أصوات الناخبين حائرة وآذان السياسيين مُعرضة.. هل يمضي العراق لمزيد من التوتر؟

الأحد، 08 يوليو 2018 07:00 م
أصوات الناخبين حائرة وآذان السياسيين مُعرضة.. هل يمضي العراق لمزيد من التوتر؟
الحكومة العراقية - أرشيفية
حازم حسين - وكالات

جرت الانتخابات التشريعية العراقية في 12 مايو الماضي، وخلال أيام ظهرت نتائجها، ورغم المفاجآت التي شهدتها النتائج، وملاحظات البعض عليها، فإن الأمر كان يبدو عاديا، حتى تفجرت أزمة الفرز وحصر النتائج.

في الأسابيع التالية دخلت القوى السياسية نفق التحالفات والتواءمات سعيا للوصول إلى توافق حول تشكيل الحكومة، ولكن بين الشدّ والجذب والجدل سار قطار القوى السياسية بين تقدم وتوقف وتقهقر أحيانا، لتتضارب التصريحات حول مسار التفاوض، والإعلان عن فريق تفاوضي من جانب الكتل السنية بشأن تشكيل الحكومة المرتقبة.

في هذا الإطار أعلن مكتب رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، في بيان أصدره اليوم الأحد، أن قادة وزعماء عدد من الكتل السياسية صاحبة التمثيل في البرلمان عقدوا اجتماعا خاصا في منزله، شهد تدارس الملفات العالقة والأوضاع السياسية الراهنة، واتفق الحضور على اختيار فريق تفاوضى موحّد لبحث مسألة تشكيل الحكومة والاستحقاقات السياسية والدستورية في المرحلة المقبلة.

على الصعيد نفسه، أوردت قناة "السومرية نيوز"بيانا عن محمد الحلبوسي، قيادي تحالف القوى السنية، قال فيه إنه حتى اللحظة لم تتوصل الكتل السنية إلى أي تفاهمات ولم تشكل أي تحالفات سياسية، وأن "اجتماع القوى السنية كان اجتماعا تشاوريا، استعرضوا عددا من الاتصالات واللقاءات مع أعضاء وممثلي الكتل السياسية الأخرى.

الجبوري كان قد أكد في بيانه السابق الإشارة إليه، أن القوى المجتمعة في منزله توافقت على أن تمضي قُدما بتصورات موحّدة مع عدد من الكتل والكيانات السياسية، سعيا إلى التوصل لتفاهمات واتفاقات حول متطلبات واشتراطات المرحلة المقبلة، بهدف الوصول إلى تشكيل متماسك لحكومة قوية تضم كل الأطياف السياسية وتستطيع العمل الجاد على تجاوز الأزمات والمشكلات القائمة.

كان ملف الانتخابات التشريعية قد شهد انعطافات حادة منذ إجرائها قبل أكثر من شهرين، بدأ الأمر بتأكيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الانتخابات شهدت خروقات جسيمة، وهو ما رفضته تيارات أخرى في مقدمتها قائمة "سائرون" المنتمية لتيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وعدد من حلفائه، وهو التيار الذي أبدى مرونة تجاه ملاحظات الانتخابات في بادئ الأمر، قبل أن تتصاعد الأمور ويهدد بأن الاقتراب من نتائج الانتخابات يهدد بإحراق البلاد، فيما قال متابعون إن هناك تدخلات إيرانية في الملف.

مع إثارة الحديث عن تشكيل الحكومة عقب نتائج الانتخابات بأيام، اعترض ائتلاف دولة القانون على الأمر، قائلا إنه ليس سلوكا صحيحا أن تتشكل حكومة جديدة على ضوء نتائج انتخابات مطعون فيها، وشهدت عشرات الخروقات والمشكلات والطعون والشكوك، بحسب بيان أصدره الائتلاف في مايو.

في البيان نفسه، قال المتحدث باسم الائتلاف، عباس الموسوي، إن ائتلاف دولة القانون يرفض تشكيل أي حكومة جديدة على مقدمات مطعون فيها، مشددا على أن تصحيح الوضع يقتضي أن تأخذ مفوضية الانتخابات بشكل عاجل بواحد من عدة خيارات، إما إعادة فرز الأصوات بشكل عشوائي لنسبة 5% من الأصوات، أو إعادة فرز كل الصناديق بشكل كامل وشامل، أو إلغاء النتائج وإعادة إجراء الانتخابات.

في يونيو صوّت مجلس النواب العراقي لصالح إجراء عملية فرز يدوي لبطاقات تصويت الناخبين، وذلك عقب التصويت لتعديل قانون الانتخابات التشريعية، بشكل يُعلزم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بإعادة الفرز اليدوي لبطاقات التصويت في كل مراكز الانتخابات بأنحاء العراق، وانتداب 9 قضاة لإدارة مجلس المفوضية، يتمتعون بصلاحيات أعضاء المفوضية الموقوفين، في انتظار نتائج التحقيق الجاري حول شبهات واتهامات التزوير التي شابت العملية الانتخابية.

في منتصف يونيو الماضي أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق برأيها حول قائمة الطعون المقدمة على العملية الانتخابية التي جرت في النصف الأول من مايو، متضمنة قائمة الملاحظات التي ساقتها عديد من الائتلافات والتحالفات السياسية، وتضمنت قرارات المحكمة في ضوء ما أسفر عنه فحص الملف والتحري بشأنه، تعليق نتائج الانتخابات فيما يخص الفرز بأجهزة العدّ الإلكتروني، انتظارا لنتائج الفرز اليدوي المُوصى بها في المناطق محل الشكوى، وذلك في ضوء التعديل التشريعي الذي أقره مجلس النواب.

قرارات المحكمة لم تخرج من دائرة الاستقطاب المسيطرة على الساحة السياسية منذ إعلان نتائج الانتخابات، فبينما رحب بها ائتلاف دولة القانون وحلفاء رئيس الوزراء حيدر العبادي، انتقدتها قائمة "سائرون" والمقربون من تيار مقتدى الصدر، ولكن الجميع اضطروا علنا لقبول القرارات في ضوء صيغتها الإلزامية، بحسب نص المادة 94 من الدستور العراقي، التي تنص على أن "قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة".

ربما لا يبدو حتى الآن أن الأزمة القائمة في سبيلها للحل، خاصة مع التطورات التي جرت خلال الأسابيع الأخيرة، واحتراق عدد من مخازن بطاقات الاقتراع في وسط بغداد، ما يُعني أن العودة إلى نظام العدّ والفرز اليدوي ربما لا يحقق تطلعات ائتلاف دولة القانون والمعترضين على مسار انتخابات 12 مايو، ومع افتراض أنه جاء بنتائج تُرضي تطلعاتهم، فهذا يُعني تغييرا في الحصص والأرقام التي حققتها قائمة "سائرون" وتيار الصدر وحلفائه، ووقتها لم يُقر هذا الطرف النتائج الجديدة، وربما يتجه للتصعيد كما هدّد من قبل، بينما يتحدث متابعون عن اهتمام إيران بالنتائج ودعمها لمكاسب التيار الصدري في سباق مايو، أي أن الفترة المقبلة ربما تضع العراق على صفيح ساخن، وتُدخله نفقا أشدّ ضيقا مما يسير فيه خلال الأسابيع الأخيرة، لا أحد يعلم مداه، ولا كيفية الخروج منه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة