عاد بعد غياب.. «الأمل» يداعب قلوب مواطني الدول العربية

الثلاثاء، 27 مارس 2018 02:23 م
عاد بعد غياب.. «الأمل» يداعب قلوب مواطني الدول العربية
صناعة الأمل
محمد الشرقاوي

تداعب حالة من الأمل قلوب مواطني الدول العربية في الفترة الحالية، وذلك بعد غياب استمر لأكثر من 6 سنوات، بعد فترات صعبة عاشها مواطنوها بعد ثورات الربيع العربي والتي تسببت في خسائر بلغت أكثر 614 مليار دولار بحسب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد أبو الغيط. 
 
مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، أعد دراسة بعنوان: «القضايا العشر: لماذا تصاعدت دعوات عودة الأمل في المنطقة العربية؟»، تقول إن دعوات ومبادرات اجتماعية ومشاريع إنسانية وتربوية عادت بدرجات متفاوتة وأنماط مختلفة، تسعى إلى تمكين الفئات المهمشة في المجتمع، والتخفيف من وطأة الحاجة لدى الفقراء، ورفع المعاناة عن المرضى، وتأهيل البنى التحتية وإعادة ترميم المرافق الخدمية في بؤر الصراعات التي تم تحريرها من قبضة التنظيمات الإرهابية والميلشيات المسلحة.
 
وتابع المركز أن تلك الدعوات تهدف إلى الإرتقاء بنوعية الحياة، لا سيما بعد سنوات عجاف شهدتها المنطقة، بعد تحولات 2011، غلب عليها انتشار اليأس وانهيار النظم وتفكك الدول وإضعاف الجيوش الوطنية وتمدد الميلشيات الجوالة وانتشار الإرهاب وتغير جغرافيا المنطقة.
 
وتهتم المبادرات بشكل خاص بقضايا اللاجئين وأطفال الشوارع، عبر ورش عملية وأنشطة ترفيهية.
 
يوضح المركز أن المبادرات الإيجابية تحمل حزمة من الأبعاد السياسية التي تفسر انتشار موجة عودة أو استعادة الأمل في المنطقة العربية، وأبرز من يحملون ذلك حكام دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
أول تلك الأبعاد «صناعة الفرق»: حيث عمد أصحاب المبادرات إلى تحسين نوعية الحياة في المجتمعات العربية، الشيخ محمد بن راشد، في 14 فبراير 2018، جدد مبادرته "صُنَّاع الأمل"، للعام التالي، والتي تهدف إلى تكريم البرامج والمشاريع والمبادرات الإنسانية والمجتمعية التي يسعى أصحابها من خلالها إلى مساعدة البشر دون مقابل، ونشر الأمل وترسيخ قيم الخير والعطاء، وتعزيز الإيجابية والتفاؤل، بما يؤدي إلى صناعة الفرق في حياة الأفراد، وخاصة المساهمين في مجالات كالصحة والتعليم والعمل الشبابي والعمل التطوعي والإعلام الجديد وغيرها.
 
ثاني الأبعاد «ولاية الحكم» لاستمرار الاستحقاقات الانتخابية، وهو ما تمثل في مبادرة الأمل التي أطلقها الشريف ولد عبدالله، في العاصمة الموريتانية نواكشوط في عام 2014 وامتدت لمدن أخرى مثل أطار ونواذيبو والزويرات وبئر أم أكرين، لرفع معدلات المشاركة المجتمعية في الانتخابات الرئاسية لدعم فوز الرئيس محمد ولد عبدالعزيز بولاية جديدة، كذلك مبادرات «أنت الأمل» في مصر وما حققته القيادة السياسية على مدار الأربع سنوات الماضية من مشروعات قومية.
 
كذلك «إعادة الإعمار» ببعد دعم الأفراد المحررين من سيطرة التنظيمات الإرهابية، حيث بلورت غرفة صناعة دمشق، في 20 مارس الجاري، مبادرة إنسانية بتوزيع معونات غذائية ومنظفات صحية وملابس على الأفراد المحررين من المناطق التي سيطرت عليها الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية من قرى وبلدات في مركزى إيواء الحرجلة ونجها، بهدف صناعة الأمل لكل الأسر المهجرة وتأمين احتياجاتها حتى تعود لمنازلها مرة أخرى تمهيدًا لعودة عجلة الصناعة وإعادة إعمار سوريا فيما بعد.
 
من بين الأبعاد، إيجاد متنفسات بديلة للاجئين من اشتعال بؤر الصراعات المسلحة، وهو ما عملت عليه الأمم المتحدة، في 28 نوفمبر 2017، في مبادرة «العمل للأمل» التي تدرب من خلالها عددًا من أطفال اللاجئين السوريين على عزف آلات موسيقية متنوعة، من خلال الورش المختلفة عن التراث الموسيقي لعدة دول مثل مصر وسوريا وتركيا. وتهدف هذه المبادرة إلى خلق متنفس للأطفال في ظل الأزمة السورية المشتعلة منذ سبعة أعوام، والتي دفعت بعض السوريين للجوء والنزوح خارج أراضيها.
 
خامس تلك الأبعاد، في منح جرحى الصراعات المسلحة والعمليات الإرهابية نافذة فرصة للحياة، على نحو ما فعلته منظمة "أطباء بلا حدود" في الأردن مع بعض الأفراد، سواء كانوا أردنيين أو سوريين أو عراقيين أو فلسطينيين أو يمنيين، من الذين قاتلوا ضد تنظيم "داعش"، ما أدى إلى فقدانهم أحد الأطراف أو إصابتهم بجروح خطيرة.
 
سادسها «إعادة الشرعية: منع الميلشيات المسلحة من الانفراد بحكم الدول»، وذلك ينطبق على عملية "إعادة الأمل" في اليمن التي بدأت في 21 إبريل 2015، وسعت إلى التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للميلشيات الحوثية وحلفائها وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهربة من الخارج، وتدشين تعاون دولي لمنع وصول الأسلحة جوًا وبحرًا إلى الحوثيين من خلال المراقبة والتفتيش، وإجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة، مع استمرار حماية المدنيين ومكافحة الإرهاب.
 
إضافة لـ «بنوك الأمل: مكافحة الفقر في المجتمعات النامية المأزومة»، وهي مبادرة تتبناها «بنك الأمل» في اليمن، باعتباره أحد بنوك التمويل الأصغر الثمانية التي أنشأها برنامج الخليج العربي للتنمية «أجفند» في إطار مبادرة الأمير طلال بن عبدالعزيز لمكافحة الفقر في المجتمعات النامية.
 
وثامنها «حليب الأمل: تمويل المشاريع في مجالات اقتصادية محددة»، وهو ما حدث في تونس، إذ أبرمت جامعة جندوبة، في 24 أكتوبر 2017، اتفاقية شراكة تندرج في إطار الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص مع شركة ستيال "دليس دانون" والبنك التونسي للتضامن، تقضي بتخصيص 250 مليون دينار تونسي، بهدف انتقاء شباب خريجين من الجامعة لتنفيذ مشاريعهم الخاصة في مجال إنتاج الحليب.
 
 وتاسعها «حقوق المعاق: إدماج ذوي الإعاقة في بني المجتمعات العربية»، وهو ما شهدته الأعوام الماضية من إطلاق مبادرة من «جمعية أمل المغرب» أنشئت من قبل شباب مغاربة مقيمين بالخارج بغرض مواكبة مختلف المبادرات التي تهدف إلى إدماج الأشخاص المعاقين في الوسط المهني بالمغرب، بشراكة مع برنامج "مبادرة الشراكة الشرق أوسطية" لسفارة الولايات المتحدة بالمغرب، يهدف البرنامج إلى تمكين 150 شابًا من الاندماج في سوق العمل، إضافة إلى تمويل خمس مشاريع للتشغيل الذاتي.
 
 وأخرها «الإدراك الصحي: زيادة الوعي المجتمعي بالأمراض الخطرة»، دشنت أبوظبي، في السنوات الماضية «مارثوان الأمل» لعودة الأمل لمرضى السرطان، حيث خصصت مبالغ مالية لتمويل مشاريع ثقافية تهدف لزيادة الوعى بمرض السرطان وسبل الوقاية منه، وزيادة التبرعات لتمويل أبحاث هذا المرض.
وتزامن الإعلان عن هذا التخصيص مع مبادرة "اليوم العالمي للسرطان" التي تصادف الرابع من فبراير من كل عام. وتجدر الإشارة إلى أن لدولة الإمارات دور فاعل في عملية البحث عن علاج سريع ومفيد لمرض السرطان، سواء عبر الندوات التثقيفية أو الفعاليات التمويلية.
 
واختتم المركز العرض البحثي ببند «إرادة فولاذية»، حيث أن الأبعاد السابقة تعبر عن تجديد صناعة الأمل والتصدي لموجة الإحباط واليأس السائدة في المنطقة العربية وتجفيف وقود الدمار الذي خلفته موجة الصراعات المسلحة ومواجهة تمدد التنظيمات الإرهابية ومقاومة الفقر وتطوير التعليم والصحة والبنى التحتية، بحيث تتغير الصور النمطية عن المنطقة العربية، فالاهتمام بالأمل والمستقبل يمثل ضرورة قصوى للدولة والمجتمع في المنطقة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة