«لو رايح روسيا ما تخليش حد يستفزك».. موقف القانون من ارتكاب مصري جريمة خارج الحدود

الثلاثاء، 12 يونيو 2018 08:00 م
«لو رايح روسيا ما تخليش حد يستفزك».. موقف القانون من ارتكاب مصري جريمة خارج الحدود
سجن
علاء رضوان

كثيرا ما سمعنا عن مغتربين خارج مصر أقدموا على جرائم، معظمها مشاجرات وتعدٍ وضرب نتيجة الاستفزازات التي يلقاها المواطن المصري في الخارج أو بسبب عمليات النصب التي يتعرض لها بشكل دائم.

أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق صافرة البداية لأول مباراة من مباريات كأس العالم في روسيا 2018، عشاق ومحبو المنتخب المصري سافروا معه إلى موسكو لمؤازرته هناك في مبارياته، لذلك يجب عليهم معرفة حقوقهم وواجباتهم حتى لا يقعوا تحت القانون.    

29260ff4-3e4f-4d15-b5ee-e0dac56f4c98_16x9_1200x676
 
في التقرير التالي موقف المشرع المصري من ارتكاب الجريمة خارج الحدود المصرية، وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها وأحكام النقض في هذا الشأن من خلال عدد من الوقائع التي تمت خارج القطر المصري- حسب الدكتور أحمد الجنزوري أستاذ القانون الجنائي بجامعة عين شمس والفقيه الدستوري.  

 قانون العقوبات المصرى رقم (58) لسنة 1937

 قانون العقوبات المصرى رقم (58) لسنة 1937 وتعديلاته جاءت واضحة وصريحة فى هذا الشأن حيث أن  كل مصرى يرتكب جريمة داخل  الحدود المصرية أو خارجها، تنص علي: «من يرتكب خارج مصر جناية مخلة بأمن الدولة أو جناية تزوير مما نص عليه فى المادة (206) أو تزييف أو  ترويج عملات مقلدة مما نص عليه فى المادتين (202 و 203) وكل من ارتكب جناية أو جنحة خارج مصر كان معاقبا عليها وفق قانون البلد الذى ارتكب فيه يحكم عليه فى مصر مادام لم يسبق محاكمته بذلك البلد، ومادام قد تم ضبطه داخل البلاد بمعرفة السلطات المصرية، ولا مجال لإعمال قواعد تسليم المجرمين فى هذا الصدد.

«الجنزورى» أضاف فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن المشرع المصري أقر مبدأ «الاختصاص الشخصي للتشريع الجنائي»، وذلك بهدف تلافى أي ثغرات أخرى في التطبيق الإقليمي للقانون، فقد يعود إلى مصر مواطن ارتكب جريمة في الخارج دون أن يلقى جزاءه في تلك البلدة التي ارتكب بها جريمته ويحول الدستور دون إجابة طلب تسليمه إلى دولة أجنبية.

المادة 3

في هذه الحالة يفلت الجاني تماما من العقاب لذا يبدو واجب القانون ومصلحته في عقاب الجاني تحقيقا للعدالة ومنعا لخطره وعودته إلى الجريمة .

 

وكشف «الجنزورى» أن المادة «3» من القانون تنص على: «كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبه فيه».

وفى سياق أخر، أكد المحامى بالنقض والخبير القانونى ياسر سيد أحمد، أنه يشترط لتطبيق المادة الثالثة أربعة شروط وهى:

الشرط الأول:

الجاني يجب أن يكون مصريا لأنه فى حال إذا كان أجنبيا، فيمكن لمصر أن تسلمه للدولة التي ارتكب الجريمة فيها أو تبعده وتفيد صياغة المادة أن يكون الجاني مصريا وقت ارتكاب الجريمة، وأن يظل كذلك لحين صدور الحكم عليه، وإذا فقد الجنسية المصرية قبل الحكم فلا خشية من إفلاته من العقاب، لأنه يصبح من حق مصر في هذه الحالة تسليمه للدولة التي ارتكب الجريمة فيها .

الشرط الثاني:

أن تكون الجريمة المرتكبة جناية أو جنحة وفقا لقانون العقوبات المصري، واستبعدت بذلك المخالفات لقلة أهميتها .

الشرط الثالث:

أن يكون الفعل معاقبا عليه وفقا لقانون البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة سواء بوصف الجناية أو الجنحة أو المخالفة فلا أهمية للتكييف القانوني الذى يسبغه قانون البلد الأجنبي على الفاعل لأن المادة الثالثة لم تشترط ألا أن يكون الفعل معاقبا عليه وعلة هذا الشرط انه لا يجوز معاقبة المصري عن فعل مباح في البلد الذي أتاه فيه .

الشرط الرابع:

أن يعود الجاني إلى مصر لأن عودته هي التي تمكنه من الهرب من العقاب وهو الأمر الذى حرص عليه المشرع تلافيه إذا لم يعد المتهم إلى مصر فلا تجوز محاكمته غيابيا إما إذا بدأت إجراءات المحاكمة صحيحة بوجود المتهم في البلاد ثم تمكن من الهرب خارج مصر فهناك اتجاهين في الفقه هما : 

download (4)

الأول:

يرى أنها لا تبطل بعد ذلك لأن المادة الثالثة اشترطت مجرد العودة، وقد تحققت ولم يشترط بقاء المتهم حتى تنتهي محاكمته .

الثاني:

يرى أنه إذا خرج المتهم من مصر قبل انتهاء محاكمته فلا يجوز الاستمرار في المحاكمة لأن هذه المادة جاءت استثناءا من مبدأ الإقليمية قصد منها ضمان عدم إفلات الجاني من العقاب بعودته إلى وطنه الذي يجيز تسليمه إما وقد خرج منه فان ملاحقته بالعقاب تكون من شان الدولة التي ارتكب الجريمة فيها وفى استطاعتها أن تطلب من الدولة التي هرب إليها تسليمه إليها . 

المادة 4 من قانون العقوبات 


بينما تقول هبه علام، المحامية والخبير القانونى، تنص المـــادة ( 4 ) من قانون العقوبات على: «لا تقام الدعوى العمومية على مرتكب جريمة أو فعل في الخارج إلا من النيابة العمومية، ولا تجوز إقامتها على من يثبت أن المحاكم الأجنبية برأته مما اسند إليه أو إنها حكمت عليه نهائيا واستوفى في عقوبته».

شــرح وتعليــق

تمثل هذه المادة قيود إقامة الدعوى الجنائية عن الجرائم المرتكبة في الخارج وتشمل هذه القيود الحالات الثلاث الواردة في المادتين الثانية والثالثة وهى حالة من يرتكب فعلا في الخارج يجعله فاعلا أو شريكا وقعت في مصر المادة 2/1 وحالة ارتكاب الجنايات المخلة بأمن الدولة أو ببعض مصالحها الحيوية المادة 2/2 وحالة ارتكاب مصري جريمة في الخارج ثم عودته لمصر ( المادة 3 )

القيد الأول :-

 

هو منع إقامة الدعوى الجنائية على مرتكب جريمة أو فعلا في الخارج إلا من النيابة العامة وهذا القيد يتعلق بالجنح والمخالفات فهي التي يجوز فيها لمن إصابة ضرر من الجريمة أن يحرك الدعوى مباشرة ( المادتان 232 . 233 إجراءات جنائية ) أما الجنايات فلا يجوز تحريك الدعوى بمعرفة الأفراد وبناءا على هذا يكون للنيابة وحدها الحق في تحريك الدعوى عن الجرائم والأفعال المرتكبة في الخارج نظرا لما تثيره من صعوبات ودقة في تقدير توافر الشروط المطلوبة لقيام الجريمة وان كان إثباتها وملائمة رفع الدعوى أو التغاضي عنها حق النيابة العامة فهي التي تستطيع مراعاة هذه الأمور. 

القيد الثانى:

هو عدم جواز إقامة الدعوى الجنائية ضد من يرتكب جريمة في الخارج إذا حكم ببراءته نهائيا من المحاكم الأجنبية أو حكم بإدانته واستوفى عقوبته والمحكمة من هذه القيد هي مراعاة العدالة بعدم جواز محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين.

ويشترط أن يكون الحكم الأجنبي باتا أو غير قابل للطعن فيه بالطريق العادي أو غير العادي ويرجع للقانون الأجنبي الذي صدر الحكم بناءا عليه لمعرفة ما إذا كان باتا أم لا ولا يشترط بالنسبة للحكم الأجنبي أن يكون صادرا من محاكم الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة فقد صدر الحكم من محاكم الدولة التي ينتمي الجاني لجنسيتها.

ولا يعتد بالحكم الأجنبي إلا إذا كان صادرا بالبراءة أو بالإدانة حتى تكون المحكمة قد فصلت في موضوع الدعوى إما إذا كان قاضيا بعدم قبول الدعوى لسبب شكلي لرفعها من غير ذي صفة مثلا فان هذا الحكم لا يحول دون محاكمة الجاني في مصر .

ولا يعتد بالحكم الصادر بالبراءة من المحاكم الأجنبية بالنسبة للحالتين الواردتين في المادة الثانية بفقرتيها إذا كان هذا الحكم مؤسسا على عدم تجريم القانون الاجنبى للأفعال الداخلة في هذه المادة لأنها لم تتطلب ضرورة كون هذه الأفعال معاقبا عليها وفقا للقانون الأجنبى.

e827468b4d1f2a04588ce00826b83aa2

أما في حالة المصري الذي يرتكب جناية أو جنحة في الخارج ويعود لمصر فان الحكم البراءة على هذا الأساس تكون له حجيته ويحول دون إعادة محاكمته لان المادة الثالثة تشترط ان يكون الفعل معاقبا عليه في قانون  الدولة التي ارتكب فيها.

أما إذا كان الحكم البراءة صادر لعدم كفاية الأدلة فتكون له حجيته في الحالات الثلاث ويتحقق به القيد الذي يمنع من إعادة المحاكمة.

وإذا كان الحكم صادرا بالإدانة فيتعين أن تنفيذ كل عقوبة على المحكوم عليه وتنفيذ العقوبة كاملة يحول دون إعادة محاكمة الجاني في مصر ولو كان وصف الجريمة في القانون الأجنبي اقل شده من وصفها في القانون المصري وإذا كانت العقوبة التي حكم بها عليه بسيطة بالقياس إلى ما كان يتحمل إن يحكم به عليه طبقا للقانون المصري.

وفي حالة عدم تنفيذ العقوبة أو تنفيذ جزء منها فقط فلا يتحقق القيد وتجوز إعادة محاكمة الجاني في مصر.

وإذا كان الشارع يحصر القيود المانعة من تحريك الدعوى في حالتي البراءة والإدانة المتبوعة بتنفيذ العقوبة فان ذلك يعنى استبعاد ما عداهما من الأسباب كتقادم الدعوى أو العقوبة طبقا للقانون الأجنبي أو صدور عفو شامل أو عفو عن العقوبة لمصلحة المتهم أو حفظ سلطات التحقيق للدولة فهذه الأسباب كافة لا تحول دون تحريك الدعوى الجنائية في مصر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق