تنشر لأول مرة.. وثيقة نادرة تؤكد وضع حسن البنا «تحت المراقبة» أثناء حرب فلسطين

الجمعة، 12 فبراير 2021 11:00 م
تنشر لأول مرة.. وثيقة نادرة تؤكد وضع حسن البنا «تحت المراقبة» أثناء حرب فلسطين

كشفت وثيقة نادرة عن تفاصيل تنشر لأول مرة بشأن وضع البوليس السياسى المرشد العام للجماعة، حسن البنا، «تحت المراقبة» أثناء حرب فلسطين!
 
مصطفي-مشهور
مصطفي مشهور
 
الوثيقة عبارة عن تقرير صادر من ضابط الاتصال بقسم البوليس السياسى بمحافظة الإسماعيلية، ونصها كالتالى:
 «حضرة صاحب العزة/ المدير العام لإدارة عموم الأمن العام..
 
 بناء على تكليفى من قبل سعادتكم بمراقبة الشيخ حسن البنا عند حضوره لمدينة الإسماعيلية يوم 20 الجارى، وملاحظة اتصاله بضابط المخابرات ليز، أتشرف بأن أبلغ عزتكم أن الميجور ليز قد نقل من القطر المصرى فى شهر أكتوبر سنة 1947، وعين بالسفارة البريطانية بباريس، وقد عين مكانه الميجور سمرز، وقد عينّا كونستابل لمراقبة مكتب هذا الضابط من صباح اليوم المذكور حتى الساعة السادسة مساء، فلم يحضر إليه أحد، وقد راقبت هذا الميجور بنفسى هو وضابط المخابرات من الساعة السابعة مساء حتى الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، حيث دعوتهما إلى تناول العشاء معى بالنادى الفرنساوى بالإسماعيلية، وقد ساعدنى فى هذه المراقبة رئيس مكتب القسم السياسى بالإسماعيلية، حيث عين كونستابلين لمراقبة الأماكن والمنازل التى قد يتردد عليها الشيخ حسن البنا عند حضوره لمدينة الإسماعيلية يوم 20 الجارى من الصباح حتى الساعة الحادية عشرة مساء، إلا أنه لم يحضر إطلاقا إلى الإسماعيلية، ولم يلاحظ على الميجور سمرز ما يدعو إلى الريبة، وبهذه المناسبة أتشرف بإبلاغ سعادتكم أننا لاحظنا أن منطقة الإسماعيلية أصبحت ذات أهمية خطيرة، نظرا لتركز القوات البريطانية فيها، ووجود جاليات أجنبية كبيرة ووقوعها على الطريق الرئيسى من وإلى فلسطين، وأن القسم المخصوص المكلف بمراقبة النشاط السياسى والطائفى بهذه المنطقة أصبح مرهقا بكثرة العمل، وعدم توافر القوات اللازمة ووسائل المواصلات.
 
عنف الاخوان (1)
 
وأرى توفير الوسائل اللازمة له من وسائل الانتقال وتزويده بالعدد اللازم من الكونستابلات والعساكر حتى يتمكن من القيام بالمهمة الموكلة إليه على الوجه الأكمل.
 
وتفضلوا عزتكم بقبول فائق الاحترام.
ضابط الاتصال صاغ «رائد»: شريف العبد
الإسماعيلية 22 مايو 1948»
لكن من هو الصاغ شريف العبد ضابط الاتصال؟ 
 
تكشف الوثيقة أن ضابط الاتصال المكلف بنقل المعلومات من مكتب القلم السياسى «البوليس السياسى» إلى إدارة عموم الأمن العام بوزارة الداخلية، قد ظل يقوم بهذه المهمة لسنوات طوال، حيث ورد اسمه بنفس الصفة بعد هذا التاريخ بنحو أربع سنوات، ولكن بعد أن تقلد رتبه بكباشى «مقدم»، وأصبح مسؤولا عن مهمة الاتصال بوزير الداخلية فؤاد سراج الدين باشا، أثناء عمليات المقاومة قبل 25 يناير 1952.
 
ورغم أن الوثيقة لم تحمل اتهاما مباشرا لـ«البنا» بعمالته للمخابرات البريطانية، إلا إنها أوردت الكثير من الشكوك والجدل، خاصة التوقيت الحساس لها وهو «20 مايو»، أى بعد تحرك القوات المصرية إلى فلسطين بنحو خمسة أيام! ولكنها تشير إلى أن «المرشد» كان فى دائرة الشك الأمنية، أو «تحت المراقبة»، حيث يشير التكليف إلى مراقبة اتصاله بالضابط «ليز»، ووفقا للرد «فقد نقل الضابط الإنجليزى من القطر المصرى منذ عام 1947»، ما يعنى أن الشكوك كانت قائمة قبل هذا التاريخ بشهور، وربما سنوات!
 
عنف الاخوان (3)
 
بعد أقل من شهرين من هذا التاريخ، واعتبارا من شهر يوليو عام 1948 عادت الانفجارات من جديد لتهز شوارع وميادين القاهرة، والطائفة المستهدفة بالطبع كانت اليهود، فقد انفجرت شحنة من الديناميت فى محل شيكوريل بوسط القاهرة، تبعها انفجاران فى محلى بنزايون وجايتنو فى الشهر التالى، وأمام هذه الانفجارات التى أشارت أصابع الاتهام فيها إلى الإخوان، أعد عبدالرحمن عمار، وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأمن، مذكرة حول جماعة الإخوان المسلمين، قال فيها: «إن الجماعة ترمى إلى الوصول إلى الحكم بالقوة والإرهاب، وإنها اتخذت الإجرام وسيلة لتنفيذ أهدافها، فدربت شبابا من أعضائها أطلقت عليهم اسم «الجوالة»، وأنشأت لهم مراكز رياضية تقوم بتدريبات عسكرية، وأخذت تجمع الأسلحة والقنابل والمفرقعات وتخزنها وساعدتها على ذلك ظروف حرب فلسطين.
 
خلال فترة الحرب العالمية نضجت أساليب «الإخوان» فى التعامل مع أجهزة المخابرات الغربية، وهو ما دفع «البنا» إلى فتح اتصالات سرية عبر وسطاء مع «هتلر» و«موسولينى»، بينما احتفظ بعلاقات خاصة مع السفارة البريطانية، وأظهرت وثائق للبوليس السياسى المصرى أن غالبية شُعَب الإخوان فى المحافظات كانت تتحرك بأوامر من السفارة الإنجليزية، ولكن بقى النظر إلى الدور الأمريكى المتنامى فى المنطقة عقب الحرب العالمية الثانية، وهو ما لم يغب يوما عن فكر «البنا»! 
 
عنف الاخوان (2)
 
فى صيف عام 1947، أرسل سكرتير السفارة الأمريكية بالقاهرة فيليب إيرلاند، مبعوثا إلى «البنا» بمقر المركز العام للإخوان المسلمين بالحلمية يطلب لقائه، اندهش المرشد العام من الطلب فى البداية، لكنه وافق مشترطا أن يكون اللقاء بعيدا عن المقر العام للجماعة، لأنه مراقب من «البوليس السياسى»، وأن المرشد، وفقا لرواية الدكتور محمود عساف، مؤسس جهاز معلومات الإخوان، «يرى أن البعض سوف يؤولون تلك المقابلة ويفسرونها تفسيرا مغلوطا ليس فى صالح الاخوان»! حمل المبعوث رد المرشد إلى سكرتير السفارة الأمريكية، الذى طلب أن يكون اللقاء فى بيته بحى الزمالك على النيل! وفى الموعد مساء إحدى ليالى الصيف، لم تحدد أى من الروايات التاريخ، حضر «البنا» إلى بيت سكرتير السفارة، ومعه اثنان من أقرب معاونيه، الدكتور محمود عساف، ومحمد الحلوجى، ويعمل مترجما فوريا، دخل الثلاثة إلى بيت سكرتير السفارة، والذى استقبلهم استقبالا حارا، وكانت المفاجأة هى حديثه المطلق باللغة العربية، ما جعل المترجم يجلس «مجرد مستمع»!
 
«إيرلاند» دخل فى الموضوع مباشرة، قائلا: «إن موقفكم من الشيوعية معروف لنا، ولقد عبرتم كثيرا عن أن الشيوعية إلحاد تجب محاربته»، واستطرد: «لقد طلبت مقابلتكم حيث خطرت لى فكرة وهى لماذا لا يتم التعاون بيننا؟ أنتم برجالكم ومعلوماتكم، ونحن بأموالنا»!
هذه هى الحقيقة التى يحاول الإخوان إخفاءها، فقد استجاب مرشدهم لأول دعوة «أمريكية» للتعاون المخابراتى، ولكن على أية حال يظل السر الأكبر هو تحديد «السنة الأولى» لبدء هذا التعاون. 
 
عنف الاخوان
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق