القائمة الوطنية تكتب نهاية عصر «الدم والنار» في انتخابات «النواب»

السبت، 10 أكتوبر 2020 09:00 م
القائمة الوطنية تكتب نهاية عصر «الدم والنار» في انتخابات «النواب»
انتخابات مجلس النواب
سامي سعيد

12 حزباً وتنسيقية شباب الأحزاب يكسبون الرهان بالعمل تحت مظلة واحدة رغم الاختلافات السياسية

الدفع بدماء جديدة في الانتخابات البرلمانية يقضى على القبلية ويفتح الباب أمام وجود مجلس قادر على مجاراة مسيرة الإصلاح 
 
لم تكن فكرة تجميع أحزاب ذات أفكار مختلفة وربما متضادة ما بين من يقف في أقصى اليسار، مع أحزاب تتبنى الفكر الرأسمالي أو الليبرالي في كيان واحد فكرة سهلة بأي حال من الأحوال، خاصة إن كان هذا الكيان هو تحالف واحد يخوض الانتخابات البرلمانية التي يراها المواطن هي الأهم، نظراً لأنها تنعكس علي حياته ومصالحه الشخصية بشكل مباشر وغير مباشر. 
 
الفكرة الأساسية كانت بتجميع أكبر عدد من الأحزاب متفقون على مجموعة من المبادئ أهمها دعم الدولة المصرية، ومن هنا جاءت "القائمة الوطنية من أجل مصر" التي شهدت جلسات تشكيلها عشرات الاجتماعات وحالة من الشد والجذب والدخول والخروج بعض القوى السياسية، هذا ما علمناه ومعظم كواليس هذه الاجتماعات لم تعلن حتى الآن، ولا يدري احد خارج المجتمعين ماهية وطبيعة النقاش داخل هذه الجلسات. 
 
ورغم التحديات التي واجهتها القائمة الوطنية في الانتخابات البرلمانية في طور التشكيل والاتفاق، إلا انها استطاعت أن تنجح في خوض انتخابات مجلس الشيوخ بنجاح كبير، وأيضا السير في طريق النجاح من خلال تشكيل 4 قوائم وطنية لانتخابات مجلس النواب تضم عشرات الشخصيات السياسية والحزبية وبعض رجال الأعمال والشباب، يمثلون 12 حزباً وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ومجموعة من كبار السياسيين.
 
وكما كان متوقعاً، واجهت القائمة انتقادات وهجومًا لا حدَّ لهما منذ اللحظة الأولى، ومع التأكيد أن هذا التحالف هو انتخابي فقط سيكون لكل نائب قناعاته وأراءه السياسية تحت القبة، وهو ما حدث خلال الفترة الماضية حيث مضى أكثر من شهر على إعلان النتائج الرسمية لانتخابات الشيوخ، وخرج معظم نواب الشيوخ يعبرون عن آرائهم المختلفة في كافة الأحداث التي جرت خلال هذه الفترة، بما يتوافق مع أفكارهم التي لا يمكن أن تصطف كلها على خط واحد كما تروج لجان الجماعة الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي. 
 
بعد ان انفك التحالف الانتخابي، عاد كل نائب يعبر عن افكاره وسياساته بمنتهى الحرية، واصبح هناك مجلس منتخب به تعددية حزبية تماشيا مع ما نص عليه الدستور.

في الإعادة.. إفادة
ومع نجاح تجربة القائمة الوطنية في انتخابات مجلس الشيوخ الماضي، كان من الطبيعي تكرار هذه التجربة في الانتخابات البرلمانية التي تعد الأهم والأبرز نظرا للصلاحيات التي يمتلكها مجلس النواب. 
 
ما جرى ولا يمكن لأحد أن يشكك فيه أنه تم إعادة فتح باب المناقشة مع نفس الأحزاب الممثلة في القائمة الوطنية «من أجل مصر»، التي خاضت تجربة انتخابات مجلس الشيوخ وهم مستقبل وطن، والوفد، وحماة الوطن، والشعب الجمهوري، والمصري الديمقراطي، والتجمع، والمؤتمر، والعدل، ومصر الحديثة، والإصلاح والتنمية، والحرية، وإرادة جيل، إضافة إلى 15 حزبًا غيرها من خلال تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين التي تضم 27 حزبًا وعددًا كبيرًا من المُستقلِّين.
 
هذا الكم من الأحزاب ذات التوجهات المختلفة هو أقوى دليل علي التعددية الحزبية، وان جميع القوى المدنية مرحب بها، وأبلغ رد على المُعترضين على نظام الانتخاب بالقوائم إجمالا أو على «القائمة الوطنية» بالتحديد، وإن هناك احتكارًا سياسيًّا مارسته القائمة، عبر واحد أو أكثر من أحزابها.
 
فى التفاصيل والأرقام يضمّ التحالف الذى انبثقت عنه تلك القائمة 12 حزبًا سياسيًّا. منطقيًّا لا يُمكن أن تكتسب تهمة الاحتكار جسدًا صلبًا ووجودًا مُقنعًا مع كل هذا العدد من الأحزاب والمُستقلّين، فضلاً عن أننا إزاء سباق انتخابي معروض للمواطنين، أصحاب الحق الأول فى حسم الأمر وتقرير نسب الوجود تحت قبّة.

الأرقام.. لا تكذب ولا تتجمل 
وفقا لقانون تقسيم الدوائر فإن عدد المقاعد الفردي والقائمة متساويان حيث يشكل كلا منهما  نصف مقاعد البرلمان بالنظر إلى لغة الأرقام التي وصلت اليها انتخابات مجلس النواب حتى الآن نجد أن هناك  نحو 4 آلاف مرشحا  بينهم 3 آلاف و128 مُستقلاًّ بنسبة 68%، و878 يُمثّلون 36 حزبًا، منها 6 أحزاب كبرى تستأثر بـ625 مُرشَّحًا يُمثّلون 71% من الحزبيين و15% فقط من إجمالى المتنافسين على المقاعد الفردية، تلك الإحصاءات تُعنى أننا إزاء مُعدّلات تنافس بواقع 14 مرشحا  على كل مقعد  بالفردى، وهى مستويات تتجاوز كثيرًا من المجالس النيابية السابقة طوال نصف القرن الأخير.

الشباب والدماء الجديدة 
ضمت القائمة عدداً من الشباب والوجوه الجديدة والبارزة منهم  الإعلامي يوسف الحسيني، الذى انضم إلى حزب مستقبل وطن مؤخرا، وكان متحدثا باسم القائمة الوطنية فى انتخابات مجلس الشيوخ ولا يزال للنواب، وقد دفعت القائمة الوطنية من أجل مصر فى دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا بـ35 نائبا حاليا، و50 سيدة، و32 شاب، و9 مسيحيين، أما فى دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد فقد دفعت القائمة بـ34 نائب حالى إلى جانب الأمين العام السابق لمجلس النواب المستشار أحمد سعد الدين، و50 سيدة، و8 مسيحيين، و25 من الشباب.
 
أما في دائرة قطاع شرق الدلتا فقد تم الدفع بـ15 نائب حالي ضمن القائمة الوطنية من أجل مصر، و21 سيدة منهن سامية توفيق زوجة الشهيد محمد فضل الله، و10 من الشباب، و3 مسيحيين، وفى دائرة قطاع غرب الدلتا تم الدفع بـ10 نواب حاليين، و21 سيدة، و15 من الشباب.
 
المتابع للمشهد السياسي في مصر سيجد أن ثلث الأحزاب المصرية ليس مشاركة في الانتخابات البرلمانية ولم تشارك في انتخابات مجلس الشيوخ حيث لا يوجد سوى ما يقرب من 25 حزبًا له تمثيل برلماني سواء في المجلس السابق أو الانتخابات الحالية وبذلك يكون هناك ما يقرب من  68 حزبًا تمثل 65% من الساحة غابت بإرادتها عن المشهد، و23 حزبًا من المشاركين انحسر حضورها الفردى فى 253 مرشح  فكان من الطبيعي يكون هناك حزب أو اثنين لهم تواجد أكبر وهو ما يبرر استحواذ حزب مستقبل وطن عن نسبة اكبر من عدد المقاعد نظرا لعدد الأعضاء والشخصيات الموجودة به  كما لا يصح الحديث عن الاحتكار انتصارا للافتات سياسية لا وجود لها فى مقابل أحزاب ذات هياكل حقيقية، حتى لو اختلف معها البعض سياسيًّا أو فكريًّا! ومقابل ذلك يُتّهم حزب مستقبل وطن باحتكار القائمة، بينما يُشاركه فيها 11 حزبًا والتنسيقية، كما يُتَّهم بالسيطرة على الانتخابات بينما يخوض سباق الفردى بـ285 مُرشَّحًا من إجمالى 4 آلاف و6 بينهم 3 آلاف و128 مُرشَّحًا من المُستقلّين.
 
استكمالا لما ذكر هو نشاط  الأحزاب الكبرى مثل مستقبل وطن و الشعب الجمهوري والوفد نجد هناك العشرات وربما المئات من رجال الأعمال والشخصيات الاقتصادية والسياسية البارزة والتي تستطيع أن توفر تمويلا لحدث ما أو تتكفل بمبادرة كما حدث في الايام الاخيرة فيما يتعلق بإعلان حزب مستقبل وطن تحمله قيمة التصالح في مخالفات البناء نحو 27 ألف مواطن وهو رقم كبير ولكن في المقابل هناك شخصيات ورجال أعمال تستطيع المشاركة في الدور الخدمي والمشاركة الاجتماعية لتخفيف الأعباء عن المواطن وهو نظام معمول به في العديد من دول العالم يهدف لتمويل الأنشطة السياسية، ويُسمح للأحزاب والمُرشَّحين بجمع التبرُّعات والمساهمات الشعبية وفق أُطر قانونية واضحة، وهو ما يحدث فى مصر أيضًا، ليس خلال مواسم الانتخابات فقط.
 
وفيما يتعلق بالدعاية الانتخابية فقد حددت الهيئة الوطنية قيمة الدعاية الانتخابية للقوائم بالمرحلتين 17 مليونًا و200 ألف جنيه للقائمة ذات 100 مقعد، و9 ملايين و800 ألف جنيه لـ42 مقعدًا، بمُتوسّط عام يتجاوز 200 ألف جنيه للفرد. وبالنظر إلى أن القائمة تضم 82 شابًا، و142 امرأة بينهن عدد من زوجات الشهداء وبعض الكوادر وأساتذة الجامعات مُتوسِّطى الحال، فإن ثُلث المُرشّحين ممّن يبدؤون حياتهم العملية أو يعيشون عيشةً بسيطة، ولا يستطيعون تكبُّد أعباء الانتخابات، وإمَّا أن تدعمهم الأحزاب، أو يغيبون عن التمثيل والعمل السياسى، وهنا تحضر الهياكل والآليّات المُؤسَّسية بالقوى السياسية؛ لتُدبّر نفقات تلك الفئات من مواردها ومساهمات أعضائها.

وداعا لانتخابات «الدم والنار»
صنف البعض المرشحين الموجودين في القائمة أنهم من الوجوه الجديدة وليست الرموز المتعارف عليها خاصة في الصعيد وفي الحقيقة ان هذا ميزة اضافية للقائمة حيث كسرت الأعراف القديمة واعتمدت علي شخصيات جديدة تمتلك رؤية وفكر مختلف يتماشى مع رؤية الدولة في التنمية والإصلاح وان الفكر الذي كان موجودا في السابق لا يصلح الان وان المواطن يحتاج فكرا مختلفا يحقق طموحه ويحل مشاكله وأن أية عودة إلى اعتبارات القبيلة أو العائلة أو العصبية الجغرافية تُمثّل ارتدادًا عن قيم الديمقراطية والحداثة، وانتصارًا للحصص الجغرافية والعشائرية وتوريث السياسة.
 
وتطبيق هذه الرؤية كان السبب الأول لعدم وجود رموز حزبية وشعبية ونوابًا خارج القائمة، بعضهم يخوضون السباق على المقاعد الفردية وآخرون يعودون إلى بيوتهم الحزبية أو أنشطتهم الاجتماعية والأهلية، ومن بين 284 فرصة مُتاحة على القوائم حازت الوجوه الجديدة 189 بنسبة 66.5%، أغلبهم من الشباب والأكاديميين والمهنيّين وأصحاب الكفاءة والخبرات النوعية. والأكيد أن هذا الانحياز لم يمنع رموز العائلات والمناطق الجغرافية المختلفة من خوض السباق على المقاعد الفردية بصفة «مُستقل».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق