مصر تحرر مساجدها من قبضة التطرف.. رحلة الوزير مختار جمعة لاستعادة المنابر

الأربعاء، 06 يونيو 2018 06:00 م
مصر تحرر مساجدها من قبضة التطرف.. رحلة الوزير مختار جمعة لاستعادة المنابر
وزير الأوقاف مختار جمعة
زينب عبداللاه

 

مع إعلان الحكومة استقالتها أمس أصبح كل الوزراء فى انتظار قرار إما بالبقاء على كرسى الوزارة مع التشكيل الجديد للحكومة أو باعفائهم والاستعانة بوزراء جدد، ليصبح كشف حساب كل وزير طوال فترة بقاءه فى الوزارة إما مؤهلا للتجديد له أو سببا فى الاستعانة بغيره سواء لاستكمال ما بدأه أو لتحقيق مالم يستطع تحقيقه.

ومن هؤلاء الوزراء الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أقدم وزراء الحكومة الحالية، حيث تولى الوزارة فى عدة حكومات منذ عام 2013 فى حكومة حازم الببلاوى، وبقى فى منصبه بعد تغيير الحكومة وتشكيلها برئاسة المهندس ابراهيم محلب، واستمر ليستكمل المسيرة فى حكومة المهندس شريف اسماعيل التى أعلنت استقالتها أمس.

والسؤال المطروح هل يبقى الوزير راسخا على كرسى الوزارة فى الحكومة الجديدة أم يتم الاستغناء عنه وإعفاءه من الوزارة؟

مختار جمعة الذى كان يشغل منصب عميد كلية الدراسات الإسلامية قبل توليه الوزارة نجح فى إنجاز عدد من الملفات، أهمها إحكام السيطرة على المساجد، لتخليصها من سيطرة السلفيين والإخوان، وهو الهدف الذى وضعه الوزير نصب عينيه من أول يوم تولى فيه الوزارة، بالتشديد على تجريم من يعتلى المنبر دون ترخيص من الوزارة.

وزير الأوقاف

وزير الأوقاف مختار جمعة
 

وفى سبيل تحقيق أهدافه اتخذ جمعة عددا من القرارات أهمها منع إقامة صلاة الجمعة في الزوايا التي تقل مساحتها عن ثمانين مترا، ومنع غير الأزهرين من الخطابة في المساجد الحكومية والأهلية، من خلال إصدار القانون رقم 51 لسنة 2014 بتنظيم الخطابة والدروس الدينية فى المساجد وتجريم من يعتلى المنبر من غير أئمة الأزهر والأوقاف، ووصلت العقوبات فى هذا القانون إلى الحبس والغرامة، وهو ما ترتب عليه استبعاد عدد كبير من الأئمة والخطباء، وإلغاء تصاريح أكثر من 55 ألف إمام من العاملين بنظام المكافأة و تحرير العديد من المحاضر لمن اعتلوا المنابر بالمخالفة لهذه الاشتراطات.

وكان من بين القرارات التى اتخذها الوزير فى سبيل تحقيق أهدافه، ما قرره فى يناير 2014 بتوحيد خطبة الجمعة في جميع مساجد مصر، من خلال خطبة مكتوبة يتم تعميمها على المساجد، وهو القرار الذى أثار جدلا وغضبا واسعا، واتخذه الوزير منفردا دون الرجوع للأزهر، فأثار القرار غضب أئمة الأوقاف وعلماء الأزهر الذين وجدوا فيه تقليلا من دورهم وتشكيكا فى قدراتهم وقصرا لدورهم على قراءة الخطبة فقط، وهو ما دفع هيئة كبار العلماء برئاسة الطيب لإصدار بيان شديد اللهجة حول الخطبة المكتوبة وصفها بأنها تجميد للعقول.  

وخلال مسيرته الوزارية، أثار مختار جمعة عدد من الخلافات مع الأزهر وإمامه الأكبر، رغم أنه تولى الوزارة بترشيح من أستاذه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ورغم أن وزارة الأوقاف تعمل طوال تاريخها كجزء من الأزهر ، حيث حرص الوزير دائما على العمل منفردا بعيدا عن الأزهر، وليس أدل على ذلك من أن جمعة طرح نفسه ووزارته كرواد تجديد الخطاب الديني بعيدا عن الأزهر، عندما عقد مؤتمرا تحت عنوان «تجديد الخطاب الديني» دون حضور ممثل عن الأزهر رغم حرصه على دعوة عدد من المفكرين والوزراء للمؤتمر، وغاب شيخ الأزهر لأول مرة عن مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذي تقيمه وزارة الأوقاف، كما ظهر الخلاف مجددا مع ظهور  قوائم الإفتاء على الفضائيات، التي غاب فيها التنسيق بين الأزهر والأوقاف، وقدم كلا منهما قائمته بشكل مستقل.

شيخ الأزهر

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

كانت آخر هذه المعارك بين الأزهر والأوقاف، منذ أيام عندما وقف وزير الأوقاف أمام اللجنة الدينية بمجلس النواب اثناء مناقشة قانون تنظيم الفتوى، الذى يحظر التصدى للفتوى فى الأمور العامة إلا من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء، مطالبا بإسناد بعض مهام الفتوى لوزارة الأوقاف، وشهدت الجلسة جدلا شديدا بين الوزير وبين الدكتور محيى الدين عفيفى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بسبب رفض «عفيفي» إسناد بعض مهام الفتوى للوزارة، فانفعل جمعة انفعالا كبيرا خلال الجلسة رافضا ما وصفه بمحاولات إبعاد الوزارة عن هذه المهمة، ومؤكدا أن «أئمة الأوقاف مدربين على الفتوى وأنهم  أقرب للناس ويتواجدون بينهم».

كما أثار جمعة حالة من الغضب بالوزارة عندما أعلن منذ شهور عزمه إجراء اختبارات للأئمة والخطباء، وشعر الكثيرون منهم بالإهانة وتوقعوا أن تكون هذه الاختبارات مبررا لاستغناء الوزارة عن عدد منهم، وتخفيض رواتبهم، بينما أكد الوزير أن الاختبارات تستهدف تحديد مستوى الأئمة والخطباء لتحديد البرامج التدريبية اللازمة لهم، مشيرا إلى أن هناك عدد من الخطباء والأئمة ضعفاء ولا يجيدون حتى قراءة الفاتحة، وهو ما أثار غضب الكثيرين ضد الوزير حتى أنهم لجأوا إلى شيخ الأزهر مطالبين بضمهم للأزهر، وانتهت هذه المعركة بعدم إجراء الاختبارات.

ويبقى من بين الملفات التى لا زالت مفتوحة فى كشف حساب الوزير ما يعانيه الأئمة والخطباء من مشكلات مادية وثقافية تتعلق بضعف الرواتب وعدم القدرة على تطوير أنفسهم بسبب الأعباء المادية وعمل بعضهم فى مهن لا تليق بالإمام لتدبير احتياجات أسرهم، مما دفع الكثيرين منهم للعمل فى المقاهى والمحلات أو سائقى تكاتك وعمال باليومية، فضلا عن مطالب الأئمة التى لم تتحقق منذ سنوات فى وجود كادر ونقابة مهنية.

 

عمال الأوقاف

أئمة وخطباء الأوقاف في دورة تدريبية

ولا زالت قضية تثقيف وتطوير الأئمة تعانى الكثير، فأئمة الأوقاف اللاهثين وراء لقمة العيش لا يمكنهم أن يستقطعوا من قوت يومهم لتحقيق هذه الرفاهية، كما أن  الدورات التدريبية التى تقيمها الوزارة لا يستفيد بها إلا عدد محدود من الأئمة ، وأغلب الأئمة ليس لديهم أجهزة كمبيوتر أو لاب توب، رغم أن الوزير وعد بتوفير «لاب توب» لكل إمام.

فهل تشفع نجاحات مختار جمعة  فى تحقيق بعض الأهداف لبقائه على كرسى الوزارة أم تطيح به المشكلات والأزمات العالقة ، لنرى وزيرا جديدا للأوقاف.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق