في ذكرى «استقلال لبنان»: رحل «الفراغ الرئاسى» وبقي الأمل
الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016 09:43 ص
خرج المحتل الفرنسي من الأراضي اللبنانية، لكنه ترك لبنان أسيرا لنظام طائفي، حَمَل اللبنانيون مسؤولية كل الموبقات العسكرية والسياسية والاقتصادية، التي عاشتها طوال عقود.
حمل اللبنانيون طوال عقود شعارات الإصلاح والتغيير، إلا أنهم ظلوا عاجزين عن ترجمة فعلية لهذ الشعارات، ومع حلول عيد الاستقلال تم ملء الفراغ الرئاسي الذي استمر أكثر من سنتين، ليزداد منسوب التفاؤل، وانتظار غدًا أفضل.
يؤكد السياسي اللبناني سايد فرنجية، أنه على الرغم من حصول لبنان على استقلاله منذ 73 عامًا، إلا أن اللبنانيين لم يتمكنوًا من بناء دولة حقيقية حتي الآن.
ويشير «فرنجية» في حديث لوكالة أنباء «الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، أن التاريخ اللبناني هو عبارة عن سلسلة أزمات وفتن متتالية، تتكرر كل فترة.
وأشار إلى أن النظام الطائفي الذي حكم لبنان منذ الاستقلال، الذي منع الإصلاح الضروري، مكن اللبنانيين أن يكونوًا مواطنين وليس رعايا عند الطوائف التي ينتمون اليها.
اللبنانيون من وجهة نظر «فرنجية» ليسوًا متساوين كما هو حال كل المواطنين في مختلف بلدان العالم، وهم لا يعاملون على أساس كفاءاتهم إنما انطلاقا من انتماءاتهم المذهبية والطائفية.
يتحدث فرنجية عما يسميه حالة استعصاء النظام على الإصلاح والمطلوب اليوم هو البحث عن طريقة للخروج من هذه الأزمة فلا تتكرر أخطاء الماضي.
وأكبر الأخطاء عملية الربط التي حصلت بين النظام والكيان والطائفة وبالتالي فان أي اعتراض من طرف ما علي النظام كان يتخذ طابع اعتراض علي الطوائف وحتي علي الكيان نفسه ما أفشل كل محاولات تغيير الوضع القائم.
لا يتفق اللبنانيون علي تحديد أسباب الفشل في إنتاج دولة. يري البعض ان السبب الحقيقي لا يكمن في الداخل إنما وراء الحدود.
استاذة العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية فاديا كيوان تؤكد في حديث لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية ان ازمات المحيط هي التي منعت قيام الدولة بعد الاستقلال.
تعدد كيوان هذه الهزات التي عصفت بالمنطقة وتركت ارتداداتها علي لبنان واللبنانيين طوال العقود التي مرت منذ العام 1943.
على رأس هذه الأزمات يأتي الصراع العربي الاسرائيلي وهو ما ترك ارتدادات عسكرية وسياسية واقتصادية علي لبنان. ثم جاء الصراع بين الفلسطينيين وفريق من اللبنانيين الذي تطور ليصبح حربا اهلية بين اللبنانيين انفسهم.تحول لبنان اثناء الحرب الاهلية وبفعل التدخل الخارجي علي ارضه الي ألعوبة ضمن لعبة الأمم بحسب كيوان.
ترى استاذة العلوم السياسية ان البلد الصغير لم يستطع التقاط انفاسه لانشاء الدولة بسبب الضغوطات الخارجية الكبيرة.
ترفض كيوان تحميل اللبنانيين انفسهم مسؤولية العجزعن قيام الدولة وتعتبر ان النظام اللبناني منفتح علي جميع المواطنين ويسمح للكل دون استثناء بالانخراط في الحياة السياسية.
تدافع كيوان عن المحاصصة التي اعتمدت منذ الاستقلال وتلفت الي ان عدم اعتماد هذا النظام كان سيجرف لبنان نحو الأنظمة الاستبدادية.
وتشير كيوان الي ان الفرصة اليوم مواتية لتطوير النظام فلقد اصبح بين اللبنانيين حياة مشتركة وهم يتطلعون الي مفهوم المواطنة.
وتوضح كيوان أن اقرار نظام احوال شخصية موحد يساهم في وضع الجميع تحت مظلة المواطنة وهذا الامر يلقي تأييدا كبيرا لدي الاجيال الجديدة.
تعود كيوان لتشير الي العوامل الخارجية السلبية او ما تسميه الضغوط الاقليمية التي تشجع اللبنانيين علي اعطاء الاولوية لانتمائهم الطائفي والديني والمذهبي علي حساب الانتماء الوطني.
الا ان التطورات الاخيرة فتحت باب الامل برأي كيوان.امل بانفتاح لبنان علي كل دول المنطقة باستثناء العدوالاسرائيلي.
تؤكد كيوان علي ضرورة عدم الالتحاق بمحور دون اخر وان يكون اللبنانيون علي علاقة صداقة بالجميع ما سيساهم من وجهة نظرها بتعزيز الانتماء الوطني الداخلي.
الا ان تفاؤل كيوان في هذه المرحلة يقابله تحفظ من قبل فرنجية الذي يبدي خشية من تكبيل رئيس الجمهورية الجديد بالتفاهمات التي عقدها مع بعض القوي مثل القوات اللبنانية وتيار المستقبل ما سيجعله عاجزا عن ترجمة برنامجه الاصلاحي.
والمعاناة بدأت من وجهة نظرها مع تشكيل الحكومة والمطالبات بالمحاصصة الطائفية.
وهذه المحاصصة الطائفية هي أساس الداء منذ العام 1943 وعدم كسر هذه العصبيات يعني البقاء في حلقة العجز عن التغيير الذي بات ضرورة قصوي بعد ثلاث وسبعين عام على الاستقلال.