زواج المغتصب من الضحية.. حين تكافأ الذئاب بجسد الفريسة

الجمعة، 29 يونيو 2018 10:00 ص
زواج المغتصب من الضحية.. حين تكافأ الذئاب بجسد الفريسة
اغتصاب - ارشيفيه
زينب عبداللاه

 
صرخت بأعلى صوتها دون أن يسمعها أحد، تمنت الموت قبل أن يغرس الذئب أنيابه فى جسدها الطاهر وينتهك براءتها بكل وحشية، توسلت وبكت واستحلفته بكل المقدسات،عجزت أن تدفعه بعيدا فسحقها ومزق روحها وتركها أشلاء إنسان.
 
هكذا ينتهك المغتصب ضحيته حتى وإن كانت طفلة، ينتزع روحها ويسلبها أعز ما تملك، يجعلها تكره نفسها وجسدها وحياتها، وتتمنى الموت فى كل لحظة، ورغم بشاعة الجريمة يفلت أغلب الذئاب من العقاب، إما لعدم اكتشاف هويتهم أو لهروبهم وعدم قدرة الضحية على إثبات الجريمة، ولكن الأبشع من ذلك أن يكون الجانى معروفا أو يتم القبض عليه ورغم ذلك يفلت من العقاب، بل ويكافئه المجتمع بالزواج من الضحية تحت مسمى الستر و«لم الموضوع»، والخوف من الفضيحة»، حتى وإن كانت هناك فروق كبيرة بين الجانى والضحية فى السن والمستوى الاجتماعى والتعليمى، وهو ما يحدث فى معظم الدول العربية خاصة إذا كان الجانى من أهل الضحية. 
 
وكان آخر هذه الحوادث فى مصر إخلاء سبيل عامل 28 سنة استدرج فتاة عمرها 15 عاما لشقته واغتصبها، بعد تعهده بالزواج منها، وموافقة أهلها خوفا من الفضيحة ، رغم اعتراف المجرم بارتكاب الواقعة. 
 
ولم تكن هذه الواقعة هى الوحيدة من نوعها بل تتكرر فى معظم المجتمعات ويتم التعتيم عليها بسبب خوف أهل الفتاة من الفضيحة، فكثيرا ما يتم القبض على الجانى فى قضية اغتصاب ومع اكتمال أركان الجريمة التى تستوجب العقاب، يلجأ الجانى للوسيلة الشهيرة للإفلات من العقاب، من خلال التعهد بالزواج من الضحية التى يرضخ أهلها تحت دعوى الستر الكاذبة التى يتم فيها قهر الفتاة وانتهاكها بقية عمرها وتسليمها للمجرم وكأن المجتمع يكافئه على جريمته  حتى وإن كانت الفتاة قاصرا أو من طبقة اجتماعية أرقى.
 
وتتكرر هذه المأساة فى مصر ومعظم الدول العربية بسبب المفهوم المغلوط والمشوه والمتوارث للستر الذى يعاقب الضحية ويكافئ الجانى، رغم سعى كل المنظمات الحقوقية ونجاحها فى عدد من الدول العربية وأخرها الأردن فى إلغاء القوانين التى تعفى المغتصب من العقوبة فى حالة الزواج من الضحية. 
 
وبالرغم من أن القانون الجنائى المصرى كان سبّاقاً منذ عام 1999 وألغى المواد 290-291 المتعلقة بإعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوج المجنى عليها، إلا أن إلغاء هذه المواد لم توقف هذه المهازل التى تتم  كعرف فى المجتمعات العربية تحت مسمى «الستر»، كما تتم أيضا بعد القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة فى حالة موافقة أسرة الفتاة وتصالحها مع الجانى الذى يجد فى عرضه الزواج من الضحية وسيلة للإفلات من العقاب، بل وابتزاز الأسرة التى توافق على تسليم ابنتها لهذا المجرم خوفا من الفضيحة. 
 
وكشف مكتب الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق المرأة أن المادة 17 من قانون العقوبات المصرى تمثل مشكلة حقيقية فى جرائم الاغتصاب، لأنها تعطى القاضى سلطة استعمال الرأفة فى أقصى درجاتها، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى، وهو ما يتم استخدامه فى بعض جرائم الاغتصاب خاصة مع خوف أهل الضحية من الفضيحة واعتقادهم بأن الستر يستوجب «لم الموضوع»، وزواج الجانى من الضحية ولو على الورق فقط أو حتى زواجا عرفيا إذا كانت الضحية قاصرا لم تكمل السن القانونية للزواج الرسمى.
 
هكذا يعاقب المجتمع الضحية ويقتلها وهكذا يقترن مفهوم الستر الكاذب مع جريمة الاغتصاب وهكذا نشجع الجريمة، ونكافئ المجرم ونمنحه سبيلا للإفلات من العقوبة ونهدى الذئب بقايا ضحيته الذليلة ليتحكم فيها وينتهكها ما تبقى من عمرها، فهل يستمر هذا الوضع؟ ومتى تدرك الأسر أن زواج المغتصب من ضحيته عار وليس ستر، وأن الستر الحقيقى لا يكون إلا بالقصاص من الجانى لينال أقصى عقوبة لردع غيره، ووقف نزيف الانتهاك الذى يتم تحت سمع وبصر مجتمع اختار أن يسلم الضحية للذئب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق