«قائمة المنقولات».. حكاية بدأت من اليهود وتناقلها المصريون «بنت شمعون مش أحسن من بنتي»

السبت، 05 يونيو 2021 04:00 م
«قائمة المنقولات».. حكاية بدأت من اليهود وتناقلها المصريون «بنت شمعون مش أحسن من بنتي»
قائمة المنقولات اصلها يهودي
إيمان محجوب

يتفرد المجتمع المصري بالكثير من العادات والتقاليد والأعراف المتوارثة منذ القدم عن باقي مجتمعات العالم العربي والإسلامي، وبعض هذه العادات يعود لقدماء المصريين والكثير منها يكون من تعاليم الديانات السماوية الثلاثة التي احتضنها شعب مصر على مر العصور.
 
ويمتزح كل هذا الخليط لينتج في النهاية الموروث الشعبي المصري والذي ينفرد دون غيره من الموروثات بكثير من التقاليد والعادات، ومنها تقاليد الزواج من بداية الحنة وهي أصلها فرعوني، والزفاف وقائمة المنقولات التي ابتدعها اليهود في مصر، لحفظ حق بناتهم عند الزواج من المسلمين، لينتقل هذا التقليد لجميع طوائف الشعب المصري حتى يومنا هذا تحت شعار "بنت شمعون مش أحسن من بنتي".
 
داخل دار حفظ الوثائق التابعة للمعبد اليهودي في القاهرة، هناك نسخة ما زالت محفوظة لأقدم قائمة زواج كُتبت في مصر منذ نحو 850 سنة تقريبا، ويرجع تاريخها إلى عام 1160 ميلادية، وتتضمن بعض مواصفات قائمة الزواج الحالية، بكل ما فيها من منقولات، وعفش منزل الزوجية، بكامل تفاصيله من الملعقة وحتى الأثاث.
 
قائمة منقولات يهودية
قائمة منقولات يهودية
القائمة وثقت بعض المنقولات في مسكن الزوجية آنذاك على النحو التالي: "زوج ملاعق، معرقة، بردة، رداء قلموني، جوكانية مشهر وردة، نصف رداء مشفّع، جوكانية بياض، منديل، مرتبة طبري 4 قطع، زوج مخدات شمعي، زوج مخدات رُماني، سطل، وطاسة، وكوز زيت بغطاه".
 
 
وظهرت قائمة المنقولات في مصر مع بداية القرن الثاني عشر، بعدما انتشرت في هذه الفترة تعدد الزوجات عند المصريين، وفي نفس الوقت الذي انتشر فيه زواج المصريين المسلمين من البنات اليهوديات، وكان الرجل المصري آنذاك يجمع في الزواج بين سيدة يهودية ومسلمة، بينما لم يكن هذا في عرف المرأة اليهودية، وأعتبر أنه يهدد حياتها الزوجية والتي ستنتهي بطلاقها إن رفضت التعدد، خصوصاً مع ميل الزوج إلى الإنجاب من زوجته المسلمة.
 
ولخوف اليهود على مستقبل بناتهم قاموا بتقييد الرجل المسلم بمكر لا يقوى حياله على تطبيق القاعدة الشرعية التي تبيح له التعدد، ففكروا بتكبيله بقائمة منقولات تثقل كاهله، وتتحول إلى عبء مادي كبير يحول بينه وبين الزواج على بناتهم بآخريات مسلمات، وذلك عن طريق توثيق جميع المنقولات، والمشغولات الذهبية لتستردها الزوجة حال الطلاق، وهو ما يجعل الزوج يتراجع ألف مرة قبل أن يفكر في الزواج من جديد، وإلا خسر كل شيء وأصبح مداناً برده إليها.
 
الغريب في الأمر أن قائمة المنقولات لم تنتهي باختفاء ظاهرة الزواج من اليهوديات ورحيل اليهود من مصر بعد ثورة ١٩٥٢، بل توارثه المجتمع المصري، وظل يردد ما كان يقال قديما عندما ابتدع اليهود قائمة المنقولات "بنت شمعون مش أحسن من بنتي"، ولأن راشيل وماريكا جارتان، لفوزية المسلمة فانتقل هذا العرف من عائلات اليهود في مصر إلى عائلات البنات المسلمات، من منطق التفاخر الطبقي والغيرة في تقدير الرجال لبنات اليهود والاستهانة بهن، فكيف تتزوج ماريكا بقائمة منقولات ثمينة، وفوزية تتزوج من دون قيد أو شرط!.
 
وظل عرف كتابة قائمة منقولات في التناقل بين مختلف الطوائف في مصر، على مر العقود إلى أن وصل إلى يومنا هذا، وأصبح له قوة القانون والعرف، وأحلته شرعاً دار الإفتاء مشروطاً بألا يُساء استخدامه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق