من جثث زمزم لإرهاب الجماعة الإسلامية وشنق صدام.. 1000 سنة من الأضاحي البشرية

الإثنين، 20 أغسطس 2018 06:00 م
من جثث زمزم لإرهاب الجماعة الإسلامية وشنق صدام.. 1000 سنة من الأضاحي البشرية
صدام حسين ومسلمو بورما والارهابى عاصم عبد الماجد
كتب سعيد زكى

العيد فرحة، وما أشحّ الفرحة في الحياة، لكن هناك من يتعمدون إفساد هذه الفرحة وسرقتها طوال الوقت، وكل مفسد لفرحة يرفع شعارا مقدسا يتخفّى وراءه، وفي النهاية تضيع الفرحة ويذهب الأبرياء.
 
اليوم وملايين المسلمين يستعدون للاحتفال بعيد الأضحى، تتداعى إلى الذهب قصص عشرات من مفسدي الفرحة، الذين قرروا أن يُضحوا في هذه المناسبة بأضاحٍٍ بشرية، وهو ما حدث على مر التاريخ من خلال حوادث ذبح وقتل بدم بارد يوم عيد الأضحى، في رسالة من فاعلها دون وازع من دين أو ضمير أو حتى احترام قانون وضعي بأن المقتول يشبه أضحية العيد «خروف»، ولم يتوقف الأمر على دين معين ولا زمن معين «قديم أو حديث».. التاريخ يحمل كثيرا من هذه الحكايات المؤسفة.
 
الجعد بن درهم
ليس غريبا على من حولوا الخلافة إلى مُلك ورياسة، وأحلوا السيف مكان الحلم، والتهور محل الروية، والغيّ محل الرشد، أن يذبح أحد ولاتهم إنسانا مسلما في أحد مساجد البصرة صباح عيد الأضحى على مسمع ومرأى المسلمين. أما الذبيح الذي نعنيه فهو الجعد بن درهم، وأما ذابحه فهو خالد القسري، سيف آخر من سيوف بني أمية بعد الحجاج بن يوسف الثقفي.
 
في لقطة يمكن أن نسميها بلغة العصر وبلغة السينما خصوصا «هيوليودية» وقف خالد القسري يوم الأضحى خطيبا بعد صلاة العيد في مسجد مكتظ بالمصلين، فقال: «أيها الناس ضحّوا يقبل الله ضحاياكم فإني مُضحٍّ بالجعد بن درهم» ثم ذبحه. ليبقى السؤال: أي جناية جناها الجعد وأي جريرة اجترّها حتى يعاقب هذا العقاب وبهذا الشكل؟ التهمة الموجهة للجعد كانت أنه «زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه».
 
التهمة فكرية إذن، وشأن كل قضية فكرية فقد انقسم اللاحقون من العلماء حول موقف الجعد بن درهم وخالد القسري، فمنهم كما يقول ما بين القبول ومباركة قتله باعتباره «مرتدا» يستحق ذلك العقاب، خصوصا أنه أظهر القول بخلق القرآن، وأن في قتله درءا للفتنة، في حين اعتبره البعض أنه لم يكن يستحق القتل. على أن الحقيقة أن أمر الجعد بن درهم كان مسألة فكرية، والفكر لا يقاوم ولا يجوز أن تكون مجابهته إلا بالفكر لا بالسيف والذبح، ويبقى مشهد ذبحه يوم عيد الأضحى هو الأبشع، وينطوي على حلقة أخرى في مسلسل إرهاب وترويع طويل.
 
فتنة القرامطة
عندما حاد القائمون على الدولة الإسلامية قديما عن الجادة ترهّلت الدولة ونشط سبع الطمع في نفس كل طامح، ووجد الرياح مواتية لتحقيق مخططاته وأهدافه الشيطانية، وما أكثر ذلك في العصر العباسي الثاني المضمحل، وتحديدا في العام 317 هجريا حينما وصل التجاوز بالقرامطة لمهاجمة الكعبة وقتل الحُجاج وإلقاء جثثهم في بئر زمزم وسرقة الحجر الأسود، ليطالبوا الناس بعد ذلك بالحج إليهم.
 
القصة ينقلها السيوطي في تاريخ الخلفاء، ومفادها أن المقتدر - الخليفة العباسي - سيّر ركب الحجيج مع منصور الديلمي، فوصلوا إلى مكة سالمين، فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي، فقتل الحجيج في المسجد الحرام قتلا ذريعا، وطرح القتلى في بئر زمزم، وضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره، ثم اقتلعه وأقام بها أحد عشر يوما، ثم رحلوا وبقى الحجر الأسود عندهم أكثر من عشرين سنة، دُفع لهم خمسون ألف دينار فأبوا، حتى أعيد في خلافة المطيع».
 
فتنة يوم النحر 
مشهد آخر من مشاهد السلب والنهب في خلافة بني العباس، أسفر عن وقوع قتلى يوم العيد، يذكره ابن الأثير في كتابه «الكامل»، ومفاده أنه في سنة 571 للهجرة، وفي شهر ذي الحجة (يوم العيد) وقعت فتنة ببغداد بين العامة والأتراك، بسبب أخذ جمال النحر فقتل بينهم جماعة، ونهب شيء كثير من الأموال، ففرق الخليفة أموالا جليلة فيمن نهب ماله. 
 
مذبحة أسيوط 1981
صباح 8 أكتوبر 1981 الموافق عيد الأضحى، بينما كان الحجيج يلبون أمر ربهم ويؤدون مناسكهم وتصدح أصواتهم بتكبيرات رب العاملين ويُلبّي المسلمون سُنّة ربهم ويتقربون إلى الله بأضحياتهم، كان خفافيش الظلام يلبون نداء الشيطان، وقلة عقلهم وسفه منطقهم، ويُكبرون تكبيرات من نوع آخر غير تكبيراتنا التي نعرفها، تكبيرات تحصد معها أسلحتهم 118 روحا بريئة في محافظة أسيوط جنوبي مصر، فيما عرف بأحداث أسيوط أو بالأحرى مذبحة أسيوط.
 
كانت الجريمة النكراء محاولة من الجماعات الإسلامية للسيطرة على أسيوط لإقامة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، فانطلقوا وقتها كالجراد بإطلاق النيران على رجال الأمن والحراسات والسيارات واقتحموا بعض المواقع الأمنية، منها مبنى مديرية أمن أسيوط، قبل أن تسيطر قوات الزمن على الموقف مرة أخرى.
كانت الأحداث الدامية تلك بعد مرور يومين فقط من قتلهم الرئيس السادات يوم 6 أكتوبر 1981 الذي منحهم قبلة الحياة وأشركهم في الحياة السياسية.
 
صدام حسين.. رسالة بوش للعرب والمسلمين
في فجر يوم السبت 10 من ذي الحجة الموافق 1 ديسمبر 2006 استيقظ العالم العربي والإسلامي على خبر إعدام صدام حسين بعد حكم العراق لفترة استمرت ما يقرب من 24 سنة.
 
أثار صدام حسين الجدل في حياته ومماته، فكانت فترة حكمه التي بدأها بالحرب مع إيران واجتياح الكويت، واتهامه بامتلاك أسلحة نووية، وصولا إلى سقوط بغداد والقبض عليه وإعدامه، وفي مماته لم يصدق بعض أشياعه أن الذي سقط في قبضة الأمريكان هو صدام نفسه، وقالوا إنه شبيهه وإن أمريكا تعلن أنه صدام في إطار الحرب النفسية، كما اختلفوا حول طريقة قتله، فهناك من يرى أنه مات شنقا، وهناك من زعم أن عملية الإعدام لم تكتمل بل تلقفته أيدي الشيعة قبل احتضاره ليكتمل موته ضربا بنعالهم وليس الإعدام المتعارف عليه. واختلف الناس حول سياساته بين مؤيد لأفكاره العروبية ومعارض لإفراطه في القمع واحتلال الكويت.
 
مجازر مسلمي بورما
حرب إبادة وجرائم تطهير عرقي ضد الإنسانية ونحن في عصر حقوق الإنسان، إلا أن أنها حقوق إنسان بـ«القطعة» وحسب الهوى، ويبدو مسلمو بورما خارج حساباتها، إذ يتعامى العالم عن المجازر التي تحدث ضد المسلمين في إقليم "أركان" من قبل حكومة بورما.
 
رغم أن معاناة مسلمي الروهينجا مستمرة منذ عقود طويلة، فإن من أبشع حلقاتها تلك التي كانت في العام الماضي وتواكبت مع عيد الأضحى، فقد رأى العالم مشاهد تُدمي القلوب، حيث المجازر تقام للمسلمين هناك إلى حد تقطيعهم أحياء، وكأن العالم جوقة من العميان، ومن يرى لا يُحرّك ساكنا ومن يُحرّك ساكنا كان فقط من خلال الإدانة والكلام دون الفعل، وما زالت المعاناة مستمرة هناك.
 
ما ذكرناه غيض من فيض، وبعض من كل، وليس نهاية المطاف، فحوادث القتل يوم عيد الأضحى والتضحية بالبشر مستمرة، في سلسال طويل من انتهاك الإنسانية والقيمة الروحية وتلطيخ الفرحة بالدم، وكل شياطين الإنس وعتاة الإرهاب يحترفون هذه المهنة، ويتفننون في تشويه أفراح الآخرين وأيامهم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق