حكايات الدموع والدم بين النزوح والبقاء
الثلاثاء، 07 مارس 2017 12:02 ص
كتب- عادل عبدالحميد
لم تكن العلاقات الوطيدة بين المسيحيين والمسلمين فى سيناء طارئة أو هامشية، بل علاقات وطدتها العشرة والمواقف الإنسأنية والوطنية، وعاشا معاً فى بلد واحد، وعلى أرض واحدة وشربا معا من بئر مياه واحدة قبل تحرير سيناء مثلما عاشا معا مرارة الاحتلال والتهجير إبان حروب مصر على أرض سيناء المباركة.
اليوم يحاول إرهاب داعش زرع الفرقة والتفرقة بين مواطنين مصريين مسلمين ومسيحيين يحيون معاً فى منطقة قهرت من قبل كافة الأعداء الذين حاولوا تدمير سيناء أو احتلالها والنيل من أهلها وسكانها، هنا نرصد حكايات من دفتر الأحداث بشمال سيناء، وردت على لسان مواطنين أقباط يرفضون الخروج من مدينتهم الحبيبة ويؤثرون البقاء والصمود ويقاومون الموت بالحياة والبقاء.
هبت العائلات المسلمة المجاورة للأسر المسيحية فى العريش لنجدتهم وحمايتهم، للتأكيد على أواصر العلاقات الطيبة بين المسيحيين والمسلمين فى العريش، وفى واقعة مؤلمة تقول المواطنة القبطية «ماريان كيرلس»: «عشت ٣٠ سنة من عمرى فى العريش، ولدت ودرست وتزوجت هنا، أقيم فى حى المساعيد بين جيران جميعهم من المسلمين، وفور وقوع الأحداث الصعبة التى نعيشها، فتحولنا أنا واسرتى منازلهم وأصروا على أن أنتقل للإقامة معهم فى بيوتهم، ورفضوا رحيلى إلى الإسماعيلية، ولذلك قررت أن أظل هنا بين أهلى من المسلمين، وهذه مشاعر ليست جديدة علينا فنحن نصوم معهم رمضان ونجلس معا على طعام الافطار مراعاة لمشاعرهم وتقديرا لهم».
أما نسيم ماهر بطرس من سكان حى ضاحية السلام، فأكد أنه لن يرحل عن العريش التى لا يعرف سكناً له غيرها، وهو وأولاده قرروا عدم الرحيل مهما كانت الظروف، فقال: «العيال رفضوا يمشوا من العريش، وقالوا خلينا هنا يابابا اللى هيحصل للمسلم هيحصل للمسيحى، وجيراننا طول الوقت معانا وبيعملوا لنا الأكل وبيشاركونا وقتنا، واحنا قاعدين فى العريش.
نزيه عبد الملاك، أكد أنه فى مشهد مأساوى قامت عناصرملثمة ومسلحة بفقع عين مواطن مسلم يدعى «حسين» مسلم، بعد أن تم اختطافه لإيوائه أقباطا فى منزله، بمنطقة حى العبور.
أما حكاية «صفوت» المحامى الذى جاء إلى العريش منذ ٢٠ عاما، فمختلفة تماماً، فصفوت فوزى هندى، ٤٨ سنة، يعمل «محامى حر»، بالاستئناف العالى، متزوج ولديه ٣ أبناء «سامى» ، ١٧ سنة طالب بالثانوية العامة، و «يوسف»، ١٣ سنة بالصف الثانى الإعدادى بمدرسة أبى صقل الإعدادية والابن الاصغر «مينا» بمدرسة بنك سيناء الابتدائية، مقيم فى ضاحية السلام، وسكن العريش منذ عشرين سنة.
يقول «هندى»: «هذا مخطط الهدف منه تشويه صورة مصر بالخارج، وللأسف أن الغرب تحقق لهم ذلك من خلال وسائل الإعلام ونقل صور الناس وهم فى الإسماعيلية وحصل التشويه الذى تهدف إليه الجهات الخارجية، الرحيل من العريش جاء فى استعجال ولم يكن مدروسًا تماما، ولكن هناك البعض لم يجد أمامه أى حل غير الرحيل».
وتابع «فوزى»: «رسالتى من العريش إلى العالم كله، هناك عائلات فى سيناء قتلت، وتركت أماكنها ولكنها لم تخرج من سيناء، ولكن أنتم منحتم الإرهابيين فرصة لتشويه صورة هذا البلد، وأعطيتموهم أكثر مما كانوا يتمنون، ليشوهوا مصر، هناك محاولات أكيدة لتدويل قضية مسيحيى العريش، التى أصبحت أمام العالم، فالعالم سيتعاطف مع المسيحيين، الذين خانوا رد الفعل الدولى واستغلوا الأحداث نتيجة إلى أن قتل المسيحى على الهوية ولأن قتل المسلم لتعاونه مع الجيش أو الشرطة».
وأوضح أن معظم من غادروا العريش من مدن الإسماعيلية وخاصة أن معظمهم عندهم بيوت فى محافظاتهم ومش محتاجين، لكن لما عرفوا أن فيه مكاسب ومساعدات وبطاطين وأجهزة ذهبوا إلى الكنيسة الإنجيلية فى الإسماعيلية».
وقال: «فى النهاية لن أترك العريش لأنها بلدى وعشت بها ٢٠ سنة، كانت وما زالت من أحلى أيام عمرى، ولا أتخيل حياتى دون العريش والبحر وكورنيش العريش وناسها».