هل أفلام ديزني مسيسة؟.. مولان نموذجاً

الإثنين، 14 سبتمبر 2020 11:30 ص
هل أفلام ديزني مسيسة؟.. مولان نموذجاً
فيلم مولان
محمد الشرقاوي

في أوقات الأزمات والصدامات السياسية، تستخدم الدول قواها الناعمة لتوصيل رسائل لخصومها، في شيء يعتبره منظرو السياسية أحد أساليب الحروب الباردة، وهي تسيس الفن والدراما. 
 
أبرز تلك النماذج المطروح مؤخراً على الساحة السياسية، فيلم "مولان" وهو فيلم أثار جدلاً واسعاً واستنكاراً لدى المحللين الأمريكين، ولكن بشكل عكسي، فالفيلم الأمريكي من إنتاج شركة ديزني، اعتبره البعض دعماً للصين، في وقت تحتدم فيه لبكين بسبب بعض سياساتها في إقليم شينجيانج وهونج كونج واحتدام التوترات مع الولايات المتحدة والدول الغربية.
 
وقدم مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، عرضاً بحثياً، بعنوان: "رسائل مولان": كيف انتقل التوتر الأمريكي- الصيني إلى هوليوود؟"، قال إن الفيلم الجديد تتضمن رسائل سياسية آثارت استهجاناً واسعاً من المحللين والسياسيين الأمريكيين، الذين رأوا أن الفيلم يعمل على تعزيز وتحسين صورة الصين الدولية. 
 
MV5BNDliY2E1MjUtNzZkOS00MzJlLTgyOGEtZDg4MTI1NzZkMTBhXkEyXkFqcGdeQXVyNjMwMzc3MjE@._V1_UY1200-
 
وذهبت بعض التقارير الأمريكية، إلى أن فيلم "مولان" بمثابة قيام الولايات المتحدة بضخ 200 مليون دولار، وهي ميزانية الفيلم لعمل احتفال أمريكي بالقومية الصينية، مستندين في ذلك إلى عدة مؤشرات، قدمتها الباحثة إيمان فخري. 
 
ومن بين تلك المؤشرات، أن الفيلم الروائي الجديد لمولان يختلف عن فيلم الرسوم المتحركة الذي سبق وأن تم تقديمه وكانت بطلته المطلقة هي "مولان"، إلا أن الفيلم الجديد تم تأطيره على أنه قصة والدها الذي يقوم برواية الفيلم بأكمله، كما أبرز بسالة الجيش الإمبراطوري الصيني في قتال وهزيمة الغزاة المغول، وإحكام السيطرة الصينية على الحدود.


دعم القمع في هونج كونج 
 
وفي أحداث العمل السينمائي الصادر حديثاً، قدمت الممثلة الصينية "ليو ييفي"، والتي أدت شخصية "مولان" في الفيلم الجديد، الدعم العلني لشرطة هونج كونج لقمع المتظاهرين، وعندما احتُجزت الناشطة "أغنيس تشاو" البالغة من العمر 23 عامًا في هونج كونج، قام عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بتصميم صور وتداولها عبر الإنترنت لوصف "تشاو" بأنها "مولان الحقيقية". وانتشرت دعوات مقاطعة الفيلم في هونج كونج.
 
المخرجة النيوزيلندية، نيكي كارو، صرحت لوكالة أنباء شينخوا الصينية، بأنه من نواحٍ كثيرة، يعد الفيلم رسالة حب إلى الصين، لقد كان لدي جيش من المستشارين الصينيين، وذلك لأن العديد من الصينيين يشعر بملكية شديدة لشخصية مولان، وذلك بعد أن نشئوا وهم يتعلمون في المدرسة عن قصة "مولان" والأشعار المرتبطة بها والبالغ عمرها 1500 عام.  
 
يشير العرض البحثي، إلى أنه في نهاية الفيلم، وتحديدًا في الدقيقة التاسعة من خاتمة الفيلم البالغ مدتها 10 دقائق، قام صانعو الفيلم بتقديم الشكر لثمانية كيانات حكومية في إقليم شينجيانج، حيث تم تصوير جزء من الفيلم في هذا الإقليم، ويقطن هذا الإقليمَ مسلمو الإيجور الذين تدور بشأنهم نزاعات حادة بين الصين والولايات المتحدة، حيث تتهم الأخيرة الصين باحتجاز ما يقرب من مليون من مسلمي الإيغور في معسكرات، في حين تنفي الصين هذه الاتهامات. 
mulan001
 
وحمل الفيلم رسائل أخرى، منها تضمنه لأحد الصور التوضيحية التي كتب عليها أن "شمال غرب الصين -أي شينجيانج– هي جزء لا يتجزأ من الصين، ويجب أن تدافع عنه مولان من أجل والدها وعائلتها وإمبراطورها".
 
وأشارت "جانيت نج" في مجلة Foreign Policy إلى أن هذه ليست الحقيقة التاريخية، أو حتى حقيقة القصيدة الأصلية التي تستند إليها القصص حول مولان. 

شكر الصين أمر عادي
 
وعلقت كريستين إم مكارثي، كبيرة الإداريين الماليين في شركة ديزني، إلى أنه من الممارسات الشائعة في هوليود أن يتم تقديم الشكر إلى الكيانات الحكومية التي سمحت بالتصوير، وأكدت أنه على الرغم من أن جميع المشاهد التي تضم فريق التمثيل الأساسي تم تصويرها في نيوزيلندا، إلا أن الشركة قد صورت بعض المشاهد في الصين بغرض تصوير بعض المناظر الطبيعية والجغرافيا الفريدة لهذه الدراما التاريخية، وهو ما ينفي وجود تسيس.
 
ويرى عدد كبير من المحللين أن قرار تصوير أي جزء من الفيلم في إقليم شينجيانج كان قرارًا خاطئًا، خاصة وأن التصوير قد تم في أغسطس 2018، أي بعد انتشار الأنباء حول وجود معسكرات لاعتقال وتعذيب مسلمي الإيجور في شينجيانج كما تشير الولايات المتحدة.

هل سيست ديزني؟
تقول الباحثة إيمان فخري، إن البعض قد يستغرب موقف شركة ديزني، الذي فسره بعض المحللين والمهتمين بالشؤون الصينية، بأنه موقف يوصف بأنه مغازلة من الشركة للصين في خضم التوترات الشديدة التي تموج بها العلاقات الأمريكية- الصينية.
 
ويُعزَى ذلك إلى أن الصين تعد السوق الأهم لشركة ديزني، فالصين تقترب من أن تتجاوز الولايات المتحدة وكندا باعتبارها المحرك الأول في شباك التذاكر في العالم،  فضلًا عن أن الحكومة الصينية تشارك ديزني في ملكية منتجع شنغهاي ديزني الذي تبلغ قيمته 5.5 مليارات دولار، والذي قال مسؤولون تنفيذيون في ديزني إنه أعظم فرصة للشركة منذ أن اشترى والت ديزني بنفسه أرضًا في وسط فلوريدا في الستينيات، وفق العرض البحثي.
 
واستطردت: "لذا سعت ديزني إلى أن يكون فيلم "مولان" جاذبًا للجماهير الصينية، فلقد تم اختيار ممثلَيْن صينِيَّيْن لهما شعبية في الصين ليقوما بتجسيد دور "مولان" ودور قائد الجيش الصيني، كما قامت ديزني بمشاركة السيناريو مع المسؤولين الصينيين (وهي ممارسة غير شائعة في هوليود) واستجابت لنصيحة المستشارين الصينيين، الذين أخبروا ديزني بعدم التركيز على أسرة حاكمة صينية معينة.
 
ويستدل على الأهمية الاقتصادية لفيلم "مولان" بالنسبة لشركة ديزني من خلال تصريح أدلى به "آلان إف هورن"، الرئيس المشارك لأستديوهات والت ديزني، لصحيفة "هوليود ريبورتر" العام الماضي، حيث قال: "إذا لم ينجح مولان في الصين، فستكون لدينا مشكلة". 
 
وتجدر الإشارة إلى أن الصين قد سبق وأن منعت إطلاق فيلم الرسوم المتحركة "مولان" الذي صدر في التسعينيات، لمدة ثمانية أشهر، بسبب دعم شركة ديزني آنذاك لفيلم  "Kundun" للمخرج "مارتن سكورسيزي". وهو فيلم يُنظر إليه على أنه متعاطف مع الدالاي لاما .
 
ردود فعل أمريكية حول مولان
 
ويسلط الجدل الدائر حول الفيلم الروائي "مولان"، الضوء مرة أخرى على المعضلة التي تواجهها الشركات عند محاولة موازنة مبادئها الحاكمة مع رغبتها في الوصول إلى السوق الصينية. 
 
ولم تقتصر تداعيات الأزمة على دعوات مقاطعة الفيلم، بل قامت مؤسسة حقوق الإنسان بالولايات المتحدة بإرسال رسالة إلى الرئيس التنفيذي لشركة ديزني "بوب تشابك" تطلب من الشركة "إدانة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شينجيانج وهونج كونج، والتفكير في التبرع بجزء من عائدات فيلم مولان لمنظمات تدعم حقوق الإنسان في هذه المناطق".
 
senator-hawley-announces-bill-banning-loot-boxes-pay-to-win-mechanics
 
ووجه السيناتور الأمريكي "جوش هاولي" خطابًا أيضًا إلى رئيس شركة ديزني تضمن: "كيف يتوافق تقديم شكر خاص للمسؤولين عن سجن وتعذيب وتعقيم الملايين من الأشخاص قسرًا بسبب أعراقهم ومعتقداتهم، مع التزامك المفترض بتعزيز الكرامة الإنسانية واحترام حقوق الإنسان؟
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق