كمال الهلباوي والإخوان.. هل عاد لحضن الإرهاب وأيديولوجيا الدوائر المغلقة؟

السبت، 13 يونيو 2020 11:00 م
كمال الهلباوي والإخوان.. هل عاد لحضن الإرهاب وأيديولوجيا الدوائر المغلقة؟
كمال الهلباوي

«أسباب ترك جماعة الإخوان معقدة ومختلفة بالقدر ذاته، كما هي الأسباب التي جذبت الأفراد إليها في البداية.. هناك المصري كمال الهلباوي الذي يبلغ من العمر 81 عامًا الذي ساهم في تشكيل جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، وبعد مغادرتها ظل مدافعًا عن أيديولوجيا الجماعة»،هكذا وصف الدكتور لورنزو فيدينو، أكثر الباحثين الغربيين خبرة فيما يتعلق بجماعة الإخوان في أوروبا والولايات المتحدة، حال الدوائر المغلقة للجماعة الإرهابية والاستقالات الوهمية.
 
Lorenzo-Vidino_0
 
مدير برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن، كشف خلال كتاب بعنوان «الدائرة المغلقة: الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين والخروج منها في الدول الغربية» المسارات المختلفة للأفراد الذين خضعوا للتحليل، في مرحلة ما بعد تركهم لانتمائهم للإخوان عن الأسباب المتباينة التي دفعتهم إلى ترك الجماعة، فالبعض، مثل كمال الهلباوي، لا يتخلى عن الإسلام السياسي تمامًا، بل يرفض ببساطة الصيغة التي تتبناها جماعة الإخوان، أو على نحو أكثر تحديدًا، قيادة الإخوان الحالية، حيث يعتقد أنها ابتعدت عن التعاليم الأصلية لمؤسس الجماعة، حسن البنا، بحسب وصفه.
الكاتب أوضح إنه لا شك أن هاجس السرية هو أحد العوامل التي تدفع تحركات الناس، مبرزًا تصريحات لـ«الهلباوي» عن الإخوان والتي قال فيها «لم نكن نبيع المخدرات، كنا ننشر الدعوة»، مشيرا إلى إن الدفاع عن غياب الشفافية عادة ما يُعزي إلى أن السرية ضرورية لتجنب مراقبة السلطات الأمنية، وتسللها للجماعة، وهو ما لا يشكل في الواقع تفسيرًا صحيحًا في الغرب، مضيفا أنه من المثير للاهتمام أن السرية والمؤامرات والتآمر كانت بالنسبة للكثيرين منهم جزءًا من الجاذبية التي دفعتهم للانضمام إلى جماعة الإخوان في البداية، ولكنه أصبح في وقت لاحق سببًا لتركها.
 
9780231193665
 
فرضية «فيدينو» في رحلة لقاءاته مع أعضاء الجماعة وتصريحاته في كتابه الجديد يطرح فرضية هل بالفعل استقال كمال الهلباوي من الجماعة، أم هل ما زال يؤمن بأيديولوجيا الإخوان وفكرهم حتى الآن، ويمارس لعبة الانشقاق عن الجماعة بالاتفاق مع الإخوان.
 
كمال توفيق الهلباوي المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان في الغرب، وعضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان والرئيس المؤسس للرابطة الإسلامية في بريطانيا، أعلن استقالته من الجماعة في مارس من العام 2012 - على خلفية ترشيحها خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، بحسب ما صرح به في وسائل الإعلام.
 
وخلال حكم الجماعة الظلامية عارض «الهلباوي» الإخوان في أكثر من موضع أبرزها بعد إصدار مرسي الإعلان الدستوري الاستبدادي، وعن ذلك قال: «مع تصاعد حدة المعارضة للإخوان كتبت عن السيناريوهات المتوقعة في مصر، وكان آخرها التدخل الأجنبي، بينما كان الأول أن يصلح مرسي من نفسه ويخدم الشعب ويظهر للناس علامات للحكم الرشيد، وآنذاك قلت إن هذا غير ممكن، أما السيناريو الثاني في ظل عدم قدرة الأحزاب المدنية على مواجهة الإسلاميين، فكان لابد من تدخل الجيش وقد حدث، والسيناريو الثالث كان الفوضى، ويؤكد أنها المرحلة التي نعيشها الآن وتشمل العنف والإرهاب والقتل والتفجير».
 
ikhwan
 
ومن ضمن أسباب الهلباوي التي ذكرها في استقالته من الجماعة ما أسماه موقف قيادة الإخوان من الثورة، وتأخرهم في الانضمام إليها رسمياً، وتركوها في وقت مبكر، وحضور «المليونيات» التي تهمهم فقط، وأضاف أنه تردد قيادة الإخوان في الترشح للرئاسة من دون أدنى سبب أو لأسباب واهية، دفعته إلى الاستقالة أيضا موضحا ان «التردد في القيادة أمر مشين»، وأن من أسباب الاستقالة أيضاً «فصلهم الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، لأنه أعلن عن ضرورة ملء الفراغ والترشح لرئاسة الجمهورية، وهذا حقهم لائحياً وتنظيمياً، ولكن ما تبع ذلك أيضاً من اضطهاد وتصغير من شأن الرجل وتشويه صورته من بعض القيادات، لم يكن مقبولاً ولا يتفق وأخلاق الدعوة والدعاة، تبع ذلك فصل وتعقب معظم من عملوا معه أو من كانوا معه في حملته الانتخابية». 
 
وقال الهلباوي «الإخوان، حتى بعد بروز الحريات العامة التي تولدت عن الثورة الشعبية العظيمة، لم ينفتحوا في الإدارة ولا على المجتمع، كما كان ينبغي وبالدرجة المطلوبة، وظلت الشفافية في كثير من القضايا كما هي قبل الثورة، كما أن حزب الحرية والعدالة لم يستقل تماماً عن الإخوان كما هو مطلوب في العمل السياسي».
 
وفي تصريحات سابقة لـ«الهلباوي» تؤكد اتباع فكر الإخوان واختلافه فقط مع القيادة الحالية، أنه في 18 مايو 2011  أنكر كمال الهلباوي لصحيفة «الشرق الأوسط» عند سؤاله عن التنظيم الدولي للإخوان، ذلك وقال إنه: لا يوجد مثل هذا التنظيم، وإنما يوجد «تنسيق دولي» بين «الإخوان» بسبب التضييق الأمني على قيادات «الإخوان» في الكثير من الدول، مشيرا إلى أن تشكيل «تنظيم دولي لـ(الإخوان)» حلم يراود الجماعة بحيث تسمع وتطيع أميرا واحدا أو مسؤولا واحدا، وقال إن هذا الحلم يمكن أن يتحقق بعد ثورات تونس ومصر وليبيا وسوريا وغيرها، معربا عن أمله في وجود تنظيم عالمي قوي للإخوان مثل «الاشتراكية العالمية» أو «الحركة الصهيونية».
 
77-2
 
لكن موقف «الهلباوي» تغير بعد ثورة 30 يونيو ورأى أن جماعة الإخوان أخطأت في الاعتماد على أهل الثقة وإهمال الكفاءة وضعف الاستجابة لمطالب الشعب في تغيير الحكومة، مشيرا إلى أن وضع الإسلاميين غير مطمئن لأنه يتسم بالسرية والغموض، ويحدث غالبا نوعا من الانحراف على المتفق عليه في آخر لحظة.
 
كما يؤكد الهلباوي، أن قيادات الإخوان، محمد بديع وخيرت الشاطر ومحمود عزت، ارتكبوا كل الموبقات السياسية، وأن محمد مرسي لم يحكم يوما واحدا بنفسه، ولم يكن يعتمد على مستشاريه وكان آخر من رحل منهم محمد فؤاد جاد الله، وذكر في استقالته عدة أسباب أهمها أن الإخوان بلا رؤية، وهناك تدخلات أكيدة من الجماعة في الرئاسة.
 
وأوضح الهلباوي أن من أخطاء الجماعة الاعتماد على أهل الثقة وإهمال الكفاءة، وضعف الاستجابة لمطالب الشعب في تغيير الحكومة أو إجراء استفتاء مبكر والإعلان الدستوري المعيب، ومحاولة «أخونة الوطن» وأدلجة الإدارة على مستوى المحافظين ورؤساء الجامعات، وما إلى ذلك وعدم قراءة الواقع قراءة سليمة.
 
ويؤكد الهلباوي، أنه بعد الـ30 من يونيو كانت طامتهم الكبرى اعتصام رابعة والنهضة ورفض كل المبادرات للحياة السلمية والاعتماد على الأحلام والرؤى، وأن مرسي راجع بعد يومين أو بعد أسبوع، ومازالوا يحلمون بذلك إلى الآن وتصعيدهم العنف، وتحصين رابعة بكتل خرسانية وسواتر رملية في مظاهر للحرب، وإن أبرز أخطاء الإخوان إنشاء التحالف من أجل الشرعية وضم عاصم عبد الماجد، وصفوت حجازي، وطارق الزمر إليه واستخدام خطاب تصعيدي دموي مثل: «سنسحقهم.. وقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار»، وهذا أوضح استعدادا للدخول في الحرب وليس النجاة والاندماج في الحياة السياسية، ثم اللعب على عواطف الغلابة، والهرب يوم فض الاعتصام وترك الشباب دون قيادة، ثم بعد ذلك فرارهم إلى قطر.

جماعة الإخوان مرت طوال تاريخها بمحاولات لبعض أعضائها الخروج من عباءتها، ولم يكن خروج الأعضاء خروجًا أيديولوجيًا لكنه بالأحرى، كان خروجا تنظيميا واستراتيجيا، ولأسباب تكتيكية، فيما لم تحدث مراجعة فكرية جذرية لرؤية الجماعة الإرهابية، تستهدف رؤية مؤسسها ومَن خلفوه، ليبقى النقطة الأهم هل تصريحات الهلباوي ومهاجمته للإخوان تشير إلى «توبة نصوحة» أم تصريحاته المتناقضة تبين هروب فقط من غرق سفينة وتضعضع تنظيم سقط في الهاوية، بحسب رواية لورنزو فيدينو.

وظهر «الهلباوي»، على قنوات جماعة الإخوان، لعرض مبادرات مزعومة يطالب فيها بالمصالحة مع «الإرهابية»، وقوبلت بالرفض القاطع من جميع السياسيين والأحزاب وطوائف المجتمع المصري، كما خرج على قناة الشرق الإخوانية التي يرأسها الهارب أيمن نور، وشن هجومًا على الدولة المصرية، مادحًا قيادات الإخوان ومؤسسها حسن البنا، حتى أنه وصف مؤسس «الإرهابية» بأعظم شخصيات القرن العشرين.
 
وسافر الهلباوي بعد سقوط حكم الإخوان إلى العديد من الدول وألقى محاضرات ظل فيها يتكلم عن الجماعة، وخلال تلك الفترة تم ترشيحه لمنصب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان باعتباره انشق عن تلك الجماعة ويدافع عن حقوق الإنسان، وفي بلاغ عاجل للمحامي سمير صبري، للنائب العام في مايو 2018 طالب بإدراج كمال الهلباوي على قوائم الكيانات الإرهابية، مؤكدا أنه كشف عن وجهه الحقيقي والذي يعتبر إحدى الأذرع الرئيسية لجماعة الإخوان المحظورة وتوهم من توهم أنه قد انشق عنهم وبعد عن أفكارهم وهو في الحقيقة كالعملة المعدنية وجهان لعملة واحدة في النهاية تنصب فى مصلحة جماعة الإخوان.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق