وفاة طبيب الغلابة.. مواقف في حياة "أيقونة الإنسانية "

الثلاثاء، 28 يوليو 2020 01:15 م
وفاة طبيب الغلابة.. مواقف في حياة "أيقونة الإنسانية "
وفاة طبيب الغلابة
عنتر عبداللطيف

"أوصانى والدى وهو على فراش الموت بألا أتخلى عن الفقراء، وألا أرفع قيمة ما أتقاضاه عن إجراء الكشف الطبي".. وصية وضعها الدكتور محمد مشالى الشهير بـ"طبيب الغلابة" نصب عينيه وظلت نبراسا له حتى النفس الأخير من حياته فبالرغم من قيمة الكشف الضئيلة التى لا تتعدى الجنيهات القليلة فقد كان يجري الكشف مجانا، وعندما يعجز المريض عن اجراء التحاليل والأشعة الطبية والدواء كان يتكفل بهم "طبيب الغلابة".

2019_3_19_7_45_26_403

الدكتور محمد مشالى فى عيادته

10 جنيهات فقط. هذا ما كان يتقاضاه الدكتور محمد مشالى من المريض فى حين يبلغ قيمة كشف أقل طبيب شهرة مئات الجنيهات منذ أن افتتح الدكتور "مشالى" عام 1975 افتتح "مشالي"، عيادته الخاصة في طنطا بجوار مسجد السيد البدوي، وكان كشفه الطبي في عيادته لا يزيد عن 5 جنيهات، وزادت أخيرا لتصل إلى 10 جنيهات، وكان يكشف على غير القادرين بالمجان.

يقول الدكتور محمد مشالي أنه تأثر كثيرا بكل ما كتبه طه حسين، ليعتبره أباه الروحي، خاصة ما كتبه في روايته "المعذبون في الأرض": "أوصيكم خيرا بالفقراء، خاصة المرضى الفقراء"، فاعتبرها مشالي وصية موجهة له وعمل بها طيلة حياته.

يكشف طبيب الغلابة أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان له دورًا في تغيير حياته، بعدما أصدر قراره بمجانية التعليم حيث يسرد تفاصيل ذلك بقوله: "نشأت في بيئة متوسطة وخدت الثانوية العامة بتفوق ووالدي أخدني علشان يقدملي في كلية الطب في القاهرة ولقى أن المصاريف هتبقى غالية فقالي يا ابني المصاريف هتبقى غالية ويشاء ربنا في هذا اليوم مساء ويصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارا بمجانية التعليم ولو مكنش القرار ده مكنتش اتعلمت، وأبويا قالي اطلع بقى جري قدم، ولولا هذا القرار كنت زماني شغال في المواصلات أو الأتوبيسات ولما قولتله نفسي أبقى دكتور قالي هجيبلك منين أنتم 6 عيال هصرف عليكم منين".

يقول الدكتور مشالي:" طلب طفل صغير فى السن  وكان مريضا بالسكر، من والدته أن تشتري له حقنة الأنسولين لأنه يشعر بالإعياء الشديد، إلا أن والدته التى لم تكن تمتلك أموالا قالت له فىحزن: "لو اشتريت لك الحقنة سوف يموت أشقاؤك جوعا". وبعد لحظات صعد الطفل إلى سطح منزله وأشعل النار في نفسه.

 "لقد مت يا أمي كي يعيش إخوتي".. هذا ما قاله الطفل وهو يحتضر وسمع ذلك طبيب الغلابة إنه كان حينها يخدم بوحدة صحية هناك، ولذى كان قد سارع إلى الطفل محاولا إنقاذه، إلا أن روح الطفل فاضت إلى بارئها وهو ما كان له بالغ الاثر على حياة الدكتور مشالى والذى قرر بعد هذا الموقف أن يوهب حياته لخدمة الفقراء بدون أجر.

يذكر أن  الدكتور محمد مشالي المعروف بطبيب الغلابة، توفى اليوم الثلاثاء بسبب هبوط مفاجئ في الدورة الدموية، ليفارق الحياة عن عمر يناهز (74 عامًا).

 
ولد "مشالي"، عام 1944 بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، وتخرج من كلية الطب قصر العيني في القاهرة 5 يونيو 1967، وتخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، ليعمل في عدد من المراكز والوحدات الطبية بالأرياف التابعة لوزارة الصحة المصرية في محافظات مختلفة.
 
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق