بعد موقفه من تركيا.. كيف نجح ترامب في القضاء على «أسطورة» القواعد العسكرية؟

الخميس، 20 سبتمبر 2018 02:00 ص
بعد موقفه من تركيا.. كيف نجح ترامب في القضاء على «أسطورة» القواعد العسكرية؟
قاعدة أنجرليك الأمريكية بتركيا
بيشوى رمزى

يبدو أن الموقف الأمريكى من تركيا كان صادما إلى حد كبير للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فلم يكن يتوقع الانقلاب الذى شهدته العلاقات الأمريكية التركية فى الآونة الأخيرة على خلفية تعنت أنقرة فى الإفراج عن القس الأمريكى المحتجز لديها أندرو روبنسون، والذى اعتقله النظام التركى باتهامات تتعلق بالإرهاب وتهديد الأمن فى بلاد الأناضول، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى تصريحات أردوغان الأولى للتعليق على العقوبات التى فرضتها واشنطن على النظام التركى.
 
لعل وجود القاعدة الأمريكية "أنجرليك" فى تركيا، كانت أحد أهم أسباب ثقة أنقرة، بأن الولايات المتحدة لا يمكنها التخلى عن الشراكة مع تركيا، بالإضافة إلى عضوية البلدين فى حلف شمال الأطلسى "ناتو"، وهو الأمر الذى يمثل دافعا رئيسيا فى جموح إدارة أردوغان بعيدا عن السيطرة الأمريكية فى السنوات الماضية، فى العديد من القضايا الدولية والإقليمية، وأهمها الدعم الذى قدمته الحكومة التركية للعديد من الميليشيات المتطرفة التى من شأنها زعزعة الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، على غرار تنظيم داعش الإرهابى، وجبهة النصرة فى سوريا، واللتين وفرت لهما أنقرة الدعم المالى والعسكرى، والبشرى، لسنوات طويلة فى تحد صريح للولايات المتحدة.
 
القاعدة العسكرية الأمريكية لن تحمى أردوغان 
 
يبدو أن رؤية أردوغان كانت فى محلها إبان حقبة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، فعلى الرغم من أن الإدارة السابقة استهلت سنواتها فى البيت الأبيض بمحاولة التقرب من النظام التركى، إلا أن السنوات الأخيرة ربما شهدت خلافات كبيرة بين الجانبين، لعل وصلت إلى ذروتها عندما اتهمت أنقرة إدارة أوباما بدعم محاولة الانقلاب التى استهدفت نظام أردوغان، فى عام 2016 إلا أن الرئيس الأمريكى السابق عجز تماما عن اتخاذ أى إجراء لمجابهة الدور المشبوه الذى تلعبه أنقرة.
 
الاستناد التركى على القاعدة العسكرية الأمريكية المتواجدة على أراضيها لم يجدى، بعدما وصل الرئيس الأمريكى ترامب إلى البيت الأبيض فى بداية 2017، هو الأمر الذى يعكس إدراكه إلى حقيقة مفادها أن أنقرة هى المستفيد الأكبر من وجود القوات الأمريكية على أراضيها، وهو الأمر الذى امتد ليشمل دولا أخرى، وعلى رأسها قطر، والتى طالما عاثت فى بلدان المنطقة فسادا ودعما للإرهاب اعتمادا على الوجود الأمريكى بأراضيها، وهو الأمر الذى يمثل تهديدا للمنطقة بأسرها وكذلك للمصالح الأمريكية بها.
 
معضلة القواعد العسكرية.. لا مجال لابتزاز واشنطن
 
الرئيس ترامب ربما تحدث عن معضلة القواعد العسكرية، التى سعى حلفاء الولايات المتحدة المارقين، إلى استخدامها من أجل ابتزاز واشنطن وإجبارها على قبول مواقفهم المناهضة لمصالحها ومصالح حلفائها فى الشرق الأوسط، حيث أكد فى تصريح سابق أنه القاعدة الأمريكية الجوية المتواجدة على الأراضى القطرية، بينما سوف تصطف عشرة بلدان في المنطقة سعياً وراء بناء قاعدة جديدة على أراضيهم وربما يدفعون تكاليفها.
 
وهنا تصبح مسألة القواعد العسكرية ليست أولوية كبيرة فى أجندة الرئيس ترامب، والذى اتخذ إجراءات قوية بحق تركيا، على خلفية خلافات عميقة بين البلدين، حول التدخل العسكرى التركى فى سوريا للقضاء على الأكراد، بالإضافة إلى الدعم التركى للإرهاب، وكذلك ردا على محاولات أنقرة ابتزاز الحليف الأمريكى عبر التقارب من روسيا تارة وإيران تارة أخرى، لتأتى قضية القس الأمريكى المحتجز أندرو روبنسون لتكون بمثابة القشة التى قصمت ظهر أردوغان. 
 
بعد تركيا.. هل تدرك قطر الرسالة الأمريكية؟
 
لعل الموقف الأمريكى من تركيا يمثل امتدادا لمواقف الإدارة الحالية للعديد من الحلفاء الذين سعى الرئيس السابق باراك أوباما إلى استحداثهم خلال سنوات وجوده فى البيت الأبيض، وربما بعض الحلفاء الأخرين الذين حققوا مكاسب كبيرة على حساب علاقتهم بالولايات المتحدة، سواء على المستوى السياسى أو المستوى الاقتصادى، إلا أنه يعد كذلك مقدمة لخطوات أخرى ربما ستكون أكثر قسوة على دول أخرى، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، إذا ما استمروا فى سياساتهم المناوئة للمصالح الأمريكية تحت غطاء "القواعد العسكرية"، ولعل أبرزهم قطر.
 
وتعد الدعوة الأمريكية الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجى، والتى أطلقها قائد القوات المركزية الأمريكية جوزيف فوتيل، لرؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجى فى اجتماعهم الأسبوع الماضى بمشاركة دولتى مصر والأردن، والذى عقد فى دولة الكويت، حول ضرورة التوحد أمام السياسات الإيرانية المشبوهة، تمثل فى حقيقتها تحذيرا صريحا لقطر، حول ضرورة أن تتخلى عن تحالفها مع طهران إذا ما أرادت الإبقاء على علاقتها مع الولايات المتحدة.
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق