هل تعرقل "حاكمية" سيد قطب نجاح تجديد الخطاب الديني؟ (الحلقة 8)

الأحد، 29 أكتوبر 2017 01:00 ص
هل تعرقل "حاكمية" سيد قطب نجاح تجديد الخطاب الديني؟ (الحلقة 8)
سيد قطب
هناء قنديل

 

يخطئ من لا يعترف بما يواجه سعي الدولة نحو تجديد الخطاب الديني، من تحديات، وعراقيل؛ تفضي إلى تباطؤ شديد في ظهور نتائج هذه الجهود على المجتمع.

ورغم أن البعض يحرصون على التقليل من قدرة هذه العراقيل، على إفشال المحاولات الجارية لإنقاذ المجتمع من بين فكي الإفراط، والتفريط، فإن بعضها قادر بالفعل على توجيه ضربات قاصمة لجهود التجديد، بما يكفي للقضاء عليها!!

ويأتي في مقدمة العراقيل التي تقف حائط صد، أمام جهود تجديد الخطاب الديني، فكرة "الحاكمية"، التي أطلقها فقيه جماعة الإخوان الإرهابية الأول، سيد قطب، والتي صارت بمرور الوقت منبع الفتاوى التكفيرية، ومنبت شريعة القتل، التي ينتهجها أصحاب الفكر المتطرف، من المنتمين للتنظيمات الإرهابية، فهل تنجح حاكمية سيد قطب في الإطاحة بجهود تجديد الخطاب الديني؟.

يرى الباحث المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، منير أديب، أن قضية تجديد الخطاب الديني، تعاني مشكلة حقيقية، تتعلق بقضية الحاكمية التي أطلقها سيد قطب، وملخصها أنه من لا يحكم بما أنزل الله فهو كافر، مستحق للقتل.

وقال "أديب"، لـ"صوت الأمة": "هذه القضية ترتبط ارتباطا وثيقا بتوصيف الإيمان، والكفر، لدى المجتمع، من وجهة نظر أصحاب تلك الأفكار، وهو ما يعني لديهم أن كل من يحكم وفق الآليات الحديثة لإدارة الأوطان، خارج عن شرع الله، ويعيش في مجتمع جاهلي، وفق ما وصف منظر الجماعة الإرهابية الأكبر".

ولفت إلى أن ما يزيد صعوبة المشكلة، في عقول أتباع هذا الفكر، أنهم باتوا ينظرون إلى كل من يتبع الحضارة الغربية، ولو فيما قدمته للبشرية من نظم حكم قوية، ومحكمة، تقضي على الفساد، والتخلف، فهو معتد على الحاكمية الإلهية، ومستحق للقتل؛ بصفته مرتد عن الإسلام".

وعن العلاقة بين هذه الفكرة، وتعثر تجديد الخطاب الديني، أوضح "أديب" قائلا: "تجديد الخطاب الديني، موجه بالأساس، إلى معتنقي هذا الفكر؛ حتى يمكن تعديل منهجهم، وإعادتهم إلى جادة الصواب، وهو أمر يتعثر مصطدما بصخرة بناها قادة التيار المتشدد داخل عقول أتباعهم، حتى صار الأمر مثل العقيدة داخلهم، في الوقت الذي لم يترق فيه الخطاب الديني الجديد، إلى المرحلة التي تؤهله لهدم هذه العقيدة داخل نفوس من يرون المجتمع جاهلبا لأنه لا يحكم بما أنزل الله".

وتابع "أديب": "المؤسسات الدينية الإسلامية، في مجملها، تعيش حاليا حالة من العجز عن مواجهة مصطلح الحاكمية، وتفنيه بالقرآن والسنة، بل إنها تفشل أيضا في تأصيل الفكر الوسطي الذي يقوم عليه الإسلام؛ وهو ما  يجعلها غير قادرة على ضرب الأسس التي يعتمد عليها أصحاب الأفكار المتطرفة، لترويج القتل، وسفك الدماء، بغير حق، على أنه جهاد في سبيل تحكيم شرع الله".

ودعا "أديب"، إلى الانتباه لتلك المشكلة، وتكثيف الحديث عنها إعلاميا، عبر استضافة علماء في مختلف المجالات، يكونوا قادرين على معالجة فكرة الحاكمية، وإثبات عدم صحتها، مع عدم قصر هذه المهمة على رجال الدين، الذين يبدو أنهم بحاجة إلى مساعدة باقي فروع العلم في هذا الشأن.

من جانبه قال الشيخ خالد عمران، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، إن تجديد الخطاب الديني، يواجه عقبات، تحتاج إلى تحديد خريطة فكرية للتنظيمات والجماعات المتطرفة، تعتمد على المنهج العلمي، في وضعها، ومناقشة سبل مواجهة ما تروج له من أفكار.

 وأوضح في تصريح لـ"صوت الأمة"، أن الاعتراف بالعقبات التي تواجه تجديد الخطاب الديني، هو أهم أدوات النجاح التي يجب أن يمتلكها المعنيون بهذا الملف الساخن، والذي يرتبط بمستقبل الأمة، داعيا إلى مناقشات علنية، لكل الأفكار المسكوت عنها، دون تردد أو خوف، مشيرا إلى أن هذه الحقيقة، مثلت نقطة الانطلاق لدار الإفتاء المصرية، من أجل تأسيس مرصد الفتاوى التكفيرية.

ولفت إلى أن إدراك دار الإفتاء إلى سلامة الطرح السابق، فيما يتعلق بالعراقيل التي تواجه تجديد الخطاب الديني، كان الباعث الرئيس لإطلاق مرصد الفتاوى التكفيرية، الذي تعتمد فكرته الأساسية على رصد هذا النوع من الفتاوى، المنبثقة من أفكار شاذة، وعقيدة فاسدة، وتحليلها، والرد عليها وفق المنهج العلمي الصحيح، استنادا إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية صحيحة النسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأتم "عمران" بالقول إن الأفكار الظلامية التكفيرية، التي تأصلت إلى حد العقيدة في عقول وقلوب أتباع الجماعات الإرهابية، تحتاج إلى جهد كبير، على الصعيد الفكري، لمواجتها، والقضاء عليها، وهو ما لا يمكن إنجازه في وقت قصير، مشددا على ضرورة استمرار الجهود في هذا المجال، دون تراجع أو يأس.  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة