وأبنائهن من الإصابة بالفيروس، وفي الوقت نفسه يرفضن استقبال الطرف غير الحاضن للأطفال بديلاً عن الرؤية بالأماكن التى حددها القانون ووزارة العدل، ليبقى الآباء فى صراع بين خيارين كلاهما سيئ أما الذهاب وتنفيذ الرؤية فى أى مكان والمجازفة بالإصابة بالفيروس، أو الحرمان من الاطمئنان على أطفالهم فى ظل الظروف الراهنة.   

إشكالية تصُب فى مصلحة ملايين الاطفال

في تلك الإشكالية التي يتعرض لها الأباء، يظهر سؤال هاما هنا وهو ما موقف القانون من تنفيذ حكم الرؤية من باب صلة الأرحام فى شهر رمضان في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد؟ - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض محمود البدوى.

مسألة الرؤية أو الاستضافة بمعنى أدق وردت فى الفتوى الشرعية رقم 2071 لسنة 2008 المتضمنة إجازة القاضي القضاء بقبول دعوى الاستضافة للأب، وجاء فيها أن الحضانة وتنظيمها إنما هي وسيلة لحماية المحضون ورعايته، والقيام بحقوقه والعناية بشؤونه.

49530-201804210323252325

حتى أن الحاضنة إذا أرادت إسقاط الحضانة لا تسقط، وكل هذا حتى لا يضيع المحضون الذي هو الغاية والمقصد من تنظيم شؤون الحضانة، فليست الحضانة ساحة لكيد المطلق ضد مطلقته، أو لمكر المطلقة بمطلقها على حساب مصلحة المحضون، بل هى ولاية للتربية، غرضها الاهتمام بالصغير وضمان مصلحته والقيام على شؤونه، وقد أناطها الشرع بالأمن على المحضون فى شخصه ودينه وخلقه، ومن جهة أخرى فهى مجال جيد لتعويد النفس عن العطاء والبذل وإنكار الذات – وفقا لـ «البدوي».  

والقانون المنظم للحضانة والمستقى من الشريعة الغراء مقصده تحقيق هذا الغرض، ويدندن حول هذا الهدف، فعندما لا تعسف حرفية القوانين فى تحقيق هذا المطلوب تبقى روح القانون مطية للقاضي المتمكن المتشبع بأغراض الشارع ومقاصده للوصول إلى ذلك المطلوب، وعليه فيجوز للقاضي أن يسمح بالاستضافة يوم في الأسبوع ومدة مناسبة في إجازتي نصف العام الدراسى ونهايته وأعياد السنة حسب ما يراه محققا للمصلحة والعدل، فعند القاضي من الصلاحية المخولة له ما يجعله يقضى بالاستضافة وهو مرتاح الضمير مطمئن البال ما دام الهدف من ذلك هو تحقيق المنشود من شريعة الحضانة المُحِكَمة ورعاية المحضون على الوجه الأكمل. 

ولكن تلك الفتوى التي ترسخ لأمور شرعية فى مسألة حضانة الصغير منها الرؤية والاستضافة، إلا أنها لم تطرق لتوقيت انتشار فيروس كورونا المستجد أحد أهم المخاطر التي تهدد البشرية ككل، ولا يخفي على أحد أن مجرد ذكر إسم - كورونا - بات يرتبط بمخاوف كبيرة لدى الجميع، في ظل ما أثاره من فزع بكافة بلدان العالم تقريبا، وبعد أن تسبب في إصابة قرابة ملايين البشر، ووفاة عدد كبير حتى الآن.

18917-18917-2017-636198366472278702-227

ويكفى أيضاً أن هذا الفيروس المستجد فرض حالة من الرعب أدت الي توقف حركة العالم ككل منها المحاكم والأندية لتنفيذ أحكام الرؤية والاستضافة، وفي ظل كل تلك المخاوف يثار التساؤل الهام في تلك اللحظات وهو – ما هو وضع تنفيذ أحكام رؤية الصغار في ظل ما تم فرضه من إجراءات احترازية بمصر لمنع تفشي وانتشار هذا الفيروس المستجد؟ وهو هل يجوز تنفيذ الحق في الرؤية في فترة انتشار مرض كورونا؟ - الحديث لـ «البدوي».

وهنا نقول واستناداً إلي فكرة أو مفهوم "مصلحة الطفل الفضلى" بأنه لا يجوز تنفيذ أحكام رؤية الصغار ما إذا كان في تنفيذ هذا الحق ترتيب مخاطر على صحة الصغار، أو أن يكون هناك تخوف من إصابة الصغار، وبخاصة في ظل ما تم فرضه من إجراءات احترازية لمنع انتشار هذا الفيروس المستجد وبخاصة بين الأطفال حال مخالطتهم لذويهم حال تنفيذ أحكام الرؤية . 

تعد المصلحة الفضلى للطفل من المبادئ الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، فهي تعد بمثابة حق أساسي، ومبدأ قانوني يُسترشد به في كافة الإجراءات التي تؤثر على مصالح الطفل واعتبارها أولوية وأفضلية في كافة الظروف يجب على السلطات المختصة الالتزام بها واحترامها عند اتخاذ أي إجراء أو تدبير بحق الحدث من شأنه التأثير على حياته ومصلحته، بهدف حمايته، لما يشكله هذا المبدأ من منظومة أخلاق تقتضي إيلاء المصلحة الفضلى للطفل الاعتبار الأول، وإعلاؤها فوق كافة الاعتبارات الأخرى، باعتبارها المحور الذي تدور حوله كافة الحقوق المقرة للطفل دوليًا وداخليًا.

وعليه فإن مصطلح - المصلحة الفضلى - يستخدم للدلالة على رفاه الحدث الذي يحدد بموجب مجموعة من الظروف الخاصة، مثل عمر الحدث ومستوى نضوجه وبيئته وطبيعة تجاربه، وحاجته إلى الحماية من سوء المعاملة والاستغلال والإهمال، وأهمية نموه البدني والذهني، ودور الأسرة والمجتمع في توفير الحماية والرعاية اللازمة لاحتياجات ومتطلبات الحياة الخاصة لهذا الطفل، إذ لا يمكن فهم مصلحة الطفل الفضلى بمعزل عن المتغيرات الخاصة بتنشئته الاجتماعية.

لذلك فإن هذا المبدأ يتضمن مجموعة من الحقوق يجب أن يتم تبنيها في كافة السياسات وبرامج التأهيل التي تستهدف حماية الحدث وتوفير الرعاية اللازمة له لدى الجهات المختصة ذات العلاقة بتأهيل وحماية الأحداث في المنظومة القانونية، لإعادة دمجه في المجتمع وإصلاحه بما يعود بالنفع على المجتمع ككل.

الإطار الدولي المنظم لهذا الرأي وهو المقتبس من نصوص الاتفاقية الدولية حقوق الطفل CRC لعام 1989 :

- نصت المادة (3/1) من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 على أنه :"في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال ، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية ، يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى".

- كما نصت المادة (20) من ذات الاتفاقية على أن:

1- للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئته العائلية أو الذي لا يسمح له، حفاظا على مصالحه الفضلى، بالبقاء في تلك البيئة، الحق في حماية ومساعدة خاصتين توفرهما الدولة.

2- تضمن الدول الأطراف، وفقا لقوانينها الوطنية، رعاية بديلة لمثل هذا الطفل.

3- يمكن أن تشمل هذه الرعاية، في جملة أمور، الحضانة، أو الكفالة الواردة في القانون الإسلامي، أو التبني، أو عند الضرورة ، الإقامة في مؤسسات مناسبة لرعاية الأطفال، وعند النظر في الحلول، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لإستصواب الاستمرارية في تربية الطفل ولخلفية الطفل الإثنية والدينية والثقافية واللغوية"

67942851_712227922537708_1593188380097642496_n
 
مستند 1

 

68555495_712227895871044_3498180674236448768_n
مستند 2

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق