القاهرة تتجه إلى إفريقيا.. كيف استغل السيسي أدوات مصر للعودة للقارة السمراء؟

الأحد، 22 يوليو 2018 06:00 م
القاهرة تتجه إلى إفريقيا.. كيف استغل السيسي أدوات مصر للعودة للقارة السمراء؟
الرئيس عبد الفتاح السيسي
كتب- محمود علي

 

تظل دائمًا أفريقيا محور اهتمام القيادة السياسية في مصر، لاسيما وأنها تعتبر عمق استراتيجي تجمعنا بها روابط تاريخية وثقافية على مر العصور... ولدى الرئيس عبد الفتاح السيسي رؤية تجاه القارة السمراء تعكس اهتمام مصر بقضاياها ومشاكلها والرغبة على تعزيز أواصر التعاون والبناء مع دولها، في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية، لتوطيد العلاقات لمواجهة التحديات المشتركة وحل المشاكل والحد من النزاعات القائمة فيها.

ويتضح من تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه القارة الإفريقية أهداف هذه الرؤية التي لطالما أكد على بذل أقصى جهد في سبيل تحقيقها، فمن ناحية تستند مصر في مجمل علاقتها بمحيطها الأفريقي على منظومة الوحدة الحضارية، والتشاور المستمر لتعزيز الاستقرار بدول القارة، كان الهدف الأسمى من تلك التحركات هو استعادة مصر لمكانتها الريادية والاتجاه نحو تعزيز العلاقات الثنائية، واستثمار المناخ والبيئة الاقتصادية الخصبة للقارة  لما تضمه بين طياتها من ثروات وموارد طائلة،  في تعزيز حجم التبادل التجاري وفتح السوق كبيرة أمام تحقيق التكامل الاقتصادي والتجاري بين دولها.

 

اتجاه مصر سياسيًا لأفريقيا

 
زيارات الرئيس المتعددة نحو دول القارة الإفريقية وتعدد اللقاءات مع قادتها، وأخرها كانت زيارته إلى السودان والتي تكللت بالعديد من الاتفاقيات، تصب جميعها في صالح تحقيق الرؤية المصرية التي تهدف إلى الاهتمام بأفريقيا والاتجاه نحوها أكثر على كافة الأصعدة ، وهو ما يضع القاهرة على الطريق الصحيح للعودة إلى القارة التي لم تغيب عنها أبدًا وإن كانت الظروف السياسية التي عاشتها مصر قبل وبعد أحداث 25 يناير وما شهدته من تغييب على الساحة الإقليمية كان له دور للابتعاد نسبيًا عن الاهتمام بأفريقيًا، يبدو واضحًا من خطاب القيادة السياسية في المرحلة الأخيرة وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي اعتزاز الدولة بانتمائها القاري وإعلان شأن هويتها الأفريقية وهو ما يظهر في حرصه على الانفتاح عليها، من خلال البعد السياسي والرسائل التي تحملها زياراته للقارة.

 

فكانت الرسائل التي حملتها أولي زياراته الخارجية في ولايته الرئاسية الأولي للجزائر، من تأكيد على خصوصية العلاقة والعمق الاستراتيجي للقارة بالنسبة لمصر، وما تحمله الزيارة الأخيرة للسودان والتي بدأ بها الرئيس فترته الرئاسية الثانية كأول زيارة خارجية له ، يؤكد أن القاهرة عازمة نحو تكثيف التواصل والتنسيق مع الدول القارة، وفقًا لدبلوماسية ترسخ مكانة مصر كإحدى أهم دوائر السياسة الخارجية المصرية.

قوة مصر الناعمة

هذه القوة لم تكن وليدة الفترة الحالية، فعلى مر العصور وتتثاقل مصر بقوة ناعمة في القارة تزيد من مكانتها في أفريقيا، ولكن خلال فترة الرئيس عبد الفتاح السيسي ارتكزت اهتماماته وأولياته على تعزيز هذه القوة من خلال تكثيف التواصل مع الحكومات والشعوب الأفريقية وتقدم يد العون والمساعدة لكل من يحتاج لشقيقته الكبرى.

 في التعليم، تقدم مصر منح دراسية عديدة لمواطني الدول الإفريقية من أجل شرف الدراسة في الجامعات المصرية، حيث قدمت مصر لأوغندا  أكثر من 250 منحة وبرنامج تدريبي شمل 10 منح دراسية وخمس منح لتعليم قادة المستقبل و62 برنامجًا تدريبيا في مجالات مختلفة وتدريب 125 أوغنديا في كافة المجالات.

ولا يمكن إغفال دور البعثات الدبلوماسية المصرية التي تزور الدول الإفريقية من أجل إعلاء قوة مصر الناعمة، حيث زار الكثير من الوفود المصرية  الدول الأفريقية في إطار تدريب وتعليم الأشقاء الأفارقة، مثل بوروندى والكونغو الديمقراطية وإريتريا ونيجيريا والجابون وغانا والسنغال ومالى وبوركينا فاسو والكاميرون وسيشيل، بالإضافة إلى ما قدمته الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي تتبع وزارة الخارجية لتقديم 1000 منحة لقيادة الأعمال IBDL- للقيادات التنفيذية فى 21 دولة أفريقية.

في الطب تلعب مصر دورًا بارزًا في أفريقيا، حيث يتم إرسال بعثات دورية طبية لدول القارة للاستفادة من الخبرات الطبية المصرية، بالإضافة إلى تزويد مستشفيات عديدة بأجهزة متطورة، حيث تبرعت مصر بوحدة لأمراض القلب لمستشفى الجامعة التعليمى فى زامبيا، كما أرسلت طائرة عسكرية تحمل 20 طنًّا من المساعدات الطبية والدوائية والغذائية إلى جنوب السودان، وأرسلت مصر أيضًا طائرة نقل عسكرية إلى الصومال، على متنها أطنان من المواد الغذائية والأدوية والمحاليل والمستلزمات الطبية.

الأزهر والكنيسة أيضًا لهم دور في تعاظم قوة مصر في أفريقيا، فالأزهر قدم بدوره 536 منحة لطلاب أفريقيا الراغبين في الدراسة بالأزهر، ليُصبح الأفارقة على رأس اهتمامات الأزهر بشكل كامل، فيما شارك ايضًا في إرسال قوافل طبية إلى بعض الدول، كما كانت الكنيسة المصرية حاضرة وبقوة بدرو يتناسق مع دور الدولة المصرية في دعم الشعوب الأفريقية على صعيد التنمية في كافة المجالات.

نحو الاستثمار في إفريقيا

تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول القارة الإفريقية الكثير من التطور في الآونة الأخيرة، وهو ما ظهر في إعلان الكوميسا أن إجمالي استثمارات مصر في القارة الأفريقية بلغت 7.9 مليار دولار موزعة على 62 مشروعاً، وتأكيد الدولة عبر الوزارات المعنية على عزمها في ضخ استثمارات بنحو 50 مليار دولار استثمارات في القارة.

رؤية القيادة السياسية في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا برز خلال السنوات القليلة الماضية في استضافة وتنظيم الفعاليات الاقتصادية على مستوى القارة الأفريقية، حيث تربط مصر نحو 32 اتفاقية استثمار ثنائية مع الدول الأفريقية، منها 11 اتفاقية سارية المفعول.

وتشهد العلاقات التجارية بين مصر ودول تنزانيا ورواندا وتشاد والجابون زيادة ملحوظة، حيث بلغت عام 2016 نحو 4.8 مليار دولار مقابل 4.5 مليار دولار فى عام 2015، كما من تستهدف مصر خلال الفترة المقبلة تنفيذ العديد من مشروعات التنموية والزراعية الكبرى بملايين الدولارات، بهدف تعزيز العلاقات مع البلدان الأفريقية بشكل عام، ودول حوض النيل بشكل خاص.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق