قصة منتصف الليل.. الهروب من المنزل العاري

السبت، 24 مارس 2018 08:00 م
قصة منتصف الليل.. الهروب من المنزل العاري
تعبيرية
تكتبها إسراء الشرباصى

طرقت "دينا" أبواب منزل والديها ويدها اليسرى تمسك بيد طفلها وبيدها اليمنى تحمل حقيبة يدوية صغيرة رتبت فيها ما تستطيع حمله، وإذ بوالدها يفتح الباب فيسألها عن سبب حضورها المفاجئ، فأجابت دموعها بدلا من لسانها الذى عزف عن الحديث، واكتفى والدها بأن يصطحبها إلى داخل المنزل.
 
فاستقبلتها والدتها التى كانت على علم بإنزعاجها من معاملة أسرة زوج إبنتها لها، ولكنها حاولت أن تهدئ من روعها لتقص عليها ما حدث، فبدأت "دينا" توضح لوالدتها أسلوب الحياة فى عائلة زوجها، لتؤكد أن الجد يعتبر الولى الأول والأخير لكافة أمور العائلة وهو الموجه لأبناءه وبناته والأزواج والزوجات والأحفاد أيضا، ولم يستطيع أحد إتخاذ قرار فى حياته الشخصية دون موافقة الجد.
 
ففى مزرعة كبيرة يملكها شقيق زوجها الذى هاجر إلى أحد الدول الأوربية، اضطرت "دينا" أن تذهب إليها بصحبة زوجها تنفيذا لأمر الجد لمراعاة أمور المزرعة بعد شهرين من زواجها، لتعيش مع زوجها والجد فى منزل من الطوب الأحمر وسط المزرعة لا يوجد به أى وسيلة للراحة، دورة مياهه تغلق بباب قصير يستطيع المارين أمامه أن يرون ما بداخله، وغرف غير محكمة الغلق يستطيع الجد أو أخوات زوجها الذين يقضون عطلاتهم فى المزرعة كنزهة أن يفتحوا الأبواب فى أى وقت دون مراعاة للخصوصية.
 
ولعل الموقف الذى أطاح بخصوصيتها مع زوجها هو فتح "رباب" شقيقة زوجها باب غرفة النوم عليهما دون إستئذان وكانوا يمارسون علاقتهم الحميمة وهو الموقف الصادم لـ "دينا" خاصة أن شقيقة زوجها لم تعتذر عن دخولها المفاجئ ولم تهتم بمراعاة خصوصيتهم وطلبت من الزوج ترك ما بيده والحضور للحديث مع الجد فى أمر هام، وصرخت فى وجه "دينا" قائلة: "بلاش مسخرة وقلة أدب والبسى حاجة محترمة وغطى شعرك".
 
حاولت "دينا" أن تتغاضى عن هذه المواقف خاصة بعد وعد زوجها لها بأن الإقامة فى المزرعة تكون لفترة مؤقتة ثم يعودون إلى منزلهم بالقاهرة مرة أخرى، ولكن الوعد تكرر لسنوات دون فائدة، فقد رزقها الله بطفل وهى لا تزال مقيمة بالمزرعة وعائلة زوجها تحكم أمرها وأمر طفلها.
 
إلى أن بلغ طفلهما 5 سنوات من عمره ومن المفترض أن يلتحق بالمدرسة، فأعادت على زوجها طلبها بالعودة إلى القاهرة ولكن الجد رفض بشدة وأجبرهم على البقاء فى المزرعة، فلاحظت "دينا" تكيف ابنها مع المكان وتعلم مراعاة الغنم وهو الأمر الذى أبهج جده ولكنه أثار غضب الأم.
 
فطالما حلمت بمستقبل مشرق لطفلها وأن يصير ذو منصب إجتماعى وعلمى مرموق وهو ما لا يحدث فى المزرعة التى لا يوجد بها سوى الغنم والزراعة، وأعادت طلبها للعودة إلى القاهرة للمرة الأخيرة وهو الطلب الذى رفضه الزوج خوفا من الجد، فلم تجد أمامها سوى أن ترحل بصحبة طفلها إلى القاهرة متوجهة إلى والديها.
 
وبعد إنتهاء "دينا" من حديثها عن المصاعب التى تواجهها مع زوجها وأسرته، أمسك والدها هاتفه وأجرى إتصالا لزوج إبنته ليعاتبه عما مرت به من مشاكل ويطلب منه الرجوع للإقامة بالقاهرة ولكنه رفض ونشبت مشادة بينهما فطلب الأب طلاق ابنته ورفض زوجها أيضا.
 
وبعد عدة أيام ذهبت "دينا" بصحبة والدها إلى شقة الزوجية التى أغلقت لسنوات لتأخذ إحتياجاتها منها من ملابس وذهب وغيره، ولكنها فوجئت بإقامة "رباب" شقيقة زوجها بالمنزل وتغييرها لكالون الباب وعندما سألتها عن سبب وجودها بمنزلها قالت "رباب": "الجد كلمنى وقالى أجى على هنا أنا وجوزى وولادى وأمرنى مدخلكيش البيت بعد ما سيبتى المزرعة ومشيتى".
 
فطلبت "دينا" أن تأخذ ما تحتاجه وتترك لها المنزل وتعود إلى منزل أسرتها إلا أن "رباب" رفضت بشدة وأكدت لها أن الجد رفض حصولها على ملابسها ومجوهراتها وأن هذا بداية عقابها على تركها للمزرعة.
 
فلم تتحمل "دينا" كل محاولات القهر والظلم والتدخلات غير المنطقية فى حياتها من قبل أسرة زوجها، وفشلها فى لم شمل الأسرة وعدم التدخل فى شئونها لسيطرة الجد وباقى أفراد الأسرة فى حياتها، وهو ما أجبرها على اللجوء لمحكمة الأسرة لطلب الخلع وإسترداد قائمة المنقولات الزوجية.

ملحوظة: لا تتزوجى من رجل يتحكم به أهله ولن تقبلى إلا بالخصوصية فى حياتك 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق