عفاريت "الست خاتونة".. أسطورة ضريح مملوكي تحول إلى بيت للأشباح بالخليفة (صور)

الأحد، 24 ديسمبر 2017 08:00 م
عفاريت "الست خاتونة".. أسطورة ضريح مملوكي تحول إلى بيت للأشباح بالخليفة (صور)
بيت للأشباح بالخليفة
ماجد تمراز

هناك في الصحراء، اختار المماليك رقعة بعيدة عن قلب العاصمة "القاهرة" وخارج أسوارها، ليضعوا فيها استراحاتهم ومدارسهم وأسبلتهم لعابرى السبيل، وامتدت هذه الصحراء من بعد 800 متر تقريبًا من بوابة القاهرة الجنوبية "باب زويلة"، حتى منطقة منشأة ناصر حاليًا، لتمر من جميع الاتجاهات بمنطقة القلعة والخليفة والدرب الأحمر والإمام الشافعى، فقد وضع أصحاب السواعد القوية من أبناء دولة المماليك البحرية بصمات معمارهم الساحر بهذه المناطق التي تحولت إلى مناطق شعبية لا راعى لها.
 
 
بحى الخليفة، وبالتحديد في شارع الأشراف، الذي يشق الحى من منتصفه ليصل إلى ميدان السيدة نفيسة، تقع مقبرة فاطمة خاتون، أم الملك الأشرف الخليل ابن قلاوون، والذى تبعد استراحته عن استراحة وضريح والدته ببضع مترات، فمنذ 600 عام تقريبًا، اختار ملك مصر مكان مُحاط بالجنان ليكون ملاذًا أخيرًا لوالدته، ليشبه الجنة بعدما كان استراحة لها في دنياها، وتجلت عظمة وإبداع المعمار المملوكى في هذا الضريح.
 
WhatsApp Image 2017-12-24 at 1.54.20 PM
 
 
لم يكن يعلم محترفى العمارة في دولة المماليك، أن تعبهم سيضيع هباءًا، فبعد مئات السنوات من بناء استراحة وضريح فاطمة خاتون، ضاعت تلك اللمسات الساحرة بين تلال القمامة التي كست جميع المداخل والمخارج والغرف التابعة لتلك الأضرحة، فتحولت قبة "فاطمة خاتون" إلى مأوى لـ"الخفافيش" بعد أن أختفى العمودين الرئيسيين لها، وأندثرت المصطبة المزخرفة الواقعة عند مدخل الضريح تحت أتربة سنين الإهمال، وتحولت الصالة الرئيسية المؤدية إلى المدخل إلى بركة ماء راكد عفن تطفو فوقه الطحالب، وبات الممشى الرئيسى للجاريات الحسنوات مقلبا للقمامة.
 
 
اعتاد أهالى المنطقة على هذا المنظر، فكان أمرًا طبيعيًا لهم أن يباتون ويُصبحون على مبنى أثرى عملاق محفور على أحد حجاراته تاريخ تشيده أهلكته سنوات الإهمال، على الرغم من تقدم الكثيرين منهم لشكاوى للحى وهيئة الآثار، إلا أن مصير عشرات الشكاوى كان مقضيًا، فقد أرسل حى الخليفة منذ ما يقرب من عام سيارتين لحمل القمامة، حيث أزالتا جزءا منها ولم تظهرا بعد ذلك نهائيا كما أن وزارة الآثار تركته لمصيره.
 
 
انتشرت الأساطير والروايات الخيالية بين أهالى المنطقة، وبالتحديد حارة الست خاتونة، والتى يقع نصف الضريح والاستراحة داخلها، وهي إحدى متفرعات شارع الأشراف، فالمكان الذي لم يدخله لشر منذ مئات السنوات، بدأت تصدر منه الأصوات الغريبة مجهولة المصدر على حد قول الأهالى، وأصبح السير في هذه المنطقة ليلًا أمر مرعب لكل من يعيش بمحيطها وخاصة أهل الحارة، حتى وصل بهم الحال أنهم قد جمعوا مبلغًا ماليًا لإنارة المكان إلا أنه ظل مُخيفًا لهم ولأطفالهم ونسائهم في المساء.
 
 
حمدان عصران، صاحب المقهى الذي يبعد أقل من 10 أمتار فقط من الضريح، مقهى بسيط يجلس عليه أهالى وسكان شارعى الأشراف والزرايب ومناطق البقلى والست خاتونة وغيرهم، يقول إن المقهى مفتوح طوال اليوم، وخلال تلك الفترة نبتعد قدر الإمكان عن الضريح، ولا نقترب منه إلا في ظأوقات الماتشات والمباريات الجماهيرية، فنضع الشاشة بالقرب منه لوجود ساحة أمامه.
 
 
استكمل حمدان حديثه: "هناك شائعات تقول إن المكان مسكون بالجن والعفاريت، وأن أكثر من "زبون" للمكان يؤكدون أن هناك أصوات تصدر منه في ساعات متأخرة من الليل، الأمر الذي أثار الذعر بقلوب بعض السكان القريبين من الضريح، وعلى الرغم من الشكاوى التي تقدم بها للمجلس الأعلى للآثار والحى، إلا أنه لايوجد أى استجابة من الجهات المُختصة، خاصة وأن الرائحة الكريهة الصادرة من المكان تزداد يومًا بعد يوم".
 
حالة من الرعب سيطرت على الجميع بعد إصابة 3 من أبناء المنطقة بـ"مس شيطانى" –وفقًا لوصف ذويهم، اعتادوا أن يجلسوا في هذا المكان من الساعات الأولى من الليل وحتى أول ساعات الصباح، فأصابتهم لعنة المماليك، فكانت تتعالى ضحكاتهم وسط صعوبة الأجواء، فأنتهكو حرمة المكان المُحرم على البشر منذ قرون مضت، وظلوا أكثر من 3 سنوات يتم علاجهم في المصحات النفسية ويأخذهم ذويهم إلى المشايخ لعلاجهم من المساء.
 
أحمد حسين صديق، دفعه حب استطلاعه إلى التسلل يوميًا لدخول الضريح دون أن يراه أحد، لينتظر زملاءه حتى تبدأ وصلات السهر اليومية حتى الصباح، وأكد "عم حسين" والد أحمد أنه حاول منع نجله من دخول ذلك المكان كثيرًا ولكنه لم يكترث إلى حديثه معه، فقد كان دائما يعده بأنه سيمنع نهائيًا دخول الضريح ولكنه لم يفهى بعهده حتى أصيب بنوبات تُشبه نوبات الصرع بشكل متكرر ومُخيف وفشل المشايخ في علاجه حتى تم تحويله إلى أحد المصحات النفسية بمدينة السادس منذ عام في أكتوبر لتلقى العلاج.
 
 
من جانبه أكد الدكتور مختار الكسبانى، أستاذ الآثار الإسلامية ورئيس قطاع الآثار الإسلامية السابق، أن تلك البقعة المُقدسة أحد أهم البقاع في العصور الفاطمى والأيوبى والمملوكى، حيث تتواجد أضرحة أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم بكثافة بداية من منطقة الحلمية الجديدة، وحتى مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها، وكانت أضرحة شجرة الدر وفاطمة خاتون والملك الأشرف بن قلاوون ضمن خطة التطوير التي وضعتها الوزارة قبل ثورة 25 يناير، إلا أنه بعد قيام الثورة وتوقف السياحة بشكل كامل، توقفت أعمال التطوير بتلك المنطقة، وتم تأجيلها إلى أجل غير مُسمى.
 
 
وأضاف الكسبانى أن خطة التطوير الجديدة لوزارة الآثار ستتضمن تطوير وترميم سلسلة الأضرحة والمنشآت الأثرية الموجودة بتلك المنطقة، موضحًا أن أعمال الترميم بدأت بالفعل في ضريح الملكة شجرة الدر ولكنها لم تكتمل بعد، وستتوالى أعمال الترميم حتى تشمل ضريح فاطمة خاتون والملك الأشرف بن قلاوون.
 

 

WhatsApp Image 2017-12-24 at 1.54.28 PM

WhatsApp Image 2017-12-24 at 1.54.33 PM
 

WhatsApp Image 2017-12-24 at 1.54.38 PM
 
WhatsApp Image 2017-12-24 at 1.54.42 PM
 
WhatsApp Image 2017-12-24 at 1.55.05 PM
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق