«زنا المحارم» المسكوت عنه فى المجتمعات العربية والقانون

الأحد، 06 مايو 2018 02:00 ص
«زنا المحارم» المسكوت عنه فى المجتمعات العربية والقانون
صورة أرشيفية
علاء رضوان

عادة ما يشعر الإنسان بالصدمة فور سماعه عن حادث يمثل «جريمة الزنا»، نظراَ لكوننا نعيش في مجتمعات شرقية تأبى مثل هذه الجرائم المخلى بالشرف والأعراف ناهيك عن كونها تعد من «الكبائر» في جميع الديانات السماوية، إلا أن الأكثر قسوة ومرارة حينما تسمع عن حادث «زنا المحارم».  

السؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه الحالات الغريبة عن مجتمعاتنا، كيف لإنسان أو إن صح التعبير «ذئب بشرى» يرتكب هذا الفعل بمن هي دمه ولحمه؟، بمن هو مؤتمن عليها، هو سندها وظهرها، ما يشير إلى أن المجتمعات العربية في منحدر يجب الانتباه له، كما أن هناك سؤال أخر لماذا لا تغلظ العقوبات بخصوص هذا الجُرم؟.

مراقبون قانونيون يرون ضرورة  تغليظ عقوبة جرائم «زنا المحارم»، لتصل إلى «الإعدام شنقًا»، لمواجهة الظاهرة وإنهاءها والقضاء عليها داخل المجتمع المصرى قبل أن تتفاقم، باعتبار أن عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة غير كافية.

ضرورة تغليظ العقوبة
من جانبه، قال محمد عثمان، نقيب محامى شمال القاهرة السابق، إن القانون المصرى شدد عقوبة مواقعة أنثى بغير رضاها بالأشغال الشاقة المؤبدة، طبقًا لنص المادة 267 من قانون العقوبات التى تنص على أن العقوبة تكون مستحقة: «إذا كان الفاعل من أصول المجنى عليها أو المتولين تربيتها أو ملاحظتها، أو ممن لهم سلطة عليها أو مديرها أو كان خادمًا بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم».

وأضاف «عثمان» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن العقوبة طبقًا للمادة 268 تنص على:« أن من هتك عرض إنسان بالقوة يعاقب بالسجن من 3 إلى 7 سنوات إذا كانت المجني عليها لم تبلغ سن 16 عامًا، ويجوز أن تصل العقوبة إلى 15 سنة أشغالًا شاقة»، مؤكداَ أن تلك الجريمة أخلاقية، ومن أبشع الجرائم الإنسانية التي تهدد أمن الأسرة والمجتمع، وتخالف عاداتنا وتقاليدنا.

جريمة غائبة عن القانون
بينما،  أكدت «هيام محمد»، عضو لجنة المرأة بنقابة المحامين، أن المحكمة فى مثل هذه الوقائع تستعمل أقصى عقوبة، ولا تنظر إلى أي نوع من التخفيف، أو مراعاة ظروف المتهم، مضيفة أن القانون يعاقب الأب الذى يعتدى جنسيًا على ابنته بالسجن من 10 إلى 15 سنة دون رأفة.  

«هيام» أضافت فى تصريح خاص أنه «لا يوجد فى التشريع والقانون المصرى نص يعاقب من يقترف هذه الجريمة النكراء إلا فى حالة واحدة، وهى هتك العرض للقصّر بالقوة»، ورددت قائلة: « للأسف مجتمعنا عاجز بسبب غل يد رجال القانون عن معاقبة هؤلاء، وجعلهم عبرة لمن يمارسون هذه الأفعال، فجرائم الزنا بوجه عام متعلقة بالشكوى، فلا جريمة بغير من يقوم بالشكوى سواء كان الزوج أو الزوجة.  

رأى الدين
بينما يرى مراقبون من علماء الدين الإسلامي أن زنا المحارم حرام شرعًا، ومن أكبر الكبائر التى نهى عنها الله سبحانه وتعالى، ووعد فاعلها بالعقاب العظيم، حيث أن حدوث هذه الفاحشة يبدأ من خلال التحرش الذى يكون فى أول الأمر غير مقصود، كالنظرة إلى أماكن العورة، الأمر الذى يجر إلى أمور أكبر، وهى المعاصى التى تثير الغرائز لفعل هذه المصائب، حيث يكون الفرد فى حالة لا يفرق فيها بين المرأة الأجنبية وبين أمه أو أخته.


وضع أبناء زنا المحارم
كما إن أطفال زنا المحارم، لا يتم تسجيلهم بأي أسماء تابعة للأب أو الأم، بل تتكفل به الدولة، حيث تقوم وزارة التضامن الاجتماعي بإيداعه في أحد دور الأيتام، وهنا تتولى مسئوليته من الإنفاق عليه، واختيار اسم له، ويتم معاملته معاملة الأيتام.


«رأي الطب النفسي»
من جانبها، حملت «هبه علام»، الخبير المتخصص فى قضايا الأسرة، أن وسائل الإعلام الخاصة والمرئية منها جزءًا من المسئولية، مؤكدة فى الوقت نفسه أنها أصبحت تلعب دورًا كبيرًا فى انتشار مثل هذه الجرائم الخطيرة بتقديمها برامج وأغانى إباحية تداعب الغرائز وتنميها لدى بعض الأفراد غير الأسوياء.

وأضافت «هبه» فى تصرح صحفى أن أفلام الرذيلة والسموم التى تدس فى الدراما، ونشر الأفلام غير العربية التى تعتبر ممارسة مثل هذه الأفعال شيئًا طبيعيًّا، هذه كلها دوافع لارتكاب الجريمة، وفى الوقت ذاته يتم الإفلات من القانون بسهولة، حيث أن الخلافات الأسرية بين الأزواج الناجمة عن عدم تنظيم الأمور الجنسية والتى تعد أبرز دوافع الخيانات الزوجية سواء مع ابنته أو غيرها.

واستطردت: معظم حالات اعتداءات الآباء على بناتهم لا تصل للقضاء وتبقى طى الكتمان لسنوات لوعى الفتاة بأنها إذا فضحت الأمر ستدمر الأسرة فهى تعى تأثير كشف السر على الأسرة فتفضل السكوت إلى أن تكبر وتتزوج أو تهرب، مطالبة بعمل ندوات توعية مشتركة بين الأزهر والإعلام ووزارة الثقافة ومنع البرامج الخادشة للحياء وعدم بثها على شاشات التلفاز، والعمل على ترسيخ قواعد الدين لدى الأفراد.

وأكدت أن التعاون بين المجتمع المدنى والدولة يجب أن يكون من خلال تبنى احدى هذه المناطق العشوائية ووضع استراتيجية واضحة لمواجهة كل الامراض التى تنتج عن هذه المناطق.


يمكن تلخيص «أسباب تفشي هذه الظاهرة» في المجتمع في النقاط التالية:
1- ضعف الوازع الديني أو انعدامه.

2- فشل المدرسة في التربية على القيم و الأخلاق وغياب دور الأسرة في التوعية.

3- إغراق السوق بالخمور والمخدرات وسهولة تعاطيها.

4- الإعلام الإباحي من فضائيات متخصصة في ذلك وانتشار المواقع الإباحية.

5- تراجع دور الأسرة خصوصا دور الأب داخل الأسرة, ضياع مفهوم الأبوة في مقابل مفهوم الصديق بحيث تسعى عدد من النظريات التربوية الغربية إقناع المربين بأن أهم عنصر مساعد على تربية الأبناء هو الذي يعتمد الصداقة بين الأباء و الأبناء إلى درجة يغيب معها مفهوم الأبوة مطلقا بالبيت, ففي غياب توازن بين أن يكون الأب صديقا تارة و أبا تارة أخري قد يؤدي إلى سلوكيات جنسية شاذة و منحرفة, حيث نبه عدد من الخبراء التربويين إلى بعض المفاهيم الدخيلة في فنون التربية التي تصور أن سلطة العائلة تكمن في يد من يملك مالا مهما كان زوجة أو بنتا أو أختا أو إبنا و هذا ساهم في بناء أسرة هشة غير مترابطة شكلت مناخا خصبا لسلوكيات منحرفة منها زنا المحارم.

فهل بعد انتشار هذه الأسباب في دواليب الحياة اليومية للمجتمع المصري نستغرب انتشار جرائم زنا المحارم و ارتفاع وتيرة تزايدها يوما بعد آخر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة