مسرح القرية

الأربعاء، 21 أغسطس 2019 03:32 م
مسرح القرية
شيرين سيف الدين

 
وقعت عيناي هذا الصباح على عنوان جميل وملفت على موقع شبكة بلومبيرج الأمريكية، والعنوان هو " بمسرح القرية مصر تواجه التغير المناخي بالصعيد "، وبالطبع أُثير فضولي لمعرفة تفاصيل الخبر، وكانت فحواه أن مصر تتحول إلى المسرح المجتمعي لتعليم المزارعين كيفية الحفاظ على المياه والتعامل مع درجات الحرارة.
 
هنا شعرت بطاقة تضيئ عقلي، فمثل هذه الأفكار دائما ما تضبط مزاجي العام وتمنحني الأمل في غد أفضل، وتؤكد لي أننا نسير في الطريق الصحيح مادمنا بدأنا الخروج من القوالب والتفكير خارج الصندوق.
 
الفكرة من وجهة نظري عبقرية ولابد من تعميمها على جميع المفاهيم والقيم التي نود غرسها في مواطني المجتمع لما للقوى الناعمة وعلى رأسها الأعمال الفنية من دور قوي في التأثير على المزاج العام للبشر، وتغيير أفكارهم ومعتقداتهم، الفكرة بالتأكيد جاذبة جدا وتعد أحد أسهل وسائل وأسلحة تغيير الثقافة المجتمعية وتطوير الشخصية، فالفن طوق من اطواق النجاة، وأتخيل أن الجماهير ستقبل وبشدة على أي عمل مسرحي يقَدَم لهم بشكل مجاني، وسيعتبرونه نوعا من أنواع الترفيه عن النفس ومدخلا من مداخل السعادة على حياتهم التي باتت باهتة في أغلب الأحيان، فالنفس دائما ما ترغب في تغيير روتين الحياة والفن يمسح عن الروح غبار الحياة، كما أن للفن والفنانين محبة في قلوب الجماهير في العالم كله.
 
فلما لا؟ ولماذا لا تتجه الدولة بمساعدة فنانيها ورموزها للاستفادة من هذه الميزة لتعميم فكرة "مسرح القرية" وتقديم عروض ذات هدف محدد في سياق درامي يتم تقديمة مجانا في المناطق الشعبية والمهمشة والقرى والنجوع ومراكز الشباب للوصول لأكبر عدد ممكن من الطبقات المستهدفة.
 
إن تقديم عروض فنية مبسطة للأطفال توجههم لمكارم الأخلاق والنظافة والأمانة والانتماء ونبذ العنف وتقبل الآخر، وكل ما نود غرسه داخل عقولهم ونفوسهم يعد طريقا أسهل كثيرا للوصول إلى الهدف، فمشاهدة الطفل لعرض درامي خفيف يناسب عقله وتفكيره بالتأكيد سيثبت في ذاكرته بسهولة وسيؤثر في تطوير سلوكه بشكل سريع وغير مباشر بالإضافة إلى إمتاعه، كما أنه من الضروري جدا تقديم عروض تثقيفية باللهجة العامية تخاطب عقول الكبار أيضا لإيصال الأفكار والحلول الخاصة بمشكلات مجتمعية هامة كتنظيم أو تحديد النسل والمشكلات الأسرية المختلفة والعنف ضد المرأة ومشاكل الميراث وأساليب التربية الحديثة وغيرها من المفاهيم المغلوطة التي يحتاج المجتمع لنسفها وبناء مفاهيم جديدة ومختلفة تماما كي يستقيم الحال مستقبلا.
 
من المفيد أيضا عمل ندوات متنوعة يكون ضيوفها مشاهير ورموزا دينية أو رياضيين وفنانين للتواصل مع مختلف طبقات الشعب كل حسب مستواه الثقافي والفكري، ومناقشة مختلف الأفكار والإجابة عن التساؤلات التي تدور في العقول، والحديث عن قصص الكفاح وطرق الوصول للنجاح ، مما يشجع الآخرين على السير على نفس النهج وتنمية الرغبة بداخلهم في التغير للأفضل والارتقاء بالنفس.
 
من ضمن الأفكار المشابهة أيضا اختيار عدد من الشباب المتعلمين والمثقفين وطلاب الجامعات الراغبين في التطوع للقيام بزيارة المناطق المستهدفة وعمل ورش عمل للأطفال لتنمية مواهبهم في مختلف المجالات، وأيضا اختيار كتب متنوعة يقومون بقراءتها لهؤلاء الأطفال لتشجيعهم على حب القراءة والرغبة في المعرفة ، وهو ما سيكون له عظيم الأثر على الطرفين سواء الشباب الذين سيتم الاستفادة منهم وتوجيه طاقاتهم لما هو مفيد وربطهم بوطنهم وغرس روح العطاء بداخلهم، كما أن الفكرة مفيدة للأطفال "المنسيين" والذين هم أمل الغد ويعد الاهتمام بتطوير شخصياتهم والاهتمام بإنباتهم منذ الصغر على نهج جيد من أهم ما يمكن أن نقدمه لهذا الوطن.
 
في اعتقادي أن جميع الأفكار إن تم تنفيذها بمساعدة متخصصين في علم النفس والاجتماع ستؤتي ثمارها في مدة قصيرة وبنجاح أكبر مما نتصور ، لذا أتمنى وبشدة أن تؤخذ هذه المقترحات على محمل الجد وأن تتبناها وزارة الثقافة بالتعاون مع فناني ورياضيي ومشاهير ورجال أعمال مصر وشبابها المحبين لوطنهم ، وكلي ثقة أن الكثير منهم يرغب في خدمة وطنه والمساهمة في الارتقاء به.
 
في النهاية من المؤكد أن يد الله مع الجماعة، فلنجتمع في حب مصر على ما يفيدها ويفيد شعبها ومستقبلها ، ولن يحدث ما نتمناه سوى بتضافر جميع الجهود وتوجيهها لهدف سامٍ وهو رفعة مصر وإعادة هويتها التائهة .

 

تعليقات (5)
راااائع
بواسطة: هند
بتاريخ: الأربعاء، 21 أغسطس 2019 05:11 م

فكرة هايلة وفكرة سهلة بجد روعة

برافو
بواسطة: خالد
بتاريخ: الأربعاء، 21 أغسطس 2019 05:44 م

فعلا فكرة هايلة وممتعة ومساعدة لتغيير مفاهيم كتير وبشكل ممتع

ياريت تعمم
بواسطة: Atef
بتاريخ: الأربعاء، 21 أغسطس 2019 05:46 م

فعلا ممكن عمل مسرحيات قصيرة تناقش اهم المشكلات لكل منطقة وتعمم الفكرة كل شهر مثلا تجوب القرى والنجوع .

خارج الصندوق
بواسطة: فادي
بتاريخ: الأربعاء، 21 أغسطس 2019 05:47 م

فعلا فكرة خارج الصندوق لكن بالتاكيد افيد مما بداخله

الفن ثم الفن
بواسطة: ايناس
بتاريخ: الأربعاء، 21 أغسطس 2019 06:05 م

الفن هو الوسيلة المثلى للارتقاء بالشعوب سلمت أناملك وبالتوفيق

اضف تعليق