المبدعون لا يلتقون.. ربما لأنهم أصبحوا ينحتون!

الثلاثاء، 06 فبراير 2018 08:17 م
المبدعون لا يلتقون.. ربما لأنهم أصبحوا ينحتون!
أحمد اسماعيل يكتب:

بعد تدني حال الإبداع المصري في العشرين عاما الماضية وظهور الأفلام والأغاني والكتب السطحية أصبح من لا عمل له أو مهنة يطلق على نفسه مبدع أو مؤلف أو ملحن أو مخرج وأصبح الاستسهال والسرقة هي أسهل الطرق للإبداع السريع والشهرة ،وحتي الآن لم يستطع أحد منافسه نجيب محفوظ في وصف الحارة المصرية أو نري مبدعاً بحكم طه حسين أو عباس العقاد وغيرهم من المبدعين الذين شكلوا الوجدان المصري وأثروا الحياة الفنية والثقافية فى مصر والعالم العربى.
 
المشكله الحقيقية أن أغلب من يقوم بهذه السرقات ينكر السرقة ويصر على أنها من ابداعه الخاص، الأكثر غرابه البقية القليلة التي تعترف بسرقة الأفكار!!.. لكنها تصر على إنه اقتباس ولا يصح أن نسميها سرقة ولا تُظهر مبررا مُقنعا لتبرير فعلتهم.. فهل نحن عاجزون عن التفكير والإبداع مثلا؟؟.. حتى نضطر إلى السرقة؟؟. 
 
والمشكلة الأكبر حاليا أن السرقة لم تعد فقط قاصره على الفكرة أو الاقتباس فى التأليف بل فى التفيذ أيضا.. باعتبار أن المشاهد غبى أو ساذج.. ولايشاهد أعمال الغرب.. فهم حتى لا يسرقون أفكار من أعمال فاشلة أو غير مشهورة.. بل يسرقون الفكرة الناجحة ويسيرون على منوالها أملا فى تحقيق نفس نجاح الفكرة الأصلية، فهم لم يكتفون بسرقة الأفكار فقط وإنما يسرقون نجاحها،  كما حدث فى إعلان برنامج (مفيش مشكلة خالص) للفنان محمد صبحي.
 
ومن عدة سنوات كان الأفيش الرائع لفيلم "ملاكى إسكندرية" هو نفس أفيش فيلم (Sword)، والأمثلة على هذه السرقة كثيرة.. أحد الممثلين في لقاء تليفزيونى معه عندما سألته المذيعة عن أفلامه وأنها مقتبسة من أفلام أجنبية؟.. أنكر وقال يمكن أن يكون هناك تشابها في جملة أو جملتين أو يمكن مشهد بالكثير وهذا لأن الفيلم كان عبارة عن سرقة من فيلمين هما (Stranger than Fiction وHitch) فأصبح الناتج هو فيلم جديد وقصة جديدة مختلفة تماما عن الفيلمين الأمريكيين.
 
حتى أن المؤلف لم يتعب نفسه ويعدل بعض الشيء فى القصة أو يدارى فى الاإعلان عن الفكرة، لدرجة أنه أصبح من السهل جداً معرفة النسخة الأصلية المسروق منها، من مجرد الإعلان.. وطبعا المسلسلات والألحان وحتى التوزيع الموسيقى لم تفلت هذه العناصرمن السرقة… فأصبح من  السهل استيراد القطعة الموسيقية" كوبى باست" ولصق، يضع الكلمات الركيكة عليها لتصبح أغنيه تكسر  السوق المصرى.. حتى أصبح الأمر حالياً بالمعنى الشائع “عبيلة واديله ” وطبعا الموسيقي التصويريه نالها من الحب جانب ولم تنج من يد بعضهم فالكثير يعتقد أنه لا أحد ينتبه اليها كما أثارت رواية الفيل الازرق لغط كبير بسبب تشابهها الى حد ما مع فكره فيلم The tattooist وليس لأنها أصبحت رواية في السوق المصرى.. بل أكملت طريقها للسينما أيضا.
 
تحدث السرقة عينى عينك، ولا نختشى ، ولا نذكر ولا نشير إلى الأصل المأخوذة عنه، ويرحم أيام زمان، حيث كانت الأعمال الفنية المصرية قديما خصوصا  فى بداية أى فيلم مأخوذ عن رواية أو فيلم أجنبى يكتب صانعوه "مقتبس عن رواية كذا.." كفيلم نهر الحب مثلا.. وفى معظم الاحيان يكون لهم مبرر لتكرار العمل بنكهة مصرية.. أذكر أن المخرج حسين كمال حين تحدث عن فيلم "حبيبى دائماً" المقتبس عن الفيلم الأجنبى الأشهر love story قال: حين رأيت الفيلم شعرت ببرودة فى  مشاعر الممثلين وكان الفيلم فى حاجة الى مشاعر دافئة،  فقررت أن أنفذه بنسخة مصرية، وهذه شجاعة أدبية يُشكر عليها، وتحسب لصالحه، أما الآن فهم يسرقون الأفكار وينفذونها مع سبق الإصرار والترصد ، وينكرون تماماً أن أفكارهم مأخوذة عن غيرهم ، فقد وصلنا لمرحله الشلل فى الفكر والإبداع لاستسهال السرقة دون حتى بذل مجهود فى تحوير الفكرة وتوليد أحداث جديده ؟!! .
 
هنا لابد أن نسأل :هل الإبداع المصرى الذى كان يحرك عالم الفكر فى الوطن العربى وربما أحيانا فى العالم- الذى احتفل بموسيقى عبد الوهاب وفريد الاطرش بمقطوعات ابداعيه رائعه مدون عليها أسمهما- هلى عقم وأجدب؟ واقتصر على سرقة الافكار كوبى باست ..!!! هناك أجيال تربت على روايات وكتب إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ وفتحي غانم وغيرهم .. وأفلام صلاح أبو سيف وفطين عبد الوهاب وبدرخان وأيضا الفنان الشامل الممثل والمنتج والمخرج  أنور وجدى .. وطبعا أغانى وموسيقى عبد الوهاب والاطرش والسنباطى وبليغ وغيرهم.. فما الذى ستتربى عليه الأجيال الحالية التى تكبر على سرقة الابداع…؟؟ ما هو التراث الذى سنتركة للاجيال القادمة…..؟؟ ما الذى سنتركه للتاريخ الابداعى لمصر..؟
 
وأكثر المطربين والملحنين جدلاً  واتهما بالاقتباس أو بمعنى أصح سرقة أعمالهم الملحن عمرو مصطفي الذي اقتبس العديد من الألحان مثل أغنيه فيلم "مرجان أحمد مرجان "فهي نفس أغنية شاكيرا التي تم تنفيذها للعبة البلاي استيشن في هذا الوقت وغيرها الكثير ولكنه يرفض الاعتراف بذلك وآخر ما أثير حوله خلال الفترة الماضية كان حول أغنية أبو "3 دقات" حيث اتهمه العديد بسرقة لحن الأغنية من أغنية أسبانية ولكنه خرج لينفي ذلك.
 
وإن كانت السرقة جائزة- وهذا ما أرفضه- بخصوص الأغانى العادية فو مرفوض بالثلاثة فى الأغانى الوطنية، فلا أعرف ولا أفهم كيف يقوم هؤلاء الذين نسميهم مبدعين بنحت الأغانى الوطنية ويسرقونها ، مع أن هدف الأغنية الوطنية هو إثارة مشاعر الناس وحثهم علي حب بلدهم ولا أعرف كيف يمكن أن أقوم بحثهم وتحميسهم بتلك الأفكار والألحان المسروقة التي أصبحت اُسلوب حياة لمن نطلق عليهم للأسف" مبدعون"!!.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق