التاريخ الأسود لـ"داعش" وأخواتها منذ عهد الصحابة..أدلة وقرائن

الأحد، 18 فبراير 2018 06:02 م
التاريخ الأسود لـ"داعش" وأخواتها منذ عهد الصحابة..أدلة وقرائن
داعش واخواتها
كتب:حسن الخطيب

لم تكن "داعش" وأخواتها من التيارات الإرهابية المعاصرة، وليدة هذا الزمان، حيث أن "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، ماهي إلا أفعال إجرامية تجسدت في شخصيات استباحت القتل والدماء باسم الدين، وترى أن مبادئها هي الصواب وأنها على الطريق الصحيح، وماعاداها من المبادئ والعقائد كفر صريح، فهي أفعال ومعتقدات يعتنقها بعض الأشخاص ممن ضلوا الطريق، وفهموا الدين فهما خاطئا بعيدا عن الوسطية الإسلامية الحقيقية.
 
تلك المبادئ والعقائد تجسدت في شخصيات عبر التاريخ، منذ زمن الصحابة رضوان الله عليهم، وحتى وقتنا هذا، حيث تعددت سير الصحابة بنماذج من تلك الشخصيات التي اعتنقت مبادئ الفكر المتشدد، وفهمت الدين على الطريقة الداعشية، فمنذ عهد الصحابي الجليل الخليفة أبو بكر الصديق أول خليفة للمسلمين، ظهرت تلك الشخصيات المتشددة، وارتكبت ابشع جرائمها، حتى أنه لم يسلم منها الخليفة نفسه.
داعش في عهد الخلفاء.
 
شهدت عصور الصحابة رضوان الله عليهم ظهور أول أفكار التطرف، وذلك منذ عهد الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، حيث ظهرت في عهده جماعات ارتدت عن الدين الإسلامي، وظهرت بعض الشخصيات التي أدعت النبوة، وكان من أبرزهم مسيلمة الكذاب، كما سير أبو بكر الصديق جيوشا جرارة من المسلمين ضد المرتدين من الطوائف التي ارتدت، وقد عرفت في التاريخ بحروب الردة.
 
كما كان مقتل الخليفة أبو بكر الصديق واحدة من تلك الأعمال الداعشية، حيث تعددت الروايات في وفاة أبو بكر الصديق، فقد قال 
الليث بن سعد، أن طائفة كانت من المسلمين، قد ارتدت وعزمت على قتل الخليفة أبو بكر الصديق، فوضعوا له السم في الطعام، فأكل منه هو وطبيب العرب الحارث بن كلدة، فماتا بعد سنة متأثرين بذلك.
 
كما كان عصر الخليفة الثاني للمسلمين سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، مليئ بالصراعات الدينية بين الطوائف، خاصة بعد عام الرمادة، والذي كان عاما سيئا على المسلمين، حيث حملت معها بوادر الفتنة الكبرى التي نشأت في عهد الخليفة عثمان بن عفان، فكان ظهور جماعة أبو لؤلؤة المجوسي قاتل الخلفة عمر بن الخطاب، حيث أن قومه كانو يلقبونه بأبا شجاع الدين، وكانو يؤيدونه، فكان منافقا يظهر الإسلام ويبطن المجوسية،وناصره قومه، ثم اتجهو إلى الشيعة فكانوا حزبا من الأحزاب الشيعية في عهد على بن ابي طالب.
 
فيما جاء مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، والذي اظهر الوجه الحقيقي للفكر المتطرف في ذلك الوقت، فكانت البداية الحقيقية للتطرف والتشدد في ذلك العصر على يد الخوارج الذين ظهروا في نهاية عصر عثمان بن عفان، وبداية عهد الخليفة علي بن أبي طالب.
والخوارج هم جماعة تطرفت عن الفكر الإسلامي، وعارضت خليفة المسلمين، وارتات أن مبادئها هي الصحيحة وان مباديء غيرهم ليست صحيحة،، حيث اتصفت تلك الفئة بالتعصب المذهبي والفكري الشديد، والغلو والتشدد الديني وبتفسير الدين بشكل مغلوط يؤدي إلى تكفير المسلمين واستباحة دمائهم، حتى أن الخليفتين عثمان وعلي لم يسلما من تهمة التكفير التي ألقاها هؤلاء على المسلمين، فسفكوا الدماء، وقتلوا الخليفة عثمان بن عفان في سنة 35 هـ، ثم قتلوا علي بن أبي طالب كرم الله وجههما، وتسببوا في حدوث نزاعات وحروب طوال، فكانت الفتنة الكبرى التي حولت مسار التاريخ الإسلامي.
داعش في بني أمية 
تعد الدولة الأموية هي ثاني خلافة في تاريخ الإسلام، وأكبر دوله، حيث حكموا من سنة 41 هـ (662 م) إلى 132 هـ (750 م)، وقدشهدت ظهور جماعات متطرفة أحدثت ثورات وفتنا كثيرة، وكانت تلك الجماعات إما خوارج أو شيعة. 
 
ومن أبرز تلك الثورات ثورة الحسين بن علي على يزيد بن معاوية، عندما طالب بالخلافة، فالتقت معه جيوش الأمويين في معركة كربلاء التي انتهت بمقتله، ثم قامت ثورة التوابين وثورة المختار الثقفي، ثم جاءت ثورة زيد بن علي، ثم ثورة  الخوارج ثم ثورتا عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الأشعث التي جسدت واقع الجماعات المتطرفة في المستقبل، ومنها استقت الجماعات الإرهابية تطرفها.
 
فيذكر الطبري في كتابه "البداية والنهاية" بالجزء الثامن، أن يزيد بن معاوية سير جيشا بقيادة مسلم بن عقبة المزني، الذي عرِف بعدها باسم "مسرف" فهجم على المدينة المنورة في واقعة الحَرَّة في 1 من المحرم سنة 63 للهجرة، فاستباحها ثلاثة أيام وقتل فيها من بقي من البدريين، وقتل عبد الله بن حنظلة مع ثمانية من أبناءه، ومن قريش والأنصار سبعمائة رجل، ومن الموالي عشرة آلاف وهتك أعراض ألف فتاة.
ثم أمر من بقي حيا أن يقر بعبوديته ليزيد بن معاوية فيكون عبدا ليزيد لينجوا بحياته، ومن يرفض ذلك يقتل، فكان يعرض عليهم أن يلعنوا علي بن أبي طالب وان يتبرأوا منه ومن يرفض يقطع رأسه، كما قامت جيوش يزيد برجم المسلمين في مكة وحول الكعبة بالمنجنيق فأحرق أستار الكعبة وخشبها، بعد حصارها ثلاثة شهور.
 
 وانتهت الخلافة الأموية بالقضاء على بني أمية فيما يشبه التطهير العرقي بالعائلة وحل بنو العباس في السلطة والتي لم تختلف كثيرا عن سلطة بني أمية.
داعش في العصر العباسي
شهد العصر العباسي عدة صراعات، بدأت منذ تولي السلطة للخليفة العباسي أبو العباس السفاح، والتي كانت الدولة العباسية في بدايتها دعوة، وبفضله تحولت الدعوة العباسية على يديه إلى دولة كبرى، وقد واجهها الخوارج وثاروا ضدها، حيث ظهرت فرق أخرى تابعة للخوارج، وتفرقوا شيعا واحزابا، وكانت أغلبها أكثر تشددا، وتطرفا، وزاد خطر تلك الجماعات المتطرفة في عهد هارون الرشيد.
 
داعش في عصر الدولة الوسطى
تحولت فكرة التطرف الديني وخروج تيارات دينية تكفر بعضها بعضا، من الحيز الديني، واتجه إلى التحيز السياسي منذ انقضاء دولة بنو العباس، وظهور الدولة الاسلامية الوسطى بظهور الدولة الطولونية والاخشيدية والفاطمية والأيوبية.
 
ثم عادت مرة أخرى في الظهور، وصارت تخرج جماعة من رحم أخرى، تكفر سابقيها، وتحلل وتحرم وترتكب باسم الدين بشع الجرائم، ولم يستطع الفقهاء تقديم اليقين الإيماني لجميع المسلمين فنشأت حركات فلسفية, ومذاهب وفرق تأثرت بالفلسفات اليونانية والهندية والفارسية، وتزايدت الإتهامات بالتكفير والخروج عن الدي.
 
بدأت منذ ظهور الخوارج ثم المعتزلة ثم الغلاة ثم الفرق الإسلامية كالاسماعيلية بفروعها، حتى جاء ابن تيمية في القرن الرابع عشر ليصدر أول فتوى بتكفير عدد كبير من المذاهب الاسلامية، فكان بداية لعصر جديد من الإرهاب.
داعش في العصر الحديث
عقب خروج فتاوى ابن تيمية التي كانت تكثر من قول "يستتاب وإلا قتل" في كتابه "مجموع الفتاوى" ظهرت جماعات متطرفة تعتنق فكره ومذهبه، وتروج لفتاويه، وتنشر مبادءه، وكانت من أبرز تلك الجماعات التي ظهرت في الجزيرة العربية في حركة محمد بن عبد الوهاب، وفي مصر والشام في محمد رشيد رضا، وفي المغرب حركة عبد الحميد باديس.
 
ثم ازدادت تلك الحركات والجماعات في الموجة الثانية في أوائل القرن العشرين على يد كل من القاضي محمد بن العربي العلوي وعلال الفاسي، ثم باتت الجماعات تورث تلك الأفكار والمباديء حتى مجيء محمد عبد السلام فرج، وأسامة بن لادن، وأبو مصعب الزرقاوي، ثم أبو بكر البغدادي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق