قصة التنظيم الإرهابي وثورة 23 يوليو.. لماذا تشوه قنوات الإخوان عبد الناصر؟

الأربعاء، 06 يونيو 2018 02:00 م
قصة التنظيم الإرهابي وثورة 23 يوليو.. لماذا تشوه قنوات الإخوان عبد الناصر؟
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر
عنتر عبد اللطيف

 

لم تكن محاولة جماعة الإخوان الإرهابية استغلال ما جرى فى مصر منذ أحداث 25 يناير 2011 لصالحها بالقفز على الحكم بإلهاب العواطف الدينية  للمواطنيين، وتحريضهم لمواصلة التخريب فى محاولة لهدم الدولة هى الأولى، فقد سبق لهم وأن حاولوا اختطاف ثورة 23 يوليو إلا أن يقظة الزعيم جمال عبد الناصر أدت إلى إفشال مخططاتهم، لذلك فليس بمستغرب أن يحاول أحفاد «حسن البنا» تشويه صورة الزعيم الراحل، وهو ما يظهر هذه الأيام فى قنواتهم العميلة التى تبث من تركيا وقطر.

ويظهر أيضا عبر برامجها شخصيات مشبوهة، عرف عنها أنها تبيع نفسها للشيطان مقابل حفنة من الأموال من قبيل معتز مطر، ومحمد ناصر، وحمزة زوبع، وهشام عبدالله، وغيرهم من الذين دأبوا ليل نهار على سب الدولة ومحاولة تشويه صورة «ناصر» الذى أوقف مشروعهم الملتحف بغطاء الدين، الذي كانت تموله في الخفاء المخابرات البريطانية. فما قصة «عبدالناصر» مع هذه الجماعة وما حقيقة انضمامه إلى تنظيمهم، وما الذي أشعل الصراع بينهم ليلقي برموزهم في السجون ويعدم بعضم وعلى رأسهم «سيد قطب».

شهود عيان، من الذين اقتربوا من عبد الناصر، أكدوا أن الزعيم انضم إلى جماعة الإخوان قبل ثورة 23 يوليو من قبيل الفارس الأحمر– كما كان يطلق عليه عبدالناصر- خالد محى الدين أحد الضباط الأحرار، وعضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، ومؤسس حزب التجمع، والذى قال فى مذكراته التي حملت عنوان «الآن أتكلم نصا»: «حاول حسن البنا أن يشدنا إلى الجماعة برباط وثيق، وتقرر ضمنا أنا وجمال عبد الناصر إلى الجهاز السرى للجماعة ربما لأننا الأكثر فعالية وتأثيرا فى المجموعة، ومن ثم فإن كسبنا بشكل نهائي يعنى كسب المجموعة بأكملها وربما لأننا كنا نتحدث كثيرا عن الوطن والقضية الوطنية، ومن ثم فقد تصور حسن البنا أن ضمنا للجهاز السري حيث التدريب على السلاح والعمل المسلح، يمكنه أن يرضي اندفاعنا الوطني ويكفل ارتباطا وثيقا بالجماعة».

251012

مجلس قيادة الثورة

شهادة «خالد محى الدين» تكشف أن عبد الناصر كان عضوا فى الجماعة، وهو الخيط الذي سبق والتقطه أعضاء الجماعة ليزعموا أن «ناصر» انقلب على بيعة المرشد، وهي الجدلية التي انقسم بشأنها العديد من الباحثين وشهود عيان هذه الحقبة التاريخية، فهناك طرف تبنى وجهة نظر أن عبد الناصر، ترك الجماعة فى محاولة للاستئثار بالسلطة، فيما يذهب آخرون إلى أنه كان يريد ظهير شعبى لحركة الضباط الأحرار ضد الملك فاروق، لذلك حاول إظهار إيمانه بأفكار جماعة حسن البنا، التى وجدتها فرصة فى برجماتية سياسية ونفعية محضة بضم بعض أعضاء الضباط الأحرار إلى تنظيمهم فربما استطاع هؤلاء الشباب الوصول إلى الحكم ، ووقتها فقد تستطيع الجماعة القفز على السلطة عبرهم.

 شهادة سامى شرف وزير شئون رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تؤكد أن «ناصر» لم يكن يوما إخوانيا. يقول شرف: «عندما راجعت مذكرات البغدادى الجزء الأول الصادرة عن المكتب المصرى الحديث، وجدت أن البغدادى لم يذكر مطلقا انتماء عبدالناصر للإخوان المسلمين بل ذكر أن عبد المنعم عبد الرؤوف خرج من تنظيم الضباط الأحرار لإصراره على دمج التنظيم بجماعة الإخوان، وهو ما رفضه عبدالناصر ورفاقه الأحرار، وعندما بحثت عن مذكرات للراحل كمال الدين حسين، وجدت أنه لم يصدر أى مذكرات، ولكنه فى حوار صحفى له مع الكاتب الراحل عبدالله امام فى كتاب «عبد الناصر والإخوان المسلمين» الصادر عن دار الخيال سنة 1997، قال إنه رغم تعاطفه مع الإخوان المسلمين إلا انه لم يكن أبداً عضواً بالجماعة كما أكد أن جمال عبدالناصر لم ينضم للإخوان أبداً.

ما يعضد الرأى السابق، أن الزعيم «جمال عبدالناصر» كان «منفتحًا على التنظيمات كافة فى تلك الفترة الدقيقة من عمر مصر، وبالتالى فهواه لم يكن إخوانيًا وحسب» وفق الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات السياسية، والذى كان قد كشف فى تصريحات صحفية، إن علاقة الإخوان بالضباط الأحرار تعود إلى منتصف الأربعينيات من القرن الماضي.

 

سامى

 

عملت جماعة الإخوان منذ منتصف الأربعينات على ضم عناصر شبابة إليها من داخل الجيش مثلها مثل تنظيمات عقائدية كثيرة كانت منتشرها وقتها من قبيل مصر الفتاة والتنظيمات الماركسية. وبحسب شهادة الصاغ «صلاح شادي» فقد تقرب عبد الناصر من الصاغ محمود لبيب، وكيل الشؤون العسكرية بحركة الإخوان ليحصل منه على قائمة بأسماء أعضاء الإخوان داخل الجيش لينجح بذلك فى فصل حركة الضباط الأحرار داخل الجيش عن حركة الإخوان المسلمين، ما يؤكد شخصيته المستقلة فهو كان وقتها يتردد على الحركات السياسية وليس من المعقول أن يكون عضوا فى جماعة الإخوان، وفي ذات الوقت شارك في نشاط  مصر الفتاة والشيوعيين.

عقب اندلاع ثورة 23 يوليو، طلب عبدالناصر الاستعانة بجماعة الإخوان ليشاركوا في تأمين المنشآت، وهو الهدف الذي كشف مغزى اقترابه منهم، ومحاولة استمالتهم إلى جانبه، فقد كان يدرك أن لهم ظهيرا شعبيا في الشارع ويستطيعون إلهاب عناصر البسطاء باستخدام الدين فأمن مكرهم وفي نفس الوقت وظفهم في خدمة وحماية الحركة الثورية الوليدة.

رحل الملك فاروق عن مصر وجرى تعيين أكثر من وصى على ابنه أحمد فؤاد، ليعلن عبدالناصر نهاية عصر الإقطاع وهو أحد أهداف قيام الثورة من الأساس، وألا تزيد ملكية الاراضى الزراعية للفرد على 200 فدان، إلا أن مرشد الإخوان وقتها حسن الهضيبي، اعترض لأنه كان يمتلك أكثر من 500 فدان من أجود الأراضى الزراعية، ما مثل الصدام الأول بين عبدالناصر، وأعضاء مجلس قيادة الثورة من جانب، وجماعة الإخوان من جانب آخر.

الصدام الثانى بين عبد الناصر والجماعة اندلع عقب طلب عبد الناصر من القوى الوطنية ترشيح بعض من يرونه يصلح لتولى حقائب وزارية من بينهم، وحدث أن جرى تخبط شديد من جانب مكتب الإرشاد والمرشد وأرسلوا إلى الضباط الأحرار قوائم عديدة وهنا اختار عبدالناصر الشيخ أحمد حسن الباقورى وزيرا للأوقاف فقد كان أزهريا وسطيا وفي ذات الوقت عضوا بمكتب الإرشاد، ولكن لم يكن اسمه ضمن الأسماء التي أرسلها الإخوان إلى عبد الناصر ليختار من بينها من يصلح لتولي حقائب وزارية.

طلب مكتب الإرشاد من الشيخ الباقوري، أن يتقدم باستقالته من الوزراة وعندما رفض جرى فصله من عضوية مكتب الإرشاد، كما رفض عبد الناصر طلبا من الهضيبى بالإطاحة بالشيخ الباقوري، بقوله إن الثورة نجحت ولن نقبل وصاية من أحد، فضلا عن رفضه طلبا للهضيبي بفرض الحجاب على نساء وفتيات مصر في الوقت الذى كانت فيه نجلة الهضيبي تذهب إلى الجامعة دون حجاب!

جماعة الإخوان المسلمين التى انقلبت على كافة قناعاتها وراحت تشوه ثورة 23 يوليو يفضحها كتابات رموزها بعد اندلاع هذه الثورة ومنهم سيد قطب، الذي أصبح منظرهم ومرجعهم بابتداعه ما أسماه «الحاكمية لله»، وهي القاعدة التي استندت عليها عناصرهم المتطرفة ومن خرج من عباءتهم في إراقة دماء آلاف الأبرياء.

قطب

سيد قطب

يعد «سيد قطب» أحد رموز الجماعة من أوائل الذين سارعوا بكتابة عشرات المقالات المؤيدة لثورة 23 يوليو، والمطالبة حتى بإخراس أصوات غنائية من قبيل أم كلثوم وعبدالوهاب بدعوى أنهم غنوا في العهد الملكي، ومدحوا فاروق الأول!، حيث قال «قطب» فى مقالا له بعنوان: «أخرسوا هذه الأصوات النجسة، إن واجبنا حماية الجماهير من الأصوات التي تحبها كما نحميها من المخدرات، وهذا واجب الثورة، ويتعين عليها أن تفعله مهما يكن فيه من اعتداء على حريات الأفراد، لتخرس هذه الأصوات الدنسة إلى الأبد».

كما هاجم «قطب» الأحزاب التى كانت توالى الملك وجرى حلها بقوله: «لم يخب ظني في هذه الأحزاب القديمة، كنت أدرك أنها أحزاب انتهت، تجمدت، فقدت القدرة علي الحركة فلم تعد صالحة للبقاء، ولا قابلة للشفاء، إن مشكلة هذه الأحزاب أنها لم تدرك أنها قد تحولت إلى تروس صدئة في الجهاز الاجتماعي الفاسد الذي يكافحه الشعب».
 

وكعادة الجماعة التي كانت لا تطمح سوى في المشاركة في السلطة، فقد رأى قطب أن من حقه أن يتولى وزارة المعارف وطلب ذلك من مجلس قيادة الثورة، ولكن عندما لم يتحقق مطلبه بدأ فى الهجوم على الثورة ورجالاتها وجرى اعتقاله فى 1954، وعقب خروجه من السجن عاد ليتآمر مرة ثانية على عبد الناصر بالتحريض على محاولة اغتياله، وهي المحاولة التي فشلت فيما يعرف بحادث المنشية بالإسكندرية ليجرى إعدام سيد قطب عام 1965.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق