ثورة الكهرباء نورت مصر.. كيف تحولنا من عصر "الظلام" إلى مركز لتصدير الطاقة؟

الثلاثاء، 24 يوليو 2018 06:00 م
ثورة الكهرباء نورت مصر.. كيف تحولنا من عصر "الظلام" إلى مركز لتصدير الطاقة؟
الرئيس السيسى
كتب محمد شعلان

استشرفت أزمة الكهرباء قدومها مصر خلال نهاية عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان إذا ذكر دخول فصل الصيف وقتها صاحبه انقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات طويلة بشكل متكرر وأصبح انقطاع الكهرباء جزءًا من الحياة اليومية للناس حتى المناطق الراقية في العاصمة، وأصبحت هذه المشكلة إحدى سمات فوضى عصر ما بعد مبارك.

وزادت أزمة الكهرباء بعد ثورة 25 يناير، وبينما كانت القوى السياسية تتصارع على الاستحواذ على السلطة كان مرفق الكهرباء يتعرض للانهيار، واستيقظت الحكومة فجأة لترى أنها أمام أزمة تكاد تعصف بمستقبل المصريين وتثير غضبهم بما يؤدى بهم إلى المجهول، حيث أن الكهرباء بدأت تنقطع لفترات أطول ودخلت في الامتداد من فصل الصيف لمشارف موسم الشتاء.

أزمة الكهرباء في عهد الإخوان

وبعد تولى الإخوان السلطة، انشغل قيادات الإخوان ورئيسها محمد مرسى بتمكين الجماعة وعناصرها داخل مرافق ومؤسسات الدولة، وتُركت أزمة الكهرباء للدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء واستفزازه للمصريين بتصريحاته المتعلقة بأزمة الكهرباء، وترديده عبارات تطالب المصريين بضرورة لبس ملابس داخلية من القطن، والجلوس بحجرة واحدة بالمنزل لتوفير استهلاك الكهرباء.

مرسي

 

ولم تقدم حكومة الإخوان حلول أمام الشعب المصري عن طريق زيادة محطات الكهرباء وإقامة منشآت جديدة إلى آخره، ولكن حكومة محمد مرسى اكتفت فى هذا الوقت بهذه التصريحات المستفزة التي لم يجنى منها المواطن أى استفادة بل ازداد الأمر سوءا، وكانت الأزمة من أهم أسباب الإطاحة بحكومة الإخوان.


الرئيس السيسى يتسلم ملف الكهرباء

تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسى ملف الكهرباء فى عام 2014 وهو في حالة لا يرثى لها، وازداد معها كل يوم استفحال أزمة الكهرباء وانقطاع التيار في فصلي الصيف والشتاء، وانقطاعه لفترات تتجاوز الـ10 ساعات بشكل متتالي دون تقطع، ومن هنا بدأت "ثورة الكهرباء" بقيادة الرئيس السيسى وتخطيط الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة ليتولى ملف الأزمة من الانهيار التام للوصول إلى مرحلة تصدير الكهرباء.

d31978ff-1899-426b-9244-e98a468c2b4a_16x9_1200x676

وبدأ الحل الجذري للأزمة بوعد الرئيس السيسى خلال عام 2014 أن يكون صيف 2015 القادم مرضٍ للمواطن من خلال خطة علمية على أساس جدول زمنى لم تستغرق سوى 8 أشهر بتكلفة تتجاوز الـ2 مليار دولار وتسمى بالخطة العاجلة.

وأرسلت مؤسسة الرئاسة فى أكتوبر 2014 لوزارة الكهرباء خطة لمواجهة ارتفاع الأحمال لصيف 2015، والتى كانت بمثابة العصا السحرية التي أنقذت المصريين من ظلام محتوم وتستهدف إضافة 3632 ميجا وات فى وقت قياسى لم يحدث فى تاريخ الوزارة، وتابع الرئيس تنفيذ الخطة العاجلة بشكل يومى، لضمان نجاحها حرصا منه على رفع المعاناة على المصريين، وكانت أولى ثمار الخطة العاجلة هدية تم ربطها بالشبكة القومية نهاية مايو 2015 بقدرة 1707ميجا وات.

ووضع المهندس محمد شاكر، وزير الكهرباء، يده على ملف الأزمة وتحديد العوامل التي كانت السبب في انهيار القطاع وكان من بينها، نقص الوقود، وخروج وحدات بشكل طارئ من العمل، وعمليات الصيانة في أكثر من محطة للتوليد إضافة إلى الوضع الأمني للبلاد وقتها، وحاجة الدولة إلى إنشاء محطات كهرباء جديدة وإضافات قدرات جديدة للشبكة تعزز احتياجات المواطن وتلبى مطالب المستثمرين.

IMG-20180220-WA0115

ومن أسباب تفاقم المشكلة أيضا أن الحكومات السابقة كانت تستغرق وقتا طويلا لتنفيذ المحطات الكهربائية، نتيجة تقسيم إنشاء المحطة على عدة مراحل وعدة مناقصات، على عكس ما حدث فى السنوات والأشهر الماضية بعد أن جعلنا المقاول هو المورد والمنفذ والمصمم.

وتحسن أزمة انقطاع التيار بدأ من الأسبوع الثاني من أبريل 2015 مع وصول السفن العائمة للوقود، والذي يعد السبب الرئيسي فى إنهاء الأزمة، بالإضافة للخطة العاجلة التى بدأت فيها الوزارة فى 15 ديسمبر 2014 بتكلفة 2 مليار و600 مليون جنيه لإضافة 3632 ميجاوات قبل نهاية صيف 2015، وتم اتباع طرق غير تقليدية وتقنية، وإشراك جميع الجهات السيادية لتسهيل الإجراءات، خاصة وأن الشركتين المنفذين للخطة العاجلة هما "جنرال إلكترك" و"السويدى" استلمت المواقع قبل توقيع العقود.


دخول شركة "سيمنز" المعركة

وبدخول شركة "سيمنز" للمعركة تغيرت معايير العمل وحدث انجاز في زمن قياسى لم يحدث من قبل على مستوى العالم، خاصة وأن الشركات التى تولت تنفيذ المشروعات استلمت المواقع فى 15 ديسمبر 2014، وتم تشغيل أول وحدة توليد فى 31 مايو 2015، بجانب اهتمام القيادة السياسية بالمشكلة باعتبار أن أزمة الكهرباء أمنا قوميا لا يمكن التهاون فيه.

1844503639fe62d722671dfaf2e555d630bc4c9747

 

وتم تنفيذ أول محطة من شركة "سيمنز" بقدرات 4300 ميجاوات، وربطها بالشبكة منتصف عام 2016، كما تم إدخال الوحدتين الأخريين تباعاً مع نهاية عام 2017، ليبلغ إجمالى قدراتها 14 ألف ميجاوات، وتمكن القطاع خلال عامين ونصف فقط من إضافة قدرات كهربائية تزيد عن 16000 ميجاوات إلى الشبكة الموحدة بنهاية عام 2017 (3636 م.و من محطات الخطة العاجلة إضافة إلى 4250 م.و من استكمال محطات الخطة الخمسية التى كانت تحت الإنشاء (بنها- العين السخنة – 6 أكتوبر – شمال الجيزة – السويس الحرارية – محطة رياح جبل الزيت) و 8800 م.و من محطات سيمنس)، ومن المتوقع أن يصل إجمالي ما تم إضافته من قدرات إلى نحو 25 ألف ميجاوات بنهاية عام 2018 أي ما يعادل 12 ضعف قدرة السد العالي.

مصر تقترب من العالمية

أكد الدكتور محمد  شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن الحكومة المصرية بذلت جهوداً كبيرة لتخطى أزمة الانقطاعات التى شهدتها مصر، بالمثابرةِ والتحركِ الجادِّ على كل المستويات وبمعاونةِ شركائِنا الذين تفهموا صعوبةَ المرحلةِ التى نمرَّ بها ومصر تقدر وتثمّن موقفَ كلِ من سانَدَها.

والان نجحت الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، فى تحويل أزمة الانقطاعات التى كانت يعانى منها المواطنين قبل 4 سنوات، إلى أن تصبح مصر فى مقدمة العالم فى مجال الكهرباء بامتلاكها أكبر وأحدث محطات توليد الكهرباء بالعالم ببنى سويف والعاصمة الإدارية الجديدة والبرلس بقدرة 14 ألف 400 ميجا وات، والتى تنفذها شركة سيمنز الألمانية.

واقتربت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، من إنهاء عدد من الدراسات الخاصة بمشروعات ربط كهربائى مع أوروبا من خلال مشروع الربط الكهربائى مع قبرص، لتتحول مصر لنقطة انطلاق الطاقة للعالم، خاصة بعد الاتفاق مع السودان والسعودية لعمل مشروعات ربط كهربائى معهم تمهيدا للربط مع الدول الإفريقية.

 
unnamed

وكشف مصدر مسئول بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إن مصر تستهدف إن تتحول إلى نقطة انطلاق للطاقة الكهربائية من خلال مشروعات الربط الكهربائى مع دول العالم، موضحًا أن هذه المشروعات تحقق عائد مادى كبير بالعملة الصعبة تعود بالنفع على الاقتصاد المصرى.

 

وأضاف مسئول وزارة الكهرباء، أن الوزارة أوشكت على إنهاء الدراسات الخاصة بمشروع الربط الكهربائى مع قبرص، موضحا إن الربط مع قبرص يتيح لمصر أمكانية الربط مع دول أوروبا بالكامل، وأن وزارة الكهرباء سترسل الدراسات الخاصة بمشروع الربط مع قبرص للرئاسة خلال شهر يوليو القادم، لافتا إلى أنه سيتم البدء فى المشروع فور موافقة الرئاسة على الدراسات، وأوضح إن الربط الكهربائى مع قبرص تتراوح قدرته ما بين 2000 إلى 3000 ميجا وات وفقا لما تحدده الدراسات الخاصة بالمشروع، موضحًا إنه سيتم انطلاق المشروع من خلال احتفالية كبيرة يحضرها الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس اليونانى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق