الأرواح تتلاقى

الخميس، 12 أبريل 2018 03:24 م
الأرواح تتلاقى
جيهان مديح

الحب لا يعرف معنى لكلمة مستحيل، يجمع ما بين الشرق والغرب، الشمال والجنوب، فمعه تذوب كل العقائد والاتجاهات والمعتقدات، فهو مرض ليس له دواء سوى الاستسلام لأعراضه، حتى لا تجد نفسك بين يوم وليلة شهيد الحب.

لم يتخيل هو أن بعد هذا العداء سيصبح هو وهي روحان متآلفان، كان اللقاء الأول بينهما ذكرى دائمة لهذا الحب المرضي، الذى لم يفرقهم عن بعضهما البعض، وكانت أغنية وردة «في يوم وليلة» أيقونة حبهم.

كانت البداية حينما قابلها في النادى فكانت لاعبة مميزه في الرماية، وكان هو أيضا لاعب النادى الأول في نفس اللعبة، كان الجميع يحبونه، لأنه مميز كما كانت هي، ذكية إلى حد كبير.

أخذت موعدا للتدريب، ولكن حينما ذهبت وجدته مكانها يتدرب، فاستشاطت غضباً، ودخلت معه في نقاش حاد، استفزها في البداية، وقت لم يعيرها انتباهه وأعطاها ظهره، ولكن حينما التفت إليها ونظر في عينيها، خارت قواه.

لم تستغرق نظرته الكثير، حتى هدأ كل منهما وبدأوا في التعارف لأول مرة، في مناسبات كثيرة سمع أحدهم عن الآخر، ولكنهما شعرا أنهما التقيا من قبل من سنوات وسنوات.

وحينما عادت إلى بيتها كانت أول رسالة منها له: خلاص بقا متزعلش مني، كانت هذه الرسالة كفيلة أن تجعله في هذا اليوم سعيداً بتلك المشاعر، التى تسربت داخله.

ومن هنا بدأ الحديث عن حياتهما وما يحبا وما يكرها، كانت اللهفة تسبقهم كل يوم ليتحدثا كثيرا في شتى الأمور، فعادت إليها الضحكات مرة أخرى بعدما فقدتها لسنين وسنين.

كانا يشعران أنهما تلاقيا منذ سنوات، فكانا يضحكان وفي وقت واحد ينطقان: من أنت؟ ثم يليها ضحكة مدوية، حتى الآن لم يعرفا ما الذي جمعهما، وسيعلمان أن الأقدار التى تلعب بنا جميعاً تحدد مصير العباد.

أرواح تتعانق فتلتقي فتقترن فتكتشف.. نعم قد تكون في مكان ما.. في محاضرة أو ملتقى.. أو سفر أو نادي أو مول أو طريق وفجأة تجد شخصًا بغض النظر عن جنسه، كان رجلاً أم أنثى، وقد مال قلبك إليه، ليس عاطفيًا بل راحة داخلية، كما لو أنك تعرفه أو تعرفها منذ أمد بعيد لنقل منذ 300 عاماً أو أكثر.

ألم تمر بك تلك اللحظة وهذا الشعور من قبل؟ لابد أنك عشته وأخذت تتحدث للآخرين عن هذا الموقف المذهل، والمثير في نفس الوقت وتسمع القصص من الآخرين ممن حدث معهم كما حدث معك أنت.

الأمر مثير وباعث على التأمل والتفكر.

علم المنطق والعقل يسميه «تآلف الأرواح» أو أن الذي حدث كما لو كان حدث من قبل، من زمن بعيد، واستقر بعقلك الباطن، حتى جاء الوقت المناسب وصار التلاقي دون ترتيب مسبق أوسابق معرفة.

هنا تجد تآلفًا ماديًا ملموسًا يحدث على شكل إعجاب أولفت انتباه، ومن ثم قد يتطور إلى بناء علاقة ما تتطور إلى صداقة، وربما أعمق من ذلك وبشكل ملحوظ وسريع إيجابي من الطرفين، كما  في الحديث الشريف: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»، تتلاقى في الطباع والمزاج أوالتركيب النفسي ولا يحدث التلاقي بين الأرواح المختلفة في الطباع والأمزجة أو التركيبات النفسية المعقدة.

وربما حدث معك أن قابلت إنسانًا ولأول مرة أيضًا، ولكن قبل أن ينطق بكلمة واحدة تجد النفور وعدم القبول لديك، بل تتمنى ألا يحدث تلاقٍ حتى لا تضطر إلى استخدام كل عبارات المجاملة والجمل الدبلوماسية التي تحفظها للتخلص منه.

إنها مسألة محبة للآخرين، وربما مسألة حب بين شخصين.

الحب الذي يحدث بين رجل وامرأة لا تربطهما رابطة الدم أوالمصلحة، سوى التآلف والتلاقي والتحاب بشكل سريع، غير مفهوم الخطوات والمراحل دون الوصول، لقدرة فهم وتفسير ما يجري إنما تحدث فجأة من كلمة أو لقاء عابر فتتطور حسب الظروف المحيطة.

ومن هنا يمكننا القول إن علاقات الحب الناجحة المستمرة سببها تآلف الأرواح والعكس صحيح.

السؤال هنا:

_ هل هناك تلاقيًا للأرواح؟

_ وهل تؤمنون به؟

لتكون الإجابة واضحة لنا جميعاً.

هل هناك كيميا تربط بين الأشخاص بعضها البعض؟

_ هل تتحكم تلك الأرواح وتلك الكيميا في حياتنا؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق