السيسي في السودان والسلام يعمّ جوبا.. سلفا كير ومشار يوقعان اتفاقا لإنهاء الصراع

الأربعاء، 18 يوليو 2018 03:00 م
السيسي في السودان والسلام يعمّ جوبا.. سلفا كير ومشار يوقعان اتفاقا لإنهاء الصراع
الرئيس عبد الفتاح السيسي
محمود علي

قبل يومين نجحت الجهود المصرية في إنجاز اتفاق مهم بين عدد من فصائل المعارضة السورية، هو الرابع في مسيرة الاتفاقات الموقعة برعاية مصرية، والاهتمام نفسه تتعامل به مصر مع كل الملفات الإقليمية وهموم الأشقاء.

في الأيام الماضية زار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الجارة الشرقية إريتريا، بعد عدة أيام من وجوده بالقاهرة في أولى زياراته الخارجية، منهيا بوجوده في أسمرة أكثر من 20 عاما من النزاع بين البلدين، وخلالها اتفق مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي على تعزيز العلاقات بين البلدين، وتبادل السفارات والبعثات الدبلوماسية، وتنفيذ مشروعات مشتركة.. ولم تكن مصر بعيدة عن هذه التطورات الإيجابية.

السيسي

مصر تدعم جنوب السودان

وفق هذه الرؤية المركزية لدى الإدارة المصرية والقيادة السياسية بالقاهرة، لا تتوقف مصر عن متابعة كل الملفات الساخنة المثارة إقليميا، ومدّ يدّ العون لكل الأشقاء والدول التي تشهد توترات، هكذا تتحرك مصر في الملفات السورية واليمنية والعراقية والفلسطينية وغيرها.

في إطار هذا المسار المصري الجاد، والوساطات العميقة والفاعلة لرعاية السلام وإنهاء النزاعات ومحاصرة بؤر التوتر والإرهاب، نجحت الجهود المصرية في إحراز تقدم كبير في مسار الصراع الدائر على تقاسم السلطة في جنوب السودان، بين الرئيس سيلفا كير ميارديت ونائبه رياك مشار.

عقب رحلة طويلة من الجهود والوساطات الجادة، يستعد طرفا الصراع في جنوب السودان لتوقيع اتفاق لتقاسم السلطة في البلاد، غدا الخميس، يعقبه توقيع إعلان نهائي مشترك لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة منذ خمس سنوات في البلد المستقل حديثا عن السودان.

 

جهود القاهرة لإنقاذ جوبا

كانت جهود مصر المتواصلة لاستعادة الاستقرار في جنوب السودان، قد نجحت خلال شهر نوفمبر من العام الماضي، في رعاية التسوية الخاصة بتوحيد الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان، بشقها الحكومي الذي يتزعمه سيلفا كير، ومجموعة القادة السابقين ومنهم رياك مشار، وجرت مراسم توقيع إعلان توحيد الحركة في القاهرة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأوغندي يوري موسيفيني.

 

لقاء الرئيس السيسي بنظيره الأوغندي علي هامش توقيع اتفاق توحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان
لقاء الرئيس السيسي بنظيره الأوغندي علي هامش توقيع اتفاق توحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان

وثيقة إعلان القاهرة لتوحيد حركة تحرير جنوب السودان كانت خطوة عظيمة الأهمية على طريق دعم السلام، وإيقاف الحرب الدائرة في جنوب السودان منذ سنوات، بعد انقسام شهدته الحركة الشعبية (الحزب الحاكم في الدولة الجديدة) إذ قاد رئيس الحركة سيلفا كير ميارديت الحركة الشعبية لتحرير السودان في العاصمة جوبا، بينما انفصل نائبه السابق رياك مشار عن الحركة، مُشكلًا مجموعة معارضة للرئيس.

عقب "وثيقة القاهرة" بالغة الأهمية، بدأت جولة أخرى متواصلة من الحوار في يونيو الماضي، لإنجاز محادثات السلام النهائية والتوافق حول سُبل إنهاء النزاع وتقاسم السلطة، وعن هذا الأمر أعلنت قالت وزارة الخارجية السودانية في بيان أصدرته اليوم الأربعاء، "توصل أطراف النزاع في البلد الشقيق لاتفاق في ملف الحكم وتقاسم السلطة" مشيرة إلى أن الوساطة السودانية لم تتلق من أي طرف ما يفيد رفض الاتفاق.

سيلفا كير ميارديت  رئيس جنوب السودان
سيلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان

السيسي في السودان والسلام في جوبا

بالتزامن مع توقيع الاتفاق في العاصمة السودانية الخرطوم، غدا الخميس، يصل الرئيس عبد الفتاح السيسي للسودان غدا، في زيارة تستغرق يومين، تشمل ملفات العلاقات المشتركة مع الأشقاء في السودان، إضافة إلى ملفات التهدئة في دول الجوار.

السفير السوداني بالقاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، قال إن الرئيس السيسي يزور السودان غدًا، وهي الزيارة الأولى له للخرطوم بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية في مارس الماضي، متابعا: "الزيارة تتميز بأهميتها توقيتا ومضمونا، وأنها تأتي في إطار التواصل المستمر بين قيادتي البلدين، وتأتي ردًّا أيضًا على الزيارة التي قام بها البشير للقاهرة قبيل الانتخابات الرئاسية".

ملف الوساطة والدور المصري في تصفية خلافات جنوب السودان ليس بعيدا عن زيارة السيسي للخرطوم، إذ أشارت صحف سودانية عديدة في أعدادها الصادرة اليوم الأربعاء، إلى أن الزيارة ستهتم بمناقشة الأوضاع في دولة جنوب السودان، وما توصلت إليه المفاوضات التي تستضيفها الخرطوم برعاية من "إيقاد"، والجهود المصرية لتقريب وجهات النظر بعد وثيقة القاهرة.

 

مصر تقود سفينة التهدئة في المنطقة

التوصل لاتفاق سلام وتهدئة في جنوب السودان خطوة مهمة ومتقدمة في مسيرة البلد الشقيق، كما تمثل تتويجا للجهود المصرية المبذولة لتحقيق الاستقرار في المحيط الإقليمي بصفة عامة، وفي الدول الشقيقة والمرتبطة بعلاقات تاريخية وثيقة مع مصر بصفة خاصة، إذ بذلت القاهرة جهودا كبيرة طوال السنوات الماضية للإبقاء على هذا الملف مستقرا وقيد السيطرة، بشكل يضمن مصالح جنوب السودان، ويحقق تطلعات شعبه الشقيق.

الوساطة المصرية وخطوط الاتصال التي فتحتها مصر ومؤسساتها شملت ملف الصراع العسكري المحتدم، وآليات تجاوز هذا الاشتعال والعودة للمسار السياسي، واتفاق طرفي الصراع على تقاسم السلطة، وضبط الأوضاع الأمنية والتنفيذية في البلاد، ولكنها رغم كل هذه التفاصيل لم تُغفل مصر البُعد الاقتصادي والتنموي، عبر برامج اقتصادية واستثمارية مشتركة، وتقديم مساعدات إنسانية تشمل الأدوية والمستشفيات الميدانية، وتقديم منح تعليمية للطلاب في الجامعات المصرية ومدّ خطوط الكهرباء لجنوب السودان.

على صعيد الاستراتيجيات والأهداف التي تدفع مصر لهذه التحركات، وتغذي لديها الإصرار على إنجاز اتفاق سياسي للسلام والتهدئة، وتقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع في جنوب السودان، فإن مصر تستهدف بشكل مباشر الحفاظ على الأمن الإقليمي، في ضوء دوائر الأمن القومي المصري ومحيطها العربي والأفريقي.
 
رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق
رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق
 
المؤكد أن توقيع اتفاقية للسلام وتقاسم الشرطة وإنهاء سنوات النزاع والحرب في جنوب السودان أحد ثمار التحركات المصرية الأخيرة لتهدئة الأوضاع في البلد الشقيق، الذي يمثل أهمية استراتيجية في ضوء موقعها الجغرافي وتشابكها مع محاور حيوية عدّة، وتشاركها حدودا جغرافية مباشرة مع السودان وإثيوبيا وكينيا وأوغندا، وهي حزمة الدول صاحبة الأهمية الكبيرة في علاقات مصر ودوائر أمنها القومي، ووفق هذه الصورة فإن استمرار الحرب في جنوب السودان ليس في صالح أحد.. والمؤكد أن السلام سيكون بداية حقيقة لبناء بلد فقير يملك موارد كبيرة وطموحات أكبر، ومصر تنحاز للبناء والطموح والنظر للمستقبل.

رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق
رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان السابق

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق