عقوبات أمريكية جديدة على سوريا.. للنظام أم المواطن؟ (تقرير)
الأحد، 25 ديسمبر 2016 11:37 ص
وضعت وزارة الخزانة الأمريكية عدد من المسؤولين في النظام السوري، مؤخرا على لائحة العقوبات، ومن بينهم وزير المالية مأمون حمدان، ووزير النفط علي غانم، بالإضافة إلى رئيس البنك المركزي السوري دريد درغام، وذلك بذريعة دعم أعمال العنف التي تشهدها مناطق عدة في سوريا، وقررت تجميد أصولهم المالية داخل الولايات المتحدة.
القرار الأمريكي تزامن مع عقوبات مماثلة طالت مؤسسات ومنظمات روسية عدة، بسبب أعمالها المناهضة للأمن القومي الأمريكي والسياسة الخارجية، من بينها شركة الموانئ والسكك الحديدية لشبه جزيرة القرم وعدد من مراكز الأبحاث الروسية، وغيرها، وهو ما يأتي بعد أسابيع قليلة من إصدار قوانين أمريكية تستهدف النظام السوري، وحلفاءه، من أهمها قانون القيصر، والذي تم تمريره بعد أيام من انتصار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة.
تفاقم الأزمة الإنسانية
إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه، يدور حول هوية المستهدف من قبل مثل هذه العقوبات، في ضوء الأزمة الإنسانية التي تعيشها مناطق عدة في الداخل السوري في المرحلة الراهنة، من جراء الهجمات المتبادلة بين القوات السورية وحلفائها من جانب، والميليشيات المعارضة من جانب أخر، خاصة وأن العقوبات لا تقتصر على أموال متعلقة بشخصيات النظام وإنما تمتد كذلك لتطال البنوك السورية.
في تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة، تقول المنظمة الدولية إن العقوبات، سواء التي تفرضها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، لها تداعيات سلبية للغاية على المواطنين السوريين أكثر منه على النظام الحاكم في سوريا، خاصة وأنها تلعب دورا رئيسيا في إعاقة الأعمال الإنسانية في منطقة تعد أكثر المناطق المنكوبة في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وأضاف التقرير الأممي أن العقوبات المتواترة زعزعت استقرار جميع القطاعات هناك، بل وساهمت بصورة كبيرة في تحويل سوريا من دولة تحظى بقدر كبير من الاكتفاء الذاتي إلى دولة تعتمد بصورة أساسية على المساعدات، موضحا أن التعامل الغربي مع سوريا ساهم في تقويض وصول المساعدات الغذائية والدوائية للمنكوبين والمشردين داخل الأراضي السورية.
ازدواجية أمريكية
العقوبات الأمريكية على سوريا ليست بالأمر الجديد، فالولايات المتحدة دشنت حقبة العقوبات على النظام الحاكم في سوريا منذ عام 1979، عندما وضعت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر النظام السوري بين الدول الداعمة للإرهاب، إلا أن الأزمة الإنسانية التي يعيشها أكثر 13 مليون سوري صاروا يعتمدون على المساعدات الإنسانية فاقمت كثيرا من الأوضاع الإنسانية المتردية هناك.
وذكرت الكاتبة رانيا خالق، في تقرير منشور لها بموقع «ذي انترسيبت»، أن العقوبات الأمريكية اتسمت بقدر من الازدواجية خلال مراحل عدة من الصراع السوري الحالي، وذلك في إطار الضغط الدولي على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فلجأت في عام 2013، على قصر العقوبات على المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري، بينما قامت بتخفيفها على المناطق الأخرى التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
وأبرزت الكاتبة رسالة، أرسلها أحد مسؤولي الإغاثة الإنسانية لمسؤولي الأمم المتحدة عبر البريد الإلكتروني، قال خلالها إن العقوبات الأمريكية والأوروبية دائما ما تساهم في زيادة الأزمات الإنسانية في سوريا، كنقص الغذاء وتدهور الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في كل أنحاء البلاد، موضحا أن أسعار الوقود تضاعفت خلال 18 شهر فقط، بينما انخفض إنتاج القمح بنسبة تجاوزت 40% منذ عام 2010.
زيادة شعبية الأسد
وعلى الرغم من نفي الإدارة الأمريكية مسؤوليتها عن الأزمة الإنسانية التي تشهدها سوريا، حيث أنها ترى أن نظام الأسد ينبغي أن يتحمل هذه المسؤولة، إلا أن التساؤل الذي ربما يبقى أكثر إلحاحا يدور حول ما إذا كانت تلك السياسة تحقق الهدف منها بفرض مزيد من الضغوط على النظام السوري.
يقول الباحث السياسي فيرديناند أرسيلانيان، المتخصص في الشأن السوري بجامعة سان أندرو، إن العقوبات الأمريكية على سوريا ساهمت بصورة كبيرة في زيادة تمكين النظام السوري، بل وزيادة شعبيته، حيث أن تلك العقوبات تساهم في احتكار النظام للسلع الرئيسية، وبالتالي لا يجد المواطن السوري سوى الحكومة لللجوء إليها من أجل الحصول على احتياجاته الرئيسية.