في الذكرى 86 لانطلاقها.. هكذا شكلت الإذاعة المصرية وعي الشعب

الجمعة، 29 مايو 2020 02:00 م
في الذكرى 86 لانطلاقها.. هكذا شكلت الإذاعة المصرية وعي الشعب
أمل عبد المنعم

تحتفل الإذاعة المصرية الأحد المقبل، بذكرى انطلاق بثها عبر الأثير في مصر قبل 86 عاماً، وتحديداً في يوم 31 مايو عام 1934.

وعلى مدار سنوات عمرها ارتبطت الإذاعة المصرية ارتبطاً وثيقاً بالحياة المصرية، وحافظت على شبابها لتتوافق مع الذوق العام للمستمعين من خلال تطوير وتحديث البرامج وكافة الأعمال المقدمة.

النشأة

تم الانتهاء من إنشاء مبنى الإذاعة عام 1934، في 4 شارع الشريفين مقر الإذاعة القديمة وبجوار البورصة المصرية، وظلت الإذاعة بمقرها بالشريفيين حتى عام 1960م حيث تم افتتاح المبنى الحالى "ماسبيرو" و قد أطلق عليه هذا الاسم تيمناً بعالم الآثار الفرنسي جاستون ماسبيرو ( Gaston Maspero ) الذي كان يعمل رئيساً لهيئة الآثار المصرية.

أهم البرامج

وارتبطت برامج الإذاعة المصرية في وجدان المصريين جيلا بعد جيل بجملة "هنا القاهرة"، و بحفلات أم كلثوم في الخميس الأول من كل شهر، ومقدمة الإذاعي الشهير جلال معوض لها والتي لا ينساها الجمهور، وبالدراما الإذاعة والأوبريتات الغنائية والأغنيات، والبرامج الشهيرة (أبلة فضيلة، وربات البيوت، وجرب حظك، وعلى الناصية)، وصولا إلى المسلسل الإذاعي الذي يذاع في الساعة الخامسة والربع عصر كل يوم، والذي تحرص الإذاعة عليه حتى يومنا هذا، فقد كان محل اجتماع الأسرة حول المذياع ليستمتعوا بمسلسلات سمارة وريا وسكينة وزعتر أفندى وموهوب وسلامة، وغيرها من الدراما الإذاعية.

القضايا السياسية

وواكبت الإذاعة المصرية حقبة مهمة عاشتها مصر في قلب الأحداث في عالمها العربي والأفريقي والدولي وتفاعلت معها كوسيلة جماهيرية فعبرت عن نبض الشارع وهمومه وآلامه وأفراحه وانتصاراته ، وكانت ولا تزال المرآة الصادقة لمسيرة الشعب وتاريخه، وحكى ماسبيرو هموم الوطن وقضاياه السياسية وحاربت برامج الإذاعة المصرية الاستعمار وقاومت الاحتلال، فكانت ضمير الأمة المصرية والعربية على مر السنوات‫، ولا أحد يستطيع أن ينكر دورها سياسيا إلى جانب دورها المجتمعي.

أول بيان عن الثورة

لقد كانت الإذاعة المصرية المحرك والعامل الرئيس لنجاح ثورة 23 يوليو عام 1952 وصبيحتها أعلن البكباشى أنور السادات أول بيان عن الثورة من ميكروفون الإذاعة، وتجاوبت الجماهير مع البيان وتوالت برقيات التأييد الفردية والجماعية على الإذاعة، التي ظلت تعلنها على الرأي العام، وقامت الإذاعة بتقديم الثورة للشعب المصري وللعالم أجمع، بالإضافة لإذاعة العديد من البرامج والأغاني والأحاديث لإعلام الشعب بالثورة وأهدافها ومبادئها التي قامت من أجلها.
 

الإذاعات الأهلية

بدأ البث الإذاعي في مصر في عشرينيات القرن الماضي، فكان عبارة عن إذاعات أهلية يملكها بعض الهواة، وتعتمد في تمويلها على الإعلانات التجارية، واستمرت الإذاعات الأهلية في إرسالها حتى توقفت عن الإرسال في يوم 29 مايو من عام 1934، لتترك مكانها للمحطة الحكومية التي بدأ بثها الإذاعي الحكومي بالاتفاق مع "شركة ماركوني" وهي شركة إيطالية الأصل تم تمصيرها في عام 1947 وإلغاء العقد معها.

الإذاعة المصرية

وبدأت الإذاعة المصرية الحكومية بثها الأول في الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم 31 مايو، الذي خصص فيما بعد "عيدا للإعلاميين وللإذاعة المصرية"، واستمع الشعب لأول مرة للبث الإذاعي الذي دوى منطلقا بجملة "هنا القاهرة" التي قالها الممثل المذيع أحمد سالم، أول صوت عرفته الإذاعة المصرية، فكانت إيذاننا ببدء عهد جديد في مصر مع التطور.

ومثلت جملة "هنا القاهرة" الشهيرة فيما بعد إيقونة البث الإذاعي المصري، وهي جملة تعكس الاعتزاز بالوطن تتألق بها إذاعة البرنامج العام منذ الافتتاح وحتى يومنا هذا، ويقولها المذيعون والمذيعات قبل بداية البرامج وفي الفواصل بحماس وبكل انتماء ومن أعماق قلوبهم.

وبعد أن دشنت كلمة "هنا القاهرة" الإرسال الإذاعي تم بث أيات قرآنية تلاوة من الشيخ محمد رفعت، تلاه صوت كوكب الشرق أم كلثوم، لتصبح بعد ذلك عادة صباحية يبدأ بها البرنامج العام إرساله بتلاوة آيات من الذكر الحكيم في الساعة 6 صباحا يعقبها أغنيات، وبرامج متنوعة.

 

رؤساء الإذاعة

وكان سعيد باشا لطفي أول رئيس للإذاعة المصرية، تلاه محمد بك قاسم ومحمد حسني بك نجيب، ومحمد كامل الرحمان ومحمد أمين حماد، وعبد الحميد فهمي الحديدي، ومحمد أمين حماد، وعبد الرحيم سرور، ومحمد محمود شعبان، وصفية زكي المهندس، ثم فهمي عمر وأمين بسيوني، وحلمي البلك، وفاروق شوشة وحمدي الكنيسي، وعمر بطيشة، ثم إيناس جوهر وانتصار شلبى، وإسماعيل الششتاوي، وعادل مصطفى، وعبد الرحمن رشاد، نادية مبروك، وأخيرا محمد نوار.

 

أشهر المذيعين

واشتهرت الإذاعة المصرية بالمذيعين العمالقة وصارت مقترنة بأسمائهم، حيث كان أول مذيع مصري الممثل الشاب أحمد سالم، وكان هناك أيضا أحمد سعيد أشهر مذيع مصري في حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وآخرين على قدر عال من الكفاءة والشهرة ومن بينهم ، طاهر أبو زيد، وبابا شارو، وآمال فهمي، وفضيلة توفيق، وصفية المهندس، جمالات الزيادى، إسعاد يونس، فاروق شوشة، وعواطف البدر.

 

الأحداث الهامة

شهدت الإذاعة العديد من الأحداث الهامة عبر التاريخ مصر خلال القرن العشرين، خاصة خلال فترة الستينيات والسبعينيات، لعل أبرزها دخول الزعيم جمال عبد الناصر لمقر دار الإذاعة المصرية القديم فى 4 شارع الشريفين بوسط البلد بالقاهرة، وكان يوم 28 سبتمبر عام 1961، ليتجمع المواطنون فى محيط الدار عندما عرفوا أنه يتحدث إليهم مباشرةً من ميكرفون هنا القاهرة، وعند خروجه من ذلك المبنى العريق التف حوله المواطنون ليهتفوا له، وهى الصورة التى كشفت عنها مجلة القوات المسلحة، وهى المجلة الوحيدة التى استطاعت أن تصوره، وقالت عنها "الرئيس وهو خارج من دار الإذاعة وحوله الشعب".

 

بيان النصر

أيضا كانت للإذاعة دور كبير فى الفترة من عامى 1967 وحتى عام 1973، عندما كانت هي مصدر الأخبار الوحيد، لعل أبرز مذيعيها فى تلك الفترة هو الإذاعى القدير أحمد سعيد، مؤسس إذاعة صوت العرب، التى بثت لجميع بلاد الوطن العربى، وكانت له إسهامات كبيرة فى تطوير العمل الإذاعى، بينما كان الرائد الإذاعى صبرى سلامة، هو أول من أذاع بيان النصر فى حرب أكتوبر 1973 وأعلن فيه عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس والاستيلاء على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة.

 

تشكيل وعي الشعب

برامج الإذاعة شكلت وعى ووجدان الكثير من أبناء الشعب المصرى، وأيضا كانت مصدرا للتثقيف والترفية لدى المصريين، لعل أبرزها فى فترتى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، ومن أهم تلك البرامج كلمتين وبس للفنان الراحل فؤاد المهندس، برنامج "على الناصية" للإذاعية القديرة "آمال فهمى" والذى كان ينتظره المستمعون بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، وكانت تعرض من خلاله المشكلات المجتمعية ثم تواجه بها المسئولين لحلها.

 

أيضا كانت هناك برامج "همسة عتاب" الذى يعرض مشكلات المواطنين فى إطار درامى تمثيلى لعرض المشكلة، كذلك برنامج "طريق السلامة" للراحلة آيات الحمصانى، الذى كلن يعرض الحالة المرورية وأيضا قواعد السسلامة خلال قيادة السيارات، كذلك برنامج "إلى ربات البيوت" الذى كان مهتما بقضايا ومشاكل المرأة وكانت أشهر من قدمته الإعلامية صفية المهندس، وكان يتضمن أيضا فقرة تمثيلية منها (خالتى بمبه وعائلة مرزوق أفندى"، ثم يليه برنامج "غنوة وحدوتة" التى قدمته العملاقة أبلة فضيلة وكان تقص من خلال الحكايات للأطفال ثم غنوة معبرة لهذه الحكاية.

 

برامج التسلية والترفية

كذلك من البرامج الإذاعية التى تأثر بها المستمعون برنامج "تسالى" للإعلامية القديرة إيناس جوهر، التى كانت ما تفتتحه برباعية صلاح جاهين "غمض عنيك وامشى بخفة ودلع... الدنيا هى الشابة وأنت الجدع.. تشوف رشاقة خطوتك تعبدك.. لكن أنت لو بصيت لرجليك تقع.. وعجبى"، أيضا الاهتمام باللغة العربية كانت من أولويات الإذاعة من خلال برنامج "لغتنا الجميلة" الذى قدمه الشاعر القدير فاروق شوشة، وكان أيضا برنامج "قال الفيلسوف" الذى كان يذاع يوميا بهدف عرض البرنامج الصفات الجميلة والأخلاقية للبشرية، وكان يقدمها الفنان سعد الغزاوى والفنانة سميرة عبد العزيز، أخرجها إسلام فارس.

 

كذلك كان للترفيه والكوميديا نصيبا أيضا من اهتمامات الإذاعة للمستمعين، فكان هناك حلقات الضحك والكوميديا الأشهر "ساعة لقلبك" الذى يعتبر علامة بارزة فى تاريخ الإذاعة المصرية، وكان يضم العديد من نجوم وكتاب الكوميديا والفكاهة فى مصر، منهم يوسف عوف، أحمد طاهر، أمين الهنيدى، أنور عبد الله، محمد يوسف، عبد المنعم مدبولى، فؤاد المهندس، محمد عوض، خيرية أحمد، جمالات زايد، محمد أحمد المصرى (أبو لمعة)، فؤاد راتب (الخواجة بيجو"، نبيلة السيد، أحمد الحداد وغيرهم من نجوم الكوميديا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق