العبثية الترامبية: الفصل قبل الأخير (المشهد الثاني)

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017 07:09 م
العبثية الترامبية: الفصل قبل الأخير (المشهد الثاني)
بقلم د. حاتم العبد

انقلب السحر على الساحر، وسيعامل الفاعل بنقيض مقصوده، وسيخرج خالي الوفاض، منكسرًا مذلولًا محسورًا؛ الصفعة الفعلية الأولى للعبثيّة الترامبيّة جاءت من مجلس الأمن، إذ صوت 14 عضوا من أصل 15 لصالح مشروع القرار الفلسطيني، المعدّل والمقدّم من مصر والذي يقضي بعدم اعتراف الأمم المتحدة بأي قرارات من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
 
رغم استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو لعرقلة إصدار القرار، إلا أن شبه الإجماع على تبني هذا القرار تعتبر وبحق صفعة قوية وضربة في مقتل في مواجهة الغطرسة الأمريكية والعبثيّة الترامبيّة تتوالى الأحداث وتتسارع وتيرتها، وينضح وجه ترامب حمرة جراء الصفعات المتتالية والآتية من كل حدب وصوب، ثاني الصفعات الفعلية، أتت قبل أيام على لسان فارس الديمقراطية الرئيس الفرنسي ماكرون، عندما أعلنها صراحة وبكل قوة، بأنه غير موافق على هذا القرار وأن فرنسا ترى وجوبية التفاوض لوضع حد للحل النهائي لمدينة القدس. الاتحاد الأوروبي هو الآخر لم يتأخر، إذ ذكرت المتحدثة باسمه أن الاتحاد معترض على قرار ترامب وأنه ضد عملية السلام، وأن الاتحاد متمسك بموقفه الثابت بحل الدولتين مع وجود القدس عاصمة لكلا الدولتين ضمن حدود 1967.
 
تفصلنا سويعات عن موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا الاجتماع الذي دعت له الدول العربية وبعض من الدول الإسلامية، يشكل صفعة قوية على الوجه القذر للترامبيّة الأمريكية، إذ ورغم إنه غير ملزم، ويقف عند مرحلة التوصيات فقط لا غير، بيد أنه يكتسب زخمًا وأهمية كبيرة نظرًا لثقله السياسي والدولي.
 
إذ تشكل الجمعية العمومية للأمم المتحدة من 193 عضوًا، ولاستصدار قرار نحتاج إلى أغلبية الثلثين، وكلي ثقة ويقين بأن القرار سيمرر بأغلبية تفوق الثلثين بكثير، هذا القرار المنتظر سيضعف الموقفين الأمريكي-الإسرائيلي وسيكسب قضية القدس بعدا دوليًّا وتعاطفًا شعبيًّا عالميًا، على إثر ذلك توعدت ممثلة ترامب بالأمم المتحدة، نيكي هالي، الدول التي ستصوت غدًا لصالح المشروع العربي الإسلامي، بأن الولايات المتحدة لن تنسى ولن تغفر لهم ذلك، وأن الأرعن والموتور، المدعو ترامب، سوف يعتبر هذا الموقف ضده شخصيًّا !! وأنه على الجميع، وكما ساعدتهم أمريكا ووقفت بجانبهم، أن يردّوا الجميل وإلّا سنكتب إسمه في القائمة.. !! معذرة إذا ما تطرق قلمي ليوميات مدرّسة فاشلة في مدرسة ابتدائي!!
 
الإبحار شرقًا، بالبحث عن شريك جديد وراعي رسمي محايد، بديل للولايات المتحدة، والتوجه نحو روسيا والصين، وبما تكنّه الأولى للولايات المتحدة من بغض وكره ونديّة سياسية وعسكرية منذ الحرب الباردة؛ وبما تملكه الثانية من منافسة اقتصادية قوية، وتطلّع غير مسقوف للاستحواذ على الأسواق العالمية، كل ذلك سيزيح الدور الأمريكي، ويرفع يده من ملف الشرق الأوسط، وسيفقد شرطي العالم الأوحد هيبته، وفاعليّة دوره، وأهمية تواجده، مما يستتبع معه الإقلال من النفوذ الأمريكي بالمنطقة، ومع تزايد مضطرد للنفوذ الروسي ببناء قواعد عسكرية في سوريا ومن تعاون عسكري مع دول أخرى بالمنطقة، سيخرج الدور الأمريكي مطرودًا مهزومًا غير مأسوف عليه، وسوف تتعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر بغياب دورها الذي كان محوري، وسوف يذوق حلفاؤها ومن راهن على ترامب الذل والهوان من شعوبهم، الأمر الذي سوف يدفع بالكونجرس، وقد استعاد الديمقراطيون قوتهم وسطوتهم، بفرض الوصاية الكاملة على ترامب وإدارته، وإخراج الكارت الأحمر لهم، في تلك اللحظة ستطأ أقدام الشعوب، حكامها الذين تذللوا لترامب من أجل كراسيهم وعروشهم.
 
مخيّب هو رد الفعل العربي الرسمي على العبثيّة الترامبيّة، لكن الأمور تسير، والرياح المقدسية تأتي بما لا تشتهيه لا نقول السفينة الأمريكية ولكن نقول بما لا تشتهيه سفينة الإدارة العنصرية الأمريكية، ننتظر القرار الأممي غدًا الخميس وتبعاته وما سيحمله يوم الجمعة القادم من حراك فلسطيني نحو الدفاع عن الأرض والعرض والهوية والمقدسات؛ ودعونا نطرح سؤالًا نجيب عنه المقال القادم، إن كان في العمر بقية: أين سلاح حزب الله وأين إيران مما يحدث؟!! أليس شعارهم "الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا" أليست أمريكا هي الشيطان الأكبر؟!! أم إن إسرائيل وأمريكا أقل خطرًا وأقرب رحمًا لهما من اليمن والسعودية؟!
يُتبع..

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة