التقزم بين الأطفال يسجل 30%.. لماذا تضاءلت القامات وكيف نستعيد هيبة المصريين؟

الخميس، 28 يونيو 2018 12:00 ص
التقزم بين الأطفال يسجل 30%.. لماذا تضاءلت القامات وكيف نستعيد هيبة المصريين؟
التقزم في مصر
محمد فرج أبو العلا

خلال الفترة الأخيرة، زادت حدة أزمة انتشار مرض التقزم بين أطفال مصر، إذ أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" أن مصر تعاني من مشكلة مزمنة في سوء التغذية لدى الأطفال دون الخامسة، ما أصاب 30% من الأطفال بمرض التقزم.

وأصدر المعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية، تقريرا يؤكد فيه أن 20% من أطفال مصر يعانون التقزم الناتج عن سوء التغذية، وأن 27% من الأطفال تحت خمس سنوات مصابون بالأنيميا، وأن 11% من وفيات الأطفال ترجع لسوء التغذية، والمثير أن وزارة الصحة اعترفت بالأزمة كاشفة أن النسبة تبلغ 40%، ومشيرة إلى أن 17% منهم يعانون التقزم الشديد.

1

وأعلن محافظ القليوبية عن معاناة 65% من أطفال المحافظة من مرض التقزم، وأن المحافظة تحتل المركز الأول على مستوى الجمهورية فى نسبة الإصابة بالمرض، وأنه وقع بروتوكول تعاون مع مركز البحوث ومؤسسة مصر الخير لتصنيع وجبات تقى الأطفال من سن عامين حتى 3 أعوام من خطر الإصابة بالتقزم، نجد أننا أمام مرض قد تحول إلى ظاهرة قد تتفشى فى المجتمع إن لم نتمكن من مكافحتها على وجه السرعة وبكل الإمكانيات.

و"التقزم" هو اختلال جينى أو حالة طبية، ويمكن القول بأن الشخص البالغ طوله أقل من 135 سم قزماً، ولأن قرابة 200 سبب تؤدى إلى حدوث القزامة عند الأطفال، فإن الأعراض تختلف كثيرا باختلاف السبب، وهناك نوعين من التقزم، وهما "القزامة المتناسقة" وفيها يكون حجم الجسم بكامله أصغر من الطبيعى، ولكن يظل الجسم متناسقاً بالنسبة لأجزائه فقط، ويكون معدل نمو الشخص أبطأ بكثير من المعتاد، وتتأخر نمو الصفات الجنسية، أما "القزامة غير المتناسقة" تكون فيها بعض أجزاء الجسم أصغر من المعتاد، بينما بعضها الآخر متوسط الحجم أو طبيعى، ما يمنع النمو الطبيعى للعظام، وفى الغالب يكون حجم الجسم طبيعيا، إلا أن طول الأطراف يكون أقصر من الطبيعى، ونادرا ما تسبب حالة التقزم تأخراً عقلياً أو مشاكل فى الحركة أو تشوهات خلقية.

4

ويقول الأطباء إن السبب الأكثر شيوعا لقصر القامة المتناسق هو الولادة من أبوين قصيرين بالوراثة، لكنه قد يحدث أحيانا نتيجة عدم إفراز الجسم لهرمون النمو بشكل كاف، وقد يكون ذلك بسبب مشاكل فى الغدة النخامية، كما قد تسببه أيضا الإصابة ببعض المتلازمات الجينية كمتلازمة "تيرنر، وبرادر ويلى"، بالإضافة إلى سوء التغذية أو الامتصاص الضعيف للغذاء، إلى جانب الأمراض طويلة الأمد مثل أمراض القلب أو الرئيتين أو الكليتين، وفى الغالب لا يعانى المتقزمون من أى أعراض بخلاف قصر القامة، إلا أن التقزم الناتج عن سوء التغذية قد يخلف أمراضا كثيرة أشهرها ضعف قوة الجسم، وعدم امتلاك الطاقة اللازمة لآداء بعض الأمور، وزيادة الدهون، وارتفاع نسبة الكوليستيرول، وهشاشة العظام، وجفاف الجلد، وضعف العضلات.

وحول علاج التقزم، كشفت دراسة علمية حديثة، أن تناول الأطفال بيضة كل يوم يساعدهم على النمو الصحى، ويمنع الأمراض المرتبطة بسوء التغذية، ومنها التقزم أو نقص الوزن، أما بالنسبة للمصابين بالتقزم بسبب نقص هرمون النمو، فقد يعمل الحقن بالهرمون على زيادة طولهم، وقد يستمر العلاج بهذه الطريقة فترة طويلة "طوال المراهقة وحتى البلوغ"، وقد يحتاج البعض منهم للعلاج مدى الحياة، وهناك أيضا جراحات إطالة القامة، وهذه الطرق تعطى نحو 9 سنتيمترات فى كل مرحلة، وبالتالى فلو كان المريض مثلا يريد زيادة الطول 30 سنتيمترا فهذا يحتاج إلى 4 جراحات يكون بين كل منها عامين.

2

وفى 2016 قال ممثل برنامج الغذاء العالمى الدكتور عدنان خان، إن سوء التغذية يتسبب فى 55% من وفيات الأطفال على مستوى العالم، وهناك 1 من كل 9 أطفال يعانون من سوء التغذية، وأن 1 من كل 4 أطفال يعانون من عدم النمو العقلى، مشيرا إلى أن التنمية المستدامة لعام 2030، أوصت بالانتهاء من كل أشكال حالات سوء التغذية وحالات التقزم بحلول عام 2025م، حيث إن التقزم يؤثر فى الإنتاجية مستقبلا، وأن الأموال التى تنفقها الدول فى مكافحة الظاهرة تعود مضاعفة فى الناتج المحلى والنمو الاقتصادى، بينما بدأت رحلة مكافحة التقزم فى مصر عام 2015، ببرنامج أطلقته منظمة "الفاو" تحت عنوان: "تحسين الأمن الغذائى والتغذية للأسر المصرية"، بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، والمعهد القومي للتغذية، ومعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، ومعهد بحوث الإرشاد الزراعى، والتنمية الريفية.

وتحاول مصر جاهدة للقضاء على التقزم بشتى أنواعه، من خلال التوعية ببرامج التغذية السليمة للأم الحامل، وكذلك تعديل برامج تغذية الأطفال بالمدارس من خلال "الوجبة المدرسية" مكتملة العناصر الغذائية، كما أن وزارة الصحة تطلق حملات مستمرة للتوعية بالتغذية السليمة للأطفال، وأهمية الغذاء الصحى فى بناء إنسان قوى البنية والعقل، بالإضافة إلى حملاتها التطعيمية المختلفة، والتى تستهدف علاج التقزم لدى الأطفال من سن عامين إلى 5 سنوات، إلى جانب دورها بالتعاون مع المؤسسات الأهلية والتعليمية، فى اكتشاف الأماكن التى تزيد فيها معدلات المرض، وحصر قصار القامة، ومن ثم توعيتهم ومساعدتهم على التخلص من المشكلات التى تواجههم بسبب تلك الحالة.

5

وزارة التضامن الاجتماعى أيضا لها دور كبير فى التوعية بخطورة التقزم بين الأطفال، حيث أكدت الوزيرة غادة، خلال لقائها بمسئولى شركات أغذية، أهمية توجيه رسائل للأمهات والحوامل لتغذية أطفالهم فى فترة الـ1000 يوم الأولى فى حياة الطفل، لمواجهة عدة ظواهر أخطرها التقزم وسوء التغذية، مشيرة إلى ضرورة التعاون فى تدريب الرائدات الريفيات للمساهمة فى رفع الوعى لدى مستفيدات تكافل وكرامة بالموضوعات المتعلقة بالتغذية الخاصة بالجوانب والأطفال، وطرق استغلال المواد الغذائية المتوفرة فى المجتمع لصنع وجبات صحية ذات فائدة عالية، وتم الاتفاق على أن تحدد الوزارة بعض المحافظات، لتنفيذ أنشطة توعوية فيها، مع قياس أثر الحملة على سلوك الأمهات الغذائى وصحة أولادهن، كما أن الوزارة بصدد الانتهاء من دراسة الفجوة التغذوية لدى أطفال المدارس بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمى.

اقرأ أيضا:
حتى لا ننسى جرائم الإخوان.. شهداء الشرطة بـ«اقتحام مركز كرداسة» في سجلات التاريخ

بين الدين والقانون.. عقوبة طفل أشعل النار في جسد والدته بسبب خلع والده؟

احترس من النصابين.. كيف تواجه الدولة جريمة النصب بزعم تسفير الشباب للعمل بالخارج؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة