افتتاح المتحف المصري الكبير.. يوم في حبّ مصر

الإثنين، 27 أكتوبر 2025 02:42 م
افتتاح المتحف المصري الكبير.. يوم في حبّ مصر
شيرين سيف الدين

في الأول من نوفمبر المقبل، تفتح مصر ذراعيها للعالم مجددًا في حدثٍ تاريخي طال انتظاره، افتتاح المتحف المصري الكبير، أضخم متحف أثري في العالم، ودرّة تاج الحضارة المصرية التي أبهرت البشرية منذ آلاف السنين، إنه يوم ليس كغيره من الأيام، يومٌ ستتجه فيه أنظار العالم إلى مصر، تتابع بشغف ميلاد صرحٍ جديد يروي قصة الإنسان المصري، من ملوك الفراعنة إلى أبناء الحاضر الذين لا يزالون يصنعون المجد كل يوم.
 
ولأن هذا اليوم لا يخصّ الحكومة وحدها، ولا يقتصر على الأجهزة الرسمية أو القائمين على المتحف، بل هو مسؤولية كل مصري ومصرية، فإن الواجب يحتم علينا جميعًا أن نُكمل جميلنا مع وطننا، وأن نُظهر للعالم الصورة التي تليق بنا وبحضارتنا.
 
أيها المصريون، لتكن مشاركتكم في هذا اليوم العظيم صورةً من صور الوفاء والانتماء للوطن الغالي، فافتتاح المتحف المصري الكبير مسؤوليتنا جميعًا، لا مسؤولية الجهات الرسمية أو المنظمين وحدهم، فمن لا ضرورة لخروجه إلى الشوارع في ذلك اليوم، فليؤثر البقاء في منزله حفاظًا على النظام وانسياب الحركة، أمّا من تقع شرفته أو نافذته على الطريق الذي ستمرّ به مواكب الضيوف والوفود، فليحرص على نظافتها، ولْيضع فيها علم مصر ليرفرف بفخرٍ فوقها فلنجعل من مبانينا لوحة جميلة في حب مصر بجهودنا الذاتية، كتعبير بسيط عن غلاوتها وقيمتها العالية في قلب كل مواطن، ولنعلم أن كلّ تفصيلة صغيرة تُسهم في رسم صورةٍ كبيرة تليق بهذا الوطن العظيم.
 
كما نرجو من الجميع التحلّي بالهدوء، والابتعاد عن المظاهر الصاخبة في الشوارع، كإطلاق أبواق السيارات وليكن شعارنا في ذلك اليوم، بل في كلّ يوم، الرقي هو سلوكنا والابتسامة هي لغتنا الأولى، فكلّ سائحٍ أو زائرٍ أجنبيّ يلتقي بنا، يجب أن يجد في وجوهنا الترحيب والودّ والذوق الرفيع الذي يعبّر عن جوهر المصري الأصيل.
 
إن حبّ مصر لا يُقاس بالشعارات، بل يُقاس بالفعل، والمتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى أثريّ، بل هو رسالة حضارية تؤكد أن هذه الأرض، التي أنجبت الفراعنة، لا تزال قادرة على الإبداع والعطاء، ومن هنا فعلينا جميعا إدراك أنّ السياحة ليست شأنًا حكوميًّا فحسب، بل هي مصدر دخلٍ قوميٍّ يمسّ حياة كل بيتٍ مصريّ، وأنّ كل سلوكٍ راقٍ، مهما بدا بسيطًا، يعود على الوطن والمواطن بفائدةٍ عظيمة.
 
إنّ السائح الذي يزور بلادنا لا يرى فقط الأهرامات والمعابد والآثار، بل يرى فينا نحن المصريين صورتها الحقيقية، ويرى في ابتسامتنا دفء البلد، وفي تعاملنا رقيّها، وفي نظافة شوارعنا احترامنا لأنفسنا قبل الآخرين. لذلك فإن مسؤوليتنا اليوم أن نُقدّم لمصر الوجه الذي تستحقّه، لا بالكلام، بل بالفعل والمظهر والسلوك.
 
ولكي يترسّخ هذا الوعي في وجدان الأجيال القادمة، يجب أن تكون هناك مناهج تعليمية تُعرّف التلاميذ بأهمية السياحة ودورها في الاقتصاد الوطني، وتُعلّمهم كيف يتعاملون مع السائح بأسلوبٍ راقٍ يليق ببلاد الحضارة، كما يمكن لوسائل الإعلام أن تقوم بدورٍ مؤثر من خلال تنويهاتٍ تلفزيونية قصيرة تُعرض في الفواصل، على شكل مشاهد تمثيلية بسيطة تُظهر المواقف اليومية التي يمكن أن تترك انطباعًا إيجابيًّا أو سلبيًّا لدى الزائر.
 
فالسياحة هي وجه مصر للعالم، وحبّ مصر الحقيقي أن نحافظ على هذا الوجه نقيًّا مشرقًا كما أراد له التاريخ أن يكون.
 
فلنُثبت للعالم أنّنا أحفاد أصحاب الحضارة التي لا تزال تُدهش البشرية، وأننا قادرون على تقديم صورة تليق بعظمة الماضي وتبشّر بمستقبلٍ يليق بمصرنا الجميلة.
 
اللهم أتم على مصر فرحتها واجعل الحدث المرتقب فاتحة خير على مصر والمصريين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق