هل من حق الرجل أن يبطل عقد زواجه لاكتشافه عدم بكورية زوجته؟

الجمعة، 15 يونيو 2018 11:00 ص
هل من حق الرجل أن يبطل عقد زواجه لاكتشافه عدم بكورية زوجته؟
صورة أرشيفية
علاء رضوان

الواقع يؤكد أن هناك شروط وضعتها الشريعة الإسلامية لإثبات صحة عقد الزواج، إلا أن أروقة المحاكم تعج بالآلاف من قضايا الأسرة، بسبب عدم الالتزام بهذه الشروط التي حددها الشرع والقانون معًا.

السؤال الذى يطرح نفسه ضمن حزمة من الأسئلة: هل من حق الزوج أن يبطل عقد زواجه لاكتشافه عدم بكورية زوجته؟

وللإجابة على هذا السؤال، يقول محسن جمال، المحامى بالنقض والخبير فى القضايا الأسرية، إن عقد الزواج فى الشريعة الإسلامية له شروط محددة يصح بها، والبكارة ليست شرطًا فيه، فإذا تزوجها على أنها بكر فإذا هي ثيب، فلا يترتب على ذلك بُطلان الزواج، أو ثبوت الفسخ للزوج؛ لأنه يستطيع التخلص من زوجته بالطلاق، فإما المعاشرة بالمعروف أو التسريح بالإحسان.

وأضاف «جمال» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أنه إذا اختار الزوج الطلاق فإنه يجب لهذه الزوجة كل حقوقها الشرعية المترتبة على الطلاق، كما أن له طلب التعويض عما لحقه من ضرر ممن غرّر به، حيث أنه من المُقَرَّر شرعًا أن عَقْد الزواج متى صدر مستوفيًا أركانَه وشروطَه الشرعية انعقد صحيحًا، وتترتب عليه كل آثاره ونتائجه من حقوق وواجبات لكل من الزوجين قِبَل الآخر ، وليس من شروطه بكارة المرأة.

 

688

 

وعن الوجهة الشرعية فى الإشكالية، أجاب «جمال» أن عقد الزواج متى انعقد صحيحًا ترتب عليه كل آثاره، وأما ما اكتشفه الزوج بزوجته من أنها ثيب وليست بكرا، ولم تُعلمه ولم تُخبره عند زواجه بذلك، فقد كان من الواجب عليها هي ووليها ألا يخفيا حقيقةَ هذا الأمر على الزوج، وهما آثمان بإخفائه؛ لأن ذلك منهي عنه شرعًا.

وكشف «جمال» أن الغش فى البكارة لا يؤثر على صحة عقد الزواج فى الشريعة الإسلامية، فيظل العقد صحيحا منتجًا لكافة آثاره الشرعية المترتبة عليه، وذلك وفقا للرأى الراجح فى المذهب الحنفي، الذي لا يجيز للزوج خيار العيب فى عقد النكاح، أي لا يبيح للزوج فسخ العقد للعيوب التى قد يجدها فى زوجته، وذلك  لأن الزوج إذا وجد عيبا فى زوجته، يستطيع أن يتخلص من عقد الزواج بطلاقها دون الخوض فى حقها أمام القضاء.

وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأن «المقرر فى الفقه الحنفى أنه لكى يكون الزوج صحيحا له وجوده يحترمه المشرع ويرتب عليه آثاره الشرعية، وأن تكون المرأة محلا لعقد الزواج عليها بالنسبة لمن يريد زواجها وأن يحضر زوجها شاهدين، وكان سبق عقد قرانها على آخر أو عدم بكارتها ـ إن ثبت ـ لا يؤثر فى محليتها لزواجها ولا يحرمها عليه أو يبطل عقد زواجها ، وأن المقرر شرعا أن الزوج ليس له خيار الفسخ إذا وجد فى أمرأته عيبا ما لأنه يقدر أن يدفع الضرر عن نفسه بالطلاق.


الطعن رقم 763 لسنة 68 ر ق ـ أحوال شخصية جلسة 9 / 2 / 2002
 

وقضى أيضا بأن المقرر شرعا أن أشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر فى صحة عقد الزواج بل يبقى العقد صحيحا ويبطل هذا الشرط.


الطعن رقم 206 لسنة 23 ق جلسة 9 / 3 / 1964

كما قضى في ذات الطعن بأن المنصوص عليه شرعا أن الرجل إذا تزوج أمرأة بشرط أن تكون بكر فوجدها ثيب لزمه النكاح ولزمه كل المهر ، ولا يؤثر هذا الشرط فى صحة العقد باعتبار أن محلية الزوجية قائمة. 

images

 

القانون رقم 25 لسنة 1920 لم يتناول بالتنظيم مسألة تخويل الزوج خيار فسخ عقد الزواج للعيب المستحكم فى الزوجة أو للغش والتدليس إلا أن المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية تضمنت قصر حق الزوجة وحدها دون الزوج فى طلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً أوقد أيدت المحكمة الدستورية هذه المادة فى حكم تاريخى لها.

 

واستند «جمال» فى حديثه على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا  بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث من مارس سنة 2013، الموافق الحادى والعشرين من ربيع الآخر سنة 1434 هجرية.

بتاريخ 29 من مارس سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية فيما تضمنه من قصر حق الزوجة وحدها دون الزوج فى طلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه أو يمكن البرء منه بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجذام والبرص، سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترض به، فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها، فلا يجوز التفريق، وكذا نص الفقرة الثانية من المادة (11 مكرراً) من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 فيما تضمنه من أحقية الزوجة فى طلب التطليق للضرر إذا تزوج عليها زوجها بدون رضائها.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلب فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على نص الفقرة الثانية من المادة (11 مكرراً) من القانون رقم 25 لسنة 1929 السالف الذكر المضافة بالقانون 100 لسنة 1985، وبرفضها بالنسبة للطعن على نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المشار إليه.

 

images (1)

 

بعد الإطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع– على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليها الرابعة كانت قد أقامت ضد المدعى الدعوى رقم 449 لسنة 2007 أسرة قسم ثان المنصورة، باعتبارها زوجة له بموجب العقد المؤرخ 16/1/2001، الذى بموجبه دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وأنجب منها على فراش الزوجية ابنهما الصغير رامز، البالغ من العمر ست سنوات، وطلبت فى ختام صحيفة دعواها فرض نفقة لها ولنجلها بكافة أنواعها من تاريخ الامتناع، وفرض أجر مسكن لهما، والقضاء بتطليقها طلقة بائنة للضرر، بعد زواجه من أخرى ولسوء العشرة.

وأثناء نظر الدعوى أقام المدعى ضد المدعى عليها الرابعة دعوى فرعية طلب فيها فسخ عقد الزواج المؤرخ 16/1/2001 واعتباره كأن لم يكن للغش، مع إلزامها برد مقدم الصداق، على سند من أنه فوجئ بعد عقد الزواج والدخول بأنها مصابة بداء عضال لا يرجى منه شفاء، وأنها ووليها قد أخفيا عنه ذلك، كما دفع المدعى حال تداول تلك الدعوى بعدم دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة، بطلباته المتقدمة.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولايتها فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع الإجرائية المقررة بنص المادة 29 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى للفصل فى المسألة الدستورية، أو برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعى، وقدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، ورخصت له برفع الدعوى الدستورية طعناً عليه، وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية، لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى أمام محكمة الموضوع قد انحصر فى نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 الآنف الذكر، وهو ما انصب عليه تقدير المحكمة وتصريحها له برفع الدعوى الدستورية، فإن الطعن على نص الفقرة الثانية من المادة (11 مكرراً) من القانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، الوارد بصحيفة الدعوى يكون خارجاً عن نطاق الدفع بعدم الدستورية، وما صرحت به محكمة الموضوع، وينحل إلى دعوى أصلية، وطعن مباشر عليها، اتصل بهذه المحكمة بغير الطريق الذى رسمه القانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق.

وحيث إن من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها قيام علاقه منطقية بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة إلا باجتماع  شرطين : أولهما : أن يقوم الدليل على أن ضرراً واقعياً مباشراً ممكناً تدراكه قد لحق بالمدعى، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون فيه.

وحيث إن المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المشار إليه تنص على أن" للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيباً مستحكماً لا يمكن البرء منه أو يمكن بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون والجذام والبرص سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد ولم ترض به. فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو دلالة بعد علمها، فلا يجوز التفريق" وواضح من هذا النص أنه قد رخص للزوجة فى طلب التفريق للعيب، وقد أورد النص أمثلة للعيوب التى تجيز لها ذلك، إلا أنه يجمعها أنها من العيوب المرضية المستحكمة التى لا يمكن البرء منها أو يمكن ذلك بعد زمن طويل، بحيث لا يمكنها معها المقام معه إلا بضرر، لما كان ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية التى أقامتها المدعى عليها الرابعة ضد زوجها المدعى قد انصبت على طلب نفقة لها ولنجلها منه بكافة أنواعها، وأجرة مسكن لهما، والقضاء بتطليقها طلقه بائنة للضرر، لزواجه من أخرى ولسوء معاملته لها، وإلزامه بعدم التعرض لها فى أمور الزوجية بينهما، كما تحددت طلبات المدعى فى الدعوى الفرعية التى أقامها ضد المدعى عليها الرابعة فى فسخ عقد الزواج للغش ، ورد مقدم الصداق، وكان نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المشار إليه، قد تناول حق الزوجة فى طلب التفريق للعيب، ولم يتناول بالتنظيم مسألة تخويل الزوج خيار فسخ عقد الزواج للعيب المستحكم فى الزوجة أو للغش والتدليس والآثار المترتبة على ذلك.

فإن المرجع فى شأنها وقد سُكِت عنها يكون إلى أرجح الأقوال فى مذهب الإمام أبى حنيفة، طبقاً للمادة الثالثة من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 التى تنص على أن "تصدر الأحكام طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص فى تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة"  باعتباره النص الحاكم لهذا الموضوع ، وتبعاً لذلك فإن القضاء فى المسألة المتعلقة بمدى دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المار ذكره، لا يكون ذا أثر أو انعكاس على الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع، وقضاء تلك المحكمة فيها، ولا يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى عما كان عليه قبل رفع الدعوى الدستورية الماثلة، أو يحقق له مراميه فى الدعوى الموضوعية أو دعواه الفرعية المرتبطة بها، مما تنتفى معه مصلحته الشخصية فى الطعن على هذا النص، ويتعين لذلك القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الشق منها أيضاً.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة